عنيت الدولة العربية الإسلامية بالعلم والتعلم عناية خاصة، لأنهما حق لمواطنيها مثلما هما واجب عليهم ⁽¹⁾ ونهض المسجد بدور مهم في هذا المجال ولما لم يعد المسجد كافياً بنيت المدارس ودور العلم المختلفة وكان مستواها عالياً فهي لا تختلف كثيراً في مناهجها وأساليب التدريس فيها ⁽²⁾. عن الجامعات في العصور الحديثة، لذلك خرجت المدرسة المستنصرية على سبيل المثال، والمدرسة النظامية في بغداد العلماء الذين كان أثرهم واضحاً في نشر العلم والثقافة وزيادة التواصل الحضاري. ولقد تعددت المدارس في العراق فنشطت حركه التعليم وعني الناس بالثقافة، وكثر الوراقون الذين كانوا يتاجرون بالكتب نسخاً وتجليداً وتهذيباً، وكانت هناك سوق في بغداد سمي سوق الوراقين"⁽³⁾. وهكذا توسعت دائرة التعليم، وأقبل الناس طواعية على الاستزادة من العلوم، ونشطت الرحلة في طلب العلم، وقدم الطلبة من أماكن بعيدة للدراسة في مدارس العراق، فالتقت الثقافات المختلفة على تربته. وفي العراق تقدمت العلوم النظرية والتطبيقية، واستقدم المسؤولون الأساتذة من مختلف الأقطار، وبلغت مجموعة من العلوم درجة رفيعة من التقدم وانتهت إلى نتائج لم يتوصل إليها الأوروبيون إلا في العصور الحديثة ⁽⁴⁾. فتقدمت علوم الفلك والرياضيات والهندسة والكيمياء والفيزياء والميكانيك وغيرها وتطورت العلوم الدينية المنبثقة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وقد بلغت شأوا بعيداً، كما تطورت العلوم الاجتماعية وكتبت موضوعاتها على أسس علمية، ورافقت ذلك عناية كبيرة بالمكتبات العامة والمختبرات فكان للعراقيين دورهم الكبير في الاكتشافات العلمية التي أسهمت في تطور البشرية ⁽⁵⁾.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- الجبوري، عبد الستار حمدون أحمد الزهري ومنهجه في التدوين التاريخي، رسالة دكتوراه، غير منشورة، جامعة الموصل كلية الآداب، 1989م: 28 وما بعدها.

2- فروخ، المرجع السابق: 114. أحمد، المرجع السابق: 48.

3- الرفاعي أنور تاريخ العلوم في الإسلام، دار الفكر، دمشق، 1973م: 94. فروخ المرجع السابق، 1978م: 3/136.

4- لوبون المرجع السابق: 173. زیدان، جرجي، تاريخ التمدن الإسلامي، مطبعة الهلال، ط2، 1918م: 3/136.