أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-11
362
التاريخ: 29-4-2022
1756
التاريخ: 2024-05-23
584
التاريخ: 19-2-2022
1296
|
بحثنا عن العمل والنشاط ومن واجبات الوالدين الصعبة ان يربوا اولادهم على النشاط والاستقامة والعمل. وان يحذروهم من التنبلة والخمول لأن ذلك سيوجب لهم الشقاء والتعاسة فسعادة اي انسان مرهونة لنشاطه واستقامته.
نعلم جميعاً ان كمال اي شيء مرهون للعمل والاستقامة. في التكوين والتشريع وحتى في الموجودات الغير انسانية او الانسان، فحبة القمح قد تترقى إلى ان تصبح انساناً اما كيف ومتى يحدث ذلك. عندما توضع في التراب وتترسخ جذورها وتستقيم إلى ان تتفتح وتصبح على إثر العمل والاستقامة نبتة فتحصد وينقى منها القمح ويطحن ثم يخبزها الانسان ويأكلها. إلى ان تهضمه معدته وتتبدل في داخل الجسم إلى خلية انسان.
نعم قد تصبح حبة القمح انساناً بشرط ان تطوي هذا الطريق الطويل ولا تتوقف عن الحركة الى ان تبلغ الكمال المطلوب. كما يمكن للأنسان ان يبلغ منزلته لا يرى فيها الا الله. فيصل الى مقام شامخ من حيث القرب. ومن الناحية المادية فانه قد يسخر القضاء وعالم الملكوت لكن كيف؟. على إثر العمل والنشاط. ان لم يكن الانسان نشيطاً وفعالاً فلن يتعلم حتى ألفباء الحروف والحياة. فكيف ان يسخر الفضاء او عالم الملكوت. ما أحسن ما يقول الشاعر سعدى.
إذا كانت الشجرة منشطة فستكون غزيرة وإذا توقف عنوها سيكون جزاؤها الفأس ومن ثم النار.
والانسان كذلك اذا كان نشطاً مستقيماً سيكون عزيزاً في الدنيا والآخرة اي ستكون حياته طيبة كما يقول القرآن الكريم: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]، وقد فسر البعض العمل الصالح بالعمل الذي يرضي الله عز وجل، الصلاة او الصيام والزراعة والتجارة فيصبح معنى الآية: فمن يعمل عملاً يرضاه الله عز وجل اكان عملاً يتعلق بالدنيا ام بالآخرة فستكون حياته طيبة في الدنيا وأطيب وأحسن في الآخرة. وان فسرتموها كالذين فسروا معنى العمل الصالح بالعبادة والصوم والصلاة اي الأمور العبادية وليست الدنيوية يصبح معنى الآية: لن تبلغ مقام القرب في الدنيا والآخرة الا بالعمل والاستقامة. لذلك اوصى الاسلام كثيراً بالعمل والاستقامة.
وأعد لذلك ثواباً عظيماً حيث اعتبر ان ثواب عمل المرأة في البيت وعمل الرجل لعياله اكان في التجارة او الزراعة جعل ثواب هذه الاعمال كثواب الجهاد فقال عن الرجل: (الكاد لعياله كالمجاهد في سبيل الله)(1)، وعن المرأة (جهاد المرأة حسن التبعل).
يقول الراوي وهو محمد بن المنكدر وكان صوفياً لا يقبل بالأمام الباقر ولكن كان يعتبره انساناً صالحاً. قال: (خرجت الى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقاني ابو جعفر محمد بن علي (عليه السلام) وكان رجلا بادناً ثقيلاً وهو متكئ على غلامين أسودين، فقلت في نفسي: سبحان الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على مثل هذه الحالة في طلب الدنيا اما أني لأعضنه، فدنوت منه فسلمت عليه فرد علي بنهر وهو يتصبب عرقاً فقلت: اصلحك الله شيخ من اشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحالة في طلب الدنيا، أرأيت لو جاء أجلك وانت على هذه الحالة. فقال (عليه السلام): لو جآءني الموت وانا على هذه الحال جاءني وانا في طاعة من طاعة الله عز وجل اكف بها نفسي وعيالي عنك وعن الناس وانما كنت أخاف لو أن جاءني الموت وانا على معصية من معاصي الله فقلت: صدقت يرحمك الله اردت ان أعظك فوعظتني(2).
وكذلك في رواية أخرى نقلها صاحب الوسائل. يقول الراوي: رأيت أبا الحسن (عليه السلام) يعمل في ارض له قد استنقعت قدماه في العرق فقلت جعلت فداك أين الرجال؟ فقال يا علي: قد عمل باليد من هو خير مني ومن أبي في أرضه، فقلت: ومن هو فقال: رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) وآبائي كلهم كانوا قد عملوا بأيديهم وهو من عمل النبيين والمرسلين والأوصياء والصالحين(3).
قال الراوي: دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على فاطمة الزهراء (عليها السلام) وهي تطحن بالرحى وترضع ولدها وعليها كساء من حلة الإبل فلما نظر اليها دمعت عيناه وقال يا فاطمة تعجلي فتجرعي مرارة الدنيا لنعيم الآخرة غداً(4).
ولقد جعل الاسلام للعمل اهمية كبيرة ينقل صاحب اسد الغابة في كتابه. ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل يد عاملٍ وقد تخشنت من العمل وقال: (هذه يد لا تمسها النار) (5).
يقول الراوي دخلت على ابي عبد الله (عليه السلام) الامام الصادق (عليه السلام) فسألنا عن عمر بن مسلم ماذا يفعل؟. فقلت: صالح ولكنه قد ترك التجارة فقال أبو عبد الله: (عليه السلام) عمل الشيطان ثلاثاً وعنه ايضاً (عليه السلام): (من ترك التجارة ذهب ثلثا عقله)(6).
ونجد في الروايات ان اقبل عقله ناقص اي ان الشخص الجيد الذي يأخذ الله بيده هو الذي يتاجر ويكسب لكن لا يلهيه ذلك عن ذكر الله. جاء في القرآن الكريم: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: 37]، يقول الصادق (عليه السلام) في تفسير هذه الآية أن يتاجر الانسان لكن عليه ان ينتبه لتأدية صلاته في اول الوقت والا تجعله تجارته (والعياذ بالله) شيطانياً بل ان يبقى رحمانياً.
ونقرأ في رواية أخرى ان الصادق (عليه السلام) يقول: إني لأركب في الحاجة التي كفانيها الله ما اركب فيها الا لالتماس ان يراني الله اضحي في طلب الحلال: اما تسمع قول الله عز وجل {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة: 10]، اني اركب في الصباح واذهب الى عملي وأعود في الظهر الى الصلاة وقد تمسك بالآية الكريمة: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة: 10].
وهناك العديد من هذه الروايات التي ذكرتها فلقد نقل صاحب الوسائل (قدس سره) أكثر من خمسين رواية في المجلد الثاني عشر وذكر له أكثر من عشرين باب هناك أكثر من خمسين رواية تحث المسلم على العمل والاستقامة. ولقد ذمت الروايات التنبلة والخمول والكسل. فتذكر الروايات ان ملعون من استطاع ان يعمل ولم يعمل وكان عياله في مشقة.
وروايات أخرى تقول ملعون من القى بكلمة على الناس.
وفي رواية ثالثة (من وجد ماء وتراباً ثم افتقر فبعده الله) وينقلها أسد الغابة بشكل آخر (من كان له ماء وترابا ثم افتقر بعد لعنه الله).
يروى ايضاً ان علياً (عليه السلام) اتى الى مسجد الكوفة فوجد جماعة مشغولين بالذكر فسأل عنهم قالوا: انهم رجال الحق. فسألهم عن معنى ذلك أجابوه: انهم جماعة تركوا السعي لعيالهم وشغلوا بالعبادة وتلاوة القرآن فاذا وجدوا شيئاً اكلوه والا فانهم يصبرون. فغضب أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال: الكلب كذلك ايضاً إذا وجد شيئاً يأكله والا فإنه يصبر. وأخرجهم من المسجد ليعملوا. ان الانزواء في المسجد لا يخص الاسلام، الاسلام يريدك ان تعمل وأن تأتي وقت الصلاة إلى المسجد اعملوا بمنطق القرآن. حيث يقول: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: 37].
إن التجارة والكسب والمال شيء جيد لكن احذر ان تبعدك عن الله عز وجل او ان تنسى وقت صلاتك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون: 9]، الأمر السيء هو التعلق بالتجارة والمال او الأولاد فيصبحون صنمه الذي يعبده ومن دون التعلق تعد واجب الانسان. نقرأ في رواية عن الباقر (عليه السلام): (أبغض الناس عند الله البطالون)، وسأل موسى (عليه السلام) الله عزوجل: يا ربي من هم ابغض عبادك اليك فخوطب (جيفة بالليل وبطال بالنهار)(7)، اي الذي ينام الليل ولا يفكر في آخرته. وينام النهار ولا يفكر بدنياه. ولا فرق بين الرجل والمرأة. تدخل إلى البيت تجد الثياب مجمعة في مكان وخيوط العنكبوت في زوايا الجدران. فهذه المرأة من أبغض الناس عند الله عز وجل والرجل الذي لا يعمل حيث تخجل منه زوجته امام الناس. ويتحمل اولاده المشقات فان هذا الرجل من ابغض الناس عند الله (عليه السلام) يجب ان يدار البيت وخارج البيت من شأن الرجل وداخله من شأن المرأة، فالرجل الكسول او المرأة الكسولة من ابغض الناس وكما يقول الامام علي (عليه السلام): (اعمل لدنياك كأنك تعيش ابداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً)(8).
على الانسان ان يسعى لكلاهما، ان يكون لديه عينين، وجناحين وبعدين ففي الوقت الذي يفكر فيه بدنياه عليه ان يفكر بآخرته. وفي الوقت الذي يفكر بآخرته عليه ان يفكر بدنياه. فالأمة التي تفكر بالتنبلة والترف والفسق ويجلس افرادها ليتحدثوا ويضحكوا فلا يفكرون بدنياهم ولا آخرتهم. هذه الأمة تستوجب العذاب. ويجب ان تدمر: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [الإسراء: 16].
ويذكر في سورة الواقعة: {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ * إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ} [الواقعة: 41 - 45].
ان الذي يضعف اعصاب الانسان وتذله امام الآخرين وتجعله عبداً لهم البرج وليس الخرج لذلك فان الترف مذموم جداً في الاسلام وبعكسه فان العمل لراحة العيال امر مرغوب جداً ويعد من أحسن العبادات. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): طلب الحلال جهاد(9)، ونقرأ في ذيل الآية التي نقرأها في القنوت: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} [البقرة: 200]، نقرأ في رواية في تفسير هذه الآية. ان الحسنة في الآخرة الجنة والحسنة في الدنيا الحياة المتوسطة والأخلاق الحسنة فاذا كان شخص يملكها فسيكون هذا مصداق للآية {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} [البقرة: 200] وحقاً هو كذلك.
اسعوا لكي تعملوا حتى الموت إذا كنت مزارعاً او تاجراً، جاء رجل الى الصادق (عليه السلام) فقال له يا بن رسول الله: انا عامل لكني لم اعد أستطيع العمل فقال له (عليه السلام): اعمل حتى لو حملت الحمل على رأسك. واحفظ عزتك بذلك. اي كن عزيزا واعمل على رفاه وراحة عيالك.
جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وكانت زوجته قد اصرت عليه بعد ان بلغ بهم الفقر ما قد بلغ فقال الرسول (صلى الله عليه وآله): (من سألنا اعطيناه ومن استغنى أغناه الله)(10)، فعاد إلى أهله وأخبر زوجته بما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل ان يطلب منه شيئاً. فكررت زوجته طلبها ان يعاود الذهاب الى النبي (صلى الله عليه وآله). فأعاد النبي (صلى الله عليه وآله) ثانية (من سألنا اعطيناه ومن استغنى أغناه الله). وكررها في اليوم الثالث عندما عاد الرجل. هذه المرة لم يرجع الرجل إلى زوجته بل قرض حبلا من جاره وفأساً وجمع الحطب على ظهره واشترى بثمنهم طعاماً لأولاده فاستمتع بذلك وأخذ يشتغل. واشترى جملا وغلاماً وتبدلت احواله وتحسنت.
جاء ذات يوم راكباً وغلامه معه فسلم عليه الرسول (صلى الله عليه وآله) وقال له: (من سألنا اعطيناه ومن لم يسألنا أغناه الله) ثم اضاف: لو أعطيتك في ذلك اليوم صاعاً من الشعير لما تحسنت احوالك. ولكن بعفة النفس اشتغلت ولطف الله بك.
ان عبارة {مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [يوسف: 38]، مكررة جداً في القرآن. اي أن أعمل فإن الله سيغنيك من فضله: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة: 10]، {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [المزمل: 20].
إذا كان عملا صحيحاً وطلباً حلالاً فمن البديهي ان الله سيبارك به وسيشمل فضله عزوجل حاله. مهما كان طلبه. لذلك على الرجل والمرأة ان يعملا ويحذروا الكسل لأنه يجلب الشقاء والمهانة. وبالإضافة الى ان عليهم ان يشتغلوا عليهم ان يعلموا اولادهم ذلك عملياً وسنتحدث في أحد الأيام عن (التربية العملية) ان شاء الله تعالى. على الأم ان تحث ابنتها على العمل بالنصيحة وبلطف فلتكنس ولتطبخ ولتغسل فان الدرس وحده لا يكفي كما يظن بعض الفتيات اليوم. عليها ألا تنسى مساعدة والدتها في يوم الامتحان إذا نذرت ان تشتغل في البيت فان ذلك من أفضل الأشياء. وإذا نذرتم ان تعملوا على رفاهية اولادكم وراحتهم فان ذلك من أفضل الأمور. اسعوا لأن توجدوا لهم الحياة المرفهة طبعاً من دون اسراف او تبذير فالحد المتوسط مرغوب جداً في الاسلام ومن أفضل عبادات الانسان
ايها الرجل اتريد ان تتعبد لله؟ حاول ما استطعت ان تكون اخلاقك حسنة في البيت وان تعمل لراحة عيالك. وعلم ذلك ابنك. على الولد ذو العشر سنوات ان يشتغل في البيت عليه ان يشتري الخبز لو كان عنده امتحاناً علموه العمل كما تعلموه القراءة، إذا لم ينتبه الوالدين إلى درس الولد لا قدر الله فمن البديهي انه لن يحصل على علامات جيدة وهذا يعد من مسؤولية الوالدين عليهم ان ينتبهوا لدنيا ابناءهم وهذا من مهماتهم الصعبة.
على الفتاة ان تراقب والدتها عند الطبخ والشغل وتتعلم منها وتساعدها لا تظنوا اننا نذكر هذه الأمثلة بشكل عابر، يقول اختصاصيو علم النفس: ان العمل مرآة فكر المجتمع. نجد اليوم العديد من الفتيات المثقفات حملن شهادات الديبلوم والليسانس و.. يروون ان فتاة حديثة العهد بالزواج ارادت ان تطبخ الرز فسألت امرأة عن ذلك. فقالت لها عليك ان تنقعيه، فلم تقبل الفتاة. ثم قالت اعلم ذلك. ثم قالت لها عليك ان تضعي الماء حتى يغلي قالت أعرف ذلك. ثم أضافت المرأة ضعيه في الماء المغلي إلى ان يستوي جيداً ثم صفيه وضعي عليه كيساً من الخيش قالت الفتاة نعم نعم اعلم ذلك. يضعون الخيش فوق الرز! هذا تقصير من؟ تقصير الأم طبعاً. قد يتزوج الشاب وهو لا يعرف كيف يشتري الخبز ولا الفواكه. اليس عاراً على الرجل المسلم ان تذهب زوجته الشابة لتشتري الخضار وتتكلم مع الرجال وهو يجلس في البيت اين الغيرة؟ هل تنازلت عن كل شيء؟. مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول ذلك من فوق المنبر: ايها الرجال ارى نساؤكم فاين ذهبت غيرتكم انت تجلس في البيت وزوجتك تذهب لشتري الخبز والخضار اين ذهبت غيرتكم؟ طبعا قد تحتاج احيانا لتشتري شيئا يخصها عليكم ان تذهبوا معها اما ان تذهب الفتاة لتشتري الخبز والخضار تقصير من هذا؟ تقصير الشاب وتقصير الأب والأم أيضاً. لو ان اباه كان قد قال له عليك ان تعمل يا عزيزي وان تتحرك ايها الشباب! اذ لم يكن يسعى الإنسان فإنه لن يصل إلى نتيجة.
طالعوا عن المخترعين (لقد طالعت بدوري) انظروا كم تحملوا من مصاعب ومشقات حتى تمكنوا من ان يخترعوا شيئاً. وهذا ليس فقط من اجل نبوغهم لقد رسب اينشتين مراراً وكذلك نيوتن لقد كانوا من حيث القابليات (المواهب) في المستوى المتدني. وبالإضافة الى ان باستور كان مريضاً كان عادياً من حيث المواهب. عندما سألوه عن النبوغ؟ قال: انا لا اعتقد به إني أعرف فقط ان من سعى واستقام ينال ما يريد. ايها الشاب لو كانت مواهبك قليلة فاذا سعيت فستصل وستبلغ ما تريد.
كان الملا صالح المازندراني صهر العلامة المجلسي (قدس سره) (زوج ابنته) طالب عادي وكان قليل الموهبة جداً حتى انه كان يضيع عن بيته احياناً. لكنه جد واستقام. في ليلة الزفاف قرر ان لم يطالع ان لا يذهب لإحضار زوجته. وعلق في مسألة إلى منتصف الليل. وعند آذان الصبح وقد رأت ابنة العلامة المجلسي (قدس سره) انه قد تأخر فذهبت اليه ولم يكن موجوداً فعلمت انه لم يعرف حل مسألة علمية فكتبت الحل وكانت امرأة مثقفة عالمة ووضعته على الكتاب وخرجت وعندما رأى الملا صالح الجواب ذهب وراء زوجته. ان هذا الملا صالح الذي كان يضيع عن بيته أصبح من المجتهدين الكبار والشرح الذي كتبه للأصول الكافي يعد من أفضل الشروح لقد استطاع ان يعلق على اصول الكافي وان يصبح مجتهدا وان يتزوج ابنة العلامة المجلسي وكل ذلك بفضل السعي والجد والاستقامة.
في نهاية البحث اذكر ثلاث نقاط للجميع خاصة للكسبة.
1ـ عليكم ان تشتغلوا لكن احذروا الحرص والا فستشقى وتشقى عيالك معك. وما معنى الحرص؟! ان تعمل أكثر من اللازم. فعلى الانسان ان يتعبد بينما يشتغل وان يستريح ويدير امور عياله. قد يعطي الانسان وقته كله لمحله فيفتح في الليل واول الصبح. هذا عار على السوق. وعار على المسلمين. اذهبوا إلى مكة والمدينة. عندما يقول: الله أكبر يغلق الجميع محالهم حتى لو كان ربحه كثيراً عار على الانسان ان يقول المؤذن الله أكبر وضوء المحل ما زال يعمل فان للكسب وقت معين. ثماني ساعات للعمل وثمان للنوم وثمان أخرى للعبادة بينما انت لا تتعبد حتى أربع ساعات فكر قليلا بقبرك وقيامتك فكر بالله وبزوجتك وطفلك.
2ـ عليكم الانتباه ان يكون عملكم حلالاً. فاذا كان هناك درهماً حراما في حياتكم فسيقضي ذلكم ان لم يكن اليوم فغداً. ان حلم الله كبير كبير جداً.
كان سعد بن جبير يضحك عند الموت فقال له الحجاج بن يوسف الثقفي لماذا تضحك فقال اتعجب من حلم الله ووقاحتك فحلم الله كبير وكما كان يقول أحد المراجع العظام: ان الله يمهل الانسان لكنه شديد في الحساب. فلا تغش في التعامل او تحتكر خاصة في وضع الغلاء اليوم وقد يصبر الله عليك من أجلك. وقد لا يحدث شيئاً لك ان الذين تجمع المال لهم قد يصبح هذا المال وبالا عليه ويجلب له الشقاء ويشتعل نارا ويقضي عليك ولا معنى لأن ينمو المال الحرام: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} [البقرة: 276]، احذروا الحرام في حياتكم ولا تخدعوا المستضعفين القرويين البسطاء وعاملوا هؤلاء المشترين معاملة جيدة فإن الله قد اقسم بعزته وجلاله ان لا يعفو عن حق الناس.
3ـ على الانسان ان يعمل لكن أن لا يكون انانياً أي ان يعطي الفقراء والضعفاء والمساكين على قدر امكانهم ولو كان قليلاً لقد ذكر النبي (صلى الله عليه وآله) في خطبته الشعبانية فضيلة شهر رمضان المبارك وكان يقول اطعموا الفقراء فسأله احدهم وإن لم يكن عندنا شيء فأجاب (ولو بشقة تمر أو شربة ماء)، وكررها ثلاث مرات هذا يعني انه علينا أن نساعد الآخرين على قدر وسعنا مثلاً لو كنت تحصل المئة تومان وكان مصروفك أكثر من ذلك يوميا إلا انه عليك ان لا تنسى مساعدة الآخرين بالقلم أو باللسان أو بالمال ومساعدتهم باي صورة كانت جيدة واسعَ لأن تريح الآخرين وترفههم كما تسعى لعيالك وعليكم أن تعلموا هذه الأمور الثلاث لأولادكم الذكور والاناث والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ الوسائل، ج12، ص43.
2ـ المصدر السابق، ص10.
3ـ المصدر السابق، ص23.
4ـ تفسير الميزان ذيل سورة والضحى آية / 5.
5ـ الوسائل، ج12، ص6.
6ـ المصدر السابق، ص5.
7ـ البحار، مجلد76، ص180.
8ـ مستدرك الوسائل، مجلد1، ص18.
9ـ كنز العمال، خبر9205.
10ـ اصول الكافي، مجلد3، ص206.
|
|
دور النظارات المطلية في حماية العين
|
|
|
|
|
العلماء يفسرون أخيرا السبب وراء ارتفاع جبل إيفرست القياسي
|
|
|
|
|
اختتام المراسم التأبينية التي أهدي ثوابها إلى أرواح شهداء المق*ا*و*مة
|
|
|