أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-08
314
التاريخ: 18-11-2017
2137
التاريخ: 18/12/2022
1595
التاريخ: 23-3-2021
2465
|
وعيُ الذات ووعي مقوماتها، يساعد الإنسان في معرفة كيفية التعاطي مع نفسه في هذه الحياة الدنيا، ومن الطبيعي أن ينجح الإنسان نتيجة هذه المعرفة، لكن إذا لم يعرف نفسه ولم يعرف مقوماتها فإنه سيسير على غير هدى.
عندما يريد الطبيب معالجة المريض يبدأ بتشخيص الداء، وتشخيصه للداء يكون من خلال معرفة وظائف الجسد، كيف يعمل هذا الجسد، وما هي خصائصه؟ وإلا إذا لم يكن على علمٍ بكيفية تكوين هذا الجسد، فإنه يخطئ كثيراً في الوصفات أو في الأدوية أو في كيفية معالجة هذا الجسد. لا بدَّ للإنسان أيضاً أن يعرف ذاته، حتى يتمكن من معالجتها ومواجهة مشاكلها، أما إذا كان جاهلاً بنفسه، غير خبير بما تعيشه هذه النفس الإنسانية، فإنه سيعيش الضياع حتماً في هذه الحياة الدنيا. وفي هذه الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام: ((من عرف نفسه فقد عرف ربه))(1)، لماذا؟ لأنه إذا عرف نفسه وأدرك خصائصها، وأتقن معرفة تفاصيل وضعيتها، هذا يعني أنه فهم طبيعة خلق الله تعالى له في هذه الحياة الدنيا، وهي مقدمة ومدخل للوصول إلى معرفة الله تعالى، وإلى إدراك توجيهات الله جل وعلا المنسجمة مع متطلبات وصفات الإنسان الخلوق.
قال تعالى في كتابه الكريم عندما تحدث مع الملائكة بأنه سيخلق آدم عليه السلام على وجه الأرض: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30] ، فلنفترض أنفسنا حاضرين في اللحظة التي تحدث فيها الله تعالى عن خلق آدم عليه السلام ، والمخاطبون هم الملائكة أصحاب الخبرة والمعرفة الذين استفهموا وسألوا، هل ستخلق يا ربنا من يفسد فيها ويسفك الدماء، ونحن نسبح بحمد ونقدس لك؟ تحدّث المفسرون عن احتمالين في تفسير هذه الآية:
الاحتمال الأول: أن يكون الملائكة قد اطلعوا على حياة لآدم قبل آدم هذا ، ورأوا أن البشر يفسدون ويسيئون ويقتلون، فقالوا لرب العالمين: أتخلق واحداً مثل هؤلاء الذين خلقت من قبل الذين يفسقون ويقتلون... بينما نحن نعبدك ولا نعصيك؟ قال إني أعلم ما لا تعلمون، فأنا أعرف لماذا خلقت الحياة الدنيا، ولماذا خلقت آدم.
هذا الاحتمال مبنيٌ على تجربة للملائكة يتكلمون عنها، مستندة إلى وجود للبشر قبل آدم عليه السلام.
الاحتمال الثاني: أن يكون الله جل وعلا قد اطلَعَ الملائكة على طبيعة هذا المخلوق البشري بأنه يفسد ويرتكب المحرمات، كما يصلح ويؤدي الواجبات، وبما أنهم مجبولون على الطاعة، ولا يعصون الله تعالى أبداً، بل لا يفكرون بالمعصية بطبيعة خلقهم، فقد أثار هذا المخلوق الجديد في نفوسهم سؤالاً عن الحكمة من خلقه، وهو يختزن في بعض أدائه معصية خالقه.
سواءً أعرف الملائكة طبيعة آدم البشرية من تجربة سابقة، أو مما أطلعهم الله تعالى عليه، فقد جعله الله خليفة على الأرض بقوله: ((اني جاعل في الأرض خليفة))، وهو هنا يتحدث عن نوع البشر الذين يجسدون مواصفات الخليفة، وهم أولئك المؤمنون بالله تعالى من الأنبياء والأوصياء والقديسين والشهداء والصالحين، أما الذين يخرجون عن وصف الخلافة، فهم الذين أخرجوا أنفسهم بسلوكهم وأعمالهم فكانوا من الكافرين والمنحرفين واتباع الشياطين. فالخلافة ليست لقباً تشريفياً، بل هي صفة تنطبق على مستحقيها من ولد آدم عليه السلام، إذ لا يعقل أن يستخلف الله في الأرض من يخالفه، وإن كان برحمته قد خلق الناس جميعهم، وخيَّرهم في قبول الاستخلاف أو عدمه، فالخلافة للمؤمنين.
هل تريد أيها الشاب أن تكون خليفة الله تعالى على الأرض؟
عليك بالطاعة لله والعمل بأوامره ونواهيه، وأنت الذي تتحمل مسؤولية الاختيار بالكامل. فقد خلقنا الله تعالى بإرادة منه، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] ، وفي تفسير معنى ليعبدون قالوا: ليتعرفوا عليَّ، وقد شاء الله تعالى أن يخلقنا، فلا فائدة من الغرق في الحديث عن أسباب خلقه لنا، فهو {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23] ، بل لا يمكن تغيير الواقع، فقد أوجدنا الله تعالى، وعلينا الاستفادة من هذا الوجود.
إسأل نفسك لماذا لا تعمل الصالحات لكسب رضا الله تعالى والدخول إلى الجنة؟ طالما أن الإمكانات متوفرة لديك، فبإمكانك أن تصل إلى أرقى المستويات، وتنال أعظم العطايا والمكافآت، إرادتك بين يديك، وتصميمك ضمن مسؤوليتك، وها هي دنياك تحيط بك لفرصة محدودة ، في متاع مؤقت زائل. إذا أحسنت الخلافة فلنفسك، وإذا أسأت الخلافة فعليها ، فانظر كيف تستفيد من دنياك وتنقذ آخرتك.
خلق الله الإنسان مميزاً عن كل المخلوقات: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4] ، فهو الوحيد بين مخلوقات الله تعالى الذي يُنشئ الحضارة، ويطور الحياة المدنية، ويساهم في اكتشاف وإعمار الحياة، في مقابل السلوك الغرائزي للحيوانات التي تتصرف بطريقة متشابهة منذ خلقها الله تعالى على الأرض، وبما أن الإنسان يمتلك هذه القدرات الخلاقة، فالحكمة أن يستفيد منها لما فيها خيره، وهذا لا يتحقق إلا باتباع تعاليم الله التي توجه الإنسان نحو مصلحته الأكيدة والمضمونة.
أنت المسؤول عن الاختيار، لأن نفسك بين يديك، وتحمل القابليتين في الصلاح والفساد، {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 8] ، فلا تفسِّر بعض الآيات القرآنية كما يحلو لك، فقد سمعتُ من بعضهم يردُّ الهداية إلى الله تعالى، فإذا أراد الله اهتدى الإنسان، وإذا لم يرد لم يهتدِ، فالأمر خارج عن إرادته، لقوله تعالى {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص: 56] ، وبذلك يعتبر نفسه معذوراً إذا عصى وانحرف وجنح بشبابه إلى الرغبات والرذائل والمعاصي!
الخطاب في الآية موجه إلى الرسول صلى الله عليه وآله، الذي كان يرغب بهداية من يحب من أقاربه ومن الناس، فأخبره الله تعالى بأن الهداية لا تتحقق لمن تحب هدايتهم، فللهداية طريقٌ واضح، رسمه الله تعالى فأرسل الأنبياء والرسل بالرسالات السماوية لتبيانه، وخلق الإنسان بقابلية الهداية، فإذا اتبع الإنسان هذا السبيل، مستفيداً مما أودعه الله تعالى إياه من حق الاختيار، اهتدى، فتكون الهداية بمشيئة الله بسبب طريقه، وتكون بمشيئة الإنسان باختياره، {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9] ، فالله يهدي من يشاء بتحديده للطريق الموصول إلى الهداية، فمن سار عليه اهتدى، فتكون مشيئة الإنسان عند اختياره لهذه الطريق سبباً للهداية، منضمة إلى مشيئة الله تعالى.
الفرصة بين يديك، وقلبك يهتف بالإيمان بشكل فطري، وضميرك يرتاح إذا سلكت هذا الطريق، فلا تعاند، ولا تنزلق أمام رغبةٍ جامحة فتهوي وتسقط في المعصية! بيدك قرار الهداية، وبيدك سلوك الضلال.
________________________________
(1) الليثي الواسطي، عيون الحكم والمواعظ ، ص:430.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|