المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

الاسراف والتبذير من اوصاف اهل النار.
17-12-2015
الإخلاص في حب الغير
2023-08-19
المعجزات الباهرة لابي عبدالله الصادق ( عليه السلام)
17-04-2015
سبورات العملاقة الهاجعة Resting Chlamydospores
19-11-2019
Language Mixture—Grammar
2024-01-17
دراسة التلوث بآثار العناصر
2023-10-26


مفاهيم وآراء الغزالي والمكونات التربوية والثقافية والأخلاقية والدينية للفرد  
  
2458   09:44 صباحاً   التاريخ: 21-11-2021
المؤلف : الاستاذ فاضل الكعبي
الكتاب أو المصدر : الطفل بين التربية والثقافة
الجزء والصفحة : ص60 ـ 63
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية العلمية والفكرية والثقافية /

تميز (الغزالي)* عن غيره من العلماء بطرح الآراء العلمية الدقيقة، التي تبحث في أصول التربية والتعليم وبناء الشخصية، بناء ثقافيا واخلاقيا ودينيا، وأثر العوامل البيئية والوراثية في ذلك وتشديده على أهمية الارشاد التربوي في تحديد صفات وسمات المعلم والمتعلم، وغير ذلك من المفاهيم العلمية، التي جاءت غنية بالمعارف التي أصبحت أساسا للعلم الحديث..

ومقارنة بين غزارة هذه المفاهيم وسعتها العلمية في آراء الغزالي، وبين الآراء العلمية لعلماء الغرب في نظرياتهم الحديثة، نجد أهمية السبق العلمي في ذلك للغزالي، حيث التقت الآراء الحديثة مع ما أكده الغزالي في طروحاته، ومنها ما ذهب اليه (جون لوك وهيوم) من أصحاب المدرسة التجريبية الإنكليزية في علم النفس، بتأكيدها على حقيقة الادراك بانه (ليس في الفكر شيء قبل ان تأتيه الحواس بالخبرات)، وكان هذا ما طرحه الغزالي من قبل حين ذهب في قوله الى ان : (الصبي امانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفسية ساذجة، خالية من كل نقس وصورة، وهو قابل لكل ما ينقش عليه)(1). وقد استند الغزالي في رأيه هذا الى الحديث الشريف: (كل مولود يولد على الفطرة، وانما ابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه)..

لذلك فقد شدد الغزالي على غرس القيم العالية في نفس الطفل، وضرورة ان تنطلق هذه القيم من المفاهيم التربوية والاخلاقية والدينية المتوافقة مع قدرات الطفل ومستوى وعيه وفهمه وحاجاته الثقافية للتعلم والتنمية، ومن هذا المنطلق فقد اكد الغزالي على ضرورة مراعاة الفروق الفردية بين مستوى ومستوى اخر، اثناء تعليم الأطفال وتثقيفهم حين قال (وكما ان الطبيب لو عالج جميع المرضى بعلاج واحد لقتل اكثرهم كذلك المربي لو أشار على المريدين بنمط واحد من الرياضة اهلكهم وامات قلوبهم، وانما ينبغي ان ينظر في مرض المريد، وفي حالة سنه ومزاجه وما تحتمله نفسه من الرياضة ويبني على ذلك رياضته)(2).

ومن هنا يتحتم على المربي النظر بعين الاعتبار، لهذا التفاوت في المستويات، وهذه الفروق الحاصلة في القدرات بين طفل وآخر، لكي تصل المؤثرات التربوية والثقافية الى هدفها وتنجح بالتأثير في المتلقي..

وتأتي هذه الفروق في القدرات كما يحللها الغزالي ويرجعها الى أسباب عديدة منها ما هو بسبب البيئة، ومنها نتيجة لأسباب الاسرة وطبيعتها، وبعضها بسبب الفطرة او الغريزة كما يذهب الغزالي بذلك الى القول: (وكيف ينكر تفاوت الغريزة، ولولاها لما اختلفت الناس في فهم العلوم، ولما انقسموا الى بليد لا يفهم بالتفهيم، الا بعد تعب طويل من المعلم، والى ذكي يفهم بأدنى رمز واشارة، الى كامل تنبعث من نفسه حقائق الأمور بدون التعليم)(3).

وبجانب اخر يدعو الغزالي الى أهمية اقتران النظرية بالتجربة، والعلم بالعمل، والعمل بالعلم، حين يوجه كلامه الى الطفل، ويخاطبه بقوله: (أيها الولد، العلم بلا عمل جنون، والعمل بغير علم لا يكون)(4).

ويضع لذلك قاعدة علمية رصينة تضمن نجاح العملية التعليمية وقياس مهارة المعلم، وقدرة المتعلم على الاستيعاب.. وذلك باتباع أساليب التعليم المناسبة، والمادة العلمية المتوافقة مع مكونات الطفل المتعلم وقدراته على الاستيعاب والتعلم، اذ قال في ذلك يخاطب المعلم: (على المرشد ان يقتصر بالمتعلم على قدر فهمه، فلا يلقي اليه ما لا يبلغه عقله فينفره او يخبط عليه عقله).. اقتداء في ذلك بسيد البشر النبي محمد (صلى الله عليه وآله) اذ قال: (نحن معاشر الأنبياء امرنا ان ننزل الناس منازلهم، ونكلمهم على قدر عقولهم) (5).

وهذه القاعدة العلمية هي الصائبة في جعل التعليم يبلغ أهدافه ويحقق النتيجة المرجوة، في وظيفة المرشد المعلم وسعيه، وفي عقل الطفل المتعلم، وسعة استيعابه، وان عدم تطبيق هذه القاعدة في المدارس، كما يذهب الأستاذ جمال حسين الالوسي (يشكل خطرا كبيرا يتحمل نتائجه كل من المتعلم والمعلم والمجتمع، لان المادة السهلة يواجهها المتعلم بالاستهتار او الملل، لأنها لا تشكل موقفا يستحق التحدي، ولا يحتوي على جديد يحتاج الى تعلم، اما المادة الصعبة فأنها تبعث في نفس المتعلم روح الياس او عدم الثقة بالنفس، اما بالنسبة للمعلم فان عدم تطبيق هذه القاعدة تحمله جهودا مضنية دون ان يحقق المستوى المناسب لها، ولذلك فان المجتمع يتحمل ضياعا في اماله واضطرابا في خططه الحاضرة والمستقبلية)(6).

ومثلما ذهب ابن سينا الى أهمية الارشاد التربوي في نجاح العملية التربوية، وهو الموضوع الأساسي الذي ترتكز عليه التربية الحديثة في خططها، كذلك ذهب الغزالي بالتشديد على هذا الجانب في اراء كثيرة لا مجال لإيرادها هنا.. ونكتفي بالقول: ان أفكار الغزالي وما طرحه من اراء كثيره حول شروط القدوة الحسنة في المجال التربوي، وانعكاساتها على الجانب الثقافي والأخلاقي والديني لشخصية الفرد، واسعة وغزيرة لذلك لا يمكن حصرها في مجال ضيق، الا انها تبقى تشكل ثراء فكريا وعلميا للثقافة العربية الإسلامية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*هو محمد بن احمد الغزالي، كني بأبي حامد نسبة الى اسم ابنه حامد الذي توفي صغيرا، ولقب بالغزالي نسبة الى مهنة ابيه وهي غزل الصوف، ولد في مدينة طوس سنة (450 هـ ـ 1059م) ، توفي والده وكان هو واخوه في مرحلة الطفولة، فأوصى بهما صديقه فقام بواجبه على قدر حاله، ثم نصحهما بالعلم  ليكون مصدر رزقهما، فأخذا بنصيحته، وقد تنقل الغزالي طلبا للعلم بين أمهات المدن الإسلامية التي اشتهرت في العلم آنذاك (نيسابور وبغداد والشام والقدس ومكة المكرمة) والف ما يزيد على سبعين مؤلفا .. اشهرها كتابه الشهير (احياء علوم الدين) الذي يضم اراءه التربوية والنفسية ومن كتبه أيضا (رسالة أيها الولد) و(ميزان العمل) و(فاتحة العلوم) وله اراء أخرى في الفقه والجدل والمناظرة ومناقشة الفلاسفة والدفاع عن الدين.. توفي عام (505هـ ـ 1000م).

1ـ الغزالي ـ احياء علوم الدين.

2ـ مصطفى امين ـ تاريخ التربية، ص 183.

3ـ محمد ناصر ـ الفكر التربوي العربي الإسلامي.

4ـ الغزالي ـ أيها الولد، ص 30.

5ـ عبد الله عبد الدايم ـ التربية عبر التاريخ.

6ـ جمال حسين الالوسي ـ علم النفس العام، ص59. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.