أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-09-2014
5246
التاريخ: 17-4-2022
1615
التاريخ: 26-3-2022
2015
التاريخ: 17-12-2015
5965
|
التمسك بسنة السلف
الوثنيون من أهل الحجاز كانوا أسرى لسنة التقليد الجاهلي الأعمى، وكانوا يقولون: بما أن آباءنا كانوا يتخضعون للأصنام، فإننا ماضون على هذا النهج: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23] ؛ ويقول الله سبحانه وتعالى في رده عليهم: (والذين من قبلكم). إن هذه الجملة، التي تستوعب جميع الأجيال السابقة للبشر، تنطوي على رسالتين :
الرسالة الأولى: إن أسلافكم لم يكونوا إلاً مخلوقات أمثالكم ولا ينبغي لكم ان تعبدوهم، حتى وإن كانوا انبياء الله عليه السلام فتارة يقول الله جل شأنه للآباء: إن وظيفتكم هي الإمناء وليس الخلق: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} [الواقعة: 58، 59] ، وتارة أخرى يقول للأبناء: إن آباءكم مخلوقات لله مثلكم؛ أي إنهم لم يخلقوكم، ليس هذا فحسب، بل إنهم مخلوقون من قبل الله مثلكم بالضبط.
كلما جرى الحديث عن إحياء سنة غير صحيحة، أو تكريم عبادي لموجود هو غير الله، نرى القرآن يقول: لا تستمروا على هذه السنة الباطلة، ولا تكرموا ذلك الموجود غير الإلهي، الذي هو نفسه عبد لله، تكريما عباديا؛ وهو مشابه لقوله: حذار من ان تدفعكم قداسة المسيح عليه السلام إلى عبادته: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ} [المائدة: 17] ، {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ} [المائدة: 75] ، {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ } [النساء: 172]. بل إن المسيح نفسه يقول: أنا مثلكم مربوب لله، وأنتم مثلي كونوا عبيداً لله وعابدين له: {وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} [المائدة: 72] ، وهو بهذا الكلام يغلق كل أبواب الشرك وتوهماته. وقد ورد ذات هذا المعنى في آية أخرى بهذه الصورة: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } [الأنعام: 102].
الرسالة الثانية: إن طريقة أسلافكم في عبادتهم لغير الله لم تكن مطابقة لميزان العقل والوحي؛ مثلما قال قوم ثمود لصالح عليه السلام : {أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} [هود: 62] . فالله عز وجل يقول في مواجهته لمثل هذا النمط من التفكير: عليكم أن تعبدوا الذي خلقكم وخلق آباءكم، ولا تتبعوا منهجهم المرتكز إلى الجهل.
ويقول في آية أخرى لعباد الأوثان: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96] ؛ ألم يخلقكم الله أنتم وهذه الأحجار والأخشاب وأدوات نحت الأصنام؟ إذن فاعبدوا الرب الذي خلقكم أنتم وإياها.
كما ويقول أحياناً: {وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ} [الشعراء: 184] ، أي اتقوا الرب الذي خلقكم أنتم وأصحاب الجبلة الأولين. فكل فطرة وسر يصير راسخاً كالجبل يقال له «جبلة». وتعليق الحكم هنا يظهر هذه القضية، وهي أنه لا ينبغي لكم أبداً أن تقولوا: ما دامت هذه السنة سنة قديمة، فإنها قيمة وذات شأن! لأن واضعي هذه السنة هم مثلكم أيضاً من مخلوقات الله ويتعين عليهم أن يكونوا - مثلكم - عباداً لخالق العالم والإنسان.
تنويه: في تحليلنا لمعارف علم المبدأ، فإنه كلما كان البحث أكثر عمومية وعقلية، كان الاختلاف أقل وكان أثره العملي - تبعاً لذلك - أقل أيضاً. وكلما كان البحث أكثر عينية، كان الاختلاف وكذلك أثره العملي أكثر. لقد عد القرآن الكريم أصل إثبات المبدأ أمراً مفروغاً منه وبديهياً، وليس له في هذا الميدان بحث مبسوط مع الملحدين.
كما أن مسألة توحيد ذات واجب الوجود ليست مطروحة أيضاً للمناقشة وإلقاء الشبهات بشكل جدي (اللهم إلا الشبهة التي طرحها ابن كمونة ورد عليها هو بنفسه). لكن هناك اختلافاً في توحيد الخالقية، وإن فرقة كالثنوية يعتقدون بخالقين (يزدان وأهر يمن). والذين يؤمنون بالتوحيد في الخالقية هم كذلك يختلفون في التوحيد الربوبي، وإن بعضهم يقول بالأرباب الثانويين المستقلين، وهؤلاء هم المشركون، ومن ناحية العبادة فهم يعبدون آلهة شتى وأرباباً متفرقين.
وبين تلك الفرق، كان البحث يجري حول عقائد المشركين التي هي أكثر عينية وأثرها العملي أشد أيضاً، ومن هذا المنطلق فإن معظم بحوث القرآن هي مع المشركين، وليست مع الملحدين والماديين. والسر في هذا الموضوع يعود أول: إلى أن تعامل القرآن في ذلك الزمان كان مع الوثنيين، وثاني: لم يكن هناك أدنى فرق بين المشركين والماديين فيما يتعلق بالقسم الجوهري من معارف الدين؛ لأن المشركين أيضاً، كما هو حال الماديين، لم يكونوا يعترفون بتجرد الروح، وبالبرزخ، والقيامة، وكل ما يتعلق بالحشر الأكبر، وكذلك بالوحي والرسالة.
وعلى الرغم من اعتقاد المشركين بـ«الله، لكن بما أنهم كانوا مدنسين بالشرك الربوبي، فإن مآل هذا الشرك هو إنكار الألوهية؛ لأن الاعتقاد باله الذي خلق السماء والأرض والإنسان، لكنه لا علاقة له بالإنسان، لا يلقي على عاتق المرء أي مسؤولية تجاه هذا الخالق. إذن ففي هذا الجانب أيضاً ليس هناك فرق كبير بين المشرك والملحد.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|