إن التراكيب والجسيمات النانوية ليست مواداً جديدة بما تعنيه الكلمة، بل هي مواد اعتيادية قد أُعيد ترتيب ذراتها بأحد طرائق تصنيع المواد النانوية المذكورة في الفصل السابق. وتُصنف التراكيب النانوية إلى ثلاث أصناف طبقاً لأبعادها (الطول والعرض والارتفاع)، لكل نوع من أنواع التراكيب النانوية صفات خاصة بها تميزها عن غيرها من التراكيب النانوية الأخرى فضلاً عن التراكيب الاعتيادية، كما توجد هنالك صفات عامة للتراكيب النانوية ككل.

التراكيب النانوية يقصد بها التراكيب التي تكون أبعادها أو أبعاد مكوناتها بمدى اقل من 100 نانوميتر، فقد يكون التركيب النانوي ككل أبعاده اكبر بكثير من 100 نانوميتر لكن مكوناته يجب أن تكون كل منها ببعد اقل من 100 نانوميتر، فمثلاً قد يكون التركيب النانوي عبارة عن حزمة أسلاك نانوية وبعد هذه الحزمة ككل اكبر بكثير من 100 نانوميتر لكن بعد أي سلك منها يكون ضمن الأبعاد النانوية المتعارف عليها. يمكن تصنيف التراكيب النانوية إلى ثلاث أصناف كالآتي:

.1 الرقائق أو الصفائح النانوية

أو المواد النانوية أحادية البعد وهي المواد التي يكون احد أبعادها فقط في مدى النانوميتر ، والبعدان الآخران في المقياس الاعتيادي. أي سمكها لا يتعدى 100 نانوميتر لكن طولها وعرضها أكثر من ذلك. يمكن صنع الرقائق النانوية باستخدام مواداً وعناصر مختلفة لكن أشهرها المواد شبة الموصلة، التي لها تطبيقات الكترونية كثيرة، وعند صناعتها بأبعاد نانوية سترتفع سماتها وكفاءاتها. ولهذا الصنف من المواد النانوية استخدامات واسعة مثلاً: تستخدم في طلاء المواد الفلزية لحمايتها من التآكل والصدأ, كما يصنع منها أغشية رقيقة السمك لغرض تغليف المواد الغذائية لحمايتها من التلوث (23), كما لها استخدامات كثرة في الصناعات الالكترونية والبصرية مثل صناعة الليزرات والثنائيات الضوئية والخلايا الشمسية الذين يعتمدون في مبدأ عملهم على الرقائق النانوية كمناطق فعالة والتي تمتاز بكفاءتها العالية وصغر حجمها وقلة استهلاكها للطاقة. ومن بين الصفائح النانوية الأكثر أهمية الكرافين، الذي يلاقي في الوقت الحاضر اهتمام بحثي عالمي كبير, والكرافين عبارة عن صفيحة منفردة من الكربون سمكها ذرة واحدة بحيث إذا تكدس عدد من الصفائح فوق بعضها البعض لحصلنا على الكرافيت (قلم الرصاص) كما موضح في الشكل 1- ب. والشكل 8 يمثل صفيحة من الكرافين مأخوذة باستخدام المجهر الالكتروني الماسح (SEM).

. 2الأسلاك النانوية

أو التراكيب النانوية ثنائية البعد، وهي تلك المواد التي يكون بعدين من أبعادها كلاً منهما بمقياس اقل من 100 نانوميتر. أي أن كلاً من طولها وعرضها يكونان بمقياس اقل من 100 نانوميتر والمواد النانوية ببعدين متعددة الأشكال والأصناف منها الأعمدة والانانبيب والألياف النانوية، أشهرها أنابيب الكربون النانوية التي تمتاز بقلة وزنها ومتانتها ومرونتها العاليتين. فهذه الأنابيب اخف من الحديد بست مرات وبنفس الوقت أقوى منه واصلب ب 100 مرة!(2) ومرونتها عالية بحيث تستطيع العودة إلى وضعها الطبيعي بعد إزالة الإجهاد عنها، ولها توصيلية حرارية وكهربائية تفوق ما لأفضل المواد توصيلية للكهرباء والحرارة مثل الألمنيوم والنحاس بمئات المرات. كما تمتاز أنابيب الكربون النانوية بكونها مستقرة جداً كيميائياً وحرارياً. أنابيب الكربون النانوية قد تكون أحادية الطبقة وقد يصل نصف قطرها من الصغر إلى 0,5 نانوميتر أو متعددة الطبقات على شكل اسطوانات مجوفة متحدة المركز وقد يصل قطرها إلى 20 نانوميتر، كما قد تصل أطوال أنابيب الكربون النانوية إلى عدة مليمترات، وكل صنف منها قد تكون نهايته مغلقة أو مفتوحة، كما أن لأنابيب الكربون النانوية عدة أشكال، فقد تكون مستقيمة (شكل 1-ج  الى اليسار)، لولبية، مخروطية أو بأشكال أخرى.

يستفاد من الأسلاك النانوية في صناعة المتحسسات على اختلاف أنواعها، مثل متحسسات الغازات ومتحسسات الفيروسات والبكتيريا، كما يستفاد منها في صناعة شاشات العرض المسطحة وفي آلية توصيل الأدوية داخل الجسم وغيرها. وشكل 9 يمثل اسلاك جرمانيوم نانوية مأخوذة باستخدام المجهر الالكتروني الماسح (SEM).

.3 الجسيمات والنقط النانوية

وهي الجسيمات النانوية ثلاثية الأبعاد، أي يكون كلاً من الطول والعرض والارتفاع لها بمدى النانوميتر. ومن أمثلتها مساحيق وحبيبات الفضة والذهب واكاسيد بعض المعادن كالحديد والتيتانيوم والفوليرينات، والأخيرة هي عبارة عن تركيب نانوي للكربون يحتوي على 60 ذرة كربون تكون على شكل شبيه بكرة القدم ومجوفة وتحتوي على 12 شكلاً خماسياً و 20 شكلاً سداسياً الشكل) 1 - ج، الشكل الذي يشبه الكرة)، وهذا التركيب له صيغ أخرى عديدة وهو الآن يصنع بكميات تجارية كبيرة، وهناك الآن ما يسمى بكيمياء الفوليرين لأهمية هذا التركيب النانوي الكربوني الأصل، كما لوحظ أن الفوليرين يمكن أن يأخذ شكلاً مخروطياً أو أنبوبياً أو كروياً . والنقط النانوية والتي تسمى بالنقط الكمية ايضاً هي نوع من الجسيمات النانوية في ثلاث أبعاد والتي تكون عادةً تراكيب من مواد شبه موصلة تتراوح أقطارها بين 2 و 10 نانوميتر، وهنالك من الجسيمات النانوية ما يكون مجوف وما يكون على شكل كرات مثل قشر البصل.

إن هذا الصنف من التراكيب النانوية متعدد وواسع الانتشار والاستخدام. لذلك فهو أكثر أصناف المواد النانوية انتاجاً ووفرةً واستخداماً. فتستخدم مثلاً في صناعات مواد البناء والبويا والطلاء، كما تدخل بعض انواع الجسيمات النانوية مثل الفضة في صناعة الملابس لقتل البكتيريا، وفي الصناعات الالكترونية والطاقة للمساعدة في صنع خلايا كهربائية تستهلك اقل قدرة وفي الصناعات الدوائية والطب، في مكافحة السرطان خصوصاً  ، كما استخدمت هذه الجسيمات ايضاً في تحديد سلاسل الحامض النووي لبعض أنواع الفيروسات التي تغزو الجسم البشري  ، كما تدخل في صنع مساحيق التجميل والصابون والشامبو وفي كثير من الصناعات الأخرى. والشكل 10 يمثل مجموعات مختلفة الاحجام من جسيمات الذهب النانوي مأخوذة باستخدام المجهر الالكتروني الماسح (SEM).