أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-6-2016
2625
التاريخ: 16-2-2022
1373
التاريخ: 2024-08-26
401
التاريخ: 9-10-2021
1947
|
تندرج تصرفات الإنسان ضمن معادلتي: الفعل ورد الفعل. فمواقف الناس إما أن تكون أفعالاً ناتجة من وحي إرادتهم، أو ردود أفعال لمواقف الآخرين.
إن إتيان الفعل خير من رد الفعل، ليس لأنه نابع من العقل الواعي فحسب، بل لأنه ينطوي على شيء من الإبداع، والمعروف أن أغلب الأعمال الناجحة هي الأعمال التي أبدعها أصحابها.. على عكس ردود الأفعال التي غالباً ما تكون مرتجلة وعاطفية تفتقر إلى الاعتدال، وربما تجر الإنسان إلى مزالق التطرف.
ولكن مواقف الناس في الأغلب ليست أفعالاً، وانما هي تندرج ضمن قائمة ردود الافعال.
وباعتبار أن الإنسان خلق ليؤثر في الآخرين أولاً ويتأثر بهم بعد ذلك، فهل يمكن اعتبار ردود الأفعال تلك هي مواقف غير حكيمة؟
والجواب: كلا، لأن هناك ردود أفعال يمكن اعتبارها ((أفعالاً)) لأنها تعتمد على التروي وتحكيم العقل فيه، فالتروي يفسح المجال أمام العقل ليستخدم أدواته الفنية لتحليل وفحص مواقف الآخرين، حتى يستطيع الحكم عليها بدون خطأ أو زلل.
فإذا كانت ردود الأفعال عقلانية فهي ليست مباحة فحسب، بل قد تكون ضرورية أيضاً ، فمن يقاوم الظلم يقوم بردة فعل، ولكنها ردة فعل واجبة وضرورية، بينما الذي يظلم فهو يقوم في الحقيقة بأداء الفعل، فهل من الصحيح عدم مقاومة الظالم لأن فيه ردة فعل؟
بالطبع كلّا.. ولكن هناك مجالات كثيرة يصبح فيها العمل ردة فعل عجولة لا ينبع من العقل لأنها قائمة على أساس العاطفة، كما لو خسر الإنسان صفقة تجارية فقرر، تحت وقع تلك الخسارة، ترك العمل أو القيام بعمل مضاد.
ردة الفعل هذه ليست حكيمة، لأنها نابعة من غريزة الغضب، والغضب يسوق الإنسان إلى التطرف والإنفلات من القيم والمبادئ، ولمعالجة ذلك لابد في حالات الغضب من ضبط النفس وسجنها في صومعة العقل، كما لابد من ضبطها في حالات الرغبة الشيطانية، يقول الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: «لا ترخصوا لأنفسكم، فتذهب بكم الرخص مذاهب الظلمة، ولا تداهنو فيهجم بكم الإدهان على المعصية«(١).
ومما لا شك فيه إن من يمتثل لهذه الموعظة سيمتنع عن القيام بأي فعل فيه شيء من الإفراط أو التفريط، كما أن أعماله لن تقوده إلى منزلق التطرف، لأنه ملتزم بالحدود العقلية والشرعية للأمور.
أما الذي لا يلتزم بذلك فإنه يتصرف إما بطريقة : الراغب المشتهي، أو الراهب الخائف، أو الغاضب الثائر، أو الراضي المستسلم.. وكل مواقفه هي ردود أفعال لتصرفات الآخرين، وقد ترتقي هذه الردود بالإنسان إلى معالي الأخلاق أو ترميه في هاوية الحضيض.
والسؤال هنا: ماذا نفعل؟ وكيف نتصرف حتى نحافظ على التوازن المطلوب في أعمالنا، وردود أفعالا؟
والجواب: أن نلتزم في أعمالنا بالمبادئ والقيم، وأن نحكم إرادتنا وعقولنا في ردات أفعالنا لتأتي إيجابية، ذلك أن رد الفعل الإيجابي هو نتيجة لاندماج وتظافر عاملي الإرادة والعقل.
فبالإرادة تتم عملية تكبيل الغرائز، وبالعقل يتم توجيهها بشكل سليم، أما رد الفعل السلبي فهو نتيجة لإطلاق العنان للغرائز والشهوات.
وعندما يحكم العقل فإن التفضيل دائماً سيكون للإتيان بالفعل وليس لردوده، لأن القيام بالفعل الحسن يمثل عملاً هجومياً ودفاعياً في نفس الوقت، لأنه سيمنع الفعل القبيح من وقوعه كما أنه يقاوم الرغبة في الأعمال السيئة.. بينما رد الفعل هو عمل دفاعي فقط وهو متأخر من حيث الزمان والمكان عن الفعل نفسه، في حين أن إتيان الفعل الحسن هو سبق للحدث قبل وقوعه.
فحاول أن تكون صاحب فعل تسبق به الزمان، وفي ردات فعلك إملك نفسك، وتصرف كمن يفكر ويقرر لا كمن يفكر له الآخرون ويقررون بدلاً عنه..
لقد كانت إحدى وسائل الاستعمار القديم في السيطرة على الشعوب المستضعفة هو إيقاع الاختلاف بين فئات الشعب الواحد، وذلك عبر إثارة الحزازات فيما بينهم وتأجيج ردود الفعل المتطرفة بين المذاهب المختلفة.
وكان المستعمرون يدرسون أيضاً الحالات النفسية لرؤساء البلدان الفقيرة، لكي يعرفوا نقاط الضعف في شخصياتهم، حتى يتم التركيز عليها فيما بعد من أجل ابتزاز الرئيس ودولته عن طريق إثارات تؤدي به إلى ردات فعل معينة.
أما في الوقت الحاضر فإن دراسة ردود الأفعال هي من أهم العلوم التي ينبغي أن يبحثها أصحاب القرار السياسي، فمعرفة ردود أفعال رؤساء وزعماء العالم، خاصة الذين يتبعون النهج الاستبدادي، هي أهم الوسائل لتحليل مواقفهم واتخاذ القرار بشأنهم.
يقول أحد الكتاب: «ان الفرد كحجر النار مليء بآلاف الشرر، ولكي تحصل على هذا الشرر يجب أن تقدح الحجر بالحديد. . فليس الحجر هو الذي يعطي الشرر، إنما هي الصدمة التي يتلقاها الحجر)).
وفعل الآخرين بالنسبة إلى من ا يستعمل عقله، ولا يلتزم بالمبادئ، مثل الصدمة بالنسبة إلى الحجر، إنها تقدح نيران الشرر في نفسه.
إن العقل عند الإبداع يجب أن يكون قادراً على بذل جهد يمكنه من التنظيم والتركيب والإبداع في قالب أفعال وأعمال.
والعبقرية هي في بذل الجهد والعمل قبل أن تكون إلهاماً. وكما يقول أديسون فإن العبقرية واحد بالمائة منها إلهام، وباقي التسعة والتسعين جهد وعرق جبين.
__________________________
(١) نهج البلاغة، خ ٨٦.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|