أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-10-23
900
التاريخ: 11-11-2020
1983
التاريخ: 2023-10-22
799
التاريخ: 23-1-2017
4205
|
لم يكن أينشتاين العالم الوحيد الذي تحول إلى علم الكونيات في السنوات التي أعقبت مباشرة نشر نظرية النسبية العامة في عام 1915 ومن العلماء الآخرين الذين فعلوا الشيء نفسه فيزيائي روسي مغمور يُدعى ألكسندر فريدمان. لم يكن أينشتاين هو من طور النماذج الرياضية للكون المتمدد بل فريدمان، وهذه النماذج تمثل أساس علم كونيات الانفجار العظيم الحديث. وتتسم إنجازاته في هذا النطاق بأنها مذهلة؛ بسبب انه أجرى حساباته في ظروف عسيرة للغاية إبان حصار بتروجراد. وقد توفي فريدمان عام 1925 قبل أن تحظى أعماله (التي نُشرت عام 1922) بأي تقدير دولي. وفي وقت لاحق صفى ستالين المعهد الذي كان يعمل به فريدمان، ثم بعد ذلك ببعض الوقت توصل القس البلجيكي جورج لومتر إلى النتائج عينها على نحو مستقل، ومن خلال لومتر تم استكشاف هذه الأفكار والتوسع فيها في أوروبا الغربية.
أبسط نماذج فريدمان هي تلك العائلة الخاصة من حلول معادلات أينشتاين التي جرى التوصل إليها على أساس افتراض صحة المبدأ الكوني، وافتراض أنه لا وجود للثابت الكوني. يلعب المبدأ الكوني دورًا كبيرًا في هذه النماذج. ففي نظرية النسبية ليس الزمن والمكان مطلقين. والتوصيف الرياضي لهذين الوجهين للأحداث (أي «متى» يقع الحدث و «أين»؟) يتضمن «زمكانًا» معقدًا رباعي الأبعاد، وهو الأمر الذي يصعب تصوره ذهنيًّا وإجمالا، لا تمنحنا نظرية أينشتاين سبيلا يسير الفهم نحو فصل الزمن عن المكان. فبمقدور الراصدين المختلفين أن يختلفوا فيما بينهم بشأن الوقت المنقضي بين حدثين، اعتمادًا على حركتهما وعلى مجالات الجاذبية التي يستشعرانها. لكن إذا صح المبدأ الكوني فسيكون هناك سبيل خاص للتفكير في الزمن يجعل كل هذا أسهل كثيرًا في الفهم. فإذا كان الكون يتمتع بالكثافة عينها في كل مكان (وهو الأمر الحتمي إذا كان الكون متجانسًا) إذن فكثافة المادة نفسها تُعَدُّ بمنزلة ساعة زمنية من نوع ما. وإذا تمدد الكون، تزداد المسافة بين الجسيمات، ومِن ثَمَّ تنخفض كثافة المادة. ومع مرور المزيد من الوقت يزداد انخفاض كثافة المادة. وبالمثل، ترتبط الكثافة المرتفعة بالزمن المبكر. ويستطيع الراصدون في أي مكان في الكون ضبط ساعاتهم وفق الكثافة المحلية للمادة بحيث تكون كل هذه الساعات متزامنة على نحو مثالي، وبذا يمكن تحقيق تزامن مثالي. ويطلق على المقياس الزمني الناتج عادةً اسم «الزمن الكوني الحقيقي».
ولأن الكثافة واحدة في كل مكان بالكون، ولأن كثافة المادة و/أو الطاقة هي التي تحدد انحناء الفضاء من خلال معادلات أينشتاين؛ فإن المبدأ الكوني يبسط كذلك الطريقة التي يمكن أن ينحني بها المكان استجابة للجاذبية. فالمكان يمكن أن يكون منحنيا، بَيْدَ أنه يجب أن يكون منحنيا بالصورة نفسها في كل نقطة من نقاطه. وفي واقع الأمر هناك ثلاث طرق فقط يمكن أن يحدث بها هذا.
الطريقة البديهية للحصول على الانحناء ذاته في كل النقاط ألا يكون هناك هي أي انحناء في كل النقاط، وهذا يطلق عليه «الكون المنبسط». في الكون المنبسط ينتقل الضوء في خطوط مستقيمة، وتنطبق كل قوانين الهندسة الإقليدية مثلما يحدث في العالم «الطبيعي». لكن إذا لم يكن المكان منحنيا؛ فما الذي حدث للجاذبية؟ فهناك مادة في الكون المنبسط، لماذا إذن لا تتسبب في تقوس المكان؟ الإجابة هي أن كتلة الكون تسبب تقوس المكان بالفعل، لكن هذا تتم معادلته على نحو تام بواسطة الطاقة المحتواة داخل عملية تمدد الكون؛ فالمادة والطاقة تتآمران من أجل إلغاء تأثيرات جاذبية كلٌّ منهما على الأخرى. وعلى أية حال، حتى إذا كان المكان منبسطا، فالزمكان لا يزال منحنيا. من الواضح أن الكون المنبسط يمثل حالة خاصة؛ لأنه يقتضي وجود توازن دقيق بين التمدد من ناحية وبين قوة الجاذبية من ناحية مقابلة. وحين لا يوجد هذا التوازن يوجد لدينا احتمالان. فإذا كان الكون يتمتع بكثافة مادة أعلى، فسيكون تأثير الجاذبية الخاص بالمادة الموجودة فيه هو الرابح، وسيجذب الكون على نفسه على نحو أشبه بسطح ثلاثي الأبعاد لكرة ما رياضيا، يكون انحناء الفضاء موجبًا في مثل هذا الموقف. وفي هذه الحالة، حالة «الكون المغلق»، تتجمع أشعة الضوء وتتقاطع بعضها مع بعض. ورغم أن الكون المنبسط يمكن أن يمتد بصورة لا نهائية في كل الاتجاهات، فإن الكون المغلق محدود. فإذا انطلقت في اتجاه ما فسينتهي بك الحال بالعودة إلى نفس النقطة التي انطلقت منها. البديل الثاني هو «الكون المفتوح». وهذا الكون أيضًا محدود، بَيْدَ أنَّ تصوره ذهنيًّا أصعب من الكون المغلق؛ لأن انحناء المكان هنا يكون سالبا. وأشعة الضوء في هذا المثال تتشتت متفرقة، كما هو موضح في المثال ثنائي الأبعاد الموضح في الشكل (1).
شكل 1: المكان المفتوح، والمنبسط والمغلق في بعدين في المكان المنبسط ثنائي الأبعاد (في المنتصف) تسري قوانين الهندسة الإقليدية. وفي هذه الحالة يكون مجموع الزوايا الداخلية للمثلث 180 درجة. وفي المكان المغلق على نحو أشبه بالكرة (بالأسفل)، يكون مجموع الزوايا الداخلية للمثلث أكبر من 180 درجة، بينما في المكان المفتوح (على غرار الشكل المبين هنا الشبيه بالسرج) يكون المجموع أقل من 180 درجة.
إن سلوك المكان في هذه النماذج يعكس الطريقة التي تتطور بها مع الوقت. فالكون المغلق كون محدود، كما أن له عُمرًا محدودًا. فإذا كان الكون يتمدد في أي وقت وهو كون مغلق، فستبطئ وتيرة التمدد في المستقبل، وفي النهاية سيتوقف الكون عن التمدد وينهار على نفسه. أما نموذجًا الكون المنبسط والكون المفتوح فسيتمددان إلى الأبد. فالجاذبية تقاوم تمدد الكون على الدوام في نماذج فريدمان، بَيْدَ أنها لا تربح معركتها إلا في حالة الكون المغلق.
تُعَدُّ نماذج فريدمان الأساس الذي يقوم عليه جزء كبير من نظرية الانفجار العظيم الحديثة، لكنها أيضًا تحتوي على مفتاح أكبر نقاط ضعفها. فإذا استخدمنا هذه الحسابات من أجل عكس تمدد الكون وأرجعنا عقارب الساعة إلى الوراء انطلاقًا من حالة الكون الحالية، فسنجد أن الكون يصير أكثر كثافة كلما عدنا بالزمن إلى الوراء. وإذا حاولنا العودة أكثر وأكثر فستتداعى الحسابات الرياضية عند «نقطة تفرد».
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|