المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



أبو تمام  
  
4998   01:49 مساءً   التاريخ: 5-10-2015
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : الفن ومذاهبه في الشعر العربي
الجزء والصفحة : ص219-222
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-2-2016 2836
التاريخ: 13-08-2015 2487
التاريخ: 21-06-2015 2815
التاريخ: 8-7-2019 3447

هو حبيب بن أوس الطائي، وشك بعض القدماء في طائيته، وقالوا إن أباه كان خَمَّارًا نصرانيًّا من دمشق يدعى تدوس؛ فحرَّفه أبو تمام إلى أوس وانتسب في طيئ(1)، وظن مرجليوث أن هذا الاسم اختصار لتيودوس(2) وتبعه طه حسين؛ فقال إنه اسم يوناني واستظهر أن يكون أبو تمام طائيًّا بالولاء(3).ومن يقرأ شعره وفخره العارم بطيِّئ لا يشك في أنه طائي صليبة وأنه من صميم طيئ لا دعيّ فيها ولا من مواليها.
وقد ولد أبو تمام بقرية جاسم على الطريق بين دمشق وطبريَّة، واختلف في السنة التي ولد فيها، فقيل: سنة 172، وقيل: سنة 182 أو 188 أو 190 ونشأ في دمشق؛ حيث بدأ حياته بحياكة الثياب، ويظهر أنه أخذ يختلف في أثناء ذلك إلى حلقات العلم والأدب، ولم تلبث مواهبه الأدبية أن استيقظت في نفسه
فانتقل من حياكة الثياب إلى حياكة الشعر ونسجه، وترك دمشق إلى حمص، ومدح بني عبد الكريم الطائيين وغيرهم من سراتها اليمنيين، وتعرض لخصومهم يهجوهم. ونراه يرحل إلى مصر، وينزل في الفسطاط، ويعيش من السقاية بمسجدها الجامع الكبير، ويرتوي ما في هذا المسجد من حلقات العلم والدرس، ويساجل الشعراء المصريين، ويمدح عَيَّاش بن لهيعة عامل الخراج، ويهجوه حين لا يجد عنده ما يؤمله. وفي كتاب الولاة والقضاة للكندي أشعار له نظمها بين سنتي 211و 214 وهي تشير إلى الفترة التي قضاها بمصر، وهي فترة لم يلق فيها ما كان يرجوه من نجاح مادي؛ غير أنها كانت عظيمة الأثر في شعره، لما تمثله من المعارف والثقافات، ولما دار بينه وبين الشعراء المصريين من منافسات، ورجع إلى موطنه دمشق يمدح، ويهجو من يمدحهم؛ لأنهم لا يعرفون له قدره. وحاول المثول بين يدي المأمون في إحدى زياراته للشام، ولكن الأبواب أوصدت في وجهه، فتحول إلى الموصل وتنقل بينه وبين وطنه ويظهر أنه زار أرمينية فمدح واليها خالد بن يزيد الشيباني، وأجزل له في العطاء.
ويتوفَّى المأمون سنة 218 للهجرة، فيولِّي وجهه نحو بغداد، وتقبل عليه الدنيا؛ إذ يقربه المعتصم، ويصبح أكبر شاعر يتغنى بأعماله وأحداث خلافته من مثل فتح عمورية والقضاء على ثورة بابك الخرَّمي وقتل الأفشين. ويتهاداه رجال الدولة الممتازين من مثل محمد بن عبد الملك الزيات وزير المعتصم والواثق، وأحمد بن أبي دؤاد القاضي وغيرهما من كبار القواد والعُمَّال أمثال أبي سعيد محمد بن يوسف الثغري، وأبي دلف العجلي، وجعفر الخياط ومالك بن طَوق، والحسن بن رجاء، والحسن بن وهب. ونال حظوة الواثق بعد المعتصم، ونراه يرحل إلى خراسان -وربما كان ذلك عقب نزوله بغداد- ليمدح عبد الله بن طاهر حين استقل بها، وفي أثناء رجوعه مرَّ بهمذان، فأكرمه أبو الوفاء بن سلمة، وحبسه الثلج هناك مدة طويلة، فانكب على خزانة كتبه، ولم يلبث أن فكر في تأليف مجاميع من الشعر، فألف خمسة كتب أهمها الحماسة التي دَوَّت شهرتها. وعاد إلى بغداد وتتوثق الصلة بينه وبين الحسن بن وهب كاتب ابن الزيات؛ فيولِّيهِ على بريد الموصل غير أن حياته لم تَطُلْ به فقد لبَّى داعي ربه سريعًا، واختلف القدماء في سنة وفاته، كما اختلفوا في سنة ولادته، والراجح أنها سنة 231.
وكان أبو تمام يأخذ نفسه بثقافة واسعة حتى قالوا إنه عالم(4) وقالوا إن شعره يعجب أصحاب الفلسفة والمعاني(5)، ويظهر أنه كان يحذق علم الكلام وأصوله وفروعه، كما كان يحذق كثيرًا من الثقافات الفلسفية والتاريخية والإسلامية واللُّغَويَّة؛ حتى العقائد والنِّحَل المختلفة على نحو ما نرى في قوله:
فلو صح قول الجعفريةِ في الذي ... تنص من الإلهام خِلناك مُلهما
يقول التبريزي: الجعفرية قوم من الشيعة يغلون في جعفر بن محمد ويزعمون أنه يلهم الأشياء ويعلمها، وكذلك يعتقدون في أئمتهم الإلهام وأنهم يطلعون على الغيب(6). وفي شعره ألفاظ كثيرة تدل على ثقافاته المتنوعة، فمن ذلك قوله:
كم في النَّدى لك والمعروف من بدعٍ ... إذا تُصُفِّحت اختيرت على السُّننِ
فقد ذكر البدع والسنن، وهما من ألفاظ الفقهاء، ومن ذلك قوله في الخمر:
خرقاءُ يلعب بالعقول حبابُها ... كتلاعبِ الأفعالِ بالأسماءِ
فقد تكلَّف لذكر الأفعال والأسماء كأنه من أصحاب النحو، ومن ذلك قوله:
صاغَهُم ذو الجلال من جَوْهرِ المجْـ ... ـدِ وصاغ الأنام من عَرَضِهِ
يقول التبريزي: هذا مأخوذ من الجوهر والعرض اللذين وضعهما المتكلمون؛ لأن الجوهر عندهم أثبت من العرض(7). ومن ذلك قوله:
لن ينال العلا خصوصًا من الفتـ ... يان من لم يكن نداه عمومًا
فقد ذكر الخصوص والعموم، وهما من ألفاظ المناطقة. ومن ذلك قوله:
هب من له شيءٌ يريدُ حجابه ... ما بالُ لا شيء عليه حجابُ                                                                     فقد عبَّر عن العدم بكلمة لا شيء، وهي من كلام الفلاسفة. وكان كثيرًا ما يتكلف لإشارات تاريخية كقوله يدعو مالك بن طوق التغلبي إلى الصفح عن قوم تألَّبوا عليه:
لك في رسولِ اللهِ أعظمُ أسوةٍ ... وأجلُّها في سنةٍ وكتابِ
أعطى المؤلَّفة القلوبِ رضاهم ... كرمًا ورد أخايذَ الأحزاب
وهو يشير بذلك إلى ما حدث بعد موقعة حنين من تألف الرسول قلوب جماعة من قريش وغيرهم بما أعطاهم من الغنائم، وكأنه رد إليهم ما سبق أن أخذه في بعض حروبه منهم. ونراه يقول في الأفشين وإيقاعه ببابك:
ما نال ما قد نال فرعون ولا ... هامان في الدنيا ولا قارونُ
بل كان كالضحَّاك في سَطَواتِهِ ... بالعالمينَ وأنت أفريدون
والضحاك وأفريدون من ملوك الفرس الأسطوريين.
وكان أبو تمام يضيف إلى هذه الثقافة الواسعة ثقافة فنية لا تقل عنها اتساعا، كما تشهد بذلك مصنفاته الكثيرة التي اختارها من الشعر القديم والحديث، وقد طبع منها ديوان الحماسة بشرح التبريزي والمرزوقي.
__________1-انظر أخبار أبي تمام للصولي طبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ص246. وراجع ترجمته في ابن خلِّكان طبع المطبعة الميمنية 1/ 121.
2- راجع ترجمته في دائرة المعارف الإسلامية.
3- انظر محاضرته عنه في كتابه من حديث الشعر والنثر.
4- الموازنة بين الطائِيَّينِ ص11.
5- الموازنة ص2.
6- ديوان أبي تمام بشرح الخطيب التبريزي طبع دار المعارف 3/ 242.
7-نفس المصدر 2/ 317.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.