أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-12-2015
4610
التاريخ: 24-11-2014
5260
التاريخ: 28-09-2014
4690
التاريخ: 25-09-2014
5292
|
الختم على قلوب المعاندين واسماعهم
قال تعالى : {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [البقرة: 7].
«ختم»: «الختم» هو في مقابل «الفتح» (ابتداء الشيء وافتتاحه) وهـو بمعنى إكمال الشيء أو بلوغ آخره. أما السر في استخدام كلمة (الختم والخاتم) للتعبير عن الانتهاء والإقفال فهو أن ختم الرسالة علامة . انتهائها، فالرسالة لا تختم إلا عندما تنتهي؛ كذلك صحيفة روح ابن آدم، فما دام هناك منفذ لنفوذ الهداية إليها، وما دام سبيل التوبة لم يُغلق أمامها بالكامل، فهي ليست مختومة. أما إذا بادر الإنسان بسوء اختياره إلى إيصاد باب التوبة بوجهه متعمداً وأنكره واستهزأ به ـ وهو الذي جعله الله سبحانه وتعالى مفتوحاً ومشرعاً أمامه حتى آخر لحظة: «أنت الذي فتحت لعبادك باباً إلى عفوك وسميته التوبة)(1) - فستختم صحيفة روحه، ولن يبقى فيها محلّ لكتابة الحسنات بيد «الكرام الكاتبين».
سمعهم»: في القرآن الكريم جاء القلب والبصر بصيغة الجمع، والسمع بصيغة المفرد، كما أنه قدم السمع على البصر، ومن المفيد هنـا ذكر بعض الملاحظات في هذا الخصوص:
1. لعل السرّ في ذكر لفظتي «القلوب» و«الأبصار» بصيغة الجمع، و«السمع بصيغة المفرد هو أن السمع في الأصل مصدر يتشابه فيـه الإفراد والتثنية والجمع، كما يتشابه فيه التذكير والتأنيث، على خلاف لفظة «الأذن» فبما أنها ليست مصدراً(2)، فقد جاءت في الآية: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} [الأنعام: 25] ، بصورة الجمع. ومن ناحية أخرى فإن البعض يعد «السمع» اسم جمع وله معنى الجمع. صاحب تفسير المنار، وبعد نقده ونقضه لكون «السمع» مصدراً، بأنه لو صح ذلك فإن لفظة البصر مصدر أيضاً فلماذا جاءت جمعاً؟! يقول: والذي أراه أن العقل له وجوه كثيرة في إدراك المعقولات.... [ وكذا الأبصار فهي مثل العقول في التشعب... بخلاف السمع فإن أسماع الناس تتساوى في إدراك المسموعات... فالحاصل أن العقول والأبصار تتصرف في مدركات كثيرة، فكأنها صارت بذلك كثيرة فجمعت وأمّا السمع فلا يدرك إلا شيئاً واحداً [ هو
الصوت ] (3) فأفرد ؟ لكن هذا الكلام غير صائب، لأن الكثير من اللطائف يدركها العقل من خلال حاسة السمع وليس لحاسة البصر مثل هذا الاستعداد وهذه الإمكانات. من هنا فقد عد بعض المحققين السمع أفضل من البصر، إلا أن صاحب المنار وبعد إيراده للأفضلية المذكورة يقول:
أنا لا أتكلم في التفضيل، ذلك إلى الله ورسوله، وإنما أشرح موجوداً وأبين مناسبة اللفظ له(4) ؛ وفيما إذا اتضح دليل أفضلية السمع على البصر بشكل دقيق، فإن
ذلك يدعو إلى فهم قرب السمع من العقل أكثر من شبه البصر بـه وهـذا له الهم الأوفر في البحث الأدبي.
على أي تقدير، لابد من الفصل بين بحث المعقول والمسموع والمبصر عن بحث العاقل والسامع والمبصر فلا جدال في كون العاقلين والسامعين والمبصرين كثيرين، وأما تساوي الأسماع فهو لا يعني وحدتها. لذا، يتعين التفتيش عن رمز تعدد المصاديق وكون اللفظ مفرداً في نكتة أخرى.
2. رجح البعض الآخر السمع على البصر، ورأوا أن فيه تجرداً أرفع من تجرد البصر، واعتبروا تقديم ذكر السمع على البصر هو نتيجة لهذه الأرجحية، كما قدموا شاهداً على ذلك وهو: (ولذا لا يغلبه [السمع] النوم في بعض ما يغلب البصرة .(5)
في المقابل فقد نقل عن أغلب المتكلمين، أن البصر أفضل من السمع ؛ ذلك أن السمع لا يُدرك إلا الأصوات والكلمات، أما البصر فيدرك الأجسام والألوان والهيئات، ولما كانت متعلقاته أكثر . تلك من التي للسمع، فهو أفضل منه (6).
. السمع والبصر هما من جملة المجاري الإدراكية، لكن من ناحية أنه هل للقلب الجسماني دور في الإدراك وسهم في العواطف؟ فذلك سيتضح في أثناء البحث التفسيري. بالطبع إن هذا البحث من الأصول الموضوعة، وإنه لمن المفروغ منه ، أن نفس الإنسان وكذلك الإدراك الكلي هما مجردان؛ كما هو الحال بالنسبة لشؤون العقل العملي، كالإرادة والمحبة فهي مجردة أيضاً، وإن لكل واحد من هذه الأمور المذكورة مصاديق جزئية ترتبط مع بعض الأجهزة الجسمية كالدماغ، والقلب، والسمع والبصر وإن من يتولى جيمع تلك الشؤون هي ا النفس الإنسانية التي لها ظهور بدرجات مختلفة من دون حلول في البدن. «غشاوة»: الغشاوة ساتر (مــادي أو معنوي) يستولي على الشيء فيحيط به تماماً. وما يُستظهر من موارد استخدام مشتقات هذه الكلمة في القرآن هو التغطية الشاملة المحيطة؛ كما في {يَغْشَاهُ مَوْجٌ } [النور: 40] ، {غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ} [يوسف: 107].
لهم»: تفيد «اللام» الرَّبَّحَ تارةً فتُستخدم في مقابل «على» (بمعنى الخسارة)؛ مثل: مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ، وتأتي تارةً أخرى لتفيد الاختصاص؛ كما في: لَيْسَ للإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى . فكل عمل مختص بعامله وليس بمنفصل عنه؛ فالحسنات مختصة بالمحسنين والسيئات مختصة بالعاصين، ومن هذا الباب جاءت اللام في الآية الكريمة: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] ـ التي تتحدث عن الإحسان والإساءة ـ لتخصيص العمل بعامله، ولم تستخدم «اللام» محل «على» من باب المشاكلة، ذلك أن المشاكلة لم يتم اللجوء إليها أيضاً في موارد من قبيل: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: 286].
في الآية محط البحث جاءت اللام للاختصاص أيضاً فهي بمعنى: أن العذاب الموصوف بالعظمة هو مختص بالمعاندين والكفار. الآية السابقة كانت تتحدث عن عدم قبول الكفار للهداية وعدم إيمانهم، وفي الآية الحالية بين سرّ ذلك؛ وهو: بما أن الله قد طبـع عـلـى قلوبهم وآذانهم، وجعل على أبصارهم غشاء سميكاً، فهم - قـ قهراً ـ لا يفهمون ولا يسمعون ولا يبصرون، ولما كان العلم مقدمة للإيمان، وهـم فاقدون لوسائل تحصيله، فهم لا يؤمنون أيضاً.
___________
1. الصحيفة السجادية، الدعاء 45 ومفاتيح الجنان مناجاة خمس عشرة، مناجاة التائبين.
2. تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة، ج 1، ص 55
3.المنار، ج 1، ص 144 - 145 (بتصرف طفيف).
4. المنار، ج 1، ص 145
5.تفسیر بيان السعادة في مقامات العبادة، ج 1، ص 55
6. الجامع لأحكام القرآن مج 1، ج 1، ص 185؛ والتفسير الكبير، مج 1، ج2، ص 59.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|