أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-6-2019
1457
التاريخ: 2024-01-11
1111
التاريخ: 16-11-2018
1886
التاريخ: 30-10-2019
2314
|
وعني المسلمون عناية فائقة بفنون الحرب التي طالت أيامها، واستكثروا من السلاح والعدة والخيل والمنجنيقات والدبابات واخترعوا أشياء في هذا الباب أدهشت الصليبيين يوم حصار عكا، وحارب المسلمون بكل ما يحسنونه من ضروب الكر والفر، وصنوف الدهاء والخديعة، وقاتلوا كما قال شاهد العيان من المؤرخين: «مرة بالأبراج، وأخرى بالمنجنيقات، ورادفة بالدبابات، وتابعة بالكباش وآونة باللوالب، ويوما بالنقب، وليلا بالسرابات، وطورًا بطم الخنادق، وآنا بنصب السلالم، ودفعة بالزحوف في الليل والنهار، وحالة في البحر في المراكب.» وصارت الحرب للمسلمين عادة وصناعة، فكان منهم من يقاتل ساعة كذا من الليل أو النهار، أو في الشهر الفلاني والموسم الفلاني؛ وذلك لئلا يتبرموا بالقتال، ويبتعدوا كثيرًا عن عيالهم وأشغالهم، وقد عرض (1) صلاح الدين العساكر لما تجهز لحصار عكا، فكانت مائة وثمانية وأربعين طلبًا حاضرة، ذكروا أن منها عشرين طلبًا غائبة، ورأس كل طلب أمير مقدم بالطبول والأعلام والكوسات واللبوس والزردخانات، وأقل عبرة (2) الأطلاب من المائتي فارس إلى الخمسمائة غير الأتباع. ولقد كان من هذه النازلة الصليبية أن ظهر نبوغ ولاة المسلمين في فن الحرب والسياسة، وقدّر أن ينشأ ملكان نابغتان نور الدین محمود بن زنكي وصلاح الدين يوسف بن أيوب، ولولا هذه الغائلة ما ظهرت فضائلهما الكثيرة ، ولا اشتهرت مزاياهما النادرة، فذكر المسلمون بسيرتهما سيرة العمرين وأرجعت قوة نفسيهما إلى الإسلام بهاءة، ولولا الحروب الصليبية ما ظهر طغتكين نابغة السياسة والإدارة ولا نوابغ الحرب الكامل والظاهر وقلاوون والأشرف وعشرات من القواد والزعماء، ومن حسن التوفيق أن أمراء المسلمين في العهد الصليبي قدروا كلهم حرج الموقف الإسلامي فتضامنوا ولم يختلفوا، وربما لم تتألف قلوبهم في عصر من العصور السابقة واللاحقة تألفهم في تلك الأيام العصيبة، على حين كان أمراء الصليبيين يتنازعون بينهم، وربما تقاتلوا وسفكوا دماء بعضهم بعضًا، ولجئوا إلى المسلمين ليستعينوا بهم على منافسيهم. وأجمع المسلمون في مصر والشام والعراق والجزيرة (ديار بكر وديار ربيعة) وما وراءها أنهم إذا لم يشد بعضهم أزر بعض يضمحل الإسلام، ويزول سلطانه في الأنام؛ لأن من ملوك الصليبيين من كانوا يحاولون فتح الحجاز، وهو أرنولد صاحب الكرك، فأنشأ لذلك أسطولًا في بحر القلزم (الأحمر) على أيلة مما يلي الشام، وسار في البحر فرقتان: فرقة أقامت على حصن أيلة تحصره، وأخرى سارت نحو عيذاب تفني المسلمين في تلك الأرجاء، وأهان صاحب الكرك الرسول مرة بكلام روي عنه، فحلف صلاح الدين أن يقتله بيده إذا ظفر به، فتمت لصلاح الدين أمنيته في وقعة حطين، لما أخذه أسيرًا مع غيره من أمرائهم وملوكهم، فأبقى عليهم كلهم وضرب عنق هذا بسيفه. وكانت وقعة حطين، وبعدها فتح الساحل والقدس، أول وقعة فاصلة بين العدوين المتقاتلين، ظهر فيها جيش الإسلام بمظهر من مظاهره العظيمة في الفتوح العربية الأولى.
........................................
1- التيسير والاعتبار للأسدي (مخطوط).
2- عبرة تقدير بكسر الأول.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|