أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-4-2022
2342
التاريخ: 2024-01-09
940
التاريخ: 11-4-2017
3054
التاريخ: 2023-02-21
1435
|
إن أحاسيس الشاب بعد بلوغه سن الرشد تتغير، فتتغير معالم جسمه الخارجية والداخلية، وتظهر عنده المشاعر الجياشة والأحاسيس النارية، كما تتغير أخلاقه وسجاياه بكل ما في الكلمة من معنى، ويحدث عندئذ صراع مرير يعيشه الإنسان البالغ، حيث يكمن هذا الصراع بين دوافع الروح وميول الجسد، فتشده عوامل الروحانيات لما فيه صلاحه ونجاحه وسعادته في الدارين، بينما تدفعه الرغبات والميول وعوامل أخرى نحو السقوط في حمأة الرذائل والفساد والرغبات المحرمة شرعاً وعقلاً وعرفاً.. فتتغير كلياً تصرفاته وسلوكياته وحركاته وسكناته بسبب تواجد ذلك الصراع في داخله.
يقول الكاتب الكبير(ألكسيس كارليل) في كابه «الإنسان ذلك المجهول»(1) «الجميع جرب أن الشباب من الجنسين ينفعلون أسرع بكثير من الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم العاشرة. فكلمة واحدة أو كناية أو إشارة أو حركة تكفي لإثارة عاصفة، لمجرد أمور بسيطه تحمر ألوانهم، وتارة تصاب الفتيات في سن التكليف بأزمة الضحك التي تقترن بشحنات وأزمات عصبية شديدة، وحينما تبرز هذه الحالات فإن الاضطرابات الحاصلة لا تخل بالأعمال والحركات فحسب بل إنها تشمل أيضاً النشاط الفكري والثقافي والتربوي... إن نتيجة الاضطرابات والأحاسيس المتزايدة هي نشوء سريع لردود الفعل لدى الشباب ليتسلطوا على أنفسهم ويسيطروا عليها، وكلما تعرض الشاب البالغ لهجرة ترتفع قدرة تحمله وتعظم إرادته ويمنع هذه الفترة والاهتمام بها باعتبارها أخطر مرحلة تمر على الإنسان»(2).
من هنا تعد مشكلات التربية اليوم من أهم وأفدح المشكلات الأسرية في مجتمعنا المعاصر، ففترة الشباب فترة حيوية، تلعب الميول والأهواء والرغبات فيها درواً خطيراً ومهماً أيضاً.
وهذه الميول، تعتبر بمثابة الأعمدة المهمة للتربية الأخلاقية، والصحية، والثقافية، والدينية للشباب، على أساس أحاسيسهم وعواطفهم الكثيرة، حيث ينبع معظم النجاح أو الفشل والانتصار أو الإضعاف والإشباع أو الإحباط والتوقف أو عدمه عند الإنسان من مشاعره وأحاسيسه.
والمشكلة كما يوضحها أهل الاختصاص في الشؤون التربوية، أن تربية الشباب هي ترشيد تلك الأهواء والأحاسيس وسوقها في طريق الأمان، حيث إذا لم يجد الشاب أو الفتاة المعلم الكفؤ، القادر على تعديل الميول العاطفية وتنظيمها بمخطط دقيق ومبرمج، فسوف يؤول أمرهما إلى الضياع والشتات، بل ربما يتحولان إلى معقل للجرائم والمنكرات والفساد، لأن الميول والأحاسيس عامل قوي في حياة الإنسان.
يقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): وكم من عقلٍ أسيرٍ عن هوىً أمير.
ومن الأحاديث التي يبرز فيها هذا المعفى أيضاً، حديث (القصعة) وحديث (ضياع العلم) وحديث (الاتباع).
إن الأمة الإسلامية إذا لم تستثمر الطاقات الفعالة في حياة شبابها وشاباتها سوف يؤول أمرهم إلى تباع الشهوات والملذات والأهواء ومقارفة الفساد والانحراف بأنواعه.
وقد ثبت علمياً عبر الاستقراء للحوادث والجرائم التي تحدث في العالم، أن السبب الرئيسي لتلك الحوادث انبعاث تلك الأحاسيس والميول الغير طبيعية في حياة الشاب فتحوله إلى مجرم. كما أن أغلب المجرمين أقدموا على اقتراف الجرائم والمنكرات بسبب استثمار الأحاسيس والميول في الأمور الشريرة عن طريق المربي، ولذلك ترى التغيير الواضح تجاه ارتكاب الجرائم المختلفة.
تقول بعض الدراسات: «بين أربعة مجرمين يمكن أن تختلف دوافع ارتكاب الجريمة، فأحدهم يقدم على القتل انتقاماً من غريمه، وآخر يقضي على أحد أقاربه كان يمنعه من الوصول إلى الإرث، وثالث امرأة على سبيل المثال تخنق وليدها، ورابع يسطو على منزل شيخ طاعن يقتله ليسرق ما في منزله.. فلكل مجرم محرك ودافع خاص يدفعه نحو جريمته، وهذا الدافع لم يوجد إلا من الأحاسيس والميول المتواجدة عند المجرم»(3).
من هنا لا بد أن يهتم المربي ويعتني ببعض القواعد المهمة التي تقود أسرته ومجتمعه نحو الأفضل، ومنها على سبيل الإيجاز:
١- اغتنام العواطف والأهواء للصاح العام:
لو رجعنا إلى السجلات الأسرية التربوية الناجحة، لرأينا أن السر الذي يكمن وراء نجاحها هو اغتنام الميول والعواطف والأهواء في حياة الشاب والفتاة.
ومن أهم القواعد الأولى التي يمكن من خلالها أن يحظى الإنسان المسلم بتشكيل أسرة مثالية في حياته، أن يستثمر عوامل الميول والأحاسيس والعواطف في حياة المراهق الأسري. وحتى يتم استثمارها تماماً ينبغي علينا أن نبدأ بالقاعدة الثانية وهي:
2- بمكافحة الأخلاق الذميمة:
في الحقيقة ثمة مسافة شاسعة بين التعاليم الإسلامية وبين واقع المسلم المعاصر، فالمسلم الحقيقي هو الذي يكيف نفسه وواقعه حسب المفاهيم والنظم الإسلامية، وليس بمسلم حقيقي ذلك الذي يحاول تكييف الدين وتعاليمه الحقة وأخلاقه المثالية وفق ما تشتهيه نفسه كما هو الحال بالنسبة للمسلم المعاصر اليوم.
ولذلك أكد الدين على ضرورة الأخلاق الإسلامية، حتى يتسنى للمسلم الانتصار على مواطن الفساد الأخلاقي في حياته الاجتماعية والأسرية على حد سواء، حيث حث الإسلام على الخلق الحسن واعتبره من أحسن الملكات ومن أصعب الأمور على النفس، إذ طيب الكلام وحسن الجوار والرفق، ومداراة الناس، وحسن العشرة.. كلها تتحمل مسؤولية جميع الصفات.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأم حبيبة «إن حسن الخلق ذهب بخير الدنيا والآخرة».
وجاء في حديث آخر عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: «إن أول ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة حسن الخلق»(4).
وقد اعتبرت بعض النصوص الدينية الخلق السيء ذنبا لا توبة منه، لأنه كلما خرج صاحبه من ذنب أوقعه في ذنب آخر.
من هنا أمرنا الإسلام أن نشمر عن ساعد الجد والنشاط والفاعلية وشد أواصر التعاون، في محاربة ومكافحة الأخلاق الذميمة في الأسرة والمجتمع، واعتبر الدين هذا العمل من الواجبات الدينية التي لا مفر للمسلم منها على الإطلاق، فالكل مكلف بذلك.
_____________________________________
(1) ألكسيس كارليل «الإنسان ذلك المجهول» ص٥٦.
(2) المصدر السابق.
(3) دراسات عن علم الجنايات، ص16.
(4) الفضيلة ج2 ص54.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|