دور الحكومات في تحقيق الاستدامة في المواقع السياحية

 يحتاج تحقيق المزيد من الاستدامة في السياحة إلى دعم من الحكومات، وتشمل العقبات عدم فهم الاستدامة، أو الالتزام بها السائد بين مختلف القطاعات ومستويات الحكومة التي تتعلق بالسياحة، إن التأثير الذي يقع على السياحة نتيجة لاستتباب السلام والاستقرار مقابل النزاعات العسكرية والإرهاب تأثير كبير جداً، حيث ينهض الأمر الأول بالسياحة بينما يعوق الثاني تنمية هذا القطاع، وتشمل التحديات الحصول على المزيد من الدعم السياسي وزيادة الشفافية، وثمة حاجة لإدماج السياحة في خطط التنمية الوطنية وتدعيم كل الأدوات المتاحة للحكومات للتأثير في التدابير التي تتخذ على الأرض، وفي المهارات والموارد اللازمة لتطبيق هذه الأدوات بصورة فعالة.

يتمحور دور الحكومات لجعل السياحة أكثر استدامة، من خلال توفير القيادة والتنسيق، للقطاع الخاص، مع وضع استراتيجية للسياحة المستدامة، والعمـل مـع القطاع الخاص لرسم طريق واضح لكي تمضي السياحة قدماً بشكل يستند إلى مبـادئ الاستدامة خلال العمل على استحداث وإدارة بنية تحتية وموارد داخل الأراضي المملوكة ملكية عامة: ففي الكثير من البلدان تكون البنية التحتية التي تعتمد عليهـا السياحة (مثل: الطرق والنقل العام وإمدادات المياه ومعالجة النفايات وتوفير الطاقة، إلى غير ذلك) من مسؤولية الحكومة، وقد يشتمل هـذا أيضاً على المناطق الطبيعيـة ومواقع التراث الثقافي، وتوفير الإدارة لهذه الموارد لـه تـأثير عميـق علـى اسـتدامة السياحة.

إن توفير إطار تنظيمي مـن خـلال الحكومات يعمـل على استدامة السياحة کضوابط التخطيط وإصدار التراخيص ولوائح العمل ،وتعزيز وتيسير الطرق الأخرى للتأثير على المنشآت والزائرين ،إذ يمكن استخدام شتى الأدوات الاقتصادية والطوعية والداعمة لجعل السياحة أكثر استدامة، وعلى الرغم من أن الحكومات قد لا تحتاج إلى أن تكون وكالة تنفيذ لجميع هذه الأدوات فإن دعمها يكون غالباً أمراً مهماً للغاية من أجل تحقيق النجاح؛ والعمل على توسيع نطاق المعارف مـن . خلال البحـوث في تأثيرات السياحة والاستدامة ونشر الممارسات الجيدة.

تتميز البلدان النامية والبلدان التي تمـر اقتصاداتها بمرحلة انتقال، بهيمنة استراتيجيات الحد الفقر بصورة متزايدة على ما تتخذه الحكومة من تدابير بـشان تطوير القطاعات المختلفة، وكذلك على الأولويات التمويلية لوكالات المساعدة الإنمائية الدولية، وتبذل الآن محاولات جديدة لإدخال السياحة بصورة أكثر إيجابيـة كأداة في تلك الاستراتيجيات الخاصة بالحد من الفقر، وهناك أيضاً فرصة لمراعاة البعد البيئي للسياحة في تلك الجهود.

يقدر الصندوق الدولي لحماية الحياة الفطرية والطبيعة أن حوالي 20% مـن الدخل المتولد عن السياحة في الدول النامية ناتج عن السياحة البيئية ، والسبب وراء انجذاب الدول النامية تجاه تطـوير هـذا النـوع مـن الـسياحة ،هـو أن عوائـد توظيـف الأراضي له تعادل 10 أضعاف عوائد توظيفها للزراعة، وتعـد كينيا (كنمـوذج جيـد لإحدى الدول النامية التي اهتمت بالسياحة البيئية) وهي من الحالات التي تبرز أهمية الطبيعة في السياحة البيئية، حيث قدر أن ثمانية من كل عشرة سياح أتوا إليهـا كـانوا لأغراض السياحة الطبيعية، وقد كانت عوائد السياحة الطبيعة في هـذا البلـد حـوالي 24 مليون دولار أمريكي ،ويقـدم مـا قـدره 25% إلى المجتمعات المحلية في مناطق المنتزهات والمحميات، مما يشير إلى تحقيق الفائدة المباشرة للمجتمعات المحلية.

غالباً ما تكون استجابة الحكومة لاستدامة السياحة أقوى على المستوى الإقليمي أو المحلي منها على المستوى الوطني، ومن المعترف بـه بصورة متزايدة أن التخطيط المتكامل لتنمية السياحة، وربطه بالإدارة البيئية يمكن أن يبلغ أقصى فعاليته داخل إطار مقاصد سياحية محلية محددة ومعروفة، وقد اتبعت الكثير من البلدان مفهوم تنظيمات إدارة المقاصد السياحية، التي تتخذ دور الريادة في السياحة والتي تنطوي على قيـام السلطات المحلية بالعمل في شراكة مع أصحاب المصلحة المحليين الآخرين ،ويمكن أن تزداد فعالية هذه السياسات العامة بإنشاء هياكل تسمح بالتنسيق بين جميع أصحاب المصلحة ،واتباع توليفة متوازنة من الأدوات.

يعتمد نجاح العلاقة بين السياحة والبيئة على عملية التواصـل الجيـد بين جميع وزارات الحكومة التي تؤثر أو تتأثر نطاقات مسؤولياتهم بالسياحة، ويشمل ذلك على وجه الخصوص وزارات السياحة والبيئة والتنمية الاقتصادية والنقل ،كما يشمل أيضاً أولئك المسؤولين عن الثقافة والأمن الداخلي والزراعة والتجارة إلى غير ذلك، وينبغي أن تقوم هناك عملية نظامية وهيكل نظامي للتعاون فيما بين الوزارات بشأن السياحة.

ينبغي أن تكون الهياكل متعددة أصحاب المصالح موجودة على المستوى المحلي أيضاً، ومن المهم ضمان أن تشتمل منظمات إدارة المقاصد السياحية على ممثلين مـن المصالح البيئية والاجتماعية المحلية، وفي بعض البلدان والمواقع يكون من المهـم بـصفة خاصة ممارسة العمليات التي تشرك فراد المجتمعات المحلية في تخطيط السياحة ومراعاة الهياكل الاجتماعية التقليدية وبخاصة تلك التي تنتمي إليها مجموعات السكان الأصليين.