أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-7-2019
2041
التاريخ: 2023-08-08
1026
التاريخ: 16-5-2021
2028
التاريخ: 14-6-2021
2394
|
وإذا كان منهج البحث قد قاد خطانا إلى هذه النتيجة وهي: أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لابد أن يكون قد ترك خليفة له، فإنّ لنا أن نتساءل في هذه المرحلة من البحث عمن يكون هذا الذي عهد إليه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بمهمة الحكم بعده؟ لقد قلنا في تحديد القادة الذين يجب أن يتولوا أمـر الدعوة إنهم لابد أن يكونوا أشخاصاً جعلهم استيعابهم للعقيدة الجديدة بكلّ عمقها واتساعها، وإحاطتهم بجميع أبعادها، قادرين على أدائها للمجتمع، خالصةً مـن كـلّ تحريف وضلال. وجعلهم خلوص عقولهم ونفوسهم من كل عنصر غريب عن العقيدة الجديدة قادرين على الإحساس بكـلّ عنصر غريب عن العقيلة الجديدة يتلصص إليها ليتقمص أشكالها المادية، ثم يقوّضها من الداخل. وجعلهم إخلاصهم، لها، وفناؤهم فيها قادرين على أن يواجهوا العالم كله لو تكتل ضدهم، غير مستعدين للتنازل عن ذرة منها، ولو كلفهم ذلك وجودهم ذاته. هذا هو التحديد الذي قدمناه للقادة. فمن الذي يجمع هذه الخصائص كلّها، والذي يجوز أن يعهد إليه النبي الي بأمر القيادة بعده؟ الحق أنّه لا يتبادر إلى الذهن عند هذا التساؤل غير علي بن أبي طالب (عليه السلام). فهو القائد الذي يشهد منطق العقل، ومنطق التاريخ، ومنطق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه، بأنّه الإنسان الذي جمع هذه الخصائص كلّها، وكان فيها فريداً. لقد كان علي بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أعلم الناس بالإسلام وأكثرهم استيعاباً لأبعاده، وأعمقهم فهماً له، وتمرساً بأسراره. وهذه حقيقة لا ينكرها باحث موضوعي لا يجعل لعاطفته سبيلاً على عقله، فقد اعترف بها الصحابة المعاصرون له، وتابعهم على ذلك من تلاهم من التابعين وتابعيهم، ثم تلقف المحدّثون والمؤرخون هذه الصفة فأثبتوها لعلي دون أن يناقشوا فيها، وقد وردت النصوص النبوية الكثيرة التي تشهد لعلي بهذه المنزلة؛ فقد روى المسلمون عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله في علي: «أنا مدينـة العلــم وعلي بابها (1)»، وقوله فيه: «أقضاكم علي» (2)، وقولـه فـيـه: «إذا سلك الناس وادياً وسلك علي وادياً فتمسكوا بعلي» (3). وقد كان معلّمه الأول والأوحد هو حامل الشريعة ومبلّغها نفسه (صلى الله عليه وآله وسلم) أعانه على أن يستوعب منهـا مــا استوعب صحبة طويلة بدأت والنبي بعد لم يُبعث، وانتهت بوفاته (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد تفرد علي (عليه السلام) بهذه الميزة التي اختصه بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: علمني رسول الله ألـف بـاب مـن العلم (4). وكان عليّ هو الإنسان الوحيد بين معاصريه في خلوص عقله وروحه من كل أثر للثقافة الجاهلية، ولقيم الحياة الجاهلية، فقد بدأت صحبته للنبي وعمره ست سنوات ولم يفارق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا حين وفاته، فتفتح عقله على قـيـم الإسلام، وشريعة الإسلام، ومبادئ الإسلام، ولم تلوث روحه أية عقيدة غريبة عن القيم الجديدة، أما معاصروه فقد صيغت حياة المتقدمين في السن منهم ـ في أولها ـ وفقاً لقيم الجاهليّة، ثمّ جاء الإسلام فحاول محوها، ولذلك كان علي فريداً بين معاصريه في هذه المزيّة. وقد جعله استيعابه التام للعقيدة الإسلامية، وخلوص عقله وروحه من كلّ مبدأ غريب عنها ـ جعله ذلك أخلص الناس لها، وأمضاهم عزماً في الدفاع عن مبادئها. ولقد عاش علي (عليه السلام) في غمار الدعوة الإسلامية، وصاحبها في مختلف أطوارها، وهو أول من استجاب للإسلام من الرجال على وجه الأرض، فكان شاباً حين قبل الدعوة، وكانت في بدايتها، ومضى معها في النمو حتى أدركها وقد انتشرت في أنحاء الأرض، ودانت لها الجزيرة كلّها، فاضطهد باضطهادها، وأصبحت جزءاً من تفكيره، وعلامة مميزة لحياته في جميع أطوارها ومظاهرها.
خلاصة
لقد رأينا أنّ المنهج الاجتماعي التاريخي يلزم الباحث بالمصير إلى ما يراه الشيعة بلزوم النص، ولزوم أن يكون المنصوص عليه هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) إن كان يوجد نــص من هذا القبيل. الحق أنّ النصوص المصرّحة والملمحة باستخلاف علي تكاد تخرج عن حد الإحصاء. والظاهر أن السر في كثرتها وتواترها هو أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أراد أن يكون مصير الحكم الإسلامي من بعده أمراً مفروغاً منه، فاستغلّ كلّ فرصة للتعبير عن هذه الحقيقة، وما أكثر ما وقف النبي يفهم المسلمين بأن علياً هو صاحب الأمر من بعده، وأنّه خليفته ووصيّه. ولقد وفق النبي في هذا إلى حد بعيد، والـشـاهـد علـى هذا قول الزبير بن بكار: (كان عامة المهاجرين وجلّ الأنصار لا يشكون أن علياً هو صاحب الأمر بعد رسول الله) (5). ويحاول بعض المؤلفين أن يغمزوا في هذه النصوص الكثيرة بعدم صحة إسنادها، وهي محاولة نعجب لهم كيف يرتكبونها، لأنّها تقضي عليهم بأن يطرحوا معظم التراث التشريعي الذي يتعلّق بالأحكام الشرعية، فإنّ الحكم على هذا العدد العظيم من الرواة بالضعف والكذب يحتم طرح كل ما رووه، على أن هؤلاء يكتفون في غير هذه المسألة برواية واحدة، فلماذا لا يقنعون فيها بهذا العدد العظيم من الروايات مع أنها مسألة تاريخية حكم الواقع فيها.
...........................................
1- بحار الانوار: 119/10؛ احتجاج: 78/1.
2- مستدرك 241/17؛ بحار: 68/39؛ احتجاج: 353/2.
3- اربعون حديثاً لمنتجب الدين بن بأبويه، ص 60 - (... فاسلك وادي علي).
4- بحار: 328/41؛ الأمان: 68؛ دلائل الإمامة: 105.
5- بحار: 325/28، شرح نهج البلاغة ابن ابي الحديد: 21/6.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|