أقرأ أيضاً
التاريخ: 17/9/2022
1440
التاريخ: 30-11-2017
14647
التاريخ: 2024-01-31
981
التاريخ: 2024-04-15
784
|
إن الإسلام بملئه لقلب المؤمن بالإيمان قد غرس في قلبه أصل التفاؤل وحسن النظر، وهكذا قاد المؤمنين إلى حيث الطمأنينة والاستقرار. وكان الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، متصفاً بهذه الصفة إلى حيث اتهمه المنافقون بما حكاه عنهم القرآن الكريم فقال: {وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[التوبة: 61]، وأرادوا بقولهم هو أذن أن يصوروا هذه الصفة الممتازة فيه بصورة كريهة غير مرغوب فيها إن الإسلام قد أمر المسلمين أن يحسن الظن بعضهم ببعض، وأن يفسروا عمل المؤمن بالوجه الصحيح المشروع او أن يحملوه على ذلك ، فلا يجوز لأحد أن يحمل عمل أي مسلم على الفساد من دون أن يكون له شاهد قاطع على ذلك.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (ضع أمر أخيك على أحسنه، حتى يأتيك، ما يقلبك منه، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجد لها في الخير محتملاً)(1).
إن من ثمرات حسن الظن بالآخرين هو كسب محبتهم والتآلف معهم وكان أئمة الإسلام وفي مقدمتهم أمير المؤمنين (عليه السلام)، يبين بمختلف العبارات ثمرات هذه النظرة فيقول مثلا: (من حسن ظنه بالناس حاز منهم المحبة)(2).
ويقول الدكتور ماردن: (حينما تصادقون أحداً حاولوا أن لا تنظروا منه إلا إلى خصائصه الحسنة وخصائله الأخلاقية والروحية الجيدة، ثم حاولوا ان تكبروا في أنفسكم ما تجدونه منه من هذه الخصائل الجميلة. فإذا استطعتم أن تركزوا وصيتي هذه في أفكاركم فستعيشون عيشه راضية مرضية، وستجدون كل أحد يحاول أن يريكم وجهه الوادع الصافي، وكل يحاول أن يكسب صداقتكم لنفسه)(3).
إن من الممكن أن تؤثر النظرة المتفائلة والثقة بالآخرين أثرها المطلوب حتى في أفكار وأعمال أولئك الذين قد تلوثوا بالآثام، فإنها - بخلاصة القول - تستطيع أن تهيء أرضية الإصلاح لهكذا أناس. فقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (حسن الظن ينجي من تقلد الإثم)(4).
ويقول الدكتور دايل كارنيجي: (التقيت أخيراً بأحد مديري (جمعية المطاعم)، وكانت هذه الجمعية قد تشكلت من مجموع ست وعشرين مطعماً تدار بكيفية خاصة سموها (معاملة الشرف)، ففي هذه المطاعم التي تأسست جمعيتها من عام 1885م، لا يضعون أمام الزبون قائمة المصروفات، بل تدخل أنت فتوصي بما أحببت، ثم أنك تحاسب نفسك بنفسك، وحينما تريد الخروج من المطعم تعطي المبلغ إلى أمين الصندوق وتخرج، من دون أن يكون هناك مفتش ولا محاسب.
فقلت أنا لهذا المدير: طبعاً لكم مفتش سري؟ إذ لا يمكنكم ان تطمئنوا إلى جميع الزبائن في هذه المطاعم، قال المدير: (كلا، ليست لنا أية مراقبة على الزبائن، ولكنا ندري أن عملنا هذا صحيح بصورة عامة، وإلا لم نكن نتمكن من أن نتقدم بعملنا هذا نصف قرن من الزمان. إن الزبائن في هذه المطاعم يحسون بأنهم يحاسبون فيها محاسبة الأشراف ذوي الحسابات المنتظمة، ومن هنا يحاول كلّ منهم من الفقير والغني والسارق والسائل أن يكون على مستوى حسن الظن به هنا)، وكان المستر (لاويس) الخبير المجرب في هذه الأمور يقول: (إذا عاشرتم رجلاً متقلباً سيء السلوك وحاولتم أن تدعوه إلى الخير والصلاح، فحاولوا أن تشعروه بأنكم تطمئنون إليه، وأن تتعاملوا معه معاملة الرجال الأشراف المحترمين، فسوف تجدونه يحاول أن يطمئن إلى اطمئنانكم إليه، ولأجل ان يريكم نفسه أهلا لما احسنتم من ظنكم به يحاول السعي والعمل في سبيل الوصول والحصول على ما ظننتم به من الخير والصلاح)(5).
ويقول الدكتور زيلبرت روبن: (ثقوا بالأطفال، أعني تعاملوا معهم معاملة من لم يرتكب أي ذنب قط، أي اشطبوا على ماضي الأطفال وتناسوا ما مضى منهم من العمل السيء. بل حاولوا أن تجعلوا بعض الوظائف المهمة غير المتناسبة على عهدة من لا يراعي الانضباط الخلقي أو وظائف الصحة العامة أو الذين يفرون دائماً من بيوتهم أو وظائفهم، وفوق هذا حاولوا أن تكون الأعمال فى هذه الوظيفة الجديدة الملقاة على عاتقه تشعره أنه قد تحسن في سلوكه وأنه أصبح أهلاً لما توقعتموه منه من عمل وتكليف. إن من الممكن أن تزاح موانع الإصلاح بالسلوك الجميل ومنح الثقة لمن يراد إصلاحهم. ومن هنا نستطيع أن نقول أن أكثر الأفعال غير المرضية هي ردود فعل وجدت لتسد فراغاً يحسه صاحبها. إن (السير يل برت)، كان يقترح لمكافحة الغرائز الشريرة طرقاً جيدة، أنه كان يقول: (ينبغي أن يودع عند من اعتاد على السرقة من الأطفال نقود بصورة الأمانة، وأن يعهد إلى من اعتاد منهم التحلل والبطالة عمل جسماني يطابق ذوقه)(6).
إن حسن الظن يضمن لصاحبه طمأنينة الخاطر، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (حسن الظن راحة القلب، وسلامة الدين(7)، وأنه يهون على الإنسان الآلام والحوادث المرة في الحياة، فإنه قال (عليه السلام) ايضاً: (حسن الظن يخفف الهم)(8).
ويقول الدكتور ماردن: (لا شيء يجمل لنا الحياة في أعيننا، ويقلل من آلامها، ويعبد لنا طريق الموفقية فيها، كالنظرة المتفائلة وحسن الظن بالآخرين، فاحذروا من الأفكار المؤلمة كما تحذرون من الأمراض وأعراضها الخطيرة، وافتحوا افكاركم على الفكرة المتفائلة، وانظروا كيف تستطيعون أن تنجوا من الأفكار القاتمة بكل سهولة ويسر)(9).
ويجب أن يكون سلوك المسلمين بعضهم مع بعض بما لا يدع سوء الظن أن يتغلغل في أوساط مجتمعهم، ولهذا كان أمير المؤمنين (عليه السلام)، يوصي ان يكون المسلم عند حسن ظن أخيه المسلم به، وأن لا يحطم حسن ظن إخوانه به بعمله السيء، وأن يتقي موارد التهمة في أنظارهم، فكان (عليه السلام)، يقول: (من انتجعك مؤملاً فقد أسلفك حسن الظن بك ، فلا تخيب ظنه)(10)، ثم جعل ظن الإنسان ميزاناً لعقله فقال: (ظن الإنسان ميزان عقله، وفعله أصدق شاهد على أصله)(11)، فمن كان ظنه سيئاً بالناس كان عقله كذلك ولذلك فقد جعل (عليه السلام)، تكذيب الظن السيء بالمسلم علامة على مدى قدرة الشخص الروحية فقال (عليه السلام): (من كذب سوء الظن بأخيه كان ذا عقل صحيح ، وقلب مستريح )(12).
ويقول صموئيل اسمايلز: (ثبت أن من كان ذا طبيعة قوية وروح كبيرة كان بطبعه مسروراً مؤملاً في الحياة للخيرات، وكان ينظر إلى كل أحد وكل شيء بنظرة الثقة والطمأنينة. إن العقلاء يرون وراء كل سحاب مظلم قاتم شمساً مضيئة نيرة ويشاهدون خلف كل شقاء ومحنة سعادة يسعون وراءها، فيجدون من كل ألم ومصيبة قوة جديدة، ويستوهبون من كل حزن وغم جرأة ومعرفة وثقافة جديدة. إن طبيعة كهذه لسعيدة حقاً، وينبغي أن يغبط اصحابها عليها فإن نور المسرة تتقد في أطراف عيونهم، ولا يرون إلا مبتسمين. قلوبهم تلمع ضياء كالشموس، ولا ينظرون إلى شيء إلا وأبصروه واضحاً جلياً مشرقاً وضاء، ملوناً بما يشاؤون من ألوان بديعة)(13).
ويعد الإمام الصادق (عليه السلام)، حسن الظن من حقوق المسلم على المسلم: (من حق المؤمن على المؤمن.. وأن لا يكذبه)(14).
حقاً إن أقوى ما ولد عند الإنسان حسن الظن والتفاؤل بالخير هو الإيمان، فلو كان الناس أمة واحدة في الإيمان بالله والرسول واليوم الآخر لكان من الطبيعي أن يثق بعضهم ببعض حقاً، إن فقدان الإيمان هو الداء الوبيل العضال الذي يسلب الإنسان حسن ظنّه بالآخرين ويستبدل به سوء الظن بهم، إن المؤمن الذي يطمئن قلبه بالإيمان والثقة بالله، حينما يحس بضعفه وعجزه يتوكل على تلك القدرة المطلقة، ويستعين في الشدائد بالله الذي منه كل قدرة، وهذا مما يؤثر في تهذيب روحه وأخلاقه أثراً عميقاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ جامع السعادات: ج2، ص28.
2ـ غرر الحكم: ص687.
3ـ عن الفارسية: بيروزي فكر.
4ـ غرر الحكم: ص378.
5ـ عن كتابه: كيف تكسب الأصدقاء.
6ـ عن الفارسية: مجموعة جد ميدانم.
7ـ غرر الحكم: ص376.
8ـ المصدر السابق: ص377.
9ـ عن الفارسية: بيروزي فكر.
10ـ غرر الحكم: ص680.
11ـ المصدر السابق: ص474.
12ـ من الترجمة الفارسية: أخلاق.
13ـ غرر الحكم: ص676.
14ـ الأصول من الكافي: ج1، ص394.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|