المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4870 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31

ظواهر الإرساب النهري- شروط تكوين الدالات
8/9/2022
الغلاف الجوي لكوكب المشتري
8-3-2022
الجغرافية السياسية
7-11-2021
التوزيع الجغرافي للرز حسب القارات
24-7-2022
Barnabé Brisson
7-7-2016
حق الاعتراض في الدستور اليمني الصادر عام 1990والمعدل في عام 1994
25-10-2015


معنى التسلسل وأدلة بطلانه  
  
6656   02:38 صباحاً   التاريخ: 12-08-2015
المؤلف : مهدي النراقي
الكتاب أو المصدر : جامع الأفكار وناقد الأنظار
الجزء والصفحة : ص43.ج1
القسم : العقائد الاسلامية / مصطلحات عقائدية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-08-2015 1237
التاريخ: 12-08-2015 2326
التاريخ: 12-08-2015 1452
التاريخ: 12-08-2015 1274

 « التسلسل ».. هو أن يكون شيء معلولا لشيء آخر وهو معلولا لثالث وهو لرابع ... ، وهلمّ جرّا إلى غير النهاية.

ويدلّ على بطلانه وجوه من البراهين القاطعة.

منها : « برهان التطبيق (1) ». وتقريره : انّه لو تسلسلت العلل إلى غير النهاية لكان كلّ واحد من آحاد السلسلة معلولا لسابقه وعلّة للاحقه ، إلاّ المعلول الأخير ، فانّه ليس علّة ، وهذه السلسلة وان كانت واحدة بالذات إلاّ أنّها تنحلّ في الواقع وعند العقل إلى سلسلتين إحداهما مركّبة من العلل والأخرى من المعلولات ، وعدد آحاد السلسلة الأخيرة أزيد من آحاد السلسلة الاولى بواحد هو المعلول الأخير ـ لأنّه معلول وليس علة ـ. ولنا أن نطبق بين السلسلتين بان نطبق الجزء الأوّل من إحداهما من الطرف المتناهي على الجزء الأوّل من الأخرى والجزء الثاني على الجزء الثاني وهكذا ؛ بل لا حاجة إلى فرض التطبيق ، إذ الجزء الأوّل من إحداهما بإزاء الجزء الأوّل من الأخرى والجزء الثاني بإزاء الجزء الثاني وهكذا في الواقع ونفس الأمر. فالانطباق حاصل عند العقل وبحسب الواقع وإن لم نفرض التطبيق ، فان لم تتناه السلسلتان من

الطرف الآخر ولم تصر السلسلة الاخيرة ـ اعنى : الزائدة ـ متناهية في ذلك الطرف ووقع بإزاء كلّ جزء من الزائدة جزء من الناقصة لزم تساوي الزائد والناقص ، وهو يوجب تساوي الكلّ والجزء وهو محال ؛ وإن لم يقع بإزاء كلّ جزء من الزائدة جزء من الناقصة ـ ولا يتصوّر ذلك إلاّ بان يوجد جزء من الزائدة لا يكون بإزائه جزء من الناقصة ـ لزم تناهى الناقصة بالضرورة والزائدة لا تزيد عليها الاّ بمقدار متناه ، فيلزم تناهيها أيضا لأنّ الزائدة على المتناهي بمقدار متناه متناه (2) 

واعلم! انّه يمكن تقرير برهان التطبيق بوجه آخر لا يتوقّف على تحليل السلسلة الغير المتناهية إلى سلسلتي العلل والمعلولات والتطبيق بين آحادهما ؛ بل نقول : لو وجدت سلسلة غير متناهية فان كانت غير متناهية من طرف واحد نسقط عدّة متناهية من الطرف المتناهي ، ولو كانت غير متناهية من الجانبين فسقطناها من البين واعتبرنا كلّ قطعة على حدة ، ثمّ نسقط العدّة المتناهية من المبدأ فالباقي في الصورتين أيضا سلسلة غير متناهية ناقصة عن السلسلة الاولى بتلك العدّة ؛ فاذا طبّقنا التامّة على الناقصة بان فرضنا الجزء الأوّل من التامّة بإزاء الجزء الأوّل من الناقصة والثاني بإزاء الثاني وهكذا فامّا تذهب هذه المساوات حتى تستغرق السلسلتين، فيلزم مساواة الكلّ لجزئه ، بل يزيد الكلّ على جزئه وهو باطل ؛ أو تنتهى الناقصة فتنتهى التامّة أيضا لزيادتها عليها بعدد متناه ، وقد فرضت غير متناهية ؛ هذا خلف!.

ومنها : انّه لو تسلسلت العلل إلى غير النهاية اسقطنا المعلول المحض من السلسلة ولا يضاف كلّ واحد من الآحاد الّتي فوقه بعد وصفي العلية والمعلولية تنحلّ السلسلة إلى جملتين متغايرتين بالاعتبار إحداهما مركّبة من العلل والأخرى من المعلولات ، وإذا طبّقنا بين آحاد الجملتين ـ اعني كلّ واحد من المعلولات على كلّ واحد من العلل ـ لزم زيادة وصف العلية على وصف المعلولية ، لانّه لا ينطبق حينئذ كلّ علة على معلولها لخروج المعلول الاخير ـ بل على معلول علّتها المتقدّمة عليها بمرتبة ، وذلك المعلول هو نفس تلك العلّة الّتي تنطبق عليه ، فالعلة والمعلول ـ اللّذان يحصل بينهما الانطباق ـ شيء واحد وإنّما يتغايران باعتبار وصفي العلية والمعلولية ، وبهذا الاعتبار يتصوّر الانطباق بينهما. فكلّ علة ومعلول منطبقين لا بدّ ان تكون قبلهما علّة ، لانّه إذا اجتمعت العلّيّة والمعلولية المنطبقتين في واحد واستندت معلوليته إلى علة مقدّمة عليه وجب أن تتقدّم علّة على كلّ منطبقين من العلة والمعلول ، فإذا انطبقت افراد المعلولات بأسرها ـ بحيث لم يبق منها واحد غير منطبق ـ كان هناك علّة متقدّمة على جميع المنطبقات لم ينطبق عليها شيء من افراد المعلولات ـ وإلاّ لزم أن ينطبق معلول من تلك المعلولات على علّته لا على علّة المعلول المتأخّر عنه الّتي هي نفس ذلك المعلول ـ ، وإذا انطبق على علّته فلا تكون علّته متقدّمة عليه ، بل واقعة في مرتبته وهو خلاف المفروض ، فتتحقّق هناك علّة متقدمة على جميع المنطبقات فتزيد سلسلة العلل على سلسلة المعلولات بواحدة، فيلزم انقطاع سلسلة المعلولات ، ومنه يلزم انقطاع سلسلة العلل ؛ هذا لو فرضت السلسلة متناهية من جانب المعلولات غير متناهية من جانب العلل. ولو فرضت متناهية من جانب العلل غير متناهية من جانب المعلولات تسقط العلّة المحضة ويلزم عند التطبيق بين الجملة التامة والناقصة زيادة وصف المعلولية على وصف العلية ، اذ كلّ معلول حينئذ لا ينطبق على علّته بل على عليّة معلوله المتأخر عنه ، وتلك العلّة هي نفس ذلك المعلول. فبمثل ما مرّ تبين انّ كلّ معلول وعلّة منطبقين لا بدّ أن يكون بعدهما معلول. وعلى قياس ما تقدّم يلزم زيادة سلسلة المعلولات على سلسلة العلل ، فتنقطع السلسلتان (3).

ومنها « برهان التضايف ». وتقريره : انّه لو وجدت سلسلة غير متناهية لكان كلّ واحد من آحادها معلولا لسابقه وعلة للاحقه إلاّ العلّة الاولى إن كان عدم التناهي من جانب المعلولات دون العلل فانها علّة محضة ، إذ المعلول الأخير إن كان بالعكس فانّه معلول محض فيتصف كلّ واحد من آحادها بالمتضايفين ـ أعني : العلّية والمعلولية ـ ، إلاّ العلّة المحضة أو المعلول المحض ـ فان كلاّ منهما يتصف بإحداهما ـ ، فيزيد عدد أحد المتضايفين على الآخر بواحد ؛ لكنّه محال لانّ المتضايفين متكافئان في الوجود ـ أي : يجب تساويهما في العدد ـ ، فيلزم ان يكون بإزاء كلّ علية معلولية حتّى يتساويا في العدد ولا يتصوّر ذلك إلاّ بان تكون السلسلة من الطرف الآخر متناهيا لتحقّق معلول محض أو علّة محضة يكون بإزاء ما فرض في الطرف المتناهي من المعلول المحض أو العلّة المحضة. ولو فرضت السلسلة غير متناهية من الطرفين قطعناها من البين واعتبرنا كلّ قطعة على حدة. وهذا البرهان كما ثبت منه بطلان التسلسل ثبت منه وجود الواجب بالذات ، لانّه إذا وجد في أحد طرفي السلسلة ما هو المتصف بالعلّية دون المعلولية باعتبار وجوده في نفسه كان واجبا بالذات لا بالغير من الواجب بالذات إلاّ ما هو علّة الاشياء وليس معلولا لغيره (4).

 

ومنها : انّه لو وجدت سلسلة غير متناهية فهي لا محالة اسقطنا منها واحدا ، فيبقي الباقي أقلّ منها ، والاتصاف بالأقلية يستلزم التناهي ، لأنّ معنى أقلية الشيء أن يكون له حدود مرتبة لا يجاوزه ، وإذا كان متناهيا كانت السلسلة أيضا متناهية ، لانّه لا يزيد عليه إلاّ بواحد.

ومنها : انّه لو وجدت سلسلة غير متناهية فهي لا محالة تنحلّ على آحاد وعشرات ومئات وألوف وهكذا ، فعدّة الآحاد مثلا امّا أن تكون مساوية لعدّة الالوف أو اقلّ منها أو أكثر ، والكلّ باطل. امّا بطلان الأوّلين فلأنّ عدّة الآحاد يجب أن يكون أزيد من عدّة الالوف بتسعمائة وتسع وتسعين ، لأنّا نأخذ في عدّة الآحاد كلّ واحد واحد وفي عدّة الألوف نأخذ كلّ الف واحدا ، فيكون عدّة الآحاد في ألف مائة ألف مائة وعدّة الألوف فيها مائة ، فكيف يمكن مساواة عدّة الآحاد لعدّة الالوف أو نقصانها عنها؟!. وامّا بطلان الثالث فلأنّه لو كان عدّة الألوف اقلّ لكانت متناهية ـ لما تقدم من أنّ الاقلّية لا ينفكّ عن التناهي ، لانّ معناها أن يكون له حدّ ومرتبة لا تجاوز عنه ـ ، والضرورة قاضية بانّه لا معنى لكون غير متناه اقلّ أو أكثر من غير متناه آخر وإذا كانت عدّة الألوف متناهية كانت عدّة الآحاد أيضا متناهية ، اذ هي لا يزيد عليها إلاّ بقدر متناه ـ وهو تسع مائة وتسع وتسعون ـ ، فيلزم تناهى السلسلة لتناهي اجزائها عدّة وآحادا (1).

ومنها : انّه لو وجدت سلسلة غير متناهية لاشتملت على آحاد غير متناهية وعشرات غير متناهية ومئات غير متناهية وألوف غير متناهية وهكذا ، فيجب ان يكون العادّ لكلّ واحد من تلك العدد أيضا اعداد غير متناهية ، فتكون العادّ لكلّ منها واحدا وهو تمام الآحاد ـ لأنّ الاعداد العادية في جميع تلك العدد يستوعب تمام الآحاد وإلاّ لم يكن معنى لعدم تناهى تلك العدد ـ ؛ فيلزم أن يكون كلّ عددين متناهيين كالواحد والعشر والعشرة والمائة والمائة والألف متساويين لتساوي ما بعدهما.

ومنها : انّه لو وجدت سلسلة غير متناهية لاستلزمت لان يكون عدد واحد هو مجموع آحاد السلسلة زوجا وفردا ؛ وهو محال. بيان اللزوم : انّه لو وجدت سلسلة كذلك فان كان أحد طرفيها متناهيا فذاك ، وإلاّ قطعناها من البين ونقول : العدد الّذي وقع مبدأ لتلك السلسلة متّصف بالأولية وعلية المتقدّمة عليه بمرتبة متصفة بالثانوية وعلّة تلك العلة متصفة بالثالثية ـ وهكذا كلّ واحد من آحاد تلك السلسلة على الترتيب ـ له مرتبة معيّنة كالرابعية والخامسية إلى غير النهاية؛ ولا ريب في انّ نصف تلك الآحاد تقع في المراتب الفردية كالأول والثالث والخامس ، ونصفها الآخر يقع في المراتب الزوجية كالثاني والرابع والسادس وكلّ منهما يذهب إلى غير النهاية فيكون بإزاء كلّ واحد من المراتب الفردية واحد من المراتب الزوجية وبالعكس ؛ ولا يجوز أن يقع فردان أو زوجان ولاء ـ بل يقع بعد كلّ فرد زوج وبالعكس ـ ، فيكون عدد الآحاد الفردية مساويا لعدد الآحاد الزوجية ، فتنقسم السلسلة إلى قسمين متساويين أحدهما الأفراد والآخر الازواج ، فيكون مجموع آحاد السلسلة زوجا ـ لانّا لا نريد من الزوج إلاّ المنقسم بمتساويين ـ. ثمّ نقول : مجموع آحاد تلك السلسلة بعينها فرد ، لأنّا إذا اسقطنا واحدا منها بقيت سلسلة أخرى غير متناهية وناقصة منها بواحد ، وتبيّن بما تقدم انّ آحاد تلك السلسلة الناقصة أيضا زوج ، فيلزم أن تكون السلسلة التامة فردا ، لانها كانت زائدة على الناقصة بواحد. وإذا زيد واحد على زوج يحصل فرد ، لأنّ الواحد إذا انضمّ إلى احد النصفين يزيد على الآخر ولا يصلح للتنصيف، فيثبت لزوم ما ادّعيناه من كون آحاد السلسلة زوجا وفردا وهو باطل. وهذا المحال لزم من فرض وجود غير المتناهي ، فيجب أن يكون الطرف الّذي فرض غير متناه متناهيا لئلاّ يلزم هذا التناقض.

ومنها : انّه لو وجدت سلسلة غير متناهية لكان نصفها آحادا زوجية ونصفها آحادا فردية ـ كما تقدّم آنفا ـ ، فيوجد النصف لتلك السلسلة ، ولكن آحاد كلّ من النصفين منتشرة في مجموع السلسلة بمعنى أنّ بعد كلّ فرد زوج وبالعكس إلى غير النهاية. ثمّ نقول : لا ريب في انّه يمكن اعتبار التنصيف وتعينه من أحد الطرفين على التوالي والترتيب ، بان نقول : نصف الآحاد الزوجية مع نصف الآحاد الفردية في كلّ من الطرفين نصف أعداد السلسلة على التوالي والترتيب. وإذا وجد للسلسلة نصف على الترتّب والتوالي نقول : لا يخفى على كلّ عاقل انّ كلّ عدد مؤلّف من آحاد مترتّبة له نصف يجب أن يحصل نصفه أوّلا ثمّ يحصل كلّه ، وما لم يحصل في الخارج نصفه لا يمكن أن يحصل كلّه ، ولا ريب في انّ النصف إذا وجد كان محصورا بين الحاصرين ـ أعني : مبدأ السلسلة ومبدأ النصف الآخر ـ ، فيكون متناهيا ؛ وإذا كان النصف متناهيا كان الكلّ متناهيا.

ومنها : انه لو وجدت سلسلة غير متناهية من جانب واحد لاشتملت على آحاد فردية غير متناهية وآحاد زوجية كذلك ، فتوجد فيها أوّلا سلسلتان غير متناهيتين من جانب واحد ويلزم أن لا ينقص مجموع آحادهما عن آحاد الغير المتناهي في الجانبين بمقدار غير متناه ، لانّ الضرورة قاضية بانّ كلّ سلسلتين غير متناهيتين من جانب واحد لا ينقص مجموع آحادهما عن آحاد غير المتناهي من الجانبين بمقدار غير متناه ، بل امّا يتحقّق بينهما التساوي أو الزيادة أو النقصان بقدر متناه. ثمّ نقول : لا ريب في انّ كلّ سلسلة غير متناهية من جانب واحد ينقص آحادها عن آحاد السلسلة الغير المتناهية من الجانبين بمقدار غير متناه ، لأنّا إذا طبّقنا الأولى على أحد قسمي الثانية لكانت مساوية ومطابقة له ، ويبقى منها قسم آخر غير متناه ، فيلزم منه أن تكون السلسلة الّتي فرضت أوّلا غير متناهية من جانب واحد أنقص من الغير المتناهية من الجانبين بمقدار غير متناه وإن اشتملت على آحاد فردية غير متناهية وآحاد زوجية كذلك ، مع انّه يثبت أوّلا أنّها لا تنقص عنها بمقدار غير متناه ، فيجتمع فيها النقيضان ، وهو محال.

ومنها : انّه لو وجدت سلسلة مركبة من آحاد غير متناهية لكان لها في حاقّ الواقع ومتن الخارج مرتبة من العدد البتة ، لانّ كلّ جملة موجودة في الخارج متعينة الآحاد يجب أن يعرضها مرتبة عددية ويوجد مراتب أخر ناقصة عنها بواحد واثنين وثلاثة ، وهكذا يوجد طبقات مترتّبة متنازلة إلى أن ينتهى إلى الواحد ، وكلّما يوجد من المراتب المتوسّطة بين المرتبة الأولى والمرتبة الأخيرة ـ أعني : الواحد ـ محصور بينهما ، فلو كانت تلك المراتب غير متناهية لزم كون الغير المتناهي محصورا بين حاصرين وهو باطل (5) وأنت تعلم انّه لو قطع النظر عن الانصاف واستقامة القريحة يمكن للمناظر المجادل أن يمنع أوّلا وجود مرتبة عددية معينة لآحاد الغير المتناهي ؛ ويمنع ثانيا استحالة انحصار الغير المتناهي بين مثل هذين الحاصرين (6) ـ أعني ـ المرتبة الّتي لغير المتناهي والمرتبة الواحدية ـ ، إلاّ أنّ بعد الرجوع إلى الانصاف والوجدان السليم والحدس الصائب يحكم العقل بأنّ الآحاد الموجودة المتعينة في الخارج لا بدّ أن يعرضها مرتبة معينة من العدد ولا يمكن انحصار غير المتناهي بينها وبين الواحد (7).

_________________

(1) راجع : الشرح الجديد ص 122. وانظر : ما افاده المحقق الطوسى بشأن هذا البرهان فى فوائده الملحقة بتلخيص المحصّل ص 516. المطالب العالية ج 1 ص 151. الحكمة المتعالية ج 2 ص 145.

(2) راجع : الشرح الجديد ، ص 123. وانظر : الحكمة المتعالية ، ج 2 ، ص 163 ؛ شرح المقاصد ، ج 2 ، ص 125.

(3) راجع : الشرح الجديد ، ص 125. وانظر أيضا : الحكمة المتعالية ، ج 2 ، ص 162 ؛

(4) راجع : الشرح الجديد ، ص 125. وانظر : الحكمة المتعالية ، ج 2 ، ص 164 ؛ شرح المقاصد ، ج 2 ، ص 129.

(5) انظر : الحكمة المتعالية ، ج 2 ، ص 166 ؛ شرح المقاصد ، ج 2 ، ص 127.

(6) راجع : الحكمة المتعالية ، ج 2 ، ص 167.

(7) وهناك ادلّة اخرى لإبطال الدور والتسلسل وابحاث قيّمة مبثوثة في الكتب الحكمية و

الكلامية. ولعلّ من أنفسها ما ذكره الإمام الرازي ، راجع : المطالب العالية ، ج 1 ، ص 136 / 157.

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.