أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-10-2014
4937
التاريخ: 14-5-2022
1692
التاريخ: 25-09-2014
5163
التاريخ: 24-11-2014
5454
|
آراء المفسرين في الحروف المقطعة هي أجزاء من اسم الله الأعظم
الحروف المقطعة هي أجزاء من اسم الله الأعظم(1)، وهي إذا ما ركبت بدقة وبصيرة ظهر الاسم الأعظم. والاسم الأعظم هو الاسم الذي يمكن التصرف، من خلاله، في عالم الوجود، وليس للناس العاديين سبيل إلى معرفته.
اختلاف هذا الرأي مع سابقه هو أن القول الرابع يؤكد على أن كلاً من الحروف المقطعة هو علامة مختصرة ورمز لأحد الأسماء الإلهية، بينما المدعى في هذا القول هو: أنه بتركيب هذه الحروف يتشكل الاسم الأعظم؛ فمثلاً بتركيب حروف «الر» و«حم» و«ن» ينتج «الرحمن» الذي هو اسم أعظم لفظي، بالضبط كما تستعمل الحروف المقطعة «م ح م د»
للإشارة إلى الاسم المبارك للإمام المهدي عج .
إن أصحاب هذا الرأي استندوا إلى بعض الروايات التي سيشار إليها في البحث الروائي.
الجواب: يطلق «الاسم الأعظم» على أسماء الله اللفظية تارة، وعلى أسمائه التكوينية تارة أخرى.
الأسماء اللفظية هي كلمات تدل على الذات والصفات الإلهية، وإن بعضها عظيم؛ كالقدير، والعليم، والحكيم، والحي، والرزاق، وبعضها أعظم؛ كالله، والرحمن. أما سر أعظمية هذين الاسمين فعائد إلى أنهما محيطان بسائر أسماء الله سبحانه؛ فاسم «الشافي» محاط باسم «الرزاق"، واسم الرزاق محاط باسم «الخالق»، وهذا محاط باسم «القادر»، والأخير بالاسم الجامع والأعظم وهو «الله» الذي يدل على الذات الجامعة لكل الكمالات، وكذلك بالاسم الأعظم «الرحمن» الذي يدل على جميع ألوان الرحمة الإلهية(2).
تجدر الإشارة هنا إلى أن كل اسم - عدا «الله» و«الرحمن» - يحيط باسم آخر فهو اسم أعظم نسبي؛ أي بالنسبة للاسم المحاط به، لكن «الله» اسم أعظم مطلق، وكذلك «الرحمن».
وقد يراد من الاسم الأعظم أيضاً الاسم الأعظم التكويني لا اللفظي والمفهومي، وهذا هو مصطلح أهل المعرفة المقتبس من أدعية وروايات أهل البيت(عليهم السلام)فالاسم في اصطلاح أهل المعرفة هو «ذات الحق بتعين خاص"؛ أي، الذات التي ينظر إليها بما أنها موصوفة بإحدى صفاتها.
وفيما يخص تركيب الحروف المقطعة من أجل الحصول على الاسم الإلهي الأعظم لابد من الالتفات إلى بضع ملاحظات:
1. لا يمكن قبول هذا الوجه كتفسير للحروف المقطعة لافتقاده لأي دليل معتبر.
2. إن اسمي «الله» و« الرحمن» - وهما من أسماء الله الأعظم اللفظية - قد ذكرا صراحة في القرآن الكريم ولا حاجة لتركيب الحروف المقطعة للحصول عليهما.
3. فيما يتعلق بالاسم الأعظم، وكما مر في تفسير سورة الحمد، يتعين القول: إن الاسم الاعظم الذي له آثار تكوينية، كإحياء الموتى أو طي الأرض، ليس هو من سنخ اللفظ، وتوقع مثل تلك الآثار من اللفظ إنما ينبع من التصور الخاطئ للاسم الأعظم. كذلك فإن الاسم الأعظم ليس مفهوماً حصولياً كي يصير إحياء الموتى أو طيّ الأرض ممكناً بتعلمه، بل هو مقام يتسنى للحائزين عليه القيام بمثل تلك الاعمال بمجرة الإرادة حتى وإن لم يتفوهوا باي لفظ.
في نظام الوجود، الذي يدار على اساس الحق العيني، وفي إطار العلية والمعلولية الحقيقية، لا يمكن التأثير على الأمور التكوينية بواسطة امور اعتبارية كاللفظ والمفهوم (العلاقة بين اللفظ والمفهوم). ففي مثل هذا النظام لابد لكل علة مؤثرة أن تفوق معلولها وتكون أقوى منه. بالطبع من الممكن، من خلال مناجاة خاصة عند قراءة الآيات أو الأدعية، توفير استعداد قابلي مناسب من أجل أن تصبح المبادئ الفائقة -التي هي سبب فاعلي بإذن الله - علة في إيجاد أثر تكويني. لكنه في هذه الحالة يكون التأثير لذلك المبدأ الملكوتي، وليس اللفظ أو المفهوم الذهني للشخص المناجي.
الناس المتصفون بالصفات الملكوتية والسجايا الملائكية، الذين تشرفوا بمقام الاسم الأعظم، يهيمنون على الأمور الملكية، ويتصرفون في النظام التكويني للوجود، كما في قصة آصف بن برخيا الذي استطاع -من خلال ما تعلمه من النبي سليمان ميله من العلوم - أن يأتي بعرش الملكة بلقيس من منطقة نائية (من اليمن إلى فلسطين) في زمن أقص من رمشة العين: قال {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} [النمل: 40]. ومن لم يحظ بذلك المقام فأنى لألفاظه أو مفاهيمه الذهنية أن تصنع شيئا:
أي فعل ترتجيه لخاتم إن سليمان به ما تختم(3).
كان لعمرو بن معادي كرب، وهو من أشهر أبطال العرب، سيف اسمه «الصمصامة»، ويعد حديث الناس في الصرامة والقاطعية. فأرسل الخليفة الثاني إليه أن يبعث إليه بسيفه، فبعث به إليه. ولما لم يجد في السيف، حين ضرب به، ما كان يبلغه عنه كتب لعمرو في ذلك، فكتب إليه عمرو: إنما بعثت إليك بالسيف، ولم أبعث إليك بالساعد الذي يضرب به؛ أي إن شهرة الصمصامة في الصرامة مرهونة بساعدي القوي(4) .
فالألفاظ حالها حال الصمصامة: أي ما لم تستقر بيد مقاتل شجاع فإنها لن تكون ذات أثر، والمقام الخاص للاسم الأعظم التكويني هو الساعد الذي يتصرف في الوجود أحياناً بصمصامة الألفاظ الخاصة.
والاثار التكوينية التي وردت لسورة الحمد هي من هذا القبيل أيضا. يقول الإمام الصادق عليه السلام : «لو فرأت الحمد على ميت سبعين مرة ثم ردت فيه الروح ما كان ذلك عجباً»(5).
إن العلاقة بين الألفاظ ومعانيها علاقة اعتبارية وجعلية. ولهذا فالمفردة المستعملة في ثقافة ما تعتبر مهملة وعديمة المعنى في سائر الثقافات؛ كما نلاحظ كلمة «العين» في العربية، فلها سبعين معنى، وقد جاءت في بعض قصائد الشعر في سبعين بيتاً من الشعر كل بمعنى معين، في حين أنها لفظ مهمل في اللغات الأخرى. فالتأثير العيني للألفاظ في الأمور التكوينية يستلزم تأثير الأمور الاعتبارية في الأمور التكوينية، وبطلان هذا الأمر بديهي.
محصلة ذلك، أن الاسم الأعظم هو مقام، وله درجات، وأن الحاصلين على هذا المقام مؤثرون في العالم التكويني، ومستجابو الدعوة، استخدموا اللفظ أم لم يستخدموه. وسورة الحمد أيضاً إن جرت على ألسنة هؤلاء كانت سبباً في إحياء الموتى. فبالاسم الأعظم التكويني، الذي هو مقام ملكوتي، يصبح التصرف في نظام الوجود مقدوراً، وليس باللفظ والمفهوم الاعتباريين. إذن، فعلى الرغم من تكون الاسم الأعظم؛ مثل الله والرحمن من تركيب بعض الحروف القرآنية المقطعة، إلا أن هذا الاسم هو من قبيل الاسم الاعظم اللفظي وليس التكويني حتى تكون له آثار تكوينية.
تنويه
1. كما أشرنا، فإن الآثار التكوينية الواردة للأدعية والأذكار هي في الحقيقة آثار المقام الخاص للداعي. فالداعي إما أن يؤثر في عالم الوجود بسبب قربه الخاص من الذات الإلهية القدسية، وإما أن يوصل - من خلال المناجاة والابتهال -النصاب القابلي إلى الكمال كي يظهر المبدأ الفاعلي آثاراً مميزة. على أي تقدير، فالتأثير التكويني إما أن يعود إلى النفس القدسية للداعي، أو إلى مبدأ أسمى.
2. يستفاد من بعض الأدعية والروايات أن المراد من الأسماء الإلهية ليس هو الأسماء اللفظية والمفهومية بل الأسماء التكوينية، وأن ما نتلفظه نحن هو «اسم الاسم»، وأن هذه الأسماء اللفظية ليست هي الأسماء الحقيقية لله سبحانه وتعالى، وذلك لان هذه الادعية والروايات تتحدث عن اسم ملأ أركان كل شيء، وبه بسطت الأرض، أو رفعت سلاسل الجبال، أو خلقت الجنة والنار، ومن المعلوم آنه في مقام خلق الأرض، والجبال، والجنة، والنار لا يتم الحديث عن اللفظ العربي وغيره.
يخاطب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام الله سبحانه قائلا: «وبأسمائك التي ملأت أركان كل شيء»(6) ، و«وأسألك باسمك الذي خلقت به عرشك... واستقر به عرشك... باسمك الذي أقمت به عرشك وكرسيك... وحملتهم عرشك بذلك الاسم يا الله ...)(7). وكما يقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) في مناجاته الجامعة مع ربه: «أسألك باسمك الذي خلقت به رضوان، خازن الجنان... باسمك الذي خلقت به مالك، خازن النيران... باسمك الذي غرست به أشجار الجنان... باسمك الذي فتحت به أبواب الجنان... النيران... باسمك الذي فجرت به عيون الجنان... باسمك الذي خلقت به جنة عرضها كعرض السماء والأرض .. باسمك الذي خلقت به الشمس والقمر والنجوم... باسمك الذي خلقت به جبرئيل... إسرافيل... باسمك الذي خلقت به وأحييت جميع خلقك بعد أن كانوا أمواتاً بذلك الاسم... باسمك الذي تميت به جميع خلقك عند فناء آجالهم.. باسمك الذي تحيي به جميع خلقك للقيام بين يديك... باسمك الذي تحشر به جميع خلقك... باسمك الذي قذفت به الخوف في قلوب الخائفين الراجين... باسمك الذي تنوم به العيون... باسمك الذي أنزلته على عيون أهل الغفلة فغفلوا عنك فناموا عن طاعتك... باسمك الذي أنزلته على عيون محبيك فطار عنهم النوم إجلالاً لعظمة ذلك الاسم...)(8).
إن كل الآيات الإلهية هي أسماؤه التكوينية؛ فكل موجود هو آية للحق، فهو سمته وعلامته سبحانه. إذن فالأمور العينية، والمقامات التكوينية هي الأسماء الحقيقية لله.
وبمزيد من التأمل يتعين القول: إن الأسماء اللفظية هي «أسماء أسماء الأسماء"؛ إذ أن الأسماء اللفظية ليست هي أسماء وسمات للأمور العينية بشكل مباشر، بل إنها سمات المعاني الذهنية التي تدرك عن طريق العلم الحصولي، وإن المعاني الذهنية الحصولية هي أسماء وسمات للأمور العينية، وإن الأمور العينية، والمقامات التكوينية هي سمات حقيقية لله سبحانه وتعالى، وكما ان كلام الله هو عين فعله؛ إذ «وإنما كلامه سبحانه فعل منه»(9) ،فإن أسماءه الحقيقية كذلك هي الأمور والأعيان التكوينية، وليست الأمور الاعتبارية. وبالتالي فلابد من القول: في ألعالم العيني إنما يظهر الأثر التكويني والعيني من الاسم الحقيقي، لا من اسم الا سم الذي هو مفهوم حصولي ذهني، ولا من اسم اسم الاسم الذي هو كلمة لفظية.
إن المقامات المعنوية التي هي من نصيب الأوحدين من العلماء الربانيين، أمثال السيد ابن طاوس، وابن فهد الحلي، والسيد بحر العلوم.
هي التي يعول عليها، وليس الالفاظ والمفاهيم التي يقضي معها الإنسان العادي عمراً من دون أن يجني منها أية ثمرة. يقول الإمام الحسن المجتبى عليه السلام : من لم يخطر في قلبه إلا رضا الحق تعالى فهو مستجاب الدعوة وأنا أضمن ذلك؛ «وأنا الضامن لمن لم يهجس في قلبه إلاً الرضا أن يدعو الله فيستجاب له»(10).
إن دراسة موارد استجابة وعدم استجابة الدعاء من جهة، وتقييم النصوص الواردة في شروط استجابة الدعاء وموانعها، كما في «اللهم اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء»(11) من جهة أخرى، يوصلنا إلى نتيجة مفادها: أن تأثير الأدعية لا يعود إلى ألفاظها الاعتبارية، ولا إلى مفاهيمها الذهنية، بل إنه بتحقق مدلولاتها في نفس الداعى يصل نصاب القبول إلى تمامه، فيتلقى الفيض من المبدا الفاعلي. لكن المفاهيم الذهنية للأدعية - بالطبع -هي الممهدة لحصول هذا الاستعداد.
_______________
1. الجامع لاحكام القران، مج 1،ج 1، ص 151؛ التبيان في تفسير القران، ج 1، ص47.
2- يقول القرآن الكريم في اسمي «الله» و«الرحمن»: (قل ادعو الله او ادعو الرحمن ايا ما تدعو فله الاسماء الحسنى) (الإسراء. / 110) مرجع الضمير في قوله «فله» هو «أيأ» وليس الله، فليس المراد من الآية أن. لله الأسماء الحسنى، بل المراد هو أن: كلاً من «الله» و«الرحمن» له أسماء حسنى ، إد لا يتحقق التناسب عند إرجاع الضمير في قوله «فله» إلى الله. من هذا المنطلق، يقول المرحوم الفاضل الهندي. «فالمحققون على أن «الرحمن» أيضاً اسم للذات تماماً مثل ((الله))، وأن لفظه هنا [في البسملة] بدل من «الله»، ولذا قدم على «الرحيم» لكونه [الرحيم] صفة«، (كشف اللثام، ج 1، ص106).
3. إشارة إلى البيت الفارسي لحافظ الشيرازي، «ديوان غزليات حافظ» (فارسي)، ص658: كر انكشت سليمانى نباشد جه خاصيت دهد نقش نكينى
4. العقد الفريد، ج1، ص199 - 20.
5. الكافي، ج2، ص623؛ وتفسير نور الثقلين، ج 1،ص4.
6. مفاتيح الجنان، دعاء كميل بن زياد.
7. مصباح المتهجد، ص 258 - 261؛ وبحار الأنوار، ج 55، ص36.
8. البلد الأمين، ص416 -418؛ وبحار الأنوار،ج.9ص260 - 262.
9. نهج البلاغة، الخطبة 186.
10. الكافي، ج2، ص62؛ وبحار الأنوار، ج43، ص 351.
11. الإقبال بالأعمال الحسنة، ص 220؛ ومفاتيح الجنان، دعاء كميل.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|