المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

لسان العرب لابن منظور
17-4-2019
الأهمية السريرية للحديد
17-2-2021
نموذج برجس (الدوائر المركزية)
13-7-2021
الموقف الصامد
21-12-2017
التحليل الحراري (Thermal Analysis)
3-12-2017
في ما يعمل للوعك‏
22-04-2015


ضابط قبول القراءة  
  
3410   04:07 مساءاً   التاريخ: 10-10-2014
المؤلف : محمد هادي معرفة
الكتاب أو المصدر : تلخيص التمهيد
الجزء والصفحة : ج1 ، ص336-360 .
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / القراء والقراءات / رأي المفسرين في القراءات /

ذكَر أئمَّة الفنّ لقبول القراءة شروطاً ثلاثة :

1 ـ صحَّة السنَد .

2 ـ موافقة الرسم .

3 ـ استقامة وجهها في العربية .

وإذا فُقد أحد هذه الشروط تصبح القراءة شاذَّة ، لا تصحّ القراءة بها ، لا في صلاة ولا في غيرها ، وتسقط عن اعتبارها قرآناً رأساً ، سواء كانت من السبعة أمْ من غيرهم .

قال مكّي بن أبي طالب : إذا اجتمع في القراءة ثلاثة أشياء : قوَّة وجه العربية ، وموافقة المصحف ، واجتماع العامَّة عليه ـ والعامَّة هم : أهل المدينة ، وأهل الكوفة ـ فذلك عندهم حجَّة قوية توجب الاختيار .

وربّما أُريد من العامَّة أهل الحرَمين : مكَّة ، والمدينة ، وربَّما جعلوا الاعتبار بما اتَّفق عليه نافع وعاصم ، فقراءتهما أُولى القراءات وأصحّها سنداً وأفصحها في

العربيَّة ، ويتلوها في الفصاحة خاصَّة قراءة أبي عمرو والكسائي (1) .

وقال أبو شامة : كلّ قراءة ساعدها خطّ المصحف مع صحَّة النقل فيها ومجيئها على الفصيح من لغة العرب ، فهي قراءة صحيحة معتبرة ، فإن اختلفت هذه الأركان الثلاثة أُطلق على تلك القراءة أنَّها شاذَّة وضعيفة ، أشار إلى ذلك كلام الأئمَّة المتقدّمين ، ونصَّ عليه الشيخ المقرئ أبو محمّد مكّي بن أبي طالب القيرواني في كتاب مفرد ـ هو كتاب ( الإبانة ) ـ .

وقد ذكره شيخنا أبو الحسن في كتابه ( جمال القرّاء ) (2) قال : ولا يُلتزم فيه تواتر ، بل تكفي الآحاد الصحيحة مع الاستفاضة (3) ، وتقدَّم قوله : وهنالك ـ أي دون إثبات تواتر كلِّ فرد فرد من القراءات إلى النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ـ تُسكب العبرات ، فإنَّها من ثمَّ لم تُنقل إلاّ أحاداً ، إلاّ اليسير منها (4) .

وقال الحافظ الضابط ، إمام القرّاء المتأخِّرين ، أبو الخير محمَّد بن محمَّد ابن الجزري : كلُّ قراءة وافقَت العربية ـ ولو بوجه ـ ووافَقت أحد المصاحف العثمانية ـ ولو احتمالاً ـ وصحّ سنَدها ، فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردُّها ولا يحلّ إنكارها ، بل هي من الأحرف السبعة التي نزَل بها القرآن ، ووجب على الناس قبولها ، سواء أكانت عن الأئمَّة السبعة ، أمْ عن العشرة ، أمْ عن غيرهم من الأئمَّة المقبولين ، ومتى اختلّ ركن من هذه الأركان الثلاثة ، أُطلق عليها ضعيفة أو شاذَّة أو باطلة ، سواء أكانت عن السبعة ، أمْ عمَّن هو أكبر منهم .

قال : هذا هو الصحيح عند أئمَّة التحقيق من السلَف والخلَف ، صرَّح بذلك الإمام الحافظ أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني ، ونصَّ عليه في غير موضع الإمام أبو محمَّد مكّي بن أبي طالب ، وكذلك الإمام أبو العبّاس أحمد بن عمّار المهدوي ، وحقَّقه الحافظ أبو القاسم عبد الرحمان بن إسماعيل ، المعروف بأبي شامة ، وهو مذهب السلَف الذي لا يُعرف عن أحد منهم خلافه (5) .

هذه شروط ثلاثة عبَّروا عنها بالأركان إذا توفَّرت في قراءة ، فهي صحيحة ومقبولة ، وإذا اختلّ أحدها ، فهي شاذَّة مردودة.

ورأيت التصريح بها في كلام أئمَّة الفنّ ممَّن يرجع إليهم في هذا الشأن ، ومع ذلك فإنَّ بعض المؤلّفين غير الاختصاصيّين أخذ اعتبار التواتر بدل شرط صحَّة السند .

هكذا جاء في كلام الشيخ أبي قاسم النويري ، قال : عدم اشتراط التواتر قول حادث ، مخالف لإجماع الفقهاء والمحدِّثين .

وقد ردَّ عليه الإمام شهاب الدين القسطلاني بأنَّ : التواتر إذا ثبت لا يحتاج إلى الركنَين الآخَرين ، من الرسم والعربية ؛ لأنَّ ما ثبت متواتراً قُطع بكونه قرآناً ، سواء وافق الرسم أمْ خالفه (6) .

قلت : ولعلّ مُشترط التواتر قد خلط عليه مسألة ( تواتر القرآن ) بمسألة ( تواتر القراءات ) ، وقد تقدَّم أنّهما حقيقتان متغايرتان (7) .

وهكذا جعل الأستاذ محمّد سالم محيسن ـ وهو مدرِّس بمعهد القراءات بالأزهر ـ شرط التواتر بدل صحَّة السند (8) ، مخالفاً في ذلك تصريحات الأئمَّة المحقّقين ، ويُعذر أمثال هؤلاء بعدم الاضطلاع بأصول الفنِّ ، ولم يدركوا أنَّ اشتراط التواتر في كلِّ فرد فرد من أحرف الخلاف يذهب بكثير من القراءات الثابتة عن السبعة وغيرهم . صرَّح بذلك الإمام القسطلاني (9) .

تحقيق الأركان الثلاثة :

قال ابن الجزري : وقولنا ـ في الضابط ـ ( ولو بوجه ) نريد وجهاً من وجوه النحْو ، سواء كان أفصح أمْ فصيحاً ، مُجمَعاً عليه أمْ مختلفاً فيه اختلافاً لا يضرّ مثله إذا كانت القراءة ممّا شاع وذاع ، وتلقّاه الأئمَّة بالإسناد الصحيح ، إذ هو الأصل الأعظم والركن الأقوم ، وهذا هو المختار عند المحقِّقين في ركن موافقة العربية .

فكم من قراءة أنكرها بعض أهل النحْو أو كثير منهم ولم يُعتبر إنكارهم ، بل أجمع الأئمّة المقتدى بهم من السلَف على قبولها ؟ كإسكان {بَارِئِكُمْ} [البقرة: 54] و( يَأْمُرُكُمْ ) (10) ، ونحو : ( سَبَإٍ )[ النمل : 22] و[ سبأ : 15] و { يَا بُنَيَّ } (11) و{ وَمَكْرَ السَّيِّئِ }[ فاطر : 43] و{ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ } في الأنبياء (12) ، والجمع بين الساكنين في تاءات البزّي ، وإدغام أبي عمرو (13) و( اسْطَاعُوا )[ الكهف : 97] لحمزة (14) ، وإسكان  ( فَنِعِمَّا ) (15) و( يَهْدِي ) (16) ، وإشباع الياء في ( يرتعي )[ يوسف : 12] و( يتّقي ويصبر )[ يوسف : 90] و ( أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ ) (17) ، وضمّ ( لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ ) (18) ، ونصب ( كُنْ فَيَكُونُ ) (19) ، وخفْض ( وَالأَرْحَامَ ) (20) ، ونصب  ( لِيَجْزِيَ قَوْماً ) (21) ، والفصل بين المضافَين في الأنعام (22) ، وهمز ( سأقيها ) (23) ، ووصل ( وَإِنَّ إِلْيَاسَ ) (24) ، وألف ( إِنْ هَذَانِ ) (25) وتخفيف ( وَلاَ تَتَّبِعَانِّ ) (26) ، وقراءة ( ليكة ) (27) في الشعراء وص ، وغير ذلك (28) .

قلت : انظر إلى هذا التناقض في كلام هذا الرجُل المحقِّق المضطلع بأصول الفنّ ، كيف يحابي بحقائق علميَّة هنا ، ويعترف بها في موضعٍ آخَر ؟ إذ كلّ ما ذكره هنا إنَّما هي قراءات شاذَّة ، لا يجوِّز هو ولا غيره من الأئمَّة قراءتها في الصلاة ، ومع ذلك فقد استشهد بها تدليلاً على تقديم ما صحَّ سنده عن القارئ ، على قواعد اللغة المقرَّرة ، وسنتعرَّض لذلك .

* * *

قال ابن الجزري : ونعني بموافقة أحد المصاحف : ما كان ثابتاً في بعضها دون بعض ، كقراءة ابن عامر : {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا } [البقرة : 116] بغير واو ، و { بِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ }[ آل عمران : 184] بزيادة الباء في الاسمين ، ونحو ذلك ، فإنَّ ذلك ثابت في المصحف الشامي (29) .

وكقراءة ابن كثير : {جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ} [التوبة : 100] بزيادة ( من ) ، فإنَّ ذلك ثابت في المصحف المكّي (30) .

وكذلك {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } [الحديد: 24] بحذف ( هو ) (31) .

وكذا { سَارِعُواْ }[ آل عمران : 133] بحذف الواو (32) .

وكذا { مِّنْهَا مُنقَلَباً }[ الكهف : 36] بتثنية الضمير (33) .

إلى غير ذلك من مواضع كثيرة في القرآن ، اختلفت المصاحف فيها ، فوردت القراءة عن أئمَّة تلك الأمصار على موافقة مصحفهم ، فلو لم يكن ذلك كذلك في شيء من المصاحف العثمانية ؛ لكانت القراءة بذلك شاذَّة ، لمخالفتها الرسم المجمع عليه .

قال : وقولنا بعد ذلك ( ولو احتمالاً ) نعني به ما يوافق الرسم ولو تقديراً ، إذ موافقة الرسم قد تكون تحقيقاً وهو الموافقة الصريحة ، وقد تكون تقديراً وهو الموافقة احتمالاً ، فإنَّه قد خولف صريح الرسم في مواضع إجماعاً ، نحو : ( السموات ) ، و( الصلحت ) (34) ، و( الَّيل ) (35) ، و( الصلوة ) ، و( الزكوة ) (36) ، و( الربوا ) (37) ، ونحو ( لنظر كيف تعملون ) (38) ، و( جايء ) (39) في الموضعين (40) .

وقد توافِق بعض القراءات الرسم تحقيقاً ، ويوافقه بعضها تقديراً ، نحو : ( مَلك يوم الدين ) فإنَّه كُتب بغير ألف في جميع المصاحف ، فقراءة الحذف تحتمله تحقيقاً ، كما كُتب ( مَلك الناس ) وقراءة الألف محتملة تقديراً ، كما كُتب ( مالك الملك ) فتكون الألف حُذفت اختصاراً .

وكذلك ( النشأة ) (41) حيث كُتبت بالألف وافَقت قراءة المدّ تحقيقاً ، ووافقَت قراءة القصْر تقديراً ، إذ يحتمل أن تكون الألف صورة الهمز على غير القياس ، كما كتب ( مَوْئِلاً ) (42) .

وقد توافِق اختلافات القراءات الرسم تحقيقاً ، نحو : ( أَنصَارَ اللَّهِ ) (43) ، و( فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ ) (44) ، و( وَيَغْفِرْ لَكُمْ ) (45) ، و( يَعْمَلُونَ ) (46) ، و( هَيْتَ لَكَ ) (47) ، ونحو ذلك (48) .

* * *

قال : وقولنا : ( وصحَّ سنَدها ) ، فإنّا نعني به أن يروي تلك القراءة العدل الضابط عن مثله ، وهكذا حتّى تنتهي ، وتكون مع ذلك مشهورة عند أئمَّة هذا الشأن الضابطين له ، غير معدودة عندهم من الغلط ، أو ممّا شذَّ بها بعضهم .

قال : وقد شرط بعض المتأخّرين ( التواتر ) ، وأنّ ما جاء مجيء الآحاد لا يثبت به قرآن ، وهذا ممّا لا يخفى ما فيه ، فإنّ التواتر إذا ثبت لا يحتاج فيه إلى الركنين الأخيرين من الرسم وغيره ، إذ ما ثبت من أحرُف الخلاف متواتراً عن النبي ( صلّى الله عليه وآله ) وجب قبوله ، وقُطِع بكونه قرآناً ، سواء وافَق الرسم أمْ خالفه .

وإذا اشترطنا التواتر في كلِّ حرف من حروف الخلاف انتفى كثير من أحرُف الخلاف الثابت عن هؤلاء الأئمَّة السَبعة وغيرهم ، ولقد كنت ـ قبل ـ أجنح إلى هذا القول ، ثمَّ ظهر فساده ، وموافقة أئمَّة السلَف والخلَف (49) .

* * *

هذا جُلّ ما ذكره القوم بشأن تحقيق الأركان الثلاثة لقبول القراءة ووصفها بالصّحة ، وقد نقلنا كلام ابن الجزري بِطوله ، فإنَّ تحقيقه كان هو الفصل الحاسم ، المعروف بين أئمَّة الفنّ خلَفاً عن سلَف ، ولم يزد على تحقيقه أحد فيما أعلم ، وقد تلقَّته العلماء بالقبول عِبر العصور .

وإنَّ مناقشتنا التالية لهذه الأركان سوف تدور على بنود ذكَرها هذا الإمام المحقِّق ، كمقياسٍ أساسيٍّ لملاحظتها وتحقيقها في ضوء الواقعية الراهنة ، الَّتي ترفض المحاباة في مجال البحث والتمحيص .

مناقشة هذه الأركان :

تلك شروط ثلاثة : ( السنَد ، والرسم ، والعربية ) ذكرها السلَف وتبِعهم عليها الخلَف تقليدياً ، من غير ما تحقيق عن واقع الأمر ، وهل تصلح هذه الأركان حلاًّ لمشكلة ( اختلاف القراءات ) ؟ .

إنَّها مشكلة لا تنحلّ بهكذا مسائل شكلية لا واقع لها ، إذا ما جاس الباحث خلال الديار ، وقد لمَس الأئمَّة القدامى قصور هذه الأركان عن التعريف بصحيح القراءة ، ومن ثمَّ أخذوا في تحريفها وتحويرها يمنةً ويسرة ، ولكن من غير جدوى ، فاستبدلوا من شرط ( التواتر ) ـ الذي كان رائجاً على ألسِنة غوغاء الناس ـ كفاية صحَّة الإسناد ، ولكن إذا لم يوجد لبعض القرّاء إسناد فماذا ؟ .

وكذلك شرط ( موافقة الرسم ) ، رسم أيِّ مصحف ؟ أهو مصحف عثمان ( الأُمّ ) ؟ فلم يكن بمعرض العامَّة ، أمْ هي المصاحف الأُولى المبعوثة إلى الآفاق ؟ فلم يُعَدّ لها وجود منذ عام 74 هـ ، حيث جمعَها الحجّاج بأمر عبد الملك بن مروان في مرسوم سلطانيّ عام ، وقد حاول بعض الأئمَّة ( الإمام مالك ) العثور على نُسخة منها فلم يستطع .

ثمَّ إنَّ قيد ( ولو احتمالاً ) يذهب بأثر هذا الاشتراط رأساً .

وأمّا شرط ( العربية ) فقُيّد ( ولو بوجه ) أبطَل أثره نهائيّاً ، إذ ما من قراءة شاذَّة إلاّ ولها وجه في العربية ولو بعيداً .

هذا إجمال مناقشتنا في هذه البنود التي اعتبروها شروطاً أساسية لمعرفة صحيح القراءة عن ضعيفها ، وإليك التفصيل :

* * *

أمّا موافقة ( الرسم ) ـ وهو عمدة الشروط ـ فالمصحف الأُمّ مصحف عثمان المختصّ به ، أو مصحف المدينة المودَع في مسجدها ، فإنَّه لم يكن بمعرض العموم ، فضلاً عن أنَّ المعتمَد في تصريح الجماعة هو مطلق المصاحف العثمانية الأُولى ، لا خصوص المصحف الأُمّ .

قال الإمام شهاب الدين القسطلاني : وأمّا قول القائل : ( ووافَق لفظه خطَّ المصحف ، المصحف الإمام ) ففيه نظر ، من جهة تقييده بالإمام ، وهو مصحف عثمان الذي أمسكه لنفسه ؛ لأنَّ المعتمَد موافقة أحد المصاحف العثمانية ، كما في النشر وغيره (50) .

ودليلاً على ذلك : أنَّهم اكتفوا بموافقة سائر المصاحف كمصحف الشام ومكَّة وغيرهما ، فقد أجازوا قراءة ابن كثير ـ قارئ مكَّة ـ : ( تجري من تحتها الأنهار ) بزيادة ( من ) ؛ لأنّ مصحف مكَّة كان مشتملاً عليها (51) وإن كان مصحف المدينة خالياً عن ذلك ( تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ ) (52) .

وقرأ ابن عامر ـ قارئ الشام ـ : ( ولدار الآخرة ) بلام واحدة ؛ لأنَّ مصحف الشام كان هكذا (53) ، وقرأ الباقون بلامين ( وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ ) (54) .

فلم يكن مقياس ( موافقة المصحف ) هو المصحف الإمام ، بل جميع المصاحف العثمانية ـ الخمسة أو السبعة ـ المبعوثة إلى الآفاق .

ولكن كيف الحصول على موافقتها ؟ ولم يَعُد لها  وجود ، قبل أن ينتهي القرن الأوَّل ، إذ لم يمضِ على حياتها أقلّ من نصف قرن إلاّ وقد أكل عليها الزمان وشرب ، ولم يبقَ لها أثر على صفة الوجود .

وذلك منذ أن تحوَّل الخطّ ( خطّ المصحف بالخصوص ) من حالته البدائية الأُولى إلى مراحل جديدة ـ أيّام ولاية الحجّاج بن يوسف الثقفيّ على العراق ، ابتداءً من سنة 74هـ فما بعد ـ فقد أخذت المصاحف في تطوّر وتحسّن في خطِّها ونُقَطها وتشكيلها وسائر المحسّنات .

وقد بعث الحجّاج بمصاحف من الطراز الحديث إلى الآفاق ، وأمر بجمْع سائر المصاحف ، ومنها المصاحف العثمانية الأُولى ، وحتّى أنَّ المصحف الإمام ـ وكان محتفظاً به في وعاء في المسجد النبوي ( صلّى الله عليه وآله ) ـ أخفاه آل عثمان ضنّاً به .

حكى أبو أحمد العسكري في كتاب ( التصحيف ) : أنَّ الناس غبروا يقرأون في مصحف عثمان بن عفّان نيّفاً وأربعين سنة ، إلى أيّام عبد الملك بن مروان ، ثمَّ كثر التصحيف وانتشر بالعراق ، ففزع الحجّاج بن يوسف إلى كُتّابه وسألهم أن يضعوا لهذه الحروف المشتبهة علامات ... (55) .

ويحدّثنا محرز بن ثابت ـ مولى سلمة بن عبد الملك ـ عن أبيه ، قال : كنت في حرس الحجّاج بن يوسف ، فكتب الحجّاج المصاحف ( منقَّطة ، ومشكَّلة ، ومخمَّسة ، ومعشَّرة ) على يد نصر بن عاصم الليثي وصاحبه يحيى بن يعمر ، تلميذَي أبي الأسود الدؤلي (56) ، ثمَّ بعث بها إلى الأمصار ، وبعث بمصحف إلى المدينة ، فكرِه ذلك آل عثمان ، فقيل لهم : أخرِجوا مصحف عثمان ليُقرأ ، فقالوا ـ ضنّاً به ـ : أُصيب المصحف يوم مقتل عثمان .

قال محرز : وبَلَغني أنَّ مصحف عثمان صار إلى خالد بن عمرو بن عثمان .

قال : فلمّا استخلف المهديّ العبّاسي بعث بمصحف إلى المدينة ، فهو الذي يُقرأ فيه اليوم ، وعزَل مصحف الحجّاج ، فهو في الصندوق الذي دون المنبر .

قال ابن زبالة : حدَّثني مالك بن أنس ـ إمام المالكية ـ (93هـ ـ 179هـ) قال : أرسلَ الحجّاج إلى أمّهات القرى بمصاحف ، فأرسل إلى المدينة بمصحف منها كبير ، وهو أوَّل مَن أرسل بالمصاحف إلى القرى ، وكان هذا المصحف في صندوق عن يمين الاسطوانة التي عُملَت علَماً لمقام النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، وكان يُفتح في يوم الجمعة والخميس ، ويُقرأ فيه إذا صلّيت الصبح ، فبعث المهدي بمصاحف لها أثمان ، فجُعلت في صندوق ، ونحّى عنها مصحف الحجّاج ، فوضِعت عن يسار السارية ، ووضِعت لها منابر كانت تقرأ عليها ، وحمل مصحف الحجّاج في صندوقه ، فجُعل عند الاسطوانة التي عن يمين المنبر (57) .

قال ابن وهب : سألت مالكاً عن مصحف عثمان ، فقال : ذَهَب (58) .

ويروي الشاطبي عن مالِك أنَّه قال : ( إنَّ مصحف عثمان تغيَّب فلم نجد له خبراً بين الأشياخ ) (59) . وفي كلامه هذا أنَّه حاول العثور عليه فلم يستطع ، الأمر الَّذي يدلّ على انقطاع أثره من صفحة الوجود بالكلّية ، وإلاّ فلو كان له وجود لمَا كان يختفي عن مِثل مالِك .

تلك حالة المصاحف العثمانية الأُولى لم يعُد لها أثر في الوجود ، أمّا سائر المصاحف فلا تصلُح مقياساً لموافقتها أو مخالفتها ؛ لأنَّ قيمة تلكمُ المصاحف الأُولى كانت باعتبار انتمائها إلى الصحابة الأوَّلين ، أمّا غيرها فلم يثبت لها هذا الاعتبار .

ولعلَّك تقول : يحتمَل أنَّ تلكمُ المصاحف المتأخِّرة كُتبت على نفس كتابة المصاحف الأُولى حرفيّاً ، قلت : هذا احتمال ، ولا يمكننا أن نعتمد احتمالاً نحتمله ما لم نستوثق من تحقّقه واقعاً قطعيّاً ، هذا فضلاً عن التصريح بأنّها كُتبت على أسلوبٍ حديث كان يختلف عن أسلوب المصاحف الأُولى بكثير ، وإلاّ لم تعُد حاجة إلى جمْعها ، فكانت تُنقَّط وتُشكَّل فحسب ، أمّا إبعادها عن صفحة الوجود فلا سبب له سوى التغيير الجذري الحاصل فيما بعد .

نعم ، أصل إملاء الخطّ في صورته البدائية بقيَ محفوظاً نسبياً ، لم يمسّوه بيد إصلاح ، حسب ما قدَّمنا (60) وسجَّل جزئيّاته أرباب المصاحف : كابن الأنباري ، وابن أبي داود وغيرهما ، وكانوا هم حلقة الاتّصال بيننا وبين المصاحف الأُولى بعض الشيء ، الأمر الَّذي لا نستطيع الاستيثاق بكلّيته تماماً .

وأخيراً ، فإنَّ إضافة قيد ( ولو احتمالاً ) ذهبت بفائدة هذا الاشتراط ، حيث أكثر القراءات الشاذّة بل والمرفوضة بالإجماع أيضاً ، يمكن توفيقها مع ظاهر الرسم ، حيث لا نُقَط ولا تشكيل ولا ألِفات ، ولا غير ذلك من علائم فارقة حسبما تقدَّم .

مثلاً قراءة ابن مقسم : ( خلصوا نجباً ) بالباء (61) يحتملها الخطّ ، وكذا قراءة ابن محيصن ( فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء ) بفتح تاء المضارعة (62) ، وقراءة أبي حنيفة ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ ـ بالرفع ـ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ـ بالنّصب ) (63) ، وقراءة الحسن ( لا ريباً فيه ) بالنصب والتنوين (64) ، وقراءته ( ظلمات ) بسكون اللام حيثما وقع في القرآن (65) وقراءته ( يَخْطَفُ ) بكسر الياء والخاء والطاء مع تشديدها (66) ، وقراءته ( وَعَلَّمَ آدَمَ ) بالبناء للمجهول (67) ، وقراءة المطوعي ( يسمعون كلم الله ) بلا ألف وكسر اللام (68) ، وقراءة ابن السميقع ( ننحّيك ) بالحاء (69) .

وقراءة الحسن : ( أو تنسها ) بتاء الخطاب (70) ، وقراءة ابن محيصن ( فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ ) بضمّ هاء الضمير (71) ، وقراءة قتادة ( فأقيلوا أنفسكن ) بالياء (72) ، وقراءة ابن زيد ( فَإِذَا عَزَمْتَ ) بضمِّ التاء (73) ، وقراءة الحسن ( فرغ عن قلوبهم ) بالراء المهملة والغين المعجمة (74) ، كلّ ذلك يحتمله الخطّ العاري عن النُقَط والتشكيل .

وغير ذلك ممّا يطول ، راجع كتُب القراءات الشاذَّة تجد غالبيَّة تلكُم القراءات يمكن توفيقها مع ظاهر الرسم الأوَّل ، فأين ( موافقة الرسم ) من صلاحية كونها دليلاً على تعيين القراءة الصحيحة عن الشاذَّة ؟! .

* * *

أمّا شرط ( السنَد ) لتكون القراءات بأسْرها متّصلة الإسناد إلى النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، فهذا شيء لا نستطيع تعقّله ، فضلاً عن إمكان إثباته .

أوّلاً : القرّاء مختلفون في القراءات ، وكلّ قارئ له أسلوب خاصّ ومنهج يختصّ به دون مَن سواه ، وله في كلِّ آية فنون من أنواع القراءة ، بل في كلِّ كلمة يقرأها على أساليب يبتدعها كفنٍّ .

أفهل يصحّ أن ننسب كلَّ هذه القراءات المتنوّعة من كلِّ قارئ قارئ في جميع آي القرآن إلى النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ؟! .

أفهل نستطيع أن ننسب مثل : تاءات البزّي (75) ، وإدغام أبي عمرو (76) ، وإسكان حمزة (77) ، ونبر الكسائي (78) ، ومَدَّة ورش (79) وغير ذلك من مبتدعات القرّاء المستنكَرة ،

إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ؟ .

قال ابن قتيبة : ولا يُجعل لحْن اللاحنين من القرّاء المتأخِّرين حجَّة على الكتاب ، وقد كان الناس قديماً ـ على بداوتهم ـ يقرأون بلُغاتهم وفْق لهْجاتهم الفطريَّة .

ثمَّ خلَف قوم بعد قوم من أهل الأمصار المتحضّرين وأبناء العجَم (80) ، ليس لهم طبع اللغة ( لم تكن اللغة من فِطْرتهم ) ، ولا علم التكلّف ( لم يتقنوا علم العربية ) ، فهفَوا في كثير من الحروف ( القراءات ) وزلّوا وقرأوا بالشاذّ وأخلّوا .

منهم رجُل ( حمزة ) ستر الله عليه عند العوام بالصلاح ، لم أرَ أكثر تخليطاً وأشدّ اضطراباً منه (81) ، نبذ في قراءته مذاهب العرب وأهل الحجاز ، بإفراطه في المَدّ والهمز والإشباع ، وإفحاشه في الإضجاع والإدغام ، وقد شغف بقراءته العوام (82) ، رأَوه عند قراءته مائل الشدْقَين ، دارّ الوريدَين ، راشح الجبينين ، فتوهَّموا أنَّ ذلك لفضيلة وحذَق بها .

وليس هكذا كانت قراءة رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، ولا خيار السلَف ، ولا التابعين .

قال : وما أقلَّ مَن سلِمَ من هذه الطبقة من الغلط والوهْم ، فقد قرأ بعض المتقدّمين ( يريد الحسن البصري ) (83) : ( ما تلوته عليكم ولا أدرأتكم به ) (84) فهمز ، وإنّما هو من ( دريت بكذا وكذا ) .

وقرأ ( أي الحسن أيضاً ) : ( وما تنزلّت به الشياطون ) توهّم أنَّه جمْعٌ بالواو والنون (85) .

وقرأ آخر ( يريد ابن محيصن ) (86) : { فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء }[ الأعراف : 150] بفتح التاء وكسر الميم ونصب ( الأعداء ) ، وإنّما هو من أشمت الله العدوّ فهو يشمته ، ولا يقال : شمت الله العدوّ .

وقرأ الأعمش (87) : ( وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ )[ إبراهيم : 22] بكسر الياء ، كأنَّه ظنَّ أنَّ الباء تخفِض الحرف كلَّه ، واتَّبعه على ذلك حمزة (88) .

وجعل يسرد من أمثال هذه القراءات الغريبة من أئمَّة السلَف ، ممّا لا يمكن استنادها إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) قطعيّاً .

وبعد ، كيف يصحّ لنا أن ننسب أمثال هذه الغرائب ـ باسم القراءات السبع أو الحروف السبعة ـ إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ؟! وهل ذاك إلاّ جفاء وظلم بساحة قُدسه الشّريف ؟! .

نعم ، غاية ما هناك أنّ أرباب كتُب القراءات لفّقوا لكلّ قارئ إسناداً متّصلاً إلى النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، وهذا لا يعني إسناد جميع قراءاته وأفنانها وتنوّعاتها إليه ( صلّى الله عليه وآله ) .

هذا فضلاً عن أنّها أسانيد تشريفية مصطنعة ، كما لم يُعرف لبعض القرّاء إسناد ظاهر كابن عامر مثلاً ، حسبما تقدّم .

ثانياً : كيف خفيَت رواية تلك القراءة عِبر عشرات السنين حتّى ظهرت على يد أحد هؤلاء القرّاء ؟ فهذا الكسائي ( توفّي سنة 198 هـ ) له قراءات خاصّة ، وبعضها مستنكرة ، كيف خفيَت على مَن تقدّمه لمدّة قرن ونصف ، ثمّ ظهرت على لسانه هو ؟ .

ثالثاً : ما تلك الاستنكارات على كثير من القراءات السبعة ، إن كانت قراءاتهم جميعاً مأثورة بالأثَر الصحيح عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ؟ .

وما تلك التعاليل والحُجج الاجتهادية لتوجيه القراءات ؟ إذ لم تعُد حاجة إلى تعاليل لو كانت منقولة عن النبي ( صلّى الله عليه وآله ) بسند صحيح ! وقد تقدّم توضيح ذلك جميعاً .

* * *

أمّا اشتراط (موافقة العربية ) ، فقد حطّ من قيمته ، أو ألغى أثره بالمرّة ، إضافة قيد ( ولو بوَجه ) ، ولاسيّما مع تعميم القسطلاني : ( سواء كان راجحاً أمْ مرجوحاً ) (89) .

إذ ما من قراءة مهما كانت شاذّة فإنّ لها توجيهاً في العربية ، بعد أن كانت قواعدها ذات مطاطية قابلة للانعطاف مع مختلف الوجوه .

نعم ، لابدّ لهم من إضافة هذا القيد ، بعد أن كانت القراءات ـ ولاسيّما السبع ـ ذات طابع تحميلي ، فيجب قبولها ، ومن ثمّ يجب توجيهها حسب الإمكان .

إنّ هذه الأركان وُضِعت على ضوء التسالم على القراءات السبع أو العشر ، ومن ثمّ يجب تحويرها بما يتّفق معها ، فهي علاج للقضية بعد وقوعها ، فاللازم هو التصرّف في الشرائط بما يتلاءم ووجوه القراءات ، وليست القراءات هي التي تناقش على ضوء هذه الأركان .

ولذلك تجدهم يعالجون حدود هذه الشرائط حسب ما ورد من قراءات هؤلاء السبعة أو العشرة ، ولم نرَهم يناقشون قراءة مأثورة عن هؤلاء على ضوء الأركان المذكورة .

قال الداني ـ بعد حكاية إنكار سيبويه لإسكان أبي عمرو في مثل : ( بارئكم ) و( يأمركم ) ـ : والإسكان أصحّ في النقل وأكثر في الأداء ، وهو الذي أختاره وأخذ به .

قال : وأئمّة القرّاء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والأقيَس في العربيّة ، بل على الأثبت في الأثر والأصحّ في النقل ، والرواية إذا ثبتت عنهم لم يردّها قياس عربية ولا فُشُوّ لُغة ؛ لأنّ القراءة سُنّة متّبعة يلزم قبولها والمصير إليها (90) .

انظر إلى هذا التزمّت والاختيار التقليدي المحض ، وإن دلّ فإنّما يدلّ على مبلغ ضغط التحميل المذكور .

وسنبحث عن مناشئ هذا التحميل الّذي تحقّق على يد قارئ بغداد الرسمي ( ابن مجاهد ) على رأس القرن الرابع ، كما أنّ المذاهب الفقهية انحصرت ـ في نفس الوقت ـ في أربعة ، وأُغلق باب الاجتهاد وحرّية اختيار المذهب خارج الأربعة .

يقول ابن الجزري : وقولنا في الضابط ( ولو بوجه ) نريد وجهاً من وجوه النحْو ، سواء كان أفصح أو فصيحاً ، مُجمَعاً عليه أمْ مختلفاً فيه اختلافاً لا يضرّ مثله إذا كانت القراءة ممّا شاع وذاع ، وتلقّاه الأئمّة بالإسناد الصحيح ، إذ هو ( أي الإسناد الصحيح إلى القارئ ) الأصل الأعظم والركن الأقوم ، وهذا هو المختار عند المحقّقين في ركن موافقة العربية ، فكم من قراءة أنكرها بعض أهل النحْو أو كثير منهم ولم يعتبر إنكارهم ، بل أجمع الأئمّة المقتدى بهم من السلَف على قبولها ؟ (91) ... ثمّ يذكر أمثلة من قراءات أنكرها أئمّة النحْو ، لكنّها وقعت مورد القبول ؛ لأنّها مأثورة عن القرّاء بالإسناد الصحيح (92) .

وهكذا يقول القسطلاني : والمراد باستقامة وجهه في العربية ، سواء كان راجحاً أمْ مرجوحاً ، كقراءة حمزة : ( والأرحام ) بالجرّ ، وقراءة أبي جعفر : ( ليجزى قوماً ) بالبناء للمفعول ونصب ( قوماً ) ، والفصل بين المضافَين في قوله : ( وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ... الآية ) (93) .

انظر إلى هذا التهافت في الاختيار ، تراهم لا يتجاوزون حدود تقليد مفروض عليهم ، ويزعمونه تحقيقاً في البحث وحرّية في الاختيار .

إنّ أكثر القراءات الّتي جاءت في كلام ابن الجزري وغيره ، هي من الشواذّ المخالفة لقواعد اللغة رأساً ، ولا يُجيز الفقهاء قراءتها في صلاة ولا في غيرها ، وقد تقدّم إنكار أحمد بن حنبل كثيراً من قراءات حمزة ، وكذلك غيره ، ومع ذلك فإنّ بعضهم يقف من هذه القراءات موقف المتحمّس الحادّ من غير مبرّر معقول .

يقول ابن السبكي : القراءات السبع ـ الّتي اقتصر عليها الشاطبي ، والثلاثة الّتي هي قراءة أبي جعفر ، وقراءة يعقوب ، وقراءة خلَف ـ متواترة ، معلوم من الدين بالضرورة ، وأنّها منزّلة على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، لا يكابر في شيء من ذلك إلاّ جاهل ، وليس تواتر شيء منها مقصوراً على مَن قرأ بالروايات ، بل هو متواتر عند كلّ مسلم يشهد الشهادتين ، وحظّ كلّ مسلم وحقّه أن يدين الله تعالى ويجزم يقينه بأنّ ما ذكرنا متواتر معلوم باليقين ، لا تتطرّق الظنون ولا الارتياب إلى شيء منه .

ويتعقّبه القسطلاني : فقد عُلم أنّ السبع متواترة اتّفاقاً ، وكذا الثلاث ، وأنّ الأربع بعدها شاذّة اتّفاقاً (94) .

انظر إلى هذا التحمّس الأعمى الّذي يبدو عليه أثر التحميل بوضوح ، وإلاّ فما وجه الانحصار في هؤلاء السبعة ؟ وفي غيرهم مَن هو أفضل منهم وأتقَن وأَولى .

* * *

وفيما يلي عَرْض موجز عن قراءات شاذّة يمكن توجيهها وفْق وجه من وجوه العربية ، الأمر الّذي يكفيك دليلاً على سقوط هذا الاشتراط ، وعدم صلاحه لتمييز القراءة الصحيحة المقبولة ، عن الشاذّة المرفوضة :

* قرأ أبو حنيفة وعمَر بن عبد العزيز : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ) برفع اسم الجلالة ونصب العلماء (95) .

ويمكن توجيه هذه القراءة بتفسير ( الخشية ) ـ هنا ـ بمعنى الإجلال والتعظيم لا الخوف (96) .

* وقرأ الحسن : ( هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ) بفتح الواو المشدّدة والراء .

وتُوجّه بتقدير ( المصوّر ) مفعولاً به للباري ، مراداً به المخلوق (97) .

* وقرأ الأعمش والحسَن : ( وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ ) على بناء الفعل الأوّل للمفعول ، والثاني للفاعل ، وتأويل الضمير في ( وهو ) بإرجاعه إلى ( وليّاً ) (98) .

* وقرأ جابر بن زيد : ( فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ ) بضم تاء ( عزمت ) على تأويل : فإذا أرشدتك إليه وجعلتك قاصداً له (99) ، ونُسبت هذه القراءة إلى الإمام جعفر بن محمّد الصادق ( عليه السلام ) أيضاً ، لكنّها لم تثبت عندنا .

* وقرأ الحسَن : ( شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ ) بكسر ( إنّ ) على إجراء ( شهد ) مجرى ( قال ) (100) .

* وقرأ الحسَن وابن السميقع : ( وما تنزّلت به الشياطون ) (101) . قال الفرّاء : غلط الشيخ . وقال النحّاس : هذا غلط عند جميع النحويّين . وقال محمّد بن يزيد : هذا غلط عند العلماء ، وقد رأى الحسن في آخره ياء ونوناً فاشتبه عليه بالجمْع السالم فغلَط .

هذا ، ويمكن توجيه قراءته أيضاً ولو بعيداً ، قال المورج : إن كان الشيطان من شاط يشيط كان لقراءتهما : ( الحسن ، وابن السميقع ) وجه ، وقال يونس بن حبيب : سمعت أعرابيّاً يقول : دخلنا بساتين من ورائها بساتون (102) .

فإن كان التوجيه في العربية ـ ولو بوجه بعيد أو مرجوح ـ كافياً في تصحيح القراءة فهذه القراءة ـ الّتي هي أشذّ القراءات الشاذّة ـ أصبحت ذات وجه في العربية قياساً وسماعاً ! .

***

* ومن السبعة قرأ حمزة : ( وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ ) بخفْض ( الأرحام ) عطفاً على الضمير في ( به ) (103) ، والعطف على الضمير وإن كان قبيح عند البصريّين ، لكنّه جاء في أشعار العرب ، وقد أجازه الكوفيّون على ضعف (104) .

* وقرأ ابن عامر : {فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة: 117] بنصب ( فيكون ) ، ووافقه الكسائي على النصب في سورة النحل : 40 ويس : 82 ، وهو مشكل ضعيف (105) ، لكنّه وُجِّه في العربيّة ، ومن ثمّ قرأ به الكسائي .

* وقرأ ابن عامر أيضاً : {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} [الأنعام: 137] ( زيّن ) مبنيّاً للمفعول ، و( قتل ) مرفوعاً ، و( أولادهم ) منصوباً ، و( شركائهم ) بالخفْض .

فقد فصل بين المضافَين ، وقدّم المفعول على الفاعل المضاف إليه ، وهذه القراءة فيها ضعف ، للتفريق بين المضاف والمضاف إليه ، وهذا إنّما يجوز في الشِعر ، وأكثر ما يجوز في الشِعر مع الظروف لاتّساعهم فيها ، وهو مع المفعول به في الشِعر بعيد ، فإجازتُه في القرآن أبعد (106) .

* وقرأ نافع : ( فَبِمَ تُبَشِّرُونَ ) بكسر النون ، وغلّطه أبو حاتم (107) ؛ لأنّ نون الرفع لا تُكسر لئلاّ تصير تابعة ، وقد جاء ذلك في الشِعر (108) .

* وقرأ أبو جعفر ـ هو من العشرة ـ : { لِيَجْزِيَ قَوْماً }[ الجاثية : 14] بالياء المضمومة وفتح الزاي مبنيّاً للمفعول ، مع نصب ( قوماً ) ، وتأويل ذلك : أن يُجعل المصدر نائباً عن الفاعل ، أي يُجزى الجزاء ، وهو ضعيف ، لاسيّما مع ذكر المفعول به ، قاله القاضي (109) .

والقراءات من هذا النمط كثيرة ، والمحاولات في توجيههنّ أكثر ، ولقد كان الاهتمام بشأن القراءات وتوجيههنّ وفْق القواعد العربية صنعة أقوى من توجيه القراءة المشهورة .

قال الإمام بدر الدين الزركشي : وتوجيه القراءة الشاذّة أقوى في الصناعة من توجيه المشهورة ، ومن أحسن ما وضِع فيه كتاب ( المحتسب ) لأبي الفتح ، إلاّ أنّه لم يستوفِ ، وأوسع منه كتاب أبي البقاء العكبري ، وقد يستبشع ظاهر الشاذّ بادئ الرأي فيدفعه التأويل (110) . ثمّ جَعل يسرد أمثلة ممّا قدّمنا .

قلت : فما موقعيّة اشتراط ( موافقة العربية ) معياراً لتعيين القراءة الصحيحة عن الشاذّة ؟! وكلّ قراءة مهما شذّت فإنّ لها تأويلاً ممكناً يتوافق مع وجه من وجوه العربية ولو بعيداً ، كما تقدّم .

وقد وضع كثير من القدامى والمتأخّرين رسائل لمعالجة القراءات الشاذّة وتوجيهها من لغة العرب ، الأمر الّذي يجعل من اشتراط العربية لغْواً محضاً .

* * *

ولعلّ معترضاً يقول : هَب أنّ كلّ واحد من الأركان الثلاثة لا يفي بتعيين القراءة الصحيحة ، لكنّها جميعاً صالحة للإيفاء بذلك ، حيث لا يمكن اجتماعها إلاّ في قراءة صحيحة .

قلنا : أمّا اشتراط السنَد فاقرأه عنّي السلام ، إذ لا نملك لآحاد القراءات إسناداً متّصلاً إلى النبي ( صلّى الله عليه وآله ) واحدة واحدة ، فكيف بصحّته أو تواتره ؟ إذ غاية ما هناك أنّ لكلّ قارئ شيخاً ، ولشيخه أيضاً شيخ ، وهكذا ، أمّا أنّ آحاد قراءاته جميعاً مأخوذة من شيخه ذاك فهذا أمر لا يمكن إثباته ، حيث كانت اجتهادات القرّاء أنفسهم هي من أكبر العوامل لاختياراتهم في القراءات ، فهذا الكسائي مثلاً لم يكن يحسب لمشيخته فيما كان يختاره من وجه حساباً ، وكذا غيره من القرّاء ، ولاسيّما النحويّين منهم ، كما سيأتي (111) .

هذا فضلاً عن الشكّ في أصل تلكم الأسانيد ، ولعلّها مصطنعة تشريفيّاً حسبما تقدّم .

وبقي الشرطان الآخران ـ موافقة الرسم والعربية ـ ، غير أنّ قيد : ( ولو احتمالاً ) و( ولو بوجه ) أبطلَ أثرهما ، بعد إمكان التوفيق بين القراءات الشاذّة ومرسوم الخطّ والعربية ولو بعيداً .

فالصحيح : أنّ هذه الشروط الثلاثة لا تفي علاجاً بالموضوع ، وإنّما ذكَرها مَن ذكَرها ظاهريّاً ، وتبِعهُ غيره تقليديّاً من غير تحقيق .

اختيارنا في ضابط القبول :

ونحن إذ كنّا نعتبر القرآن ذا حقيقة ثابتة ومستقلاًّ بذاته متغايراً عن القراءات جملةً ، فإنّ مسألة ( اختيار القراءة الصحيحة ) عندنا مُنحلّة ، وهي الّتي تتوافق مع النصّ المتواتر بين المسلمين ، منذ الصدر الأوّل فإلى الآن ، ولم يكن اختلاف القراءات سوى الاختلاف في كيفية التعبير عن هذا النصّ حسب اجتهادات القرّاء ، ولا عِبرة بهم إطلاقاً ، وإنّما الاعتبار بالنصّ الأصل المحفوظ كاملاً على يد الأمّة عِبر الأجيال .

وقد تقدّم كلام الإمام بدر الدين الزركشي : القرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان ... إلخ (112) .

وكلام سيّدنا الأستاذ الإمام الخوئي ( دام ظلّه ) : تواتر القرآن لا يستلزم تواتر القراءات ؛ لأنّ الاختلاف في كيفية ( أداء ) الكلمة لا ينافي الاتّفاق على أصلها ... إلخ (113) .

وهكذا تعاهد المسلمون نصّ القرآن أُمّة عن أُمّة ، نقلاً متواتراً في جميع خصوصيّاته الموجودة ، نَظماً وترتيباً ، ورسماً وقراءة ، بكلّ أمانة وإخلاص عِبر العصور ، معجزة قرآنيّة خالدة : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر: 9] أي على يد هذه الأمّة مع الأبديّة .

وعليه : فالقراءة الصحيحة هي الّتي تتوافق مع هذا النصّ المتّفق عليه لدى عامّة المسلمين ، وغيرها شاذّة غير جائزة إطلاقاً ، ولاسيّما إذا كانت تخالفه جوهريّاً ، فباطلة بالإجماع ._________________________
(1) البرهان للزركشي : ج1 ، ص321 .

(2) المرشد الوجيز : ص171 ـ 172 .

(3) نفس المصدر : ص171 .

(4) نفس المصدر : ص178 .

(5) النشر في القراءات العشر : ج1 ، ص9 .(6) لطائف الإشارة لفنون القراءة للقسطلاني : ج1 ، ص69 .

(7) البرهان في علوم القرآن للزركشي : ج1 ، ص318 ، وراجع صفحة : 274 من هذا الكتاب .

(8) المهذّب في القراءات العشر : ج1 ، ص27 .

(9) اللطائف : ج1 ، ص70 .

(10) جاءت في سبع موارد من القرآن ، وقد فصّلها في الجزء الثاني من النشر : ص12 ـ 13 ، وتقدَّم في فصل ( قراءات شاذّة من السبعة ) ص266 .

(11) جاءت في ستة موارد من القرآن .

(12) آية : 8 ، قرأ ابن عامر بنون واحدة وتشديد الجيم مبنيّاً للمفعول ونصب المؤمنين . ( الكشف : ج 2 ، ص113 ) .

(13) تقدّم في ص 266 .

(14) أيضاً تقدّم في ص 267 .

(15) البقرة : 271 ، النساء : 58 ، قرأ أبو جعفر بإسكان العين ، ووافقه اليزيدي والحسن . ( إتحاف فضلاء البشر : ص165 ) ، وبما أنَّ الميم مشدَّدة عند الكلّ فيجتمع ساكنان على غير حده .

(16) يونس : 35 ، قرأ أبو جعفر ـ أيضاً ـ بإسكان الهاء مع تشديد الدال ، وبذلك يجتمع ساكنان على غير حده . ( الإتحاف : ص249 ) .

(17) إبراهيم : 37 ، تقدّم في ص268 .

(18) قرأ أبو جعفر بضمّ التاء وصلاً ( الإتحاف : ص134 ) .

(19) جاءت في ثمانية موارد من القرآن ، وقد تقدّم في ص 268 .

(20) النساء : 1 ، وقد تقدّم في ص 268 .

(21) الجاثية : 14 ، وقد قرأ أبو جعفر مبنياً للمفعول ونصب ( قوماً ) . ( الإتحاف : ص390 ) .

(22) الأنعام : 137 ، وقد تقدّم ذلك في ص 268 .

(23) النمل : 44 ، تقدّم ص 268 .

(24) الصافّات : 123 ، وقد قرأ ا بن عامر بوصل همزة ( إلياس ) في حين أنَّ الكلمة أعجمية وهمزتها قطع . ( الإتحاف : ص370 ) .

(25) طه : 63 . ( راجع تفسير الفخر : ج22 ، ص74 ) .

(26) يونس : 89 ، قرأ ابن ذكوان بتخفيف النون على النفي . ( القرطبي : ج8 ، 376) ، وهذه محاولة لتوجيه القراءة ، وإلاّ فظاهر السياق كون (لا) ناهية ، وعليه فإن كانت النون نون رفع فيجب إسقاطها للجزم ، وأمّا نون التأكيد الخفيفة فلا تَلحق الفعل المثنّى وجماعة النساء .

(27) الشعراء : 176 ، ص : 13 ، تقدّم ذلك في ص 268 .

(28) راجع النشر في القراءات العشر : ج1 ، ص10 .

 (29) وابن عامر شامي أيضاً ، راجع ص 222 من هذا الجزء .

(30) وابن كثير مكّي أيضاً ، راجع ص223 .

(31) في مصحف المدينة والشام ، راجع ص 224 .

(32) في مصحف المدينة والشام ، راجع ص222 .

(33) في مصحف المدينة والشام ، راجع ص 223 .

(34) فقد رُسمت بلا ألف ، وقُرئت بألف .

(35) فقد رُسمت بلام واحدة ، وتقرأ بلامَين .

(36) رُسمت بواو ، وتقرأ بألف .

(37) رُسمت بواو وألف ، ولا تقرأ الواو .

(38) رُسمت بنون واحدة ، وتقرأ بنونين ( لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ) يونس : 14 .

(39) رُسمت بألف بعد الجيم ، والصحيح : ( وَجِيءَ ) ماضٍ مبني للمفعول .

(40) الزمر : 69 ، الفجر : 23 .

(41) قرأ ابن كثير وأبو عمرو بالمدّ والهمز بعد الألف : ( النشآءة ) ـ كالكآبة ـ ، وقرأ الباقون بغير مدّ ولا ألف ( النشأ ) ـ كالرأفة ـ . ( الكشف : ج2 ، ص178 ) .

(42) الكهف : 58 ، أي كما كُتبت الهمزة في صورة ياء .

(43) آل عمران : 52 ، الصف : 14 . ( راجع النشر : ج2 ، ص240 ) .

(44) آل عمران : 39 ، قرأ حمزة والكسائي وخلف ( فناديه الملائكة ) بألف ممالة بعد الدال ، وتكتب بصورة ياء ، وقرأ الباقون ( فنادته الملائكة ) بتاء التأنيث ، والخط يحتمل كلتا القراءتين . ( النشر : ج2 ، ص239 ) .

(45) آل عمران : 31 ، يقرأ بالنون وبالياء .

(46) البقرة : 96 ، يقرأ بالياء وبالتاء .

(47) يوسف : 23 ، قرأ نافع وابن عامر ( هيت ) بكسر الهاء وفتح التاء وياء ساكنة في الوسط ، وقرأ هشام بهمزة ساكنة في الوسط ، وقرأ الباقون بفتح الهاء والتاء من غير همز ، وابن كثير بضمِّ التاء ، كلّ ذلك يحتمله الخطّ العاري عن النقَط والتشكيل . ( الكشف : ج2 ، ص8 ) .

(48) النشر في القراءات العشر : ج1 ، ص11 ـ 12 .

(49) النشر : ج1 ، ص13 .

(50) لطائف الإشارات لفنون القراءات : ج1 ، ص68 .

(51) الكشف : ج1 ، ص505 .

(52) التوبة : 100 ، راجع ص223 من الكتاب .

(53) راجع ص 222 .

(54) الأنعام : 32 ، راجع الكشف : ج1 ، ص429 .

(55) التصحيف : ص 13 . ( راجع ابن خلّكان ـ في ترجمة الحجّاج ـ : ج2 ، ص32 ) .

(56) معرفة القرّاء الكبار الذهبي : ج1 ، ص58 .

(57) وفاء الوفاء للسمهودي : ج2 ، ص667 ـ 668 .

(58) البرهان في علوم القرآن : ج1 ، ص222 .

(59) وفاء الوفاء : ج2 ، ص669 .

(60) راجع ص213 .

(61) إعجاز القرآن للرافعي . قانون التفسير ص 170 ، والآية هكذا : ( خَلَصُواْ نَجِيّاً ) يوسف : 80 .

(62) إتحاف فضلاء البشر : ص 231 . تأويل مشكل القرآن : ص61 ، والآية 150 من سورة الأعراف .

(63) تفسير القرطبي : ج14 ، ص344 ، والآية 28 من سورة فاطر .

(64) القراءات الشاذّة لعبد الفتاح : ص23 ، وجاءت في عشرة موارد من القرآن هكذا ( لاَ رَيْبَ فِيهِ ) .

(65) المصدر السابق : ص24 ، والكلمة جاءت في ثلاثة وعشرين مورداً من القرآن .

(66) المصدر السابق : ص 25 ، والآية 20 من سورة البقرة .

(67) المصدر السابق : ص 26 ، والآية 31 من سورة البقرة .

(68) المصدر السابق : وفي الآية هكذا : ( يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ) البقرة : 75 .

(69) تفسير القرطبي : ج8 ، ص379 ، وجاءت في القرآن ( نُنَجِّيكَ ) يونس : 92 .

(70) القراءات الشاذّة : ص 29 ، وجاءت في القرآن ( نُنسِهَا ) البقرة : 106 .

(71) المصدر السابق : ص 31 ، وجاء في أربع موارد من القرآن .

(72) تفسير القرطبي : ج4 ، ص252 ، وجاء في القرآن ( فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ) البقرة : 54 .

(73) المصدر السابق : والآية 159 من سورة آل عمران .

(74) إتحاف فضلاء البشر : ص360 ، والقراءة المأثورة : ( فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ ) سبأ : 23 .

(75) هو صاحب قراءة ابن كثير من السبعة ، توفّي 250 هـ ، كان يشدِّد التاء التي تكون في أوائل الأفعال المستقبلة حالة الوصل ، نحو : ( وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ ) البقرة : 267 ، وهي لغة غريبة عن متعارف العرب إطلاقاً . ( انظر التيسير : ص 83 ، والنشر : ج2 ، ص232 ، والكشف : ج1 ، ص 314 ) .

(76) هو أحد السبعة ، توفّي 154 هـ ، كان يُدغم المِثلين إذا كان من كلمتين ، سواء سكن ما قبله أو تحرّك ، نحو : ( شَهْرُ رَمَضَانَ ) البقرة : 185 ، وهو من الجمع بين ساكنين على غير حده . ( انظر التيسير : ص20 ) .

(77) في قوله تعالى : ( فَمَا اسْتَطَاعُوا ) الكهف : 97 ، قرأها ( فَمَا اسْطَاعُوا ) بإدغام التاء في الطاء مع سكون السين . ( انظر التيسير : ص 146 ، والنشر : ج2 ، ص316 ) .

(78) كان ينبر بالحرف ، أي يهمزه ، وقريش لم تكن تهمز في كلامها ، فلا تقول في ( النبي ) : ( النبئّ ) . ( انظر النهاية : ج5 ، ص7 ) وقد تقدَّم ذلك .

(79) هو صاحب قراءة نافع من السبعة ، توفّي 197 هـ ، كان هو وحمزة أطول القرّاء مَدّاً ( راجع التيسير : ص30 ، والإتحاف : ص37 ) .(80) يريد غالبيَّة القرّاء المعروفين ، وهم من أبناء العجم ، قال الداني : وليس في القرّاء السبعة من العرب غير ابن عامر وأبي عمرو ، والباقون هُم مَوال . ( التيسير : ص6 ) .

(81) كان يستعمل في الحرف ما يدَعه في نظيره ، ثمّ يؤصّل أصلاً ويخالف إلى غيره لغير ما علّة قرأ ( وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاّ بِأَهْلِهِ ) فاطر : 43 ، أسكنَ الهمز والياء في ( السيئ ) الأوّل ، وأعرب الثاني . ( تأويل المشكل : ص 63 ) ، وأصل إسكان جميع الياءات التي اختلف فيها القرّاء إلاّ ياء ( محياي ) ، فإنّه فتحها وكسرَ ياء ( بمصرخي ) وليست بياء إضافة . ( الكشف : ج1 ، ص328 ) .

وطعنَ كثير من النُحاة في هذه القراءة ، قال الفرّاء : لعلّها من وَهم القرّاء ، فإنّه قلّ مَن سلمَ منهم من الوهْم ، ولعلّه ظنَّ أنَّ الباء في ( بمصرخي ) خافضة للّفظ كلِّه ، والياء للمتكلم خارجة من ذلك . وقال الأخفش : ما سمعت هذا من أحد من العرب ولا من النحويّين . ( راجع البحر المحيط : ج5 ، ص419 ) .

(82) لكن ظاهر الأئمّة قبول قراءاته إطلاقاً ، فهذا مكّي أشبع كتابه بقراءات حمزة محتجّاً بها ، وكذا غيره من أئمة القراءات الذين دوّنوا قراءات السبعة أو العشرة وغيرهم ، قال الذهبي : قد انعقد الإجماع بآخره على تلقّي قراءة حمزة بالقبول والإنكار على مَن تكلّم فيها . ( ميزان الاعتدال : ج1 ، ص605 ) .

(83) راجع القراءات الشاذّة لابن خالويه : ص 46 ، والبحر المحيط : ج 5 ص 133 .

(84) والقراءة المعروفة هكذا ( مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ ) يونس : 16 .

(85) راجع القراءات الشاذّة : ص 108 . والكشّاف : ج 3 ص 129 . والبحر المحيط : ج 7 ص 46 . وتفسير القرطبي : ج 13 ص 142 ، وجاءت الآية في القرآن هكذا : ( وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ ) الشعراء : 210 .

(86) راجع البحر المحيط : ج 4 ص 296 .

(87) راجع البحر : ج 5 ص 419 . والإتحاف : ص 272 . والكشّاف : ج 2 ص 300 .

(88) تأويل مشكل القرآن : ص 58 ـ 64 .

(89) راجع لطائف الإشارات : ج 1 ص 67 .

(90) نقلاً عن كتابه ( جامع البيان ) ، النشر : ج 1 ص 10 .

(91) النشر : ج 1 ص 10 .

(92) راجع ص 338 ـ 340 من هذا الجزء .

(93) لطائف الإشارات : ج 1 ص 67 ، وراجع ص 339 و 340 من كتابنا هذا .(94) المصدر السابق : ص 76 ، ويشبه ذلك أيضاً اعتذار ابن مطرف في كتاب ( القرطَين ) : ج 2 ص 15 ـ الّذي اختصره عن تأويل مشكل القرآن ـ حيث يطوي الكلام على حمزة قائلاً : وباقي الباب لم أكتبه لِمَا فيه من الطعن على حمزة ، وكان أورع أهل زمانه .

ويعلّق السيد أحمد صفر على هذا الاعتذار الخاطئ فيقول : هكذا قال ابن مطرف ، وهو قول يدلّ على عصبية مضلّة ، وغفلة عن قيمة الحقائق العلمية ، وأيّ فائدة أعظم من أن يبيّن ابن قتيبة في باقي الباب أوهام القرّاء التي وهموا فيها وسجّلها عليهم العلماء الأثبات وبيّنوا خطأهم فيها ؟ وهل طعنُ ابن قتيبة في حمزة بغير الحقّ ؟ ( هامش تأويل مشكل القرآن : ص 59 ) .

(95) القرطبي : ج 14 ص 344 ، والآية 28 من سورة فاطر .

(96) راجع البرهان : ج 1 ص 341 .

(97) القراءات الشاذّة لعبد الفتاح : ص 89 ، والآية 24 من سورة الحشر .

(98) البرهان : ج 1 ص 341 ، والآية 14 من سورة الأنعام .

(99) المصدر السابق . وراجع القرطبي : ج 4 ص 252 . ومجمع البيان : ج 2 ص 526 . والآية 159 من سورة آل عمران .

(100) إتحاف فضلاء البشر : ص 172 . والآية 18 من سورة آل عمران .

(101) والقراءة المأثورة : ( وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ ) الشعراء : 210 .

(102) راجع القرطبي : ج 13 ص 142 .

(103) الكشف : ج1 ، ص 375 ، والآية 1 من سورة النساء .

(104) إملاء أبي البقاء : ج1 ، ص 165 .

(105) الكشف : ج1 ، ص 261 .

(106) الكشف : ج1 ، ص 454 .

(107) البحر المحيط : ج 5 ، ص 458 . والآية 54 من سورة الحجر .

(108) إملاء أبي البقاء : ج2 ، ص 76 .

(109) الإتحاف : ص 390 .

(110) البرهان : ج 1 ص 341 .

(111) وراجع معرفة القرّاء : ج1 ، ص 100 .

(112) في صفحة 251 ، وراجع البرهان : ج1 ، ص 318 .

(113) في صفحة 274 ، وراجع البيان : ص 173 .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .