اليات تحسس الاحياء للمجال المغناطيسي الأرضي: أزواج الجذور Radical pairs |
853
01:07 صباحاً
التاريخ: 2023-04-12
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-10
872
التاريخ: 2023-04-10
1110
التاريخ: 2023-12-07
648
التاريخ: 18-1-2023
1003
|
تعتمد هذه الآلية على العزل الفعّال لعزم الإلكترون وعزم النواة عن المحيط وتتضمن تفاعلات كيموحيوية. التفاعلات الكيموحيوية المعتمدة على المجال المغناطيسي معروفة، غير أن تحسس المجال المغناطيسي المعتمد على التفاعلات الكيميائية يواجه تحديات مهمة؛ منها المجال المغناطيسي الأرضي الضعيف؛ حيث إنه يساوي 50 ميكروتيسلا، فتحول الحالات الجزيئية المستندة إلى انشطارات زيمان (Zeeman splitting) هو واحد بالخمسين مليون من طاقة الحمام الحراري kT في درجة حرارة الجسم (10–27 × 10 مقابل 10–27 × 5 جول). وهكذا فمعدل معظم التفاعلات الكيميائية وتكوين النواتج سوف لا يكون حساسًا للمجال المغناطيسي الأرضي. غير أن صنفًا من التفاعلات الكيميائية المتضمنة أزواج الجذور تُظهر حساسية غير عادية لقوة ووضعية المجالات المغناطيسية. كما أن مثل هذه التفاعلات لعمل بوصلة تتطلب أن يكون أحد المواد المتفاعلة على الأقل، غير متحرك، وتكون له وضعية ثابتة بالنسبة للمجال المغناطيسي. علمًا بأن جميع الجزيئات البيولوجية عدا التركيبية منها تدور باستمرار حتى بروتينات غشاء الخلية. الحل جاء على يد Klaus Schulten سنة 1982 م، وطوّر بعد ذلك من قبل Thorsten Ritz.
حسب (2011) Hore، فإن أحدًا لم يكن ليُصدِّق أن مجالا مغناطيسيا ضعيفًا كالمغناطيس الأرضي يمكن أن يؤثر على التحول الكيميائي لجزيئة ما إلى أخرى؛ فقوة المجال المغناطيسي الأرضي هو أضعف بمائة مرة من قوة مغناطيس الثلاجة. والسبب يعود إلى حقيقة معروفة هي أن الجزيئات في حركة دائمة تصطدم الواحدة بالأخرى فتدور حول نفسها وتتذبذب والطاقة المصاحبة لهذه الحركات العشوائية هي طاقة حرارية وتُتخذ كمقياس تقارن بها الطاقات الأخرى. فالأواصر الكيميائية التي تربط الذرات في الجزيئات، هي بحدود 10 إلى 100 مرة أقوى من الطاقة الحرارية وهو ما يفسر عدم تكسرها. وهكذا فإن تعريض الجزيئات إلى مقادير من الطاقة أصغر بكثير من الطاقة الحرارية سوف لا يحقق شيئًا ويكون ضمن الحركة العشوائية المستمرة. وهكذا يُفترض أن يكون تأثير المجالات المغناطيسية؛ حيث إن الجزيئات المفردة هي ذات مغناطيسية ضعيفة، ولا تستجيب حتى لتأثير المغانط القوية المصنعة فما بالك بالمغناطيس الأرضي الضعيف؟ لكن الواقع يخالف منطق أن المجال المغناطيسي الضعيف لا يغير الفاعلية الكيميائية. ويُقرِّب الباحث المسألة بمثال بسيط؛ فلو أخذنا كتلة منتظمة من الغرانيت بثقل 1 كغم مستقرة على الطاولة، هل ستتمكّن قوة الذبابة الضعيفة من قلبها؟ بالتأكيد لا. لكن لو حاولنا إيقاف قطعة الغرانيت على أحد حوافها، فإنها تكاد لا تقف وتكون عرضةً للتأرجح. الآن وهي في هذه الحالة الحرجة، لو حطّت الذبابة على قطعة الغرانيت من جهة اليمين، فإن القطعة ستسقط على جهة اليمين كما في الشكل 11-6 وستكون القشة التي كسرت ظهر البعير؛ فطاقة الذبابة على ضالتها يمكن أن تحقق شغلًا. أو يمكن أن يكون للطاقة القليلة تأثيرات كبيرة، بشرط أن تكون المنظومة في الحالة المناسبة كونها ليست في حالة التوازن.
شكل 11-6: لاحظ كيف يمكن لذبابة أن تُسقط كتلةً ثقيلةً من الغرانيت! لفهم كيف للمغناطيس الأرضي الضعيف أن يؤثّر على التفاعل الكيميائي. عن: (2011 ,Hore).
في الكيمياء يمكن تطبيق هذا المبدأ باستخدام جزيئات معينة (تمثل كتلة الغرانيت في المثال أعلاه) تُنقل إلى حالة اللاتوازن المناسبة عبر تجهيزها بطاقة كافية. عندها سيكون لطاقة المجال المغناطيسي الضعيفة (طاقة الذبابة في المثال) القدرة على إحداث التأثير المطلوب. مثل هذه الجزيئات هي أزواج الجذور (Radical pairs) التي تكون قصيرة العمر.
تتكون الجذور الحرة في الخلايا خلال تفاعلات الأكسدة خاصة في ظروف الإجهاد. من أمثلتها أنواع الأوكسجين الفعّالة مثل H2O2 وOH– وO وغيرها وجذور النتروجين الفعالة –NO. ويمكن أن تتكوّن الجذور نتيجة تعرُّض الجزيئة لفوتونات الشمس مُسببةً انشطارها إلى جذور. طاقة الفوتونات تُسبّب كسر الآصرة التي تربط ذرتين ضمن الجزيئة، وحيث إن الآصرة الكيميائية هي رابطة من إلكترونين؛ فعند كسرها سيكون كل إلكترون في أحد جذرين، وبذلك سيتكون زوجُ جذور في كل مرة. وحيث إن الإلكترونين المنفصلين نتيجة كسر الآصرة هما في حالة تشابك كمومي (Etanglement)، فإنهما سيبقيان كذلك بعد انفصالهما كلٌّ في أحد زوجي الجذر. وهكذا يكون الجذر (Radical) هو جزيئة بعددٍ فردي من الإلكترونات. الزوج جذر (Radical pair) لا يعني ببساطة زوجا من الجذور الكيميائية، وإنما زوج جذرين متشابكين كموميًّا.
من المعروف في ميكانيك الكم أن الإلكترون كونه جسيمًا تحت ذري يدور حول نفسه إضافة لحركاته الأخرى. هذا البرم أو الدوران يُسمَّى البَرم المغزلي (Spin) ويمتلك عزمًا مغناطيسيا. البرم المغزلي يكون عند مراقبته أو قياسه (فك التماسك Decoherence) مع اتجاه عقرب الساعة أو ما اصطلح عليه أعلى Up أو أن يكون باتجاه عكس عقرب الساعة أو «أسفل Down». وعند عدم مراقبته (حالة التماسك Coherence) فإنه يكون في حالة تراكب كمومي (Superposition) حيث يكون العزم المغزلي بالاتجاهين في الوقت نفسه. وحيث إن كلا من الإلكترونين المتشابكين يتبعان أحد الجذرين، سيكون لكل جذرٍ عزم مغزلي؛ لذلك يمكن أن تتأثر حالة العزم المغزلي بالمجالات المغناطيسية. الإلكترونان المنفردان الموجودان كلٌّ في أحد الجذرين، يمكن أن يكون لهما عزم مغزلي متعاكس (منفرد، غير متوافق ↑↓) أي في حالة عزمِ مغزلي واحدة (Singlet) كأن يكون أما أعلى أو أسفل، أو لهما العزم المغزلي نفسه (ثلاثي Triplet، متوافق↑↑) في ثلاث حالات محتملة أعلى أو أسفل، أو الاثنين معًا في حالة تراكب كمومي (2016 ,Hore & Henrik). كما أن الجذرين يكونان في حالة تراكب كمومي حيث يمكن أن يكونا في الحالة المنفردة والثلاثية في نفس الوقت لتوضيح هذه المسألة فإن للإلكترون عزمًا مغزليا يساوي 2/1، فعندما يكون لزوج الإلكترونات عزم مغزلي متعاكس، فإن 1/2– 1/2 = 0 وهذا ما يُعبر عنه بحالة العزم المغزلي المنفردة. لكن عندما يكون العزم المغزلي للإلكترونين بالاتجاه نفسه ↑↑ يصبح: 1/2 + 1/2 = 1. يغير التأثير المغناطيسي البرم المغزلي من الحالة المنفردة 1 = 1 + s2 → 0 = s إلى الحالة الثلاثية 3 = 1 +2s → s = 1(Tarlac & Pregnolato, 2015) . وهكذا ستكون ثمَّة ثلاثُ حالات محتملة (2014 Al-Khalili, & McFadden) تحصل التفاعُلات الكيميائية حسب قاعدة هوند (Hund's Rule) بتكوين الآصرة فقط بين إلكترونين لهما عزم مغزلي متعاكس. وعندما تُكسر الآصرة بحالة معينة كأن تتعرّض إلى فوتونات، يتموضع كل إلكترون في جزيئةٍ معيَّنة، وبذا ينشأ الزوج الجذري، ويحتفظ كل إلكترون بعزمه المغزلي الأصلي؛ أي كما في الحالة المنفردة؛ لذلك يمكن أن يُعاد تكوين الآصرة بسهولة.
الحالة الثلاثية (التراكب) تُعجِّل تفاعل الجذر وتكوين الناتج، بينما تكون الحالة المنفردة في وضعية توازن بين المواد المتفاعلة والناتج. غير أن تأثير المجال المغناطيسي يمكن أن يغيّر العزم المغزلي لأحد إلكتروني الجذر المتعاكسي الاتجاه، وبذلك يُحوِّل الحالة المنفردة إلى ثلاثية (تراكب) 2011) Maria, ؛2016 , Herik& Hore). وحسب تعبير (2011) Hore يمارس زوج الجذر رقصةً معقدة تتمثل بالتذبذب بين الحالة المنفردة والحالة الثلاثية وبالعكس ملايين المرات في الثانية. وهذا يحصل نتيجة التماسك الكمومي للبرم المغزلي للإلكترونين. وحيث إن الحالة المنفردة والحالة الثلاثية متماثلتان طاقيًّا، لكنهما غير متساويتين احتماليًّا، فإن مجال المغناطيس الأرضي رغم ضعفه (أقل من 100 ميكروتيسلا) سيؤثّر في توقيتات ومديات هذه الرقصة، مثلما غيَّرَت الذبابة وضعية كتلة الغرانيت في المثال السابق. وهكذا سيعمل المجال المغناطيسي على ترجيح احتمالات ناتج هذا التفاعل أو ذاك. وإذا كان ذلك يعتمد على وضعية زوج الجذر؛ فسيكون ذلك تحسسًا للاتجاه من خلال تحسس التغير في كمية أحد نواتج التفاعل (شكل 11-7).
للبحث عن موقع وجودِ تفاعل هذه الجذور الحرة التي تتحسس المجال المغناطيسي الأرضي، استعرض (2014) McFadden & Al-Khalili محاولات العلماء لتحديده؛ فقد اعتقد Klaus Schulten وهو منطقي في ذلك أن يكون هذا الموقع هو الدماغ. وفي محاضرة ألقاها Schulten سنة 1978 م، بيَّن أن فريقه تمكن من تكوين زوج جذور متشابكة باستخدام أشعة الليزر. ومن الحاضرين كان حائز جائزة نوبل في الكيمياء فيما بعد Dudley Herschbach الذي سأل عن موضع الليزر في الطيور، فكان الجواب المنطقي هو عين الطير باعتبارها المسؤولة عن تحسس الإشارات الضوئية. وقبل ذلك اقترح Mike Leask سنة 1977 م، أن مصدر التحسس المغناطيسي يقع في المستقبلات الضوئية في العين. متأثّرًا بهذه النتائج أجرى Wolfgang wiltschko تجارب على الحمام الزاجل Columba livia domestica حيث بين أن تشويش المجال المغناطيسي أدى إلى عدم قدرة هذه الطيور في الاهتداء إلى مواقعها الأصلية. كما أن نقل هذه الطيور في صندوق مظلم دون تشويش المجال المغناطيسي، أدى أيضًا إلى صعوبات في عودة الطيور عند إطلاقها إلى المواقع الأصلية؛ ما يعني أن الضوء ضروري لرسم الخارطة المغناطيسية لها.
شکل 11-7: رسم تخطيطي لآلية زوج الجذور للتحسس المغناطيسي. (a) في الجزيئات المتخصصة باستلام الفوتونات (الكربتوكرومات) يقوم الضوء بعملية نقل إلكترون بين الجزيئات المانحة (D) والجزيئات المستقبلة (A) مولدًا زوجَ جذرٍ في الحالة المنفردة (سهام ↑↓) أو الحالة الثلاثية (سهام ↑↑) التحوُّل المتبادل بين الحالة المنفردة والحالة الثلاثية (السهام الزُّرق) تتغيَّر تحت ظروف المجال المغناطيسي المختلفة (كمثال، وضعية A) (OA) أو B OB)) والتي بدورها تُغيّر نسبة نواتج الحالة المنفردة إلى نواتج الحالة الثلاثية (معبر عنها بحجم السهام السفلية). (b) الضوء الداخل إلى العين (مثلا الشعاعين A وB) يسير تكوين زوج جذور في جزيئات الكربتوكروم موجهةً طبيعيًّا على سطح الشبكية (سهام خضر) في الموقعين 1 و2 واللذان هما موجهان بزوايا مختلفة (u) نسبةً إلى المجال المغناطيسي الخارجي (الخطوط الزُّرق). عدم التجانس في تكوين زوج الجذور عبر سطح الشبكية يُمكن أن يؤدي إلى إسباغ انطباع إضافي للمجال المغناطيسي لنظر الحيوان. مُحوَّر عن: (2015) ,.Shaw et al.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|