أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-10-2015
2677
التاريخ: 2023-11-27
1790
التاريخ: 22-10-2015
2874
التاريخ: 28-3-2017
3117
|
يتمتع حق الترشيح ببعض الخصائص التي ينفرد بها عن بعض الحقوق الأخرى التي يتميز بها حق الترشيح سنتناولها في ثلاث فروع، فالفرع الأول سنتناول فيه الترشيح كحق سياسي وقانوني يتيح للمواطن الحق في المشاركة بإدارة السلطة بتوافر شروط قانونية يستلزمها الترشيح، وسنتناول في الفرع الثاني اعتبار حق الترشيح وسيلة من وسائل الديمقراطية، فيما سنتناول في الفرع الثالث الترشيح باعتباره صورة من صور المشاركة السياسية كالآتي :
الفرع الأول
الترشيح حق سياسي قانوني
يعد الترشح حقاً من الحقوق السياسية الذي يفترض ممارسته على أساس من المساواة بين المواطنين الذين تتوافر فيهم الشروط الموضوعية والشكلية المنصوص عليها في الدساتير والقوانين الانتخابية، ويتم ذلك من خلال القيام بعمل قانوني إعمالاً للحق في المشاركة السياسية، وذلك بإبدائهم – أي المواطنين- لرغبتهم الصريحة في تعدد منصب من المناصب الرئاسية أو النيابية، فضلاً عن العمل على الحصول على أصوات الناخبين المخولين باختيار المرشح المتنافس في العملية الانتخابية (1).
ويعد غالبية الفقهاء أن الحق في الترشح لا يعدو أن يكون مجرد إجراء من إجراءات العملية الانتخابية، وأنه من الأعمال التحضيرية لهذه العملية، التي تسبق الاقتراع مباشرة وبزمن قريب جداً، يُحدد غالباً بموجب القوانين المنظمة للانتخابات، لذا يعد الترشح عملاً قانونياً يعرب به الشخص صراحة وبصفة رسمية أمام الجهة المختصة عن إرادته ورغبته في التقدم لاقتراع ما (2) ، ولكن التطورات الحاصلة في مفهوم شرعية النظام السياسي، وضرورة خضوعه لمبدأ سيادة الشعب جعل هذا المفهوم "حق الترشيح" حقاً من حقوق الإنسان الأساسية، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحق في التصويت، ومبدأ حق الترشيح، كأصل عام، فتح الباب على مصراعيه على أساس من المساواة أمام كل المواطنين الذين يرغبون في الحصول على أصوات الناخبين للفوز بعضوية المجلس النيابي (3) ، فهو حق سياسي يحمل معنى الإفصاح عن الإرادة السياسية للمساهمة في الحياة السياسية.
وعلى الرغم مما يتصف به الترشيح من أهمية سياسية وقانونية كحق سياسي أساسي، إلا أنه ليس حقاً مطلقاً يتمتع به أي فرد يرغب في التقدم لتحمل المسؤولية، بل إن هذا الحق تضبطه وتحده قيود معينة من بينها مثلا اختيار الدولة لنمط الاقتراع الذي يؤثر في حرية الأفراد في أن يتقدموا بأنفسهم كمرشحين للانتخابات، مما لو تقدموا من خلال حزب سياسي، فضلاً عن بعض الشروط الأخرى(4)، التي تتطلبها التشريعات في الدول على اختلاف أنظمتها السياسية.
الفرع الثاني
الترشيح وسيلة ديمقراطية
إن أول مبدأ في الديمقراطية يتجسد في أن المواطن يتوجب أن يكون له دوراً ايجابياً في شؤون وطنه، بما في ذلك إدارة دفة الحكم على الوجه الذي يقرره الدستور (5)، لذا يمنح المواطن في النظم الديمقراطية الحق في المشاركة السياسية، عن طريق مشاركته في الانتخابات، إذ ان الانسان الذي لا يستطيع أن يشارك في اختيار ممثليه بكل حرية في النظام السياسي يتولد لديه الشعور بعدم فعاليته كمواطن، وعليه فان الواقع يدلل على ان مفهوم المشاركة السياسية قد تطور مع تطور الديمقراطية في العالم، ووصل الى أعلى مراحله من خلال المنافسة الحرة بين المرشحين لتولي العضوية في المجالس النيابية، وتصر الانظمة الديمقراطية على ضرورة اختيار المرشحين كدليل على التنافس الحر، وتثبيت حرية المشاركة السياسية للمواطنين، لأن لكل مواطن الحق في اختيار المرشح الذي يريده، إذا توافرت فيه شروط الترشيح، أو حقه في الترشيح بكل حرية أيضاً (6). ويعد حق الترشيح الى جانب حق الانتخاب من أهم الحقوق السياسية المتعلقة بالعملية الديمقراطية، لأنها تنظم إجراءات الحياة السياسية في الدول الديمقراطية، أي انها تمثل وسائل ممارسة الحكم الديمقراطي، وتتيح للشعب أن يشارك في إدارة دفة البلاد بانتخاب من يراه صالحاً من المرشحين لتمثيله في المجالس النيابية، وبالتالي فإن علاقة حق الترشيح والانتخاب بمصير وسيادة الشعوب تعد وثيقة إذ إنها تمثل حلقة الوصل بين الشعوب والسلطة السياسية، لذلك فإن هذه الوسائل الديمقراطية تعد أجل تعبير عن سيادة الشعب، ونظراً لاستحالة اشتراك الشعب بصورة مباشرة في ممارسة السلطة لذا استوجب الأمر وضع مجموعة من الحقوق التي تضمن اشتراكه بصورة غير مباشرة، كالانتخاب والترشيح وتكوين الأحزاب السياسية وغيرها (7). كما ان تولي السلطة يفترض رضا الشعب، أي إن الراغب في عضوية المجالس المنتخبة عليه أن يلجأ إلى الشعب، ذلك أن تخويل السلطة يتطلب الانتقاء غير المشوب أو المقترن بالعيوب فيمن يرغبون في العضوية البرلمانية (المرشحون لكي يفضي الوضع السياسي أو القانوني إلى استقرار المؤسسات الدستورية ودعامة ركائز دولة القانون(8)، وهو مالا يمكن تحقيقه إلا من خلال أسس الحكم الديمقراطي التي تقوم على جملة من المبادئ أهمها أنه لا يحق لأي شخص أن يحكم الآخرين دون رضائهم (9)، ويبرز هذا الطرح بصورة أكثر وضوحاً من منطلق أنه لكل مواطن في كل حدث انتخابي صورة واضحة ومفصلة في ذهنه عن مرشحه المثالي، وسيذهب يوم التصويت إلى اختيار المرشح الذي يبدو قريباً من رأيه أومن تلك الصورة الموجودة في ذهنه (10) على أساس أن الشعب يمتلك الحرية في تغيير من يحكمه إذا فقد الثقة فيه، أو وجد من هم أصلح منه من المرشحين. وبلا شك تبقى الديمقراطية الصيغة الأكثر أهمية واستحقاقاً للتحليل، ليس فقط لأنها تمثل في مبادئها التي تتجه اليها جميع أشكال الحكومات فحسب، بل لأنها تعد النظام الأكثر دقة وكمالاً فـ ا في ميكانيكيته، فهي تفترض المشاركة وفي كل أشكالها، أي مشاركة جميع المواطنين في ادارة الشؤون العامة(11). وتبرز أهمية الترشح في كونه وسيلة لوصول الشخص المناسب لعضوية مجلس النواب من خلال العلاقة الموجودة بين المترشح والناخب، هذا الأخير الذي يقع على عاتقه إسناد السلطة واختيار الأشخاص الذين يمثلونه تمثيلا حقيقيا (12)، بينما تفسر أهمية حق الترشيح - كأحد الحقوق السياسية – وأهمية كفالته للمواطن، في ضوء ضمان إسهامه في اختيار ممثليه في إدارة دفة الحكم ورعاية مصلحة الجماعة، وعلى أساس أن حقي الانتخاب والترشيح، بصفة خاصة هما حقان متكاملان لا تقوم الحياة النيابية بواحد منها دون الآخر، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن حق الترشيح يعد تجسيداً حقيقياً للبعد الديمقراطي، في إتاحة الفرصة للمواطنين في المشاركة الفعلية في إدارة شؤون بلادهم من خلال التمثيل النيابي، فضلا عن تفعيله لممارسة المواطنين لحقهم في انتخاب من يمثلهم في المجلس النيابي (13).
فالعملية الانتخابية لا يمكن إلا أن تسفر في نهايتها عن بقاء مرشح واحد يختاره ليتولى السلطة، وذلك بعد أن يجري الناخب مقارنات مختلفة بين المرشحين استناداً إلى مجموعة من المعايير منها مساوئ بعض المرشحين أو اختلافهم مع مزاجه السياسي، ليتم التوصل في الأخير إلى المرشح الذي يعتقد انه تتوافر فيه المعايير الأكثر إيجابية (14) وهو ما يفسره تبرير العديد من المحللين السياسيين الإقبال المتدني على الانتخابات بالاستياء الشعبي من الخيارات المتوفرة، إذ إنه في حالة وصول المرشحون المرشحين الشعبيين أو الأحزاب الممثلة للشعب الى الترشيح، فإن الشعب سيندفع إلى مراكز التصويت، وبذلك تظهر الدلائل أن للغياب عن مكاتب التصويت علاقة . مع التقييم الشعبي للمرشحين السياسيين من حيث المقبولية والتعبير عن إرادتهم (15)
يتضح مما تقدم مدى أهمية الأسس التي يتم من خلالها تقديم واختيار المرشحين وعلاقته بالإقبال او الإمتناع الشعبي عن التصويت، لذا فالترشيح يجعل من السلطة الحاكمة انعكاساً لإرادة الشعب ووسيلة لخدمة مصالحه وأولوياته، وهو ما يصبح في الوقت ذاته مبعث شرعية السلطة الحاكمة، ومصدر تفويضه لممارستها الحكم (16)، وتلك أسمى صور الديمقراطية التي تتحقق من خلال نزاهة وشفافية وصدق الترشيح.
الفرع الثالث
الترشيح صورة للمشاركة السياسية
تعد المشاركة السياسية حق لكل مواطن بوصفه جزءً من الشعب صاحب السيادة، وتكون مانعة من استبداد السلطة بوصفها العملية التي يمكن من خلالها يستطيع الأشخاص من الوصول الى السلطة، كما يتم من خلالها ادماج المواطنين ومشاركتهم في شؤون الدولة، لذا فان المشاركة السياسية مهمة وضرورية لأنها تمنح الفرد الفرصة لممارسة دوراً في الحياة السياسية لمجتمعه ووضع وصياغة الأهداف العامة لذلك المجتمع وايجاد أفضل الوسائل لتحقيق هذه الأهداف، لأنها تقوم على مشاركة الأفراد من أجل اختيار حكامهم سواء بصورة مباشرة أم بصورة غير مباشرة (17).
وإذا كان الاتجاه الغالب في الفكر الديمقراطي المعاصر يتطلب توسيع المشاركة الشعبية في الانتخابات فإن ذلك يقتضي رفع بعض القيود التي تحد من ممارسة حق الترشح من أجل تفعيل تلك المشاركة(18)، وعلى هذا الأساس عد الترشيح أحد صور المشاركة السياسية، كونه يمثل حقاً لا تقوم الحياة السياسية بدونه(19)، كما عد أحد ركائز ودعائم النظام الديمقراطي ويتلازم ويتكامل مع صوة أُخرى تمثل حق الانتخاب، وعلى الرغم من ان الأخير يعد أهم وسيلة لتحقيق النظام الديمقراطي في المجتمع، الا أن حق الترشيح يتكامل معه، كحق سياسي لاتقوم الحياة النيابية في المجتمع بدونه، ومن ثم يعد الترشيح أحد أهم وسائل مشاركة المواطن في الحياة السياسية، لذا فقد حرصت الدساتير على كفالة هذا الحق ليكون جميع المواطنين متساوون في ممارسته في اطار المساهمة في إدارة دفة الحكم (20).
___________
1- سهام عباسي ضمانات وآليات حماية حق الترشيح في المواثيق الدولية والمنظومة التشريعية الجزائرية، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة الحاج لخضر - الجزائر، 2013-2014، ص 8
2- أحمد بنيني، الإجراءات الممهدة للعملية الانتخابية في الجزائر، أطروحة دكتوراه، جامعة الحاج لخضر - الجزائر، 2005-2006، ص 160.
3- عبدو سعد علي مقلد، عصام نعمة إسماعيل، النظم الانتخابية دراسة حول العلاقة بين النظام السياسي والنظام الانتخابي" ، ط 1 ، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، 2005 ، ص 47 .
4- جاي س . جودوين جبل الانتخابات الحرة والنزيهة، ترجمة احمد منيب وفايزة حكيم، ط 1 الدار الدولية للاستثمارات الثقافية، مصر، 2000، ص 93-94.
5- حسين جميل، حقوق الانسان في الوطن العربي مركز دراسات الوحدة العربية بيروت، 1986، ص78.
6- Jean- Louis Boursin, Les des et les urines, les calculs de la democratie, edition Seuil, 1990. P41.Paris
7-محمد هلال، نحو فهم العلاقة بين الديمقراطية والحريات العامة "دراسة للنصوص الدستورية العربية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان"، ط1 ، المعهد الدولي لحقوق الإنسان ، 2005، ص 187 .
8- عبد الله أبو قفة، آليات تنظيم السلطة في النظام السياسي الجزائري، دار هومة، الجزائر، 2002، ص66.
9- محمد هلال، مصدر سابق، ص179 .
10- سمير بارة، سلمى الإمام السلوك الانتخابي دراسة في المفهوم الأنماط والفواعل"، مجلة دفاتر السياسية والقانون، كلية الحقوق والعلوم القانونية - جامعة قاصدي مرباح الجزائر، العدد 1 ، حزیران 2009 ، ص 39.
11- د. علي عبد الرزاق الزبيدي، الانتخاب اهم وسائل التعبير المحكومين بحث منشور في مجلة الحقوق، كلية القانون الجامعة المستنصرية المجلد 1 ، العدد 1، 2006، ص 75.
12- موسى عبد القادر، دور الانتخابات والأحزاب السياسية في دمقرطة السلطة في النظام السياسي الجزائري، رسالة ماجستير، كلية الحقوق - جامعة يوسف بن خدة، الجزائر، 2009، ص33.
13- فيصل شطناوي، حق الترشيح واحكامه الاساسية لعضوية مجلس النواب في التشريع الاردني ، بحث منشور في مجلة المنارة جامعة ال البيت – الاردن المجلد 13، العدد 9 ، 2007 ، ص285
14- سمير بارة، سلمى الإمام السلوك الانتخابي دراسة في المفهوم الأنماط والفواعل"، مجلة دفاتر السياسية والقانون، كلية الحقوق والعلوم القانونية - جامعة قاصدي مرباح الجزائر، العدد 1 ، حزیران 2009 ، ص 39.
15- ريموند وول فينغر وستيفن روز نستون، من يصوت ترجمة فؤاد سروجي، مراجعة محمود الزواوي، ط1 الأهلية للنشر والتوزيع بیروت، 2007، ص181
16- محمد هلال، نحو فهم العلاقة بين الديمقراطية والحريات العامة "دراسة للنصوص الدستورية العربية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان"، ط1 ، المعهد الدولي لحقوق الإنسان ، 2005 ، ص 181
17- تامر كامل محمد الخزرجي ، السياسة العامة واداء النظام السياسي، بحث منشور في مجلة العلوم السياسية، كلية العلوم السياسية - جامعة بغداد السنة 4 العدد 33، 2006، ص 146 .
18- يعيش تمام شوقي، آليات الرقابة على العملية الانتخابية في الجزائر، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد خيضر - الجزائر، 2008، ص 29.
19- سعد مظلوم العبدلي، الانتخابات ضمانات حريتها ونزاهتها، ط1 ، دار دجلة - عمان، 2009، ص 224.
20- د. محمد فرغلي محمد علي، نظم و إجراءات انتخاب أعضاء المجالس المحلية في ضوء القضاء و الفقه، دار النهضة العربية، القاهرة ، 1998، ص522- 523.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|