أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-4-2017
2466
التاريخ: 19-4-2017
2214
التاريخ: 16-4-2022
2322
التاريخ: 9-7-2019
1634
|
نحن نميل إلى الاعتقاد بأن الغالبية العظمى من الجانحين هم من المصابين بالأمراض النفسية، والاضطراب النفسي عند الأطفال، قد يكون أحد مؤشرات الجنوح، لذلك، أردنا من موضوع العلاج النفسي عن طريق اللعب إصابة هدفين في آن معاً أولهما: تخليص الطفل من صراعاته النفسية التي تعمل على اضطراب تكيفه مع الوسط الذي يعيش فيه، وتشل قدرته عن العطاء في المجال العلمي، والهدف الثاني، هو العمل على وقاية هذا الطفل من استفحال وتأزم وضعه النفسي الذي سيقود حتماً إلى الانحراف والجنوح.
والحقيقة أن مسألة العلاج النفسي أصبحت مسألة ضرورية في هذا العصر الذي أطلق عليه اسم - عصر القلق - نتيجة لازدياد الضغوط النفسية الناتجة عن تعقيد الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وإن الانسان أصبح يعيش في حالة توتر دائم نتيجة الخوف والرعب الشديدين، من وقوع الحروب المدمرة، حتى إن التقدم التكنولوجي الهائل أصبح هو العامل المهدد للكيان البشري من خلال الأسلحة النووية، وأسلحة الدمار الشامل، بدلاً من أن يكون هذا التقدم مبعث اطمئنان وسلام لإنسان هذا العصر.
وقد أصبحت الدول الكبرى تتحكم بمصائر الشعوب، التي تجد نفسها موزعة بين المطرقة والسندان، فإما أن تكون تحت رحمة تلك الدول الكبرى المستغلة التي تستخدمها كجماعة من المستهلكين لإنتاجها، كعبيد، واُجرّاء، لا حول لهم ولا قوة، مسلوبو القوة والحرية أو أن يناضلوا في سبيل الحرية والاستقلال والعيش الكريم، وفي كلتا الحالتين يبقى الإنسان بين أشداق القلق، يفتك بأعصابه، مما يظهر الحاجة إلى العلاج النفسي، وجعله ضرورة من ضرورات هذا العصر. والعلاج النفسي يخفف الكثير من المآسي والشقاء والآلام التي تؤرق العيش، (والعلاج النفسي ضرورة إنسانية وحضارية راقية، وفي نفس الوقت هو استثمار اقتصادي مفيد لأن المرض النفسي يبدد طاقة الإنسان ويهددها ويحولها إلى قنوات غير نافعة)(1).
والأخطر من ذلك أن هذا القلق انتقل من الآباء إلى الأبناء، حتى الأطفال منهم، فهم يقلدون الآباء، ويتقمصون شخصياتهم، ويحاكونهم في همومهم وقلقهم، وبتبرمهم من مشكلات العصر، حتى بات هؤلاء الاطفال أشبه (بشاشة الرادار)، التي تنعكس عليها هموم الأهل وآلامهم، وهم في سن لا يستطيعون معها تحمل هذه الأعباء النفسية الشديدة.
لذلك فنحن نميل إلى عدم إشراك الأطفال في هذه الهموم، وعدم الحديث عن المشكلات الاجتماعية والاقتصادية على مسامعهم، أو التأفف والتبرم من الحياة، وضيق الحال، وقساوة الدهر، وما شاكل ذلك من عبارات سوداوية لأن ذلك يؤثر على سلوكهم ويوتر أعصابهم، وهذا التوتر يقود إلى مشكلات تربوية عدة.
من أجل ذلك يأتي العلاج النفسي ليكون البلسم للجراح التي تحدثها أزمات القلق وليكون صمام الأمان، ضد المشكلات التربوية التي تهدد كيان الطفل النفسي بطبيعة الحال، فإن أساليب العلاج تختلف عند البالغين عنها عند الأطفال ففي حين يمكن المعالجة من خلال اللعب عند الأطفال، نشير إلى أساليب العلاج بالنسبة للبالغين والتي تتلخص بالوسائل التالية:
1ـ عن طريق التحليل النفسي.
2- عن طريق الثواب والعقاب.
3- العلاج الجماعي القائم على النقاش والحوار بين الجماعة.
4- العلاج بواسطة اللقاء المباشر مع المرشد النفسي.
ـ العلاج عن طريق اللعب (للأطفال):
عن طريق اللعب، يتخلص الطفل من بعض التوترات التي تعصف في داخله، وكذلك فهو يتخلص من أعراض سوء التكيف الذي يكون مصاباً به، فما صعب عليه في عالم الواقع، يأتي به في عالم اللعب، حتى مسألة التعبير عن العدوان، يمكن أن ينفذها من خلال اللعب، فإن عجز عن تأديب والده أو أخيه الأكبر، أو والدته، فهو يؤدب لعبته. ومن هنا فنحن نرى الطفل، يخاطب لعبته بلهجة الآمر والناهي أحياناً، وبلهجة المرشد والموجه، والمداعب أحياناً أخرى، وخاصة وهو في مرحلة الإحيائية.
ومع أن ذلك يؤدي إلى تفريغ الشحنات الانفعالية الحبيسة داخل الطفل لكنها لا تحقق الشفاء التام، وإنما يقدم المعالج هذه الألعاب لتنظيم الموقف وتفهم ظروفه ويمكن أن يحل اللعب، محل المقابلة الشخصية، حيث يعبر الطفل عن صراعاته من خلال اللعب. فالألعاب بالنسبة له ترمز لأفراد الأسرة، الذين يعيشون معه، وتعامله مع هذه الألعاب هو سلوك رمزي لتعامله مع الأسرة بجميع أفرادها. ومن أجل ذلك اهتم علماء النفس اهتماماً كبيرا باللعب عند الأطفال، واختاروا نوع الألعاب الواجب تقديمها للطفل، وخلق الظروف والأجواء الطبيعية للعب، ومن ثم المراقبة الجانبية لسلوكه وتدوين الملاحظات المستخلصة من ذلك.
بعضهم يعزي الاهتمام باللعب عند الأطفال إلى نقص في أسلوب التفاهم اللفظي حول موضوعات معينة تهمهم أو بسبب ضيق أفق تفكيرهم أو ندرة المشاكل أو الموضوعات التي تحظى باهتمامهم المشترك، والتي تخص عالم طفولتهم، فيجدون أن اللعب هو أفضل وسائل التعبير بالنسبة لهم. ولذلك يكتسب اللعب عند الأطفال طابع الحيوية والنشاط والاهتمام الزائد، حتى لترى حماسهم أثناء القيام باللعب، هو أشد من حماس رجال السياسة، وهم يناقشون القضايا السياسية المصيرية في مجالسهم العليا في خطبهم اللاهبة.
وقد بدأ العلاج باللعب منذ العشرينات من القرن الحالي، مع مدرسة التحليل النفسي وكان الهدف هو تعزيز(الأنا)، أو الذات الوسطى Ego وتخليصها من ضغط الذات الدنيا والذات العليا.
وسرعان ما تبنت معظم الاتجاهات في علم النفس هذا الأسلوب الذي لم يعد وقفاً على مدرسة التحليل النفسي وحدها.
ويتطلب العلاج تقنيات خاصة، كتجهيز غرفة خاصة باللعب، بعيدة عن الضوضاء، وأن تكون مريحة وسارة، والأدوات الموجودة فيها (الألعاب)، أو الأثاث (الكراسي والطاولات)، غير قابلة للكسر. فيها كل المشوقات والإغراءات ثم توضع بالإضافة إلى ذلك بعض اللعب الرخيصة القابلة للكسر، والتي يمكن تحطيمها. وتسمح هذه اللعب للطفل أن يعبر عن غضبه وعدوانه، فهو إما أن يقتلع رأس الدمية، أو يثقب عينها او ان يرمي بها إلى الأرض ويرفسها برجله أو أن يضمها إلى صدره، ويلاطفها، أو أن ينظر إليها نظرة فاحصة، فيحاول القيام بالفك والتركيب، وكشف الأسرار الميكانيكية أو التصنيعية.
وفي بعض البيوت يخصص مجال للرمل والصلصال والماء، حيث يمكن للطفل أن يعبر عن ذاته بكل الوسائل المتوفرة لديه، ونلفت نظر الأمهات هنا إلى عدم الانزعاج من توسيخ ثياب الطفل، وكثيرات هن الأمهات اللواتي يخصصن ثياباً خاصة لأطفالهن يطلق عليها في العادة (ثياب اللعب) فممارسة نشاط الطفل وعلاجه هو أثمن بكثير من الثياب وتوسيخ الثياب!.
ولوحظ كذلك أن بعض الأطفال المرضى يعبرون عن نقمتهم من خلال رفضهم للألعاب وتحطيمها، وعن سوء التكيف بالوقوف الموقف السلبي من الدمية، ولا يتناولها الطفل إلا بعد تدريبات ومشوقات، وتقديمها له بأسلوب جذاب.
ورداً على الذين يخشون أن يكون العلاج باللعب بمثابة حوافز للطفل لكي ينفذ عدوانه في الواقع العملي، بعد أن تدرب على ذلك ومارسه في عالم اللعب أن الرد على هذا الاعتراض، هو أن الطفل عندما يفرغ انفعالاته على الأشياء (الدمى مثلا)، يستفيد من تجاربه، ومن الشعور بالندم، وهذا ما يحدث في غالب الأحيان، فينقل إلى المجتمع نتيجة مشاعره التي تخلصت من العدوان، وغيره من الأزمات النفسية.
ويمكن القول، وبمعنى آخر، أن نفسه تكون قد تطهرت من الصراعات التي عصفت بها فيعود إلى الواقع الاجتماعي، هادئاً، متزناً، خالياً من التوتر.
- ومنهج العلاج باللعب، منهج متقدم ومتطور، فقد كان قبل ذلك يعالج الأطفال عن طريق المنهج التحليلي. والأطفال لنقص أسلوبهم التعبيري اللفظي، فهم يعبرون بالحركة واللعب، فيسقطون على هذه الدمى الجامدة أسماء اسطورية، ويعطونها أدواراً وهمية، ويحركونها وفق رغباتهم وإرادتهم فيشبعون نزعتهم إلى القيادة.
من أجل ذلك يرى العلماء أن العلاج القائم على الكلام - عند الأطفال - لا يؤدي في كثير من الأحيان إلى نتيجة، ويعتبر محاولة فاشلة، قليلة النفع فالتواصل مع الطفل من خلال اللعب، هو أهم بكثير من التواصل الكلامي الذي لا يؤدي إلى الهدف المطلوب.
وفي بعض الأحيان يعطى الطفل بعض الألعاب التي تثير في نفسه المخاوف، لتعويده عليها وتخليصه من مشاعر الخوف المكبوتة، فتكون هذه الطريقة العلاجية، طريقة عملية، ميدانية، يتم تزويد الطفل بها من خلال اللعب.
والطفل يعبر بواسطة اللعب عن كثير من الأمور المعتبرة سرية لديه، فهو ينفذ أحكامه على الألعاب في الوقت الذي كبتت فيه هذه المشاعر نحو الأشخاص الأقرباء منه، وبالأخص والديه وأخوته.
والمعالج يحصل على معلومات مهمة من خلال مراقبة ألعاب الطفل، لم يستطع الحصول عليها في الظروف العادية، وفي المجال العادي، في الأسرة، أو في الفصل الدراسي. وبالنسبة (للأطفال الكبار)، الذين هم في سن العاشرة يمكن للمعالج أن يعرفهم بمشاعرهم وباستنتاجاته من خلال أحاديثه معهم، ومن خلال مراقبته لألعابهم. ويتفق العلماء على تسمية هذا النوع من العلاج: العلاج بالتنفيس أو بالتصريف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ د. عبد الرحمن العيسوي، الإرشاد النفسي، ص 425.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|