كفاءة واهمية النقل الاقتصادية:

يستخدم النقل كواسطة مكملة لا يستطع الانسان الاستغناء عنها، فالنقل عملية تطور الاقتصاد والتجارة والتنمية وهذا يعني أن منتج السلع الاستهلاكية يحتاج الى نقل البضائع من مصنعه أو مستودعه إلى تجار الجملة وتجار التجزئة الذين يبيعون بضائعه ويطالب أيضا الاتصال الاجتماعي بسرعة وأمان من المنزل إلى العمل، وفي الواقع النقل يخلق المرافق الى المكان ، ومع تطور الاقتصاد تصبح الحاجة إلى النقل أكثر حيوية، ومن ابرز وظائف النقل في المجتمع هي تنويع العمل والتخصص الحقيقي وتمديد السوق وتحسين وحدات الإنتاج، فهي تسهم في تطوير الاقتصاد النوعي والكمي للدول وتخلق فرص عمل كبيرة وتهيأ المجال المناسب الى التبادل الفكري وتنوع الانتاج الزراعي والصناعي.

وبصرف النظر عن تسهيل حركة البضائع، اذ يساعد النقل في تطوير الخدمات وتوسيع نطاقها مع التخصص في الخدمات أو الإنتاج، الأمر الذي يتطلب بدوره المزيد من وصلات النقل. وهناك تغييرا رئيسيا في الحياة الاجتماعية الحديثة هو الفصل بين العمل والإقامة فضلا عن زيادة التنقل. وقد أصبح ذلك ممكنا بفضل تنمية النقل، مما مكن السكان من العيش في بيئة أفضل، كما يتيح النقل السفر لأغراض الترفيه، وأخيرا فان الاهمية الاستراتيجية للنقل خلقت فرصة كبيرة لتوثيق العلاقات السياسية بين الدول.

تعد وسائط النقل واحدة من أربع مجموعات تقليدية من الجغرافية الاقتصادية الإنتاج الأولي والتصنيع والتسويق والنقل، اذ يعد النقل كعنصر من عناصر الاقتصاد، ولكن مع نمو التخصص في المعرفة بما في ذلك برزت جغرافية النقل كمجال متميز للدراسة في منتصف القرن العشرين حين اهتمت الدراسات بالتخصص الدقيق الذي اهتم بجغرافية النقل وتم دراستها وفقا لما يتطلبه هذا الفرع من فروع الجغرافية الاقتصادية، وقد وضع الجغرافيون اهتماما بدراسة النقل لسببين رئيسيين هما ان النقل نشاط إنساني هام له عنصرا مكانيا قويا ، وعاملا هاما يؤثر على التباين المكاني في كثير من الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية الأخرى. وبسبب اهمية النقل الاستراتيجية في حياتنا اهتم الجغرافيين في دراسة النقل لأنه يؤثر على إجمالي تكاليف إنتاج السلع التي تدخل في التجارة ومن خلال تلك التكاليف قدرتها التنافسية. ولذلك يجب أن يكون لها آثار هامة على موقع الصناعة وعلى العرض العام للسلع الأساسية. يشار إلى جغرافية النقل باسم "سندريلا" الجغرافية "الاقتصادية وقد برزت الآن كموضوع في حد ذاته. اذن النقل هو سمة لا غنى عنها في الحياة الحديثة، وبسبب وظيفتها وأهميتها، اذ له تأثير عميق على ديمومة استمرار الحياة والتطور التقني الذي من خلاله استطاع الانسان اكتشاف العالم الاخر والوصول في عمق الفضاء. وقد لاحظ أولمان بحق أن "النقل هو مقياس للعلاقات بين المناطق وبالتالي فهو جانبا أساسيا للجغرافية". وتنعكس العلاقات الاقتصادية بين المناطق في طابع مرافق النقل وفي تدفق حركة المرور، حيث ذكر ان "الجغرافية هي المعنية بجميع الاتصالات المكانية والتفاعلات، بما في ذلك الاتصالات والنقل وبالتالي فإن دراسة النقل أو التداول تتقاطع مع كل شيء.

يؤكد نهج جغرافية النقل الحاجة إلى رؤية تمايز حقيقي على الأرض ليس فقط كتصميم هندسي لأنماط متداخلة بل أيضا تصميم للأشياء في الحركة، هناك اهتمام كبير بين الجغرافيين سواء في النقل بحد ذاته كنشاطا بشريا كبيرا أو بشكل غير مباشر من خلال تأثيره على التوزيع المكاني للأنشطة الأخرى، فان اهتمام جغرافية النقل بطبيعة التبادل المكاني فرض عليها إيجاد طريقة لقياس ورسم خرائط حركة المرور والظروف البيئية التي تؤثر على النمو والتنمية، وترتبط دراسات النقل أيضا ارتباطا وثيقا بمفاهيم الجغرافية ككل وتسهم هذه الدراسة في صياغة وتطور النظرية الجغرافية. وقد ركز الجغرافيون على دراسة المشكلات الحالية المحددة للنقل أن "الجغرافيين بحكم تدريبهم وخبرتهم لديهم مساهمة هامة في تطوير ومنهجية دراسات النقل وقد وصفت ثلاثة جوانب رئيسة الجغرافية النقل:

1- أنها تتناول التفاعل بين العوامل البيئية الأنشطة البشرية من خلال اعتماد "نهج النظم".

2- دراسة الأنظمة من حيث المتغيرات المكانية.

3- النهج الجغرافي لخلق وعي بالتطور التكنولوجي كعامل رئيس لنظم النقل.

اقتصرت الدراسات السابقة للجغرافيين في التركيز على وصف وشرح العلاقات بين طرق النقل ونوع الوسائط وكذلك تأثير العوامل والأنظمة والشكل المادي للمناطق التي تمت دراستها مستندين على النهج التاريخي في تطور حركة النقل ولكن " الثورة الكمية", في الستينيات من القرن الماضي وفرت لجغرافية النقل طرقا وأساليب جديدة قيمة للتحقيق الشبكات ووصف شكلها ومستويات التعقيد فيها بقدر أكبر من الدقة النهج الأحدث في جغرافية النقل هو النهج السلوكي لدراسة علاقات العرض والطلب، وخاصة في عملية معقدة من صنع القرار، الذي يسبق جيل الرحلة الشخصية. فان شبكة النقل جزء لا يتجزأ من المناظر الطبيعية، حيث ساهمت في كيفية اختيار الواسطة ونوعها وحجمها كي تتلائم التلال والوديان والحقول والغابات والمستوطنات والمصانع في شكلها وموقعها وعلاقتها مع سطح الأرض فلم يتم تصنيع وسائط النقل بشكل عشوائي ولكن ذات مغزى فهي نتاج العديد من المواقف المحيطة المادية والاقتصادية والاجتماعية ، وبالتالي تحليلها الجغرافي ليس فقط يفسر النمط الحالي والمشكلات الناجمة عنها ولكن يساعد أيضا في تخطيطها وكيفية تطوير تلك الواسطة بما يواكب التطور السريع في التقنيات التي تهتم بصناعة النقل و تم التعامل جغرافية النقل حتى 1960 بطريقة أكثر عمومية وعارضة ولكن  الآن تطورت إلى مجال مهم ومتميز من الدراسة التي تتناول التحليل المكاني لشبكة النقل والتحليل الموضوعي، وكذلك يعطي استطلاع علمي لمختلف جوانب النقل كجزء من النظام المكاني.

يقلل النقل الفعال من التكاليف في العديد من الانشطة الاقتصادية، في حين أن عدم كفاءة النقل يزيد من حدة هذه التكاليف سواء على مستوى نقل الافراد ام السلع والخدمات. ومن ابرز العوامل التي يهتم بها الجانب الاقتصادي للنقل هي تحديد الموارد المالية الاساسية للنقل والاستثمار الأمثل للوقت التي تتعلق بالبعد والمسافة والتركيب الجيولوجي والاثار الجغرافية.