بعض مشكلات الحدود السياسية فى آسيا- مشكلة لحدود السياسية العراقية الإيرانية |
1417
05:55 مساءً
التاريخ: 19-5-2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-10-2020
2144
التاريخ: 29-1-2022
2136
التاريخ: 29-12-2020
1408
التاريخ: 2023-02-26
848
|
مشكلة لحدود السياسية العراقية الإيرانية:
يرجع النزاع على الحدود بين العراق وإيران إلى زمن بعيد، وإن كان قد اشتد منذ بداية التنافس العثماني الإيراني فى أوائل القرن السادس عشر الميلادي فبعد أن انتهت إيران من الحملات المتتالية التى شنها عليها المغول بدأ نزاع آخر بينها وبين العثمانيين للسيطرة على العراق، فأحيانا تنتصر إيران فتضم إليها العراق، ثم سرعان ما تنتصر الدولة العثمانية فتضم إليها العراق. فقد كانت منطقة عربستان فى القرن الرابع قبل الميلاد تعد جزءا من مملكة البابليين الذين بنوا فيها مدينة سوس 8118 التي أطلق عليها الإيرانيون اسم ((شرش دانيال)) بعد الاستيلاء عليها عام٠٩ ٣ ق. م على يد الملك سابور.
وبعد الفتح الإسلامي لها هاجرت إليها العشائر العربية من قلب الجزيرة العربية واستقرت فيها وبدأت فى استغلال أراضيها الخصبة. وظلت تحت سيطرتهم من بداية حكم الخلفاء الراشدين حتى العهد العثماني، ولم تستطع إيران أن تفرض سيطرتها على عربستان رغم محاولاتها المستمرة لما تتمتع به من قوة. فقد كانت جميع المنطقة شرق شط العرب تؤلف إمارة عربية منذ بداية القرن السابع عشر يحكمها مبارك بن عبد المطلب الذى كان مستقلا عن إيران والأتراك والذى دخل فى تحالف مع البرتغال التى امتد نفوذها إلى الخليج العربي وقتها. وقد توسعت مناطق النفوذ العربية فى المنطقة على يد الشيخ سليمان رغم المحاولات المستمرة التى كان يقودها الشاه كريم فى عام ١٧٥٧ التى باءت بالفشل.
وقد استطاعت قبائل كعب العربية السيطرة على البصرة التى كانت خاضعة للحكم العثماني وضمتها إلى هذه المنطقة. ونتيجة للحرب بين العثمانيين وإيران عقدت معاهدة «ارضروم الأولى)) فى ٢٨ يوليه عام ١٨٢٣ ثبت بموجبها خط الحدود السابق الاتفاق عليه فى معاهدة «زهاب» عام ١٦٣٩ السابق توقيعها مع السلطان مراد الرابع العثماني التى وافق بمقتضاها على أن يكون الحد السياسي بينهما هو الحالي تقريبا.
ورغم هذه المعاهدة فقد فشلت إيران فى السيطرة على منطقة عربستان، كما عجزت الدولة العثمانية فى فرض سيطرتها على المنطقة. وكان العثمانيون يشجعون إيران على السيطرة عليها مقابل تنازل إيران عن منطقة السليمانية فى العراق للدولة العثمانية، وبذلك تم توقيع اتفاقية «ارضروم الثانية» فى ٣١ مارس عام ١٨٤٧ والتي تضمنت تنازل إيران عن منطقة السليمانية على أن تعترف الدولة العثمانية بسيادة إيران على مدينة المحمرة ومينائها، وعلى جزيرة عبدان والأراضي الواقعة على الضفة الشرقية، وليس لإيران حق السيطرة على أى قسم آخر ولو كان فى الضفة الشرقية من شط العرب، وهذا يعنى أن تعود للعراق وليس لإيران.
ولكن أهل عربستان عارضوا كل محاولة من جانب إيران للسيطرة على المنطقة إلى أن أصدرت إيران مرسوما ملكيا فى عام ١٨٥٧ يقضى بأن تكون إمارة عربستان للحاج جابر بن مرداد ولأنائه من بعده، وأن يكون لإيران ممثل تنحصر مهمته فى الشئون التجارية فقط. ورغم أن هذا يعد اعترافا ضمنيا باستقلال عربستان إلا أن أهل عربستان ظلوا غير معترفين بهذا وظلوا محتفظين بسيادتهم الكاملة على المنطقة وعلاقاتهم الخارجية المستقلة إلى أن تجدد الخلاف مرة أخرى بين إيران وتركيا عام١٩١٣.
وخلال الفترة من ١٨٩٦ - ١٩٢٥ ظهر الشيخ خزعل الذى يعد من أهم الشخصيات العربية التى ظهرت فى منطقة عربستان وجنوبي العراق، فقد استطاع مد حكمه على كل منطقة عربستان بعد قضائه على المشايخ الآخرين، كما وقف أمام الاحتلال الإيراني. وقد قام بعقد معاهدة مع بريطانيا عام ١٩١٤ كما حدث مع مشايخ الخليج العربي، ومعاهدة ثانية بعد اكتشاف البترول تتيح لبريطانيا استخدام جزيرة عبدان لبناء مصفاة بترولية، ومد خطوط أنابيب البترول عبر أراضيه إلى عبدان التى بدأت مصفاتها عام 1920 وقد استمر تعامل بريطانيا مع الشيخ خزعل ولم تعقد أية معاهدات مع إيران بخصوص مصفاة البترول فى جزيرة عبدان مما يعطى دليلا على اعتراف إيران بواقع عربستان فى ذلك الوقت.
ولكن الموقف تغير بعد الحرب العالمية الأولى بعد تقسيم الوطن العربي إلى مناطق نفوذ خاضعة لبريطانيا وفرنسا وانفصاله تماما عن السيادة العثمانية، وأصبح العراق خاضعا للانتداب البريطاني. وعرضت بريطانيا وقتها على الشيخ خزعل حكم العراق على أن تتحد العراق مع عربستان، ولكن بريطانيا سرعان ما تراجعت عن هذا العرض خشية من طموح الشيخ خزعل الكبير وتوسع نفوذه، بل أوعزت إلى إيران للضغط عليه للحصول على حقوق فى المنطقة، كما أن الشيخ خزعل نفسه رفض هذا العرض بعد أن تكشفت له نوايا بريطانيا وإيران.
وفى هذه الفترة بدأ الضغط الروسي يزداد على إيران حيث كانوا يسعون من خلالها للوصول إلى الخليج العربي. ولذلك تغير اتجاه بريطانيا نحو مساندة إيران للوقوف أمام التوسع الروسي مما جعلهم يتفقون مع إيران على الإطاحة بالشيخ خزعل. وقد أمكن ذلك فعلا عندما احتل الجيش الإيراني عربستان عسكريا واعتقل الشيخ خزعل وعين بدلا منه ابنه عبد الله الذى رفض التعاون مع إيران، فسجن مع والده فى طهران إلى أن اغتيلا معا فى ١٩٣٦/٥/٢٢ .
وقامت ثورات عديدة ضد السيطرة الإيرانية بدأت عقب اعتقال الشيخ خزعل والتي أطلق عليها ((ثورة الغلمان)) عام ١٩٣٥ وانتهت بثورة «بنى طرف» عام ١٩٤٥، ولكن إيران استطاعت إخماد هذه الثورات، وبذلك تحققت لها السيطرة الكاملة على عربستان رغم المحاولات التى ما زالت مستمرة من قبل أهل عربستان.
ولكن طموح إيران لم يكن قاصرا على عربستان فقط، فقد أخذت تطالب العراق بجعل شط العرب مشتركا بينهما، واستمر الخلاف إلى أن استغلت إيران ضعف العراق نتيجة المشكلات الداخلية حتى أمكنها توقيع معاهدة ١٩٣٧ التى أعطتها حق الاشتراك مناصفة فى ملاحة شط العرب لمسافة أربعة أميال تبدأ من شمال مدينة عبدان وعلى أن تكون لمسافة سبعة أميال أمام عبدان. كما أصبح تحت السيادة الإيرانية كل من: جزيرة محله والجزيرتان الواقعتان بين جزيرة محلة والضفة اليسرى من شط العرب، وكذلك الجزر الأربع الواقعة بين شطيط وماديه، والجزيرتان الواقعتان مقابل منيوحى التابعتان لجزيرة عبدان. وبذلك يكون العراق قد خسر جزءا من ممتلكاته، كما فقد سيطرته المطلقة التى كانت له في وسط شط العرب.
ورغم ما حصلت عليه إيران من مكاسب إلا أنها استمرت تطالب بمساحات تتجاوز الأراضي والمياه المتفق عليها زاعمة أن حقها فى شط العرب أكبر من حق العراق اعتمادا على أن معظم السفن التى تدخله تقصد الموانئ الإيرانية. فأخذت تعمل على فرض مكاسب جديدة، وذلك بإعلانها أن خسرو أباد ميناء بحرى تابع للمحمرة التى أطلقوا عليها اسم «خورمشهر» ، فاعترضت العراق على ذلك لأن كل مياه شط العرب فى منطقة هذا الميناء خاضعة للسيادة العراقية، كما أن إيران ضمت جزءا من مياه العراق الإقليمية عندما أعلنت عن منح امتيازات لشركات أجنبية للتنقيب فى رقعتين شاغرتين تجاه ساحل إيران، رغم أنهما داخل مياه العراق الإقليمية، بل سبق للعراق نفسها أن عرضتهما على شركات البترول فى عام ١٩٦٠ بعد أن تخلت شركة النفط العراقية عن امتيازها فيها.
مما سبق يلاحظ أن تخطيط الحدود العراقية الإيرانية فى شط العرب لم تراع فيها الأسس الطبيعية أو البشرية والاقتصادية بالإضافة إلى عدم التزام إيران بالمعاهدات الخاصة بالحدود، كما أن العراق قد خسرت خسارة كبيرة سواء من حيث سيادتها على شط الغرب، أو من حيث العوائد التى تحصل عليها عن مرور السفن، وكما خسرت من جراء ضم منطقة عربستان لإيران، تلك المنطقة التى تعد من أهم مناطق إيران البترولية، والتي تتميز بموقعها الاستراتيجي المكمل للعراق، فهي تكون وحدة طبيعية مع العراق حيث تتشابه فى سهلها الرسوبي الذى تكون بفعل إرسابات أنهار دجلة والفرات والكارون التى كونت منطقة سهلية مستوية وخصبة صالحة للزراعة، وحتى فى الأراضي المنخفضة التى تملؤها المياه والأهواز والمستنقعات فهي تعد امتدادا لمستنقعات جنوب العراق، ومناخها يشبه مناخ جنوب العراق من حيث الصيف الشديد الحرارة العديم الأمطار والشتاء المعتدل القليل المطر. وتبلغ مساحة منطقة عربستان نحو160 ألف كم٢ بطول نحو ٤٢٠ كم وعرض نحو380 كم، وتضم نحو مليونين من السكان العرب (شكل ٢٨).
أما سكان منطقة عربستان فمعظمهم من العرب ويتكلمون اللغة العربية رغم ما يشوبها من كلمات فارسية نتيجة سياسة إيران التى تهدف إلى سيادة اللغة الفارسية فى التعليم والثقافة. وينتمى معظم هؤلاء السكان إلى قبائل كعب وآل محيسن العربية الذين بنوا مدينة المحمرة، وكانوا يؤلفون إمارة مستقلة هناك ويحكمونها بأنفسهم بالإضافة إلى بعض القبائل العربية الأخرى كبنى تميم وبنى طرف، ولهؤلاء جميعا علاقات وثيقة بجنوب العراق.
ورغم ما تقوم به إيران من إزالة لعروبة المنطقة بإسكان الفرس فى منطقة عربستان، وبصفة خاصة فى مدن الأهواز والمحمرة، فإن العرب يشكلون نحو90 من سكان المنطقة، برغم ما تمارسه إيران من سياسة الإرهاب والنفي ومحاولات طرد العشائر العربية من الأراضي الزراعية وإحلال الفرس محلهم، ومنع التعامل التجاري مع العرب، وقصر حركة التجارة على الشركات الفارسية، وإبدال التسميات العربية بأخرى فارسية، مثل مدينة المحمرة التى سميت «خورمشهر»، والناصرية التى سميت «الأهواز» والدورق التى سميت «شادكان» والحويزة التى سميت «دشت ميشان" ونهر زهرة الذى سمى «هنديجان»، كما منع التعامل باللغة العربية داخل المدن والدوائر الحكومية والمحاكم مما يضطر العرب للاستعانة بالفرس لحل قضاياهم والدفاع عنهم.
من هنا نرى إلى أى مدى يوجد ترابط كبير بين عربستان والعراق، وإلى أى مدى تعد الحدود السياسية مصطنعة ولا تمثل فاصلا، فلم يراع فى تخطيطها الظروف الطبيعية أو البشرية أو الاقتصادية وبالتالي عدم الاستقرار الذى أدى إلى النزاع المستمر بين سكان المنطقة وإيران من جانب، وبين العراق وإيران من جانب آخر، حيث ترى العراق أنها صاحبة حق تاريخي فى هذه المنطقة. هذا الصراع الذى انتهى بحرب استمرت من عام 1980 حتى عام ١٩٩٠، ولم تتوقف إلا بنشوب حرب الخليج التى أشعلها العراق باحتلاله للكويت فى أغسطس من عام ١٩٩٠.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|