المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

التطبيقات المعاصرة في الجغرافية البشرية
9-11-2021
عصمة الانبياء
2023-05-13
جواد بن حسين بن حيدر العاملي.
28-7-2016
الصفر Zero
17-11-2015
الامراض المنقولة في الهواء
19-7-2019
تحليل وظائف القلب Cardiac Funcons
30-1-2017


ابْن خَفَاجَة  
  
6505   02:08 مساءً   التاريخ: 5-10-2015
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : الفن ومذاهبه في الشعر العربي
الجزء والصفحة : ص444-450
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-06-2015 3128
التاريخ: 25-06-2015 1805
التاريخ: 27-09-2015 7203
التاريخ: 22-06-2015 4004

هو أبو إسحاق إبراهيم(1) بن أبي الفتح بن عبد الله بن خفاجة، عربي الأصل، ولد سنة 450 للهجرة بجزيرة شُقْر من أعمال بلنسية، وهي جزيرة يحيط بها نهر هناك، فيجعلها جنة من جنان الأندلس، وقد نشأ في بيت علم وأدب، وأقبل على الدرس، وسرعان ما تفتحت مواهبه الشعرية ولمع اسمه واشتهر واتجه بشعره إلى تصوير الطبيعة الجميلة من حوله، ويقول ابن بسام في الذخيرة: إنه لم يتعرض لاستماحة ملوك الطوائف مع تهافتهم على الأدب؛ غير أننا لا نمضي إلى عصر المرابطين 484- 539هـ حتى نجده يمدح واليهم في الأندلس إبراهيم بن يوسف بن تاشفين ومساعدِيهِ من العمال والقضاة أمثال ابن تيفلويت حاكم شرق الأندلس وأبي العلاء بن زُهْر الطبيب والفقيه المشهور. وذهب إلى حاضرة المرابطين في المغرب؛ فمدح سلطانهم علي بن يوسف بن تاشفين ووزراءه وعلى رأسهم صديقه ابن عائشة فكانت تُغْدَق عليه الأموال والهبات من كل جانب، وكان يعود بها إلى بلدته؛ فينفقها في متعه ومسرَّاته. ويقال إنه كف عن صبوته بآخرة، وإنه كان يخرج من جزيرته ويسير بين الوديان والجبال وينادي بأعلى صوته: يا إبراهيم تموت، فيجيبه الصدى ويخرُّ مغشيًّا عليه. وأخيرًا يلبِّي نداء ربه سنة 533 عن اثنين وثمانين عامًا.
وكان الأندلسيون يعجبون به وبشعره حتى ليرفعونه إلى الأفق الأعلى، يقول ابن بسام: الناظم المطبوع، الذي شهد بتقديمه الجميع، المتصرف بين أشتات البديع. ويقول الفتح في القلائد: مالكُ أعنةِ المحاسنِ وناهج طريقها، العارف بترصيعها وتنميقها، الناظم لعقودها، الراقم لبرودها. ويقول الحجاري في المسهب:
هو اليوم شاعر هذه الجزيرة، لا أعرف فيها شرقًا ولا غربًا نظيره(2).
وأكثر ديوانه يدور في المديح، وهو يجري فيه على سنة الشعراء من قبله، وقلما أضاف فيه جديدًا إلا بعض مبالغات مفرطة، ولا نراه يخلطه بمعانٍ إنسانية وحكم وأمثال على طريقة المتنبي، وربما كان ذلك راجعًا إلى أنه لم يمر به طيف من الحزن والتشاؤم، فحياته تمضي هنيئة سعيدة. ونراه يقول في مقدمة ديوانه: إنه كان ينهج في شعره نهج الشريف الرضي ومهيار وعبد المحسن الصُّوري. وقد طبع شعره في التشبيب بطوابع الأوَّلين فأكثر فيه من ذكر الطيف والخيال والظعائن والعيس والأماكن الحجازية والنجدية ونسيم الصبا وأنفاس الخزامى. وربما كان ذكره لعبد المحسن الصوري إشارة إلى تشبهه بشعراء الشام في وصف الطبيعة، وكان يعجب بألوان البديع وهو يقترب في ذلك من ذوق أصحاب التصنيع أمثال أبي تمام.
وأهم موضوع عُني به وصف الطبيعة؛ إذ كان مغرىً بوصف الأنهار والأزهار وما يتعلق بها. ولعل أهم ما يلاحظ على فنه أنه كان يُعْنَى بالتشخيص للطبيعة والتصوير لمباهجها، وهو ليس تصويرًا جديدًا، فمن قبله كان العباسيون أمثال أبي تمام وابن الرومي وابن المعتز وغيرهم يصورون هذه المباهج تصويرًا لا يقل عن تصوير ابن خفاجة. وقد لا نعدو الحق إذا قلنا إن كل ما له في هذا الجانب إنما هو الكثرة، أما فيما عدا ذلك فليس له جديد. وحتى لون التشخيص الذي اتخذه في تصوير الطبيعة استعاره استعارة من أبي تمام وتلامذته. وإن الإنسان ليلاحظ جملة أن ذوق ابن خفاجة كان قريبًا من ذوق المصنعين في المشرق؛ إذ يكثر من ألوان التصنيع، من تشخيص وجناس وطباق وما يندمج في ذلك من صور وأخيلة. وكان يقف عند هذه الألوان الحسية في التصنيع التي سبق أن عرضنا لها عند أبي تمام، أما الألوان العقلية فلم يكن يعنى بها أو بعبارة أدق لم يكن يفهمها. على كل حال انحاز ابن خفاجة إلى جانب الألوان الحسية في التصنيع، وأظهر فيها مهارة واسعة إذ كان يمزج بينها مزجًا طريفًا، وانظر إليه يصف سراه بالليل:
بَعَيشِكَ هَل تَدري أَهوجُ الجَنائِبِ ... تَخُبُّ بِرَحلي أَم ظُهورُ النجائِبِ
فَما لُحْتُ في أولى المَشارِقِ كَوكَبًا ... فَأَشرَقتُ حَتّى جِئتُ أُخرى المَغارِبِ
وَحيدًا تَهاداني الفَيافي فَأَجتَلي ... وَجوهَ المَنايا في قِناعِ الغَياهِبِ
وَلا جارَ إِلّا مِن حُسامٍ مُصَمَّمٍ ... وَلا دارَ إِلّا في قُتودِ الرَّكائِبِ
وَلا أُنسَ إِلّا أَن أُضاحِكَ ساعَةً ... ثُغورَ الأَماني في وُجوهِ المَطالِبِ
وَلَيلٍ إِذا ما قُلتُ قَد بادَ فَانقَضى ... تَكَشَّفَ عَن وَعدٍ مِنَ الظَنِّ كاذِبِ
سَحَبتُ الدَّياجي فيهِ سودَ ذَوائِبٍ ... لِأَعتَنِقَ الآمالَ بيضَ تَرائِبِ
فَخَرَّقت جَيبَ اللَّيلِ عَن شَخصِ أَطلَس ... تَطَلَّعَ وَضّاحَ المَضاحِكِ قاطِبِ
فإن أبصارنا تغرق في هذه الكثرة من المناظر والصور، وهي كثرة قد تعب ابن خفاجة في توفيرها حتى يحاكي بها أبا تمام وغيره من شعراء الطبيعة في المشرق، وارجع إلى البيت الأخير؛ فإنك تراه يعبر عن غبش الفجر الذي تختلط فيه أشعة النهار بظلام الليل بهذا الشخص المتنافر في الصورة؛ فهو يضحك ويقطب في آن واحد، وهي صورة طريفة.
والواقع أن ابن خفاجة كان يعنى بكثرة الصور في شعره، حتى لتكاد بعض أبياته أن لا تفهم من كثرة ما يودع فيها من أخيلة واستعارات، ولعل ذلك ما جعل ابن خلدون يقول عنه: كان شيوخنا -رحمهم الله- يعيبون شعر أبي بكر ابن خفاجة شاعر شرقي الأندلس لكثرة معانيه وازدحامها في البيت الواحد(3).
وكنَّى ابن خلدون عن ابن خفاجة بأبي بكر وكنيته المشهورة أبو إسحاق، ويظهر أن ذلك سهو منه؛ فلسنا نعرف شاعرًا مشهورًا بشرقي الأندلس يسمى ابن خفاجة غير صاحبنا. فأما ازدحام المعاني فيقصد به -كما قلنا- ازدحام الصورة في شعره. على أنه لم يكن يكتفي بالصور بل كان يضيف إليها الألوان الأخرى من الجناس والطباق، وكان ما يزال يعنى في شعره أن يكون فياضًا بالشعور، وقد أحال الطبيعة من حوله إلى صور ووجوه ناطقة، واقرأ له هذا الوصف للجبل الذي اعترضه في سراه فتحدث عن لسانه قائلًا:
وَأَرعَنَ طَمّاحِ الذُّؤابَةِ باذِخٍ ... يُطاوِلُ أَعنانَ السَماءِ بِغارِبِ(4)
وَقورٍ عَلى ظَهرِ الفَلاةِ كَأَنّهُ ... طِوالَ اللَيالي مُفَكِّرٌ في العَواقِبِ
يَلوثُ عَلَيهِ الغَيمُ سودَ عَمائِمٍ ... لَها مِن وَميضِ البَرقِ حُمرُ ذَوائِبِ(5)
أَصَختُ إِلَيهِ وَهوَ أَخرَسُ صامِتٌ ... فَحَدَّثَني لَيلُ السُّرى بِالعَجائِبِ
وَقالَ أَلا كَم كُنتُ مَلجَأَ قاتِلٍ ... وَمَوطِنَ أَوّاهٍ تَبَتَّلَ تائِبِ(6)
وَكَم مَرَّ بي مِن مُدلِجٍ وَمُؤَوِّبٍ ... وَقالَ بِظِلّي مِن مَطِيٍّ وَراكِبِ(7)
فَما كانَ إِلّا أَن طَوَتْهُم يَدُ الرَّدى ... وَطارَت بِهِم ريحُ النَّوى وَالنَّوائِبِ
فَما خَفقُ أَيكي غَيرَ رَجفَةِ أَضلُعٍ ... وَلا نَوحُ ورقي غَيرَ صَرخَةِ نادِبِ(8)
وَما غَيَّضَ السُّلوانَ دَمعي وَإِنَّما ... نَزَفتُ دُموعي في فِراقِ الصَواحِبِ
فَحَتّى مَتى أَبقى وَيَظعَنُ صاحِبٌ ... أُوَدِّعُ مِنهُ راحِلًا غَيرَ آيِبِ
ومن يقرأ هذه القطعة يعجب بابن خفاجة ومقدرته على تشخيص عناصر الطبيعة؛ ولكن لا تظن أنه أول من ألم بالجبل على هذا النحو، فحدَّثه ذلك الحديث، فإن من يرجع إلى ترجمة مجنون ليلى في الأغاني يجد فيها الأصل الذي بنى عليه ابن خفاجة مقطوعته، فقد حدثوا أن المجنون مر بجبل التوباد، فأجهش بالبكاء، وراح يقول(9):
وَأَجهَشتُ لِلتُّوبادِ حينَ رَأَيتُهُ ... وكبَّر لِلرَّحمَنِ حينَ رَآني
وَأَذرَيتُ دَمعَ العَينِ لَمّا رَأَيتُهُ ... وَنادى بِأَعلى صَوتِهِ وَدَعاني
فَقُلتُ لَهُ أَينَ الَّذينَ عَهِدتُهُم ... حَوالَيكَ في خِصبٍ وَطيبِ زَمانِ
فَقالَ مَضَوا وَاِستودَعوني بِلادَهُم ... وَمَن ذا الَّذي يَبقى مَعَ الحَدَثانِ
وَإِنّي لَأَبكي اليَومَ مِن حَذَري غَدًا ... فِراقَكِ وَالحَيّانِ مُجتمعانِ
ومن غير شك استمد ابن خفاجة من هذه المقطوعة منظومته في الجبل، مضيفًا إليها من خياله ما يكمل به الصورة من تفاصيل ودقائق جديدة؛ فقد أعطانا أولًا هيئة الجبل، وصوَّره لنا وقورًا لاث عمامته وهو يطوي الليالي مفكرًا في العواقب، ثم أخذ يفصل الحديث عمن يمرون به من مجرمين وتقاة صالحين.
وصوَّره حزينًا لفراق أصحابه ملتاعًا لوحدته من دونهم. ولعل في هذا كله ما يصور لنا جهد ابن خفاجة في إعادة الصور القديمة، وكثيرًا ما نقع عنده على صور بديعية كقوله:
لقد خلعت ليلًا علينا يدُ الهوى ... رداءَ عناقٍ مزَّقتهُ يدُ الفجرِ
وقوله في غرة فرس أشقر:
يطلعُ للغرَّةِ في شقرةٍ ... حبابةً تضحكُ في كأسِ
فهو يستمد من القديم حقًّا، ولكننا من حين إلى حين نقع عنده على أخيلة طريفة. وكان ذوقه أقرب ما يكون إلى ذوق المصنعين وما أشاعه أبو تمام من تشخيص عناصر الطبيعة، ومع ذلك كان يتصنع في أطراف كثيرة من شعره، ولعل خير ما يصور ذلك عنده ما شغف به من نقل أوصاف الطبيعة إلى موضوعات شعره الأخرى، فكما كان المتنبي ينقل أوصاف الغزل إلى الحرب كان ابن خفاجة ينقل أوصاف الطبيعة إلى الأبواب المختلفة كأن يصف ثناء ممدوحه بأنه رطب إذ يقول:
تشيمُ بصفْحَتَيهِ بروق بِشْرٍ ... تعيد بشاشةَ الرَّوضِ الجديدِ
وهو يتصنع لذلك في الرثاء كأن يقول:
في كل نادٍ منك روضُ ثناءٍ ... وبكلِّ خَدٍّ فيك جدولُ ماءِ
وَلِكُلِّ شَخصٍ هِزَّةُ الغُصنِ النَّدي ... غِبَّ البُكاءِ وَرَنَّةُ الْمُكَاءِ
أرأيت إلى هذا التصنع؟ لقد جعل ابن خفاجة الدموع السائلة على الخدود كأنها جداول ماء، كما شبه اضطراب الباكين وانسكاب دموعهم بهزة الغصن الذي غمرته أمطار السماء. ولم يكتف بذلك؛ بل راح يشبه أنينهم بصوت قُبَّرة تصفر وتصيح. وانظر كيف تصنع وكيف بالغ في تصنعه، حتى اجتمعت له هذه الصور والخيالات، التي تتجمع حقًّا في الطبيعة؛ ولكن لا يمكن للحس الطبيعي أن يجمعها في رثاء. وعلى هذا النمط كان ابن خفاجة يجمع بين التصنيع والتصنع في شعره، وإننا لنحس إزاءه ما أحسسناه عند سابقيه: ابن برد وابن زيدون من ضرب خواطره وأفكاره وصوره على النماذج المشرقية، ولاحظ ذلك ابن بسام في الذخيرة، فقرنه إلى الشعراء العباسيين، واستخرج طرفًا من أبياته وأشعاره التي نقلها عنهم نقلًا كقوله:
يا بدرَ تِمٍّ زارَني ... منه الهلال وقد تلثَّمْ
فقد أخذه لفظًا ومعنى من قول الشريف الرضي:
تلثَّم مرتابًا بفضلِ ردائِهِ ... فقلت هلالٌ بعد بدرِ تمامِ
ومن ذلك أيضًا قوله:
كأنني بعدكم شمالٌ ... قد فارقتْ منكم يمينَا
وقد أخذه بلفظه ومعناه من قول ابن المعتز:
وإني وإيَّاك مثل اليدينِ ... ولكن لك الفضلُ أنت اليمينُ
ونحن لا نريد أن نطيل بمثل هذه الأمثلة؛ إنما نريد أن نكثر من ذكر الأدلة على صحة ما نقوله من أن شعراء الأندلس لم يحاولوا الثورة على الأوضاع والأنماط العباسية فقد انساقوا يقلدون العباسيين ويحاكونهم، ولم يفكر أحد منهم في الخروج على هذا التقليد وتلك المحاكاة.
ونحن نتساءل هل رأينا حتى الآن شيئًا جديدًا في الأندلس؛ إن الشعراء الأندلسيين لم يستطيعوا أن يحدثوا في عصر ملوك الطوائف وما تلاه من عصور إلى سقوط غرناطة اتجاهًا جديدًا في الشعر العربي يمكن أن نسميه مذهبًا، وهل عندهم إلا التقليد والاطراد مع الأفكار والصور السابقة، وكأني بالحياة العربية في تلك العصور لم تعد حياة نشيطة، وكأنما أصابها شيء من العطل، فلم تعد تتعاقب فيها مذاهب فنية، بل تجمدت عند المذاهب القديمة، وكل ما يصنعه الشعراء أنهم يقلدونها على تلك الصورة المختلطة التي رأيناها، فهم ينقلون النماذج العباسية ويحاكونها بدون أن يعرفوا شيئًا عن تاريخها وما بينها من فواصل.
 ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- انظر في ترجمته: الذخيرة النسخة المخطوطة بمكتبة الجامعة المجلد الثالث، الورقة 87 وما بعدها. والفتح في القلائد ص231. وابن الأبار في التكملة البقية المطبوعة في الجزائر ص175. ووفيات الأعيان: لابن خلكان. والمغرب: لابن سعيد 2/ 367. والمطرب من أشعار أهل المغرب: لابن دحية طبعة وزارة التربية والتعليم ص111. ومعجم الصدفي ص59. ونفح الطيب: للمقري طبعة أوربا 2/ 328.
2- المغرب 2/ 367.
3- المقدمة طبع بولاق ص571.
4- الأرعن: الجبل الشامخ، والغارب: الكاهل.
5- يلوث: يلف، والذوائب هنا: أعالي العمامة.
6-الأواه: العابد.
7- المدلج: السائر في الليل ومثله المؤوب. وقَالَ: استراح وقت القيلولة.
8- الأيك: الشجر المتكاثف، والورق: جمع ورقاء وهي الحمامة.
9- أغاني طبعة دار الكتب 2/ 53.
 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.