المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4876 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

قشور الشمع Wax scales
19-11-2017
المقاومة الاحيائية
21-6-2016
علاقة الجغرافيا بالعلوم النظامية - رأي فنمن (Nevi M. Fenneman)
21/12/2022
مخارج الحروف
30-7-2016
البيعة للرضا (عليه السلام) بولاية العهد
15-10-2015
demotion (n.)
2023-08-08


الوجوب والإمكان والامتناع  
  
16027   01:25 صباحاً   التاريخ: 12-08-2015
المؤلف : محمد جعفر الاسترآبادي المعروف بــ(شريعتمدار)
الكتاب أو المصدر : البراهين القاطعة في شرح تجريد العقائد الساطعة
الجزء والصفحة : ص124-133/ج1
القسم : العقائد الاسلامية / مصطلحات عقائدية /

 قال : ( وإذا حمل الوجود أو جعل رابطة ، تثبت موادّ ثلاث في أنفسها ، وجهات في التعقّل دالّة على وثاقة الرابطة وضعفها ، وهي الوجوب ، والامتناع ، والإمكان ).

أقول : الوجود قد يكون خارجيّا أصيلا ، وقد يكون ذهنيّا ظلّيّا ، وكلّ منهما قد يكون أصليّا ، وقد يكون رابطيّا ، بمعنى أنّه قد يكون محمولا بنفسه ، كقولنا : « الإنسان موجود » ، وقد يكون رابطة بين الموضوع والمحمول ، كقولنا : « الإنسان يوجد حيوانا » ، ويسمّى التصديق الأوّل بسيطا ، ويسأل عنه بـ « هل » البسيطة ؛ لبساطة المسئول عنه. ويسمّى التصديق الثاني مركّبا ، ويسأل عنه بـ « هل » المركّبة.

وعلى كلا التقديرين يكون بين المحمول والموضوع نسبة ثبوتية.

ولا بدّ لهذه النسبة ـ أعني نسبة المحمول فيهما إلى الموضوع ـ من كيفيّة من الكيفيّات الثلاث ، التي هي الوجوب والإمكان والامتناع ، باعتبار استحالة الانفكاك أو الثبوت أو عدمهما.

وتلك الكيفيّة تسمّى مادّة وجهة باعتبارين : فإن أخذنا الكيفيّة في نفسها ، سمّيت مادّة. وإن أخذناها عند العقل وما تدلّ عليه العبارات ، سمّيت جهة.

وقد يتّحدان ، كقولنا : « الإنسان يجب أن يكون حيوانا » وقد يتغايران كقولنا : « الإنسان يمكن أن يكون حيوانا » ، فالمادّة ضروريّة ؛ لأنّ كيفيّة نسبة الحيوانيّة إلى الإنسانيّة هي الوجوب. وأمّا الجهة فهي الممكنة.

وهذه الكيفيّات تدلّ على وثاقة الربط وضعفه ؛ فإنّ الوجوب يدلّ على وثاقة الربط في طرف الثبوت ، والامتناع على وثاقته في طرف العدم ، والإمكان على ضعف الربط.

 

قال : ( وكذا العدم ).

أقول : إذا جعل العدم محمولا أو رابطة كقولنا : « الإنسان معدوم » أو « معدوم عنه الكتابة » حدثت الجهات الثلاث عند التعقّل ، والموادّ في نفس الأمر.

قال : ( والبحث في تعريفها كالوجود ).

أقول : إنّ جماعة من العلماء أخطئوا هاهنا ، حيث عرّفوا الواجب والممكن والممتنع ؛ لأنّ هذه الأشياء معلومة للعقلاء لا تحتاج إلى اكتساب.

نعم ، قد يذكر في تعريف ألفاظها ما يكون شارحا لها لا على أنّه حدّ حقيقيّ بل لفظيّ.

ومع ذلك فتعريفاتهم دوريّة ؛ لأنّهم عرّفوا الواجب بأنّه ما يستحيل عدمه ، أو الذي لا يمكن عدمه. ثمّ عرّفوا المستحيل بأنّه الذي لا يمكن وجوده ، أو الذي يجب عدمه.

ثمّ عرّفوا الممكن بأنّه الذي لا يجب وجوده ولا يجب عدمه ، أو الذي لا يستحيل وجوده ولا عدمه. فقد أخذوا كلّ واحد منها في تعريف الآخر ، وهو دور ظاهر (1).

 

قال : ( وقد تؤخذ ذاتيّة فتكون القسمة حقيقيّة ، ولا يمكن انقلابها ).

أقول : يعني إذا أخذنا الوجوب والامتناع والإمكان بحسب الذات لا بالنظر إلى الغير ، كانت المعقولات منقسمة إليها قسمة حقيقيّة أي بمنع الجمع والخلوّ ؛ وذلك لأنّ كلّ معقول على الإطلاق إمّا أن يكون واجب الوجود لذاته أو ممتنع الوجود لذاته أو ممكن الوجود لذاته ، لا يخلو عنها ، ولا يجتمع اثنان منها في واحد ؛ لاستحالة أن يكون شيء واحد واجبا لذاته ممتنعا لذاته أو ممكنا لذاته ، أو يكون ممتنعا لذاته وممكنا لذاته ، فقسمة كيفيّة نسبة المحمول إلى الموضوع حينئذ تكون على سبيل المنفصلة الحقيقيّة ذات الأجزاء الثلاثة ، لا يمكن الاجتماع بين الأقسام لا في الصدق ولا في الكذب ، بل يكون الصادق أمرا واحدا منها ؛ لأنّ ذات الموضوع إمّا أن تقتضي تلك النسبة أم لا ، وعلى الثاني إمّا أن تقتضي نقيض تلك النسبة أم لا، والأوّل هو الوجوب. والثاني هو الامتناع. والثالث هو الإمكان.

واحتمال غيرها خلاف الضرورة العقليّة.

واعلم أنّ القسمة الحقيقيّة قد تكون للكلّيّ بفصول أو لوازم تميّزه وتفصّله إلى الأقسام المندرجة تحته ، وقد تكون بعوارض مفارقة.

والقسمة الأولى لا يمكن انقلابها ، ولا يصير أحد القسمين معروضا لمميّز الآخرالذي به وقعت القسمة ، بمعنى أنّه لا يزول أحد المفهومات الثلاثة عن الذات بأن تتّصف الذات بالآخر ، كأن يصير الواجب بالذات ممكنا بالذات أو بالعكس ؛ لأنّ الذاتي لا يختلف ولا يتخلّف ، كقولنا : «الحيوان إمّا ناطق أو صامت » فإنّ الحيوان قد انقسم إلى طبيعتين ، ويستحيل انقلاب هذه القسمة ، بمعنى أنّ الحيوان الذي هو ناطق يستحيل زوال النطق عنه وعروض الصمت له ، وكذا الحيوان الذي هو صامت.

وأمّا الثانية فإنّه يمكن انقلابها ويصير (2) أحد القسمين معروضا لمميّز الآخر الذي به وقعت القسمة ، كقولنا: « الحيوان إمّا متحرّك أو ساكن » فإنّ كلّ واحد من المتحرّك والساكن قد يتّصف بعارض الآخر، فينقلب المتحرّك ساكنا وبالعكس.

وقسمة المعقول بالوجوب الذاتي والامتناع الذاتي والإمكان الذاتي من قبيل القسم الأوّل ؛ لاستحالة انقلاب الواجب لذاته ممتنعا لذاته أو ممكنا لذاته ، وكذا الباقيان.

 

قال : ( وقد يؤخذ الأوّلان (3) باعتبار الغير ، والقسمة مانعة الجمع بينهما يمكن انقلابها ، ومانعة الخلوّ بين الثلاثة في الممكنات ).

أقول : يعني إذا أخذنا الواجب والممتنع باعتبار الغير ـ لا بالنظر إلى الذات ـ انقسم المعقول إليهما على سبيل منع الجمع لا الخلوّ ؛ وذلك لأنّ المعقول حينئذ إمّا أن يكون واجبا لغيره أو ممتنعا لغيره على سبيل منع الجمع لا الخلوّ ؛ لامتناع الجمع بين الوجوب بالغير والامتناع بالغير ؛ لاستلزامه اجتماع الوجود والعدم ، وإمكان الخلوّ عنهما لا بالنظر إلى وجود العلّة ولا عدمها.

وهذه القسمة يمكن انقلابها ؛ لأنّ واجب الوجود بالغير قد يعرض عدم علّته ، فيكون ممتنع الوجود بالغير ، فينقلب أحدهما إلى الآخر.

وإذا لاحظنا الإمكان الذاتي في هذه القسمة في الممكنات ، انقلبت القسمة مانعة الخلوّ ؛ لعدم خلوّ كلّ معقول ممكن عن الوجوب بالغير والامتناع بالغير والإمكان الذاتي ، فيجوز الجمع بينها ؛ فإنّ الممكن الذاتي واجب أو ممتنع ، فيتحقّق الجمع بين الإمكان الذّاتي وأحد الباقيين.

 

قال : ( ويشترك الوجوب والامتناع في اسم الضرورة وإن اختلفا في السلب والإيجاب ).

أقول : الضرورة تطلق على الوجوب والامتناع وتشملهما ؛ فإنّ كلّ واحد من الوجوب والامتناع يقال له : ضروريّ ، لكنّهما يختلفان بالسلب والإيجاب ، فالوجوب ضرورة الوجود ، والامتناع ضرورة السلب ، واسم الضرورة شامل لهما.

 

قال : ( وكلّ منهما يصدق على الآخر إذا تقابلا في المضاف إليه ).

أقول : كلّ واحد من الوجوب والامتناع يصدق على الآخر إذا أضيفا إلى المتقابلين ـ أعني الوجود والعدم ـ فإنّ وجوب الوجود يصدق عليه امتناع العدم ، وبالعكس ، وكذلك امتناع الوجود يصدق عليه وجوب العدم ، وبالعكس.

وإنّما اشترط تقابل المضاف إليه ؛ لأنّه يستحيل صدقهما على مضاف إليه واحد ؛ فإنّ وجوب الوجود لا يصدق عليه امتناع الوجود ، وبالعكس ، ولا وجوب العدم يصدق عليه امتناع العدم ، بل إنّما يصدق كلّ واحد منهما على صاحبه مع التقابل ، كما قلنا : وجوب الوجود يصدق عليه امتناع العدم ، فالوجوب أضيف إلى الوجود ، والامتناع إلى العدم ، والوجود والعدم متقابلان.

قال : ( وقد يؤخذ الإمكان بمعنى سلب الضرورة عن أحد الطرفين ، فيعمّ الأخرى والخاصّ ).

أقول : القسمة العقليّة ثلاثة ؛ لأنّ المعقول إمّا واجب أو ممتنع أو ممكن ليس بواجب ولا ممتنع، هذا بحسب اصطلاح الخاصّة.

وقد يؤخذ الإمكان على معنى أعمّ من ذلك ، وهو سلب الضرورة عن أحد الطرفين ـ أعني طرف الوجود أو العدم ـ لا عنهما ، بل عن الطرف المقابل للحكم حتّى يكون ممكن الوجود هو ما ليس بممتنع ، ونكون قد رفعنا فيه ضرورة العدم ، وممكن العدم هو ما ليس بواجب [ و ] نكون قد رفعنا فيه ضرورة الوجود.

وإذا أخذ بهذا المعنى كان أعمّ من الأوّل ومن الضرورة الأخرى التي لا تقابله ، وهي ضرورة الجانب الموافق ، فإنّ رفع إحدى الضرورتين يستلزم ثبوت الأخرى والإمكان الخاصّ ، فممكن الوجود بالإمكان العامّ أعمّ من الواجب والممكن بالإمكان الخاصّ ، وممكن العدم بالإمكان العامّ أعمّ من الممتنع والممكن بالإمكان الخاصّ.

 

قال : ( وقد يؤخذ بالنسبة إلى الاستقبال ).

أقول : قد يؤخذ الممكن لا بالنظر إلى ما في الحال بل بالنظر إلى الاستقبال حتّى يكون ممكن الوجود هو الذي يجوز وجوده في الاستقبال من غير التفات إلى ما في الحال. وهذا الإمكان أحقّ باسم الإمكان.

 

قال : ( ولا يشترط العدم في الحال ، وإلاّ اجتمع النقيضان ).

أقول : ذهب قوم غير محقّقين إلى أنّ الممكن الاستقبالي شرطه العدم في الحال ، قالوا : لأنّه لو كان موجودا في الحال لكان واجبا ؛ إذ الشيء ما لم يجب لم يوجد ، فلا يكون ممكنا (4).

وهو خطأ ؛ لأنّ الوجود إن أخرجه إلى الوجوب أخرجه العدم إلى الامتناع.

وأيضا الممكن ما يمكن وجوده وعدمه ، فإذا اشترط في إمكان الوجود في المستقبل العدم في الحال ، اشترط في إمكان العدم الوجود في الحال ، فيلزم اشتراط وجوده وعدمه في الحال. وهذا خلف. وإليه أشار بقوله : « وإلاّ اجتمع النقيضان ».

وأيضا الوجوب الغيري لا ينافي إمكانه في المستقبل.

 

قال : ( والثلاثة اعتباريّة ؛ لصدقها على المعدوم واستحالة التسلسل ).

أقول : هذه الجهات الثلاث ـ أعني الوجوب والإمكان والامتناع  ـ أمور اعتباريّة يعتبرها العقل عند نسبة الوجود إلى الماهيّة وليس لها تحقّق في الأعيان ، لوجوه منها ما هو مشترك ، ومنها ما هو مختصّ بكلّ واحد. أمّا المشترك فأمران :

الأوّل : أنّ هذه الأمور تصدق على المعدوم ، فإنّ الممتنع يصدق عليه أنّه مستحيل الوجود وأنّه واجب العدم ، والممكن قبل وجوده يصدق عليه أنه ممكن الوجود وهو معدوم ، وإذا اتّصف المعدوم بها ، كانت عدميّة ؛ لاستحالة اتّصاف العدمي بالثبوت.

الثاني : أنّه لو كان هذه الأمور متحقّقة في الأعيان ، فاتّصاف ماهيّتها بوجوداتها لا يخلو عن أحد هذه الأمور الثلاثة ، فلو كانت هذه الأمور ثبوتيّة ، لزم اتّصافها بأحد الثلاثة ويتسلسل ، وهو محال.

قال : ( ولو كان الوجوب ثبوتيّا لزم إمكان الواجب ).

أقول : شرع في الدلالة على كلّ واحد من الثلاثة ، فبدأ بالوجوب الذي هو أقربها إلى الوجود ؛ إذ هو تأكّده ، فبيّن أنّه ليس ثبوتيّا.

والدليل عليه أنّه لو كان موجودا في الأعيان لكان ممكنا ، والتالي باطل فالمقدّم مثله.

بيان الشرطية : أنّه صفة للغير ، والصفة مفتقرة إلى الموصوف ، فالوجوب مفتقر إلى ذات الواجب ، فيكون الوجوب ممكنا.

وأمّا بطلان التالي ؛ فلأنّه لو كان الوجوب ممكنا لكان الواجب ممكنا ؛ لأنّ الواجب إنّما هو واجب بهذا الوجوب الممكن الذي يمكن زواله ، فيخرج الواجب عن كونه واجبا ، فيكون ممكنا، هذا محال.

ولا يخفى أنّ ما ذكره يتمّ في الوجوب الانتزاعي الاعتباري ، وأمّا الوجوب الواقعي ، الذي هو عين ذات الواجب الوجود بالذات عندنا ، ومقتضى الذات عند غيرنا ، فلا ، كما لا يخفى.

قال : ( ولو كان الامتناع ثبوتيّا لزم إمكان الممتنع ).

أقول : هذا حكم ضروريّ ، وهو أنّ الامتناع أمر عدميّ ، وقد نبّه هاهنا عليه على طريق التنبيه لا الاستدلال ، بأنّ الامتناع لو كان ثبوتيّا لزم إمكان الممتنع ؛ لأنّ ثبوت الامتناع يستدعي ثبوت موصوفه أعني الممتنع ، فيكون الممتنع ثابتا ، هذا خلف.

قال : ( ولو كان الإمكان ثبوتيّا لزم سبق وجود كلّ ممكن على إمكانه ).

أقول : اختلف الناس في أنّ الإمكان الخاصّ هل هو ثبوتيّ أم لا؟

وتحرير القول فيه : أنّ الإمكان قد يؤخذ بالنسبة إلى الماهيّة ، وهو الإمكان الراجع إلى الماهيّة، وقد يؤخذ بالنسبة إلى الوجود من حيث القرب والبعد من طرف العدم ، وهو الإمكان الاستعدادي.

أمّا الأوّل فالمحقّقون كافّة على أنّه أمر اعتباريّ لا تحقّق له عينا.

وأمّا الثاني فالأوائل قالوا : إنّه من باب الكيف ، وهو قابل للشدّة والضعف. والحقّ يأباه. والدليل على عدمه في الخارج أنّه لو كان ثابتا ـ مع أنّه إضافة بين أمرين أو ذو إضافة ـ لزم ثبوت مضافيه اللذين هما الماهيّة والوجود ، فيلزم تأخّره عن الوجود في الرتبة. هذا خلف ؛ لأنّ وجود الممكن متأخّر عن إمكانه بمراتب ؛ لأنّه يقال أمكن فاحتاج إلى المؤثّر فأوجده فوجد .

قال : ( والفرق بين نفي الإمكان والإمكان المنفيّ لا يستلزم ثبوته ).

أقول : هذا جواب عن استدلال أبي عليّ بن سينا على ثبوت الإمكان ؛ فإنّه قال ـ على ما قيل ـ : لو كان الإمكان عدميّا لما بقي فرق بين الإمكان ونفيه ؛ لعدم التمايز في العدميّات (5).

والجواب : المنع من الملازمة ؛ فإنّ الفرق وقع بين نفي الإمكان وثبوت الإمكان الذي حكمنا بأنّه ليس ثبوتيّا في الأعيان ، ولا يستدعي الفرق الثبوت العيني ، كما في الامتناع.

نعم ، يستدعي الثبوت الذهني الانتزاعي ، وهو غير منفيّ ، فالمنفيّ هو الثبوت العيني ، والمثبت بالدليل هو الثبوت الذهني ، فلا يتمّ التقريب.

ولا يخفى أنّه من الشيخ الرئيس عجيب ، ولكنّ الجواد قد يكبو ، والصارم قد ينبو من غير امتناع.

والحاصل : أنّ الإمكان العقلي على أقسام :

منها الإمكان الذاتي بمعنى عدم ترتّب الاستحالة على الوجود.

ومنها الإمكان الاستعدادي ، وهو صلاحيّة الوجود.

ومنها الإمكان الوقوعي بمعنى عدم ترتّب القبح على الإيجاد. والكلّ اعتباريّ.

 

قال : ( والوجوب شامل للذاتي وغيره وكذا الامتناع ).

أقول : الوجوب قد يكون ذاتيّا ، وهو المستند إلى نفس الماهيّة من غير التفات إلى غيرها ، وقد يكون بالغير ، وهو الذي يحصل باعتبار حصول الغير والنظر إليه ؛ فإنّ المعلول لو لا النظر إلى علّته لم يكن واجبا ، فالوجوب المطلق قد انقسم إلى ما بالذات وإلى ما بالغير ، وهو شامل لهما ، وكذا الامتناع شامل للامتناع الذاتي والعارض باعتبار الغير ، وليس عموم الوجوب عموم الجنسيّة ، وإلاّ تركّب الوجوب الذاتي بل عموم عارض ذهنيّ لمعروض ذهنيّ.

 

قال : ( ومعروض ما بالغير منهما ممكن ).

أقول : الذات التي يصدق عليها أنّها واجبة بالغير أو ممتنعة بالغير فإنّها تكون ممكنة بالذات ؛ لأنّ الممكن الذاتي إذا وجد علّته عرض له الوجوب بالغير ، وإذا عدم علّته عرض له الامتناع بالغير ، فالممكن الذاتي معروض الوجوب الغيري والامتناع الغيري لا غيره ؛ إذ لا يمكن أن يكون الواجب بالغير واجبا بالذات ؛ للزوم توارد العلّتين ـ أعني الذات والغير ـ على شيء واحد شخصي ، ولا ممتنعا بالذات ، وإلاّ لكان موجودا ومعدوما. وكذا الممتنع بالغير ، فقد ظهر أنّ معروض ما بالغير من الوجوب والامتناع ممكن بالذات لا غير.

قال : ( ولا ممكن بالغير ؛ لما تقدّم في القسمة الحقيقيّة ).

أقول : لا يمكن أن يكون هاهنا ممكن بالغير كما أمكن واجب أو ممتنع بالغير ؛ لأنّه لو كان كذلك لكان المعروض للإمكان بالغير إمّا واجبا لذاته ، أو ممتنعا لذاته ، وكلّ ممكن بالغير ممكن بالذات ، فيكون ذلك المعروض تارة واجبا لذاته ، وتارة ممكنا لذاته ، فيلزم انقلاب القسمة الحقيقيّة التي فرضنا أنّها لا تقلب. هذا خلف.

 

__________________

 

(1) انظر : « نهاية المرام في علم الكلام » 1 : 87 ـ 88.

(2) عطف على « انقلابها » أي صيرورة أحد القسمين.

(3) أي الوجوب والامتناع.

(4) انظر : « شرح المقاصد » 1 : 462 ـ 463.

(5) ما نقله هنا هو نصّ كلام الفخر الرازي في توجيه كلام ابن سينا ، راجع « شرحي الإشارات » 1 : 226 ؛ « المحاكمات» المطبوعة في هامش « شرح الإشارات » 2 : 107 ؛ « نهاية المرام في علم الكلام » 1 : 112.

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.