الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
مبادئ وأساليب تربوية / المطلوب في التربية قدر من كل الشيء
المؤلف:
أ. د. عبد الكريم بكَار
المصدر:
حول التربية والتعليم
الجزء والصفحة:
ص 47 ــ 49
2025-07-12
14
لعل هذا المبدأ أهم مبدأ في التربية، حيث تقوم التربية على نحو جوهري بمحاولة دمج الطفل في المجتمع من دون تجاهل طبيعته، وهذا ليس بالعمل السهل إن قولنا: إن الطفل صفحة بيضاء، لا يعني أننا نستطيع أن نشكله على نحو تام، فللطفل طبيعته وموروثاته، وبالتالي ردود أفعاله الخاصة.
إذن المراد من قولنا ذلك هو مرونة الطفل وقابليته للتأثر أكثر مما هو عند الكبار، ليس أكثر. والدليل على هذا أنك قد تعرض خمسة من الإخوة لتربية واحدة، ثم يكون لكلٍ منهم سلوكه وشخصيته ومواهبه، وقيمه أيضاً!
إن من المألوف أن نجد أسرة (تدلل) أطفالها، وتلبي جميع رغباتهم، وهذا الأسلوب كثيراً ما تتبعه الأسر الثرية، والأسر التي ليس لها سوى طفل واحد.
ومن المألوف أيضاً أن نرى أبا يربي بطريقة (كسر العظام) ولغة التهديد والوعيد، وحرمان الطفل مما يشعر انه حق طبيعي له، وهذا كثيرا ما يسود في الأسر الأمية، وتلك التي تعيش في ظروف صعبة.
الأسلوب الأول يخرج للمجتمع - في الغالب - طفلاً واثقاً من نفسه، ولا يخلو من الشعور بالأنانية، إلى جانب ضعف في الشعور بالمسؤولية.
أما من يتربى بالأسلوب الثاني، فكثيراً ما يكون مغموراً بمشاعر القهر والإحباط والدونية، كما أنه في الغالب يسلك سلوكين: سلوكاً يلبي متطلباته الذاتية، وسلوكاً يرضي به الأهل والمجتمع من حولها!.
ونرى مع هذا حالات كثيرة متفاوتة وخارجة عن هذين النمطين من النتائج، وهذا هو شأن كل ما يخضع لأنظمة مفتوحة.
وتجارب البشرية تشير إلى أنه لا بد من المزج في تربية الطفل بين عنصرين: عنصر حب الطفل ومراعاة مشاعره وتلبية بعض رغباته، وعنصر التوجيه والنظام والمنع.
إن من المهم جداً أن يشعر الطفل أن كل تصرفات الأهل، هي في النهاية لمصالحه، وأن يشعر أن ما يلقى عليه من أوامر ونواهٍ، ليس نوعاً من الاستعباد والتحكم المتعسف وحين يتوفر له ذلك، فسوف يتلقى ما يختبره من التضييق على تصرفه برد فعل سوي ومعتدل.
في ثقافة المشارقة هناك تركيز زائد على (التماثل) حيث يطلب من الصغار أن يكونوا نسخاً مكررة عن الكبار في كل شيء، حتى في الأمور السيئة، بحجة المحافظة على العادات والتقاليد ومن النادر أن يسأل الكبار أنفسهم: هل استطاعوا هم أن يكونوا نسخاً مكررة عن آبائهم وأجدادهم؟.
إن الجهل بالأصول، وبمعايير الصواب والخطأ، وبحدود الثوابت والمتغيرات - هو الذي جعل الناس لدينا يصرون على (التماثل) المطلق. ونتيجة هذا الإصرار - مع تغير الزمان والثقافة ومتطلبات العيش - هي توليد نوع من الانفصام في شخصية الناشئ، كما أنه يدفع الصغار إلى سحب الثقة من تفهم الكبار لهم، ولاحتياجاتهم الشخصية وفوق هذا وذلك فقد صرنا نعاني من نوع من التماثل الشكلي مع ذهاب المضمون ولا ننسى أن الإصرار على التماثل يضعف كيان الطفل، كما يضعف روح المبادرة لديه، ويخمد تحفزه لاكتساب خبرات جديدة.
أما في الثقافة الغربية، فإن الوضع مختلف تماماً، حيث يقال للصغار: حددوا أحلامكم، ثم حاولوا تحقيقها كما يؤكد على كل طفل أن يكون شيئاً مختلفاً، وأن يحقق ذاته بالأسلوب الذي يراه مناسباً، وعليه أن ينجح مهما كلف ذلك من ثمن!.
وهذا أفسد الناشئة، وفتت الأسرة، ونشر الأنانية، وأشكالاً من الانحراف وهو بالإضافة إلى ذلك قد حمل الطفل مسؤولية الاختيار والإنجاز على نحو لا تتحمله جملته العصبية، ولا خبراته وإمكاناته، وأعتقد أن على المشارقة أن يتقدموا خطوة إلى الأمام على طريق الاهتمام بالجوهر، والإعراض عن الشكليات والقشور والمظاهر الفارغة، وعلى الغربيين أن يرجعوا خطوة إلى الوراء نحو توجيه الناشئة، وإرشادهم إلى ما يقوي النسيج الاجتماعي كي يتم اللقاء في منتصف الطريق على ناصية تربية متوازنة لصالح الأجيال الجديدة.
الاكثر قراءة في التربية العلمية والفكرية والثقافية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
