التحليل الجيوبولتيكي- التأثير المتبادل بين المجال والسياسة (space and politics) والمجال بمعناه الجغرافي الواسع |
1958
05:45 مساءً
التاريخ: 26-9-2021
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-12-2021
1934
التاريخ: 20-5-2022
1613
التاريخ: 16-5-2022
1304
التاريخ: 1-1-2022
1616
|
وينبغي التأكيد في التحليل الجيوبولتيكي على التأثير المتبادل بين المجال والسياسة (space and politics) والمجال بمعناه الجغرافي الواسع يعني:
١- المنطقة أو الإقليم أو الدولة وخصائصها الجغرافية التي تمثل مكامنها الجيوبولتيكية.
2- الفهم التاريخي لتلك المنطقة التي تشكل السلوك السياسي و التراث الحضاري للمنطقة المدروسة، لأن السياسة في العلاقات الدولية بمعناها الواسع تعني (القدرة على التأثير*، وهي لا تنحصر فقط في السياسات المتبادلة بين الدول، بل تتضمن. ممثلين سياسيين آخرين على المستوى العالمي مثل الشركات العالمية، المجتمعات الدينية، والتنظيمات السرية، و آخرين على المستوى الداخلي مثل الوحدات الإقليمية، والنخب السياسية، والمجموعات الاجتماعية والاثنية والإعلام، لذا فالتحليل يجب أن يركز على الحالة المكانية والتصور الشخصي والمنظور التاريخي لها.
ان هذا الانتقال في التفكير الجيوبولتيكي للتحليل، جعل الجيوبولتيكيين النقديين ينظرون الى العلاقات الدولية نظرة اكثر واقعية، في عصر التكنولوجيا والمعلوماتية والإعلام البرقي الذي حتم ابتكار أساليب وافكار جيوبولتيكية تحليلية تتوافق مع كل هذه التغيرات. لذا يقول كلاوس دودز ان الجيوبولتيكس النقدي، كمنهج لدراسة العلاقات الدولية، يمكن أن يفهم على انه أشبه بنظرية العلاقات الدولية الاستدلالي.
الجيوبولتيكس النقدي، تبعا لذلك، لا يعني إهمال الهيكلية العامة لطبيعة الأقاليم الجيوبولتيكية السابقة او إلغائها، بل يظل يعني بالأهمية الجيوبولتيكية الشمولية للإقليم الجيوبولتيكي القديم، لكنه يتفاعل مع التغيرات التي تحرك الوحدات السياسية داخل هذا الإقليم، سواء أكان التغيير ضمن سياسة الدولة الواحدة فيه، او على صعيد الحراك الجماهيري في تلك الوحدات او الدول، واستشراف انعكاس ذلك على مصير ذلك الإقليم وارتباطاته العالمية.
وعلى سبيل المثال، فان الشرق الأوسط، كإقليم جيوبولتيكي مركب (غير منسجم) وقديم، بقي رغم كل التغيرات التي طرأت في السياسة الدولية، يتمتع بموقعه الجغرافي الخطير، لا لكونه يمنح اتصالات بحرية وطرق تجارة هامة، او لوقوعه ضمن مناطق نفوذ قوى عظمى، بل لقيمته الاستراتيجية التي ازدهرت بسبب وجود ثروته
البترولية واحتياطها الهائل في عالم اصبح يعتمد في اقتصاده وعسكرته على هذا المورد الاستراتيجي الهام. لذلك تحولت منطقة الخليج فيه الى احد اهم مناطق اهتمام الاستراتيجيات العالمية والإقليمية وقادت إلى صياغة انماط معقدة من التحالفات مع كياناته السياسية (دولة).
بعد انتهاء الحرب الباردة وظهور موجة العولمة لوحظ وجود ضعف في التحليلات الجيوبولتيكية للأحداث الدولية القائمة على التفسير الجيوبولتيكي الكلاسيكي، او التقليدي، حتى أن البعض اعتقد بتلاشي دور الجغرافية في تغير الأحداث باعتبار ان العلاقات الدولية أصبحت تحدد بشكل متزايد بالأسواق العالمية والاتصالات الالكترونية، والتجارة الحرة، وتحرك رؤوس الأموال، وتلاشي دور الحدود بين الدول، لذلك نادى بعض المتشائمين بزوال المسافات، ونهاية الجغرافية، لكن هذا بطبيعة الحال امر مبالغ فيه، وغير صحيح.
يقول فيرنون فان ديك: ( أن دراسة الموقع والحجم (للدولة) يجب ان يرتبطا بالتطور التقني ومستوى التقنية، فالاتصالات افقدت معظم العوامل الجغرافية خصائصها أو فوائدها كمواقع دفاعية، فحتى الجبال والبحار فقدت أهميتها السابقة واصبحنا بحاجة الى دفاعات جديدة.
اما اندرو باسيفيتش فيقول "كنتيجة لثورة المعلومات، انهارت المسافات، وبات العالم يصبح اصغر فاصغر، وكادت المسافات تفقد معناها التقليدي في عصر المعلومات. أن فكرة كون المحيط يشكل حماية هي فكرة أثرية مثل الخندق المائي الذي يحيط بالقلعة".
صحيح، لقد كان للثورة التكنولوجية المعاصرة أهمية بالغة، لأنها الغت، او بالأحرى اختزلت، المسافة بسبب هذا التطور الهائل في مجال تقنيات الاتصالات بمختلف أشكالها، فقد كان لهذا تأثير بالغ الأهمية على المستوى السياسي ما دامت المسافة تشكل دائما مصدرا للحكم خلال قرون طويلة، خاصة وان سلطة الدولة تقوم جزئيا على المسافة، لأنها هي التي تعطي معنى الحدود الوطنية و الوظيفة الوسيطة للدولة منذ ان بدا الأفراد يبحثون عن الاتصال مع الآخرين.
وبتضافر كل الحواسيب ووسائل الاتصال عن بعد، جعلتنا داخل جماعة كونية، سواء احببنا ام كرهنا. فلأول مرة يرتبط كل من الغني والفقير، والشمال والجنوب، والشرق والغرب، والمدينة والقرية بشبكة الكترونية عالمية أو يتشاركون في روية صور وقت حدوثها، وتتحرك الأفكار عبر الحدود وكأنها غير موجودة، وفي الواقع تحولت الى مناطق للوقت او الزمن اكثر اهمية من كونها وظيفه حدود, او كما يقول كلاوس دودز، "ان المسافة بين الأماكن حول العالم قد تقلصت بفعل طبيعة وسرعة تكنولوجيا الاتصالات، فالتلفزيون قاد الى تحويل المسافة الجغرافية إلى مسافة زائفة", وهذا صحيح في نقل الأفكار والصور وتباين الروى، لكنه لا يصح على الواقع المكاني الجغرافي للمسافة في موازين القوى، والدليل على ذلك هو ان قوة عظمى مثل الولايات المتحدة لم يكن بوسعها، مع كل ما تملكه من تقنيات وتكنولوجيا، من أن تفعل ما فعلته في العراق لو لم تساندها دول المحيط الجغرافي للعراق بسبب البعد الجغرافي، وموقع العراق الجغرافي والمسافة التي بينهما.
ولكي نكون منصفين فان الجغرافيين السياسيين أشاروا قبل أكثر من نصف قرن من الآن في دراساتهم، واخص بالذكر منهم الأستاذ هانس وكرت، الذي اكد وقال
بصراحة وبفكر ثاقب: ان الجغرافية السياسية لهذا اليوم هي الجغرافية التاريخية ليوم غد. لذا، فعلى الذين يريدون تحليل وفهم الأبعاد الجيوبولتيكية للمشكلات المحلية والإقليمية والعالمية ذات العلاقة بالأمن الدولي، والاقليمي، أو المحلي يجب عليهم استيعاب المفاهيم الأساسية، هذه، في كتابة تحليلاتهم الجيوبولتيكية، وان يضعوا امام اعيلهم الملاحظتين التاليتين في تحليلهم الجيوبولتيكي:
١- ان سقوط جدار برلين عام ١٩٨٩ ادى إلى سقوط كل الفرضيات الجيوبولتيكية القديمة وحولها الى جغرافية تاريخية.
2- بفعل التكنولوجيا اصبحت الجغرافية لوحدها لا تضمن الأمن، كما أن الأمن لا يتأتى من القوة العسكرية لوحدها.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|