لما كانت الكنيسة البابوية تعتبر كل من يخالف رأيها زنديقاً يجب احراقه حياً. فقد أصدر البابا سنة 1520 منشوراً تضمن ادانة جميع اراء لوثير في الكنيسة المسيحية وعددها واحد واربعين رأياً. آمراً في نفس الوقت ان تحرق بيانات لوثير علناً منذراً اياه بوجوب التراجع عن اخطائه على ان يأتي الى روما في خلال ستين يوماً والا سوف يحرم من غفران الكنيسة باعتباره هرطيقاً. وعلى السلطات المدنية ان تطرده من املاکها او تسلمه الى روما. لم يأبه لويثر لتهديدات البابا مما جعل الهوة تزداد بينهما بحيث أصبح من المستحيل بعدها رأب الصدع بينهما. اذ أقدم لوثير في نفس العام على وضع ثلاث رسائل ضد البابوية سميت الرسائل الثلاث العظمى في حركة الاصلاح الديني». تضمنت هذه الرسائل نداء الى مفكري المانيا يحثهم فيها على اصلاح الكنيسة بأنفسهم بمعزل عن رجال الدين وهي دعوة واضحة للتدخل في شؤون الكنيسة وفرض الاصلاح عليها من الخارج. وعندما نشر لوثير رسالته الثانية التي تضمنت تنديداً بضعف البابوية وبمفاسد اخلاق رجال الدين. اقدمت البابوية عندها على اصدار قرار الحرمان ضده في أيلول سنة 1520. على الرغم من صدور قرار الحرمان ضد لوثير فانه لم يتوان عن نشر رسالته الثالثة تحت عنوان (الاسر البابلي للكنيسة) اعتبر فيها حالة الكنيسة التي انشأها المسيح قد تعرضت للأسر ما يزيد على الألف عام تحت حكم البابوية كما تعرض اليهود للأسر في بابل. اما الخطاب الذي ارسله لوثير الى البابا ليو العاشر ليعرب له فيه عن احترامه له كفرد. فقد تضمن هجوماً واسعاً على الكنيسة ورجال الدين فوضع حداً لأية مصالحة ممكنة بين الطرفين المتنازعين ومما جاء في هذا الخطاب: « ان ما تتمتع به من سمعة وشهرة في حياتك الطاهرة الذيل امر معروف تماماً وأسمى من ان يكون مجالاً للهجوم ... ولكن سدتك البابوية التي تسمى المحكمة الرومانية والتي لا يمكنك انت أو اي انسان ان تنكر انها اكثر فساداً مما كان عليه أهل بابل او سدوم والتي بقدر ما استطيع ان ارى تتسم بخبث غوي لا أمل فيه قبيح فهذه السدة انا ازدريها ... ولقد اصبحت الكنيسة الرومانية اكبر وكر داعر للصوص واعظم المواخير التي يندى لها الجبين ومملكة الاثم والموت والجحيم ... ولطالما ساءني يا صاحب المقام السامي ليو انك تنصب بابا في هذه العهود لأنك خليق بأيام خير منها... ولذلك أرجو يا عزيزي ليو ألا تستمع الى تلك الاقوال المعسولة التي لا تجعلك بشراً سوياً وترفعك الى مصاف انصاف الآلهة لكي تأمر ... بما تشاء فأنت خادم الاجراء وبعد كل الرجال الآخرين في مركز خطير يرثى له . فلا يخدعك هؤلاء الذين يدعون أنك سيد العالم ... الذين يهرفون بأن لك سلطاناً على السماء والجحيم والمطهر ... ان الذين يعلون قدرك فوق المجلس وفوق الكنيسة العالمية يخطئون والذين ينسبون اليك الحق في تفسير الكتاب المقدس يخطئون لأنهم ينشدون تحت ستار اسمك ان يُرسوا قواعد خبثهم في الكنيسة، ومما يؤسف له ان الشيطان من خلالهم قد أحرز نجاحاً تحت حكم اسلافك. والخلاصة لا تصدق احداً يعلي من قدرك وصدق هؤلاء الذين يضعون من شأنك (1).

.............................

1- ول دیورانت: قصة الحضارة الجزء (24) ص 29.