المقومات الجغرافيـة لـصناعة السياحة في الـوطن العربي Tourism Resources

تشكل الموارد السياحية العربية الطبيعية والبشرية منهـا وبأشكالها المختلفة في الوطن العربي قاعدة التنمية السياحية فيه، كما توفر هذه الموارد المواد الخام والمكونات الرئيسة التي تعتمد عليها عملية تكوين وتطوير المنتج السياحي العربي، ويزخر الوطن العربـي بمـوارد سياحية (Tourism Resources) طبيعيـة وبشرية واسـعة ومتنوعة ،ومتفردة قابله للاستغلال والاستثمار المجدي. ويتميز الوطن العربي بالتفرد (Uniqueness) الذي يعطي منتجـه الـسياحي سمـة خاصـة ، ويجعلـه قـادراً على المنافسة في أسواق السياحة والسفر الدولية والإقليمية.

الموارد السياحية الطبيعية Natural Tourism Resources

  توفر العوامل الطبيعية موارد سياحية لغايات السياحة الاستجمامية ( Leisure Tourism)، فامتداد شواطئ البحار الدافئة في الوطن العربي على سواحل البحـر المتوسط والبحر الأحمر ، بمياهها الهادئة توفر الإمكانات الواسـعة لما تعـرف بـسياحة والبحر والرمال (Sun, Sand, Sea :)، كما تتوفر العديد من المواقع في الوطن العربي ،والتي يمكن استثمارها للسياحة الشتوية ،حيث تتميـز هـذه المناطق بالدفء خلال فترة الشتاء خاصة في منطقة الأغوار الأردنية، وفي المقابل فإن المرتفعات الجبلية العالية في الوطن العربي مثل : سلسلة جبال أطلس التل وجبال كوردستان في العراق وجبال الشراه في الأردن ....الخ ، تـوفـر مـوارد سياحية وإمكانات واسعة لسياحة الاصطياف للباحثين عن المناخ المعتدل، ودرجات الحرارة المنخفضة خلال فترة الصيف الحار. الشمس كذلك فإن الموارد الطبيعية التي توفر مناطق طبيعية متميزة تقدم للسياحة العربية إمكانات واسعة لما يعرف بالسياحة الايكولوجية (Eco-Tourism)، أو ما يشار إليها أحياناً باسم السياحة البيئية، كما الحال في المحميات الطبيعية في كل من مصر والسودان وغيرها . ويتوفر لدى الوطن العربي الكثير من المقومات الجغرافية الداعمـة لـصناعة السياحة وتطويرها، البعض من هذه المقومات منحتها الطبيعة في صورة موارد طبيعيـة سياحية متنوعة، وتشمل المقومات الطبيعية ما يأتي :

الموقع الجغرافي: كان للموقع الجغرافي دور مباشر في تمتع العالم العربي بتكامل سياحي، أسهم في تحديد ملامح شخصيته الجغرافية، وفي تفاعله مع الأقاليم والمناطق السياحية العالمية طوال التاريخ .

موقع العالم العربي الجغرافي وأهميته : تمثل دائرة العرض 30 37 شمالاً أقصى امتداد للعالم العربي شمالاً، وتمثـل دائرة العرض 2، جنوباً أقصى امتداد للأراضي العربية جنوباً، ومعنى ذلك، أن الوطن العربي يمتد لمسافة تزيد على 4500 كيلومتر، كما تمتد الأراضي العربيـة بـين خطي طول 15 غرباً عند رأس نواذيبو في موريتانيا و60° شرق عند رأس الحـد في سلطنة عمان، أي أن الأراضي العربية تمتد في حوالي 75' خط طول، مما يمثـل مـسافة تقـدر بنحو 7500 كيلومتر. وتبلغ مساحة العالم العربي حوالي 13943488 كيلومتر مربع، موزعة بين قارتي أفريقيا بما يعادل 72.06 ٪ من جملة مساحة العالم العربي، وآسيا تمثل 27.94 ٪ من جملة مساحة الأ راضي العربية.

تمتد الأراضي العربية على شكل كتلة متصلة من الأرض، تتوزع علـى قـارتي أفريقيا وآسيا، ولا يفصل بينهما سوى البحر الأحمر، الذي لا يتجاوز أقصى اتساع له 350 كيلومتراً تقريباً، وذلك فيما بين ميناء بورسودان وشمال القنفدة على الساحل السعودي، وبذلك يتمتـع العـالم العربي بميزة استراتيجية، لا يمكـن التقليـل مـن شـأنها ،وهي ميـزة الامتـداد والاتصال، الـتي تـؤدي إلى سهولة الاتصال Accessibilityبين الأقاليم السياحية العربية.

يتميز الوطن العربي بامتداد عدد من الجزر الممتدة أمام السواحل العربية ،والتي تشكل مناطق جذب سياحي هام، خاصة في السياحة الترفيهية والسياحة البيئية، مثـل جزر تيدره في موريتانيا، والزعفران في المغرب، وجزر قرقنة في تونس، وجـزر شاكر، والجفتون، وسانت جون في البحر الأحمر في مصر، وجزر صنافير، وثيران، وفرسان في المملكة العربية السعودية، وسوقطرة والحنيش الكبير في اليمن، وكوريا موريا (الحلاينات) في عمان، وفيلكة وبوبيان في الكويت، وجزيرة البحرين، إضافة إلى جـزر طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى.

 تتسم بعض هذه الجزر بأهمية إستراتيجية مهمة من الناحية السياحية، خاصة بحكم موقعها الجغرافي، مثل جزر صنافير وثيران، التي تتحكم في مدخل خليج العقبة، وجزر اليمن، التي تتحكم في باب المندب المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، وجزر كوريا موريا في بحر العرب، والجزر التي تتحكم في مضيق هرمز مدخل الخليج العربي، الذي يمثل مساراً رئيساً لناقلات النفط المتجهة من منطقة الخليج العربي إلى الأسواق العالمية . و تطل الأراضي العربية على بحار هامة في الحركة السياحية الدولية ،مثـل : البحـر المتوسط والبحر الحمر، والمحيط الأطلسي والهندي إضافة إلى الخليج العربي.

للموقع الجغرافي للعالم العربي، وامتداده في نطاقات سهلية، ومجاورته لعـدد مـن المسطحات المائية، أكبر الأثر في ظهور الحضارات وانتشارها منذ القدم في جهـات عديدة من العالم العربي، حيث انتشرت الحضارة الفرعونية في مصر، وبابل وآشـور في العراق، والفينيقية في ساحل الشام، وقرطاجنة في تونس، وحمير، وسبأ، ومعين في اليمن، والأنباط في الأردن، وقد أثر الموقع الجغرافي المتوسط للعالم العربي، بين قارات العالم القديم، في انتشار حرفة التجارة بين العرب منذ القدم، حيث مثلت الأراضي العربية، خلال العصور القديمة والوسطى، ممراً رئيساً لمحاور طرق التجارة القديمـة بـين قارتي آسيا وأوروبا .

يتميز العالم العربي بموقعه الجغرافي المتوسط بين أسواق السياحة العالمية في العالم، والتي تتمثل في أسواق اليابان، وغرب أوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية، مما أدى إلى تعاظم أهمية المنطقة العربية، وتزايد ثقلها الاقتصادي والسياحي في عالمنا المعاصر، وأسهم الموقع الجغرافي في إكساب سكان المنطقة العربية خصائص متعددة ومتنوعة، وتأثرها بعناصر سلالية مختلفة تشكل عنصرا هاما في تنوع المنتج السياحي العربي ·

مثل الوطن العربي عبر التاريخ البشري بوتقة انصهارية حضارية بين أعظـم حضارات تلك الأزمان وهي: حضارات وادي الرافدين في العراق وحضارات وادي النيل في مصر وحضارات اليمن في جنوب شبه الجزيرة العربية ، والأنباط في الأردن ، ومع بزوغ فجر الإسلام، أصبحت المنطقة العربية جزء من الإمبراطورية الإسلامية، وقد تركت هذه الحضارات والأمم والشعوب بصماتها في أقطار الوطن العربي، فهناك شواهد ومواقع أثرية تحكـي قـصـص هذه الحضارات وتعاقبهـا على أرض الوطن العربي.

وبهذا فإن الوطن العربي شكل عبر العصور المختلفة، موقعاً استراتيجياً هاماً بين الأقاليم السياحية ،وأسهم الموقع الجغرافي في جعـل الـوطن العربـي مـركـزاً هاماً للمواصلات والاتصالات ولسياحة العبور ، كما أن قربه من دول الجذب السياحي العالمي في أوروبا وآسيا ، جعل الكثير من السياح الدوليين ،ووكالات السياحة والسفر العالمية ،يضعون الوطن العربي ضـمـن بـرامجهم ومحطاتهم السياحية . ويؤثر الموقع بصورة غير مباشرة في صناعة السياحة بالوطن العربي، مـن خـلال الموقع الفلكي ودوره في تحديد الملامح الرئيسة للمناخ ،ومدى جاذبيته للحركة السياحية ، وهـو أمـر كان له دوره الواضح في تمتع الوطن العربي بمناخ متميز ومتنـوع يمثـل أحـد عناصـر الجذب السياحي إليه.