ربط الأجر بالإنتاج :

ان هدف الادارة كان دائماً ايجاد سبيل إلى جعل الأجر مرتبطاً بالإنتاج الذي يقدمه الفرد للمشروع . وهناك بعض النظريات التي توضح تلك الحقيقة فتنص على أنه يجب أن يكون هناك نوع من التوازن ما يقدمه المشروع للأفراد من مغريات Inducements (حوافز على العمل) وبين ما يقدمه الفرد للمشروع من مساهمات Contributions (جهود أو انتاجية). إذا كان ما يقدمه الأفراد للمشروع أكثر مما يحصلون عليه في صورة أجور ومزايا لم يكن لديهم حافز على المساهمة في تحقيق أهداف المشروع، وبالعكس إذا كان ما يحصل عليه الأفراد - في صورة أجور ومزايا مختلفة - يفوق ما يساهمون به في أهداف الكفاءة انعدم ذلك التوازن المنشود ولم يعد الموقف مربحاً من وجهة نظر الادارة أو المجتمع بصفة عامة.(*)

وعلى هذا الأساس فان مبدأ ربط الأجر بالإنتاج كمدخل إلى تحديد الأجور والمرتبات يعتبر مدخلاً سليماً ومنطقياً من الوجهة النظرية ، ولكن تنشأ المشاكل عند محاولة تطبيق هذا المبدأ في الواقع العملي. وفى مناقشتنا لهذا الموضوع يهمنا أن نؤكد أن فاعلية نجاح أي نظام لربط الأجر بالأنتاج انما تتوقف على قدرة الادارة فى الحصول على اجابات حاسمة لمجموعة الأسئلة التالية:

1- ما المقصود بربط الأجر بالإنتاج ؟

2- ما الهدف من ربط الأجر بالإنتاج ؟

3- ما المستوى الذى يتم عليه ربط الأجر بالإنتاج ؟

4- ما مدى استعداد الأفراد لتقبل نظم ربط الأجر بالإنتاج ؟

5- ما هي قدرة الادارة على توفير الامكانيات اللازمة لتمكين الأفراد من زيادة انتاجهم وبالتالي زيادة أجورهم تطبيقاً لمبدأ ربط الأجر بالإنتاج ؟

أولاً - معنى ربط الأجر بالإنتاج :

هناك عدة اتجاهات في تفسير ما يقصد بربط الأجر بالإنتاج :

1- ان ربط الأجر بالإنتاج يعني أن يحصل الفرد على أجر يعادل قيمة انتاجه . أي أن رقم الأجر الكلي الذى يحصل عليه العامل يرتبط ارتباطاً تاماً بكمية الانتاج فيرتفع الأجر بارتفاعه وينخفض بانخفاضه ويتوقف الأجر تماماً إذا لم ينتج الفرد أي شيء . وهذا المفهوم لربط الأجر بالإنتاج يقترب من مفهوم دفع الأجر بالقطعة .

2- اتجاه آخر يميل إلى تفسير مفهوم ربط الأجر بالإنتاج على أنه تحديد حد أدنى من الأجر يعادل مستوى معيناً من الأداء على أن يزيد الأجر بعد ذلك بزيادة الإنتاج .  وهذا المفهوم يقترب من فكرة الأجور التشجيعية.

3- واتجاه أخير يميل إلى تفسير الحد الأدنى من الأجر الذى يحصل عليه الفرد بغض النظر عن انتاجه بما يعادل حد الكفاف، أي ذلك الحد من الأجر الذى يجب أن يحصل عليه الفرد سواء أنتج أم لم ينتج.

تلك هي اذن الاتجاهات الرئيسية في تعريف معنى ربط الأجر بالإنتاج . أي من هذه المفاهيم هو السائد على التفكير فى مصر حالياً ؟ يفهم مما جاء بقانون العاملين بالقطاع العام ان على مجلس الادارة في الشركة أن يضع نظاماً للحوافز بما يحقق حسن استخدامها على أساس المعدلات القياسية العادلة للإنتاج ومستوى الأداء. وحيث ان الأعمال المختلفة قد حددت لها فئات مرتبات محددة وحددت معدلات للأداء لكل عمل ، لذلك نميل إلى الاعتقاد بأن نظام ربط الأجر بالإنتاج الذى تدعو إليه اللائحة هو أقرب إلى الاتجاه الثاني أو مفهوم الأجور التشجيعية.

وتنبع أهمية تحديد المعنى المقصود بربط الأجر بالإنتاج من أن الاجراءات والنظم اللازمة لتطبيق المبدأ سوف تختلف باختلاف هذا المعنى.

من ناحية أخرى فان تحديد المعنى ينصرف أيضاً إلى تحديد المقصود بكلمتي الأجر والإنتاج . هل الربط يقع على الأجر النقدي أم الأجر الشامل ( أجر نقدى + خدمات ومزايا عينية ) . كذلك ينبغي تحديد المقصود بالإنتاج حيث ان كلمة الإنتاج بمعناها المحدود (سلع أو خدمات) قد لا ينطبق على فئات من العاملين الذين لا تتبلور أعمالهم في شكل انتاج ملموس كطبقة الاداريين مثلاً.  

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

* راجع في هذا الصدد كتابي

Chester Barnard, The functions of The Executive, Cambridge., Harvard University Press, 1938. Herbert Simon, Administrative Behavior, N.Y.. The Macmillan Co., 1945.