أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-4-2018
1234
التاريخ: 10-12-2018
1045
التاريخ: 11-08-2015
1351
التاريخ: 12-08-2015
2929
|
قال : ( ثمّ الوجود والعدم قد يحملان وقد تربط بهما المحمولات ).
أقول
: الوجود والعدم على قسمين : وجود أصليّ ووجود
رابطيّ ، فإنّهما قد يحملان على الماهيّات ، كما تقول : « الإنسان موجود » و «
الإنسان معدوم » وقد يجعلان رابطة ، كقولنا : « الإنسان يوجد كاتبا » و « الإنسان
تعدم عنه الكتابة » فجعلنا المحمول هو الكتابة. والوجود والعدم رابطتان ، إحداهما
: رابطة الثبوت والوصل ، والأخرى : رابطة السلب والفصل.
قال
: ( والحمل (1) يستدعي اتّحاد الطرفين من وجه وتغايرهما من آخر ، وجهة
الاتّحاد قد تكون أحدهما وقد تكون ثالثا ).
أقول
: لمّا ذكر أنّ الوجود والعدم قد يحملان وقد
يكونان رابطة بين الموضوع والمحمول ، شرع في تحقيق معنى الحمل.
وتقريره : أنّا إذا حملنا وصفا على موصوف ، فلسنا نعني به
أنّ ذات الموضوع هي ذات المحمول نفسها ، وإلاّ يلزم تحقّق حمل ووضع في الألفاظ
المترادفة ، وهو باطل ؛ لأنّ قولنا : « الإنسان حيوان » حمل صادق ، وليس الإنسان
والحيوان مترادفين ، ولا نعني به أنّ ذات الموضوع مباينة لذات المحمول ؛ فإنّ
الشيئين المتباينين ـ كالإنسان والفرس ـ يمتنع حمل أحدهما على الآخر ، بل نعني به
أنّ المحمول والموضوع بينهما اتّحاد من وجه وتغاير من وجه بالتغاير مفهوما
والاتّحاد مصداقا ؛ فإنّا إذا قلنا : « الضاحك كاتب » عنينا به أنّ الشيء الذي
يقال له : الضاحك هو الشيء الذي يقال له : الكاتب ، فجهة الاتّحاد هي الشيء ، وجهة
التغاير هي الضحك والكتابة.
إذا عرفت هذا ، فاعلم أنّ جهة الاتّحاد قد تكون أمرا مغايرا
للمحمول والموضوع ، كما في هذا المثال ؛ فإنّ الشيء الذي يقال له : ضاحك وكاتب هو
الإنسان ، وهو غير الموضوع والمحمول. وقد تكون أحدهما بكون مفهوم أحدهما تمام
حقيقة مصداق الآخر وكون العنوان عين الذات ، كقولنا : « الإنسان ضاحك » و « الضاحك
إنسان » لاتّحاد ذات الإنسان مع مفهوم الضاحك.
قال
: ( والتغاير لا يستدعي قيام أحدهما بالآخر ولا اعتبار عدم القائم في القيام لو
استدعاه ).
أقول
: لمّا ذكر أنّ المحمول مغاير للموضوع من وجه ،
صدق عليه مطلق التغاير ، فيتوجّه شكّ ، وهو أنّ أحد الطرفين حينئذ يجب أن يكون
قائما بالآخر ، وإلاّ لم تكن بينهما مناسبة ، وإذا كان قائما فالطرف الآخر في نفسه
ليس متّصفا بالطرف القائم به ، وإلاّ اجتمع المثلان عند قيامه ، وحينئذ يلزم قيام
الشيء بما ليس متّصفا به ، وذلك جمع للنقيضين.
فأجاب بأنّ صدق التغاير لا يستدعي قيام أحدهما بالآخر قيام العرض
بمحلّه ؛ فإنّا نقول : «الإنسان حيوان » وليست الحيوانيّة قائمة بالإنسانيّة ؛
لعدم تصوّر قيام بين الكلّ والجزء ، وكفاية الاتّحاد في الصدق في الحمل.
ثمّ لو فرضنا أنّ التغاير مع الحمل يقتضي قيام أحدهما
بالآخر لكن لا يلزم من كون المحمول قائما بالموضوع كون الموضوع في نفسه مأخوذا
باعتبار عدم القائم من باب اعتبار الشيء بشرط لا واعتبار العدم ، بل اللازم عدم
اعتبار القيام ، وبين عدم الاعتبار واعتبار العدم فرق ظاهر ؛ فلا يلزم اجتماع
النقيضين.
قال
: ( وإثبات الوجود للماهيّة لا يستدعي وجودها قبل وجودها ).
أقول
: إنّ الحكماء أطبقوا على أنّ الموصوف بالصفة
الثبوتيّة يجب أن يكون ثابتا. (2)
وقد أورد على هذا : أنّ الوجود ثابت للماهيّة ، فيجب أن تكون
الماهيّة ثابتة أوّلا حتّى يتحقّق لها ثبوت آخر ويتسلسل ، مضافا إلى أنّه يلزم أن
تكون الماهيّة موجودة بوجودين أو بوجود واحد مرّتين ، وذلك محال بالضرورة.
والجواب
: ما تقدّم فيما حقّقناه أوّلا من أنّ الوجود ليس
عروضه للماهيّات عروض السواد للمحلّ ، بل زيادته إنّما هي في التصوّر والتعقّل لا
في الوجود الخارجي ، بمعنى أنّ الوجود ثابت للماهيّة من حيث هي ، لا للماهيّة
المعدومة و [ لا ] للماهيّة الموجودة.
مضافا إلى كون الماهيّة ثابتة بالوجود الثابت بنفسه ،
المحمول عليها ، كما في المنوّر بالنور ...
قال
: ( وسلبه عنها لا يقتضي تميّزها وثبوتها بل نفيها لا إثبات نفيها. وثبوتها في
الذهن وإن كان لازما لكنّه ليس شرطا ).
أقول
: هذا جواب شكّ يورد على سلب الوجود عن الماهيّة.
وتقريره : أنّ سلب الوجود عن الماهيّة لا يقتضي أن تكون
الماهيّة متميّزة عن غيرها وثابتة في نفسها وفي الخارج ، بل يكفي ثبوتها وتميّزها
في الذهن ، فسلبه عنها لا يقتضي إلاّ نفيها في الخارج ، لا إثبات نفيها بأن يكون
هناك أمر متحقّق هو الماهيّة وقد ثبت لها الانتفاء.
وثبوتها في الذهن ليس شرطا لسلب الوجود بأن يسلب الوجود عن
الماهيّة الموجودة في الذهن بشرط كونها
موجودة فيه حتّى يلزم اجتماع النقيضين ، بل يلزم من كون الماهيّة من حيث هي محكوما
عليها بالسلب وجودها في الذهن ، ولا محذور فيه ؛ فإنّ سلب الوجود عن الماهيّة في
الجملة لا يناقض وجودها في زمان كونها محكوما عليها ، فلا يلزم اجتماع النقيضين.
قال
: ( والحمل والوضع من المعقولات الثانية ، يقالان بالتشكيك ، وليست الموصوفيّة
ثبوتيّه ، وإلاّ تسلسل ).
أقول
: الحمل والوضع من الأمور المعقولة ، وليس في
الخارج حمل ولا وضع ، بل الثابت في الخارج هو الإنسان والكتابة.
وأمّا صدق الكاتب على الإنسان فهو أمر عقليّ ، ولهذا حكمنا
بأنّ الحمل والوضع من المعقولات الثانية العارضة للمعقولات الأولى من حيث هي في
العقل ، ويقالان على أفرادهما بالتشكيك ؛ فإنّ استحقاق بعض المعاني للحمل أولى من
البعض الآخر ، وكذا الوضع. وإذا قلنا: « الجسم أسود » فقد حكمنا على الجسم بأنّه
موصوف بالسواد ، والموصوفيّة أمر اعتباريّ ذهنيّ لا خارجيّ حقيقيّ ؛ لأنّ
الموصوفيّة لو كانت وجوديّة لزم التسلسل.
وبيان الملازمة : أنّها لو كانت خارجيّة لكانت عرضا قائما بالمحلّ
، فاتّصاف محلّها بها يستدعي موصوفيّة أخرى ، فنقل الكلام إليها ويتسلسل.
__________________
(1)
قوله : « والحمل ... » إلى آخره. اعلم أنّ الحمل على أقسام :
منها
: حمل الشيء على نفسه ، وهو ما إذا اتّحد الموضوع والمحمول لفظا ومفهوما ومصداقا
وأحوالا ، كما إذا قيل : الإنسان إنسان.
ومنها
: الحمل الحقيقي ، وهو ما إذا تغايرا لفظا واتّحدا مفهوما ، وكان المحمول ذاتي
للموضوع ، بل تمام حقيقته ، كما إذا قيل : الإنسان حيوان ناطق ، وهو قسم من حمل هو
هو وحمل ذاتي.
ومنها
: الحمل المتعارفي ، وهو ما إذا تغايرا لفظا ومفهوما واتّحدا مصداقا ، بحمل الكلّي
على الجزئي ، كما يقال : زيد إنسان. وهو أيضا قسم من حمل هو هو.
ومنها
: الحمل الاشتقاقي ، وهو ما إذا تغايرا لفظا ومفهوما ومصداقا ، ولكن كان مدلول
المحمول حالا من أحوال حدّيته لمدلول الموضوع ك « زيد عدل » بمعنى عادل.
ومنها
: حمل تصوّر ك « زيد كيف » أي ذو كيف.
ومنها
: حمل المباين على المباين ؛ للتشبيه والحكم ، كقوله 9 : « الطواف بالبيت صلاة ».
ومنها
: حمل المباين للمبالغة ك « زيد حمار ».
ومنها
: حمل المباين لا كما ذكر.
وما
عدا الأوّل والأخير مقبول ... ( منه ; ).
(2)
لقاعدة أنّ ثبوت الشيء للشيء فرع لثبوت المثبت له. ( منه ; ).
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|