أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-7-2019
692
التاريخ: 11-11-2016
521
التاريخ: 11-11-2016
723
التاريخ: 11-11-2016
921
|
لا شك في أن درجة الثقافة التي وصل إليها الغساسنة جيران البيزنطيين كانت أعلى مما استطاع منافسوهم عرب الحيرة الوصول إليه، وكانت دولتهم تمتد في الطرف الشمالي الغربي من بلاد العرب، إلى الشرق من نهر الأردن، ابتداء من المنطقة الواقعة على مقربة من بطرة في الجنوب، إلى ما يجاور الرصافة في الشمال الشرقي. ويبدو أنه في عهد حكم الغساسنة، وأثناء الحكم الروماني السابق له، قد نمت حضارة عربية، وتطورت على طوال الحدود الشرقية لسوريا، وكانت مزيجًا من العناصر العربية والشامية واليونانية، وكان من مظاهر ذلك ما يشيدونه من المدن والقرى والقصور والقلاع، التي كانت تُعرف بالمسالح، والتي كانت تكوِّن خط دفاع في أطراف حوران، يفصل بينها وبين البادية، ومن أشهر القصور التي بنوها القصر الأبيض والقلعة الزرقاء وقصر المشتى، وكذلك شيدوا عدة أقواس نصر، وحمامات عامة، وقناطر للمياه، ومسارح وكنائس، حتى لقد كانت السفوح الشرقية والجنوبية لحوران عامرة بما يقرب من ثلاثمائة مدينة وقرية لا نجد قائمًا في أيامنا هذه منها إلا بضع خرائب وأنقاض. وكان ملوك غسان يقتنون كثيرًا من الجواري الروميات، ويكثر في قصورهم المغنون من مكيين وبابليين ويونانيين، والموسيقيون من كلا الجنسين، وكانوا يسرفون في شرب الخمر، وإذا صح ما رواه أبو الفرج في «الأغاني» من أن جبلة كان إذا جلس للشراب فُرش تحته الآس والياسمين وأصناف الرياحين، وضُرب له العنبر والمسك في صحاف الفضة والذهب وأُوقد له العود الندي إن كان شاتيًا، وإن صائفًا بطن بالثلج، وأتى هو وأصحابه بكساء صيفية يتفضل «يمتاز» هو وأصحابه بها، وفي الشتاء بالفراء وما يشبهها، نقول — إذا صح هذا — كان دليلًا على ما تمتع به الغساسنة من ترف وحضارة، وقد وُجد عدد كبير من شعراء العرب في ملوك غسان أعظم رعاة لهم، وعندما نشب الخلاف بين النابغة الذبياني والملك الحيرى وجد النابغة في بلاط غسان خير ملجأ له، وقد حارب لبيد أحد أصحاب المعلقات في جانب الغساسنة في معركة حليمة كما زار بلاطهم، وامتدحهم في الجاهلية حسان بن ثابت الشاعر المدني قبل أن يصبح شاعر النبي عليه السلام. أما ديانة الغساسنة فكانت — بحكم جوارهم للروم — النصرانية، ولكنها كانت على المذهب المنوفستي الذي كان شائعًا في منطقتهم، والذي عُرف فيما بعد باسم المذهب اليعقوبي نسبة إلى يعقوب البرادعي الرهوي. أما لغتهم فكانت العربية، ولكنهم أيضًا اتخذوا لغة الشام الآرامية لغة ثانية لهم فكان شأنهم في ذلك شأن كل القبائل العربية التي سكنت أرض الهلال الخصيب كالتدامرة والمناذرة، أعني أنهم كانوا مزدوجي اللغة. ولم تكن عاصمة الغسانيين واحدة كما كانت عاصمة المناذرة الحيرة، وفي مبدأ دولتهم كانت عاصمتهم معسكرًا متحركًا، ثم اتخذ لهم فيما بعد عاصمة ثانية في الجابية، وقد ذكر بعض المؤرخين أن عاصمتهم كانت دمشق أو جلق القريبة منها، وقال آخرون: البلقاء، وقال غيرهم: تدمر، وقال بعضهم: صفين، ومهما يكن من أمر فمما لا شك فيه أنهم أقاموا بجلق فترة غير قصيرة من الزمن، وتقع جلق إلى الجنوب الغربي من دمشق وإلى الشمال من نهر اليرموك.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|