أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-6-2022
1312
التاريخ: 18-8-2018
2171
التاريخ: 29-4-2022
2223
التاريخ: 2024-07-27
474
|
خلق الأرواح قبل الأجساد :
ان الذكورة والأنوثة تعود إلى المادة لا إلى الصورة وهي جزء من المصنفات وليس المقومات ، الآن سيثبت بالشواهد القرآنية ان الروح لا هي مذكر ولا هي مؤنث كما مر بالتفصيل في البحوث القرآنية .
الآيات القرآنية التي تتكلم عن روح الإنسان عدة طوائف ، بعض الآيات تبين ان الروح كانت موجودة ثم تعلقت بالبدن ، مثل الآيات التي وردت في خلق آدم أبي البشر عليه السلام . قال تعالى :
{إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [الحجر: 28، 29] هذا دليل على أن الروح كانت موجودة سابقاً وبعد أن وصل البدن إلى نصابه الخاص تعلقت تلك الروح بهذا البدن ـ طبعاً هناك كلام كثير في تعلق موجود مجرد مادي ، وحدوث نوع حقيقي ، وحسب تعبير المرحوم صدر المتألهين إن هذه المسألة هي من أصعب المسائل الفلسفية في كيف ينسجم موجود مجرد وموجود مادي وينتج نوع حقيقي ـ فقسم من الآيات القرآنية تدل على أن الروح كانت موجودة سابقاً ثم تعلقت بالبدن وحصلت على إضافة وإفاضة إشراقية ، والروايات التي وردت في هذا المجال من أنه :
( خلق الله الأرواح قبل الأجساد بألفي عام ) (1) .
تؤيد هذا القسم من الآيات .
الروح جسمانية الحدوث :
وهناك طائفة أخرى من الآيات تبين أن الروح تظهر من نشأة الطبيعة والبدن وتنهض أي أن هذا الموجود المادي الذي عبر مراحل وأطواراً يصل إلى مرحلة الروح ، وهذه الطائفة من الآيات تؤيد كون الروح جسمانية الحدوث وروحانية البقاء . في سورة المؤمنون يقول تعالى :
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ } [المؤمنون: 12، 14] أي ان الله تعالى بدل ذلك الموجود إلى شيء آخر ، فقوله {ثم أنشأناه خلقاً آخر} أي ليس من سنخ السابقين ، ليس من سنخ التحولات المادية وتطورات المادة وإلا لما قال : {خلقاً آخر} لو كان أمراً مادياً ولو كان قابلاً للشرح والتبيين ، ولو كان في متناول العلوم التجريبية لما قال {ثم أنشأناه خلقاً آخر} أي أوجدنا شيئاً آخر {فتبارك الله أحسن الخالقين} .
في التفسير الترتيبي أشير ضمن البحث إلى أن الآية المباركة {فتبارك الله أحسن الخالقين} هي من الآيات القرآنية المليئة بالمضمون ؛ لأن الإنسان هو {أحسن المخلوقين} ، فالله تعالى هو {أحسن الخالقين} . بعد خلق هذه المجموعة قال الله سبحانه : إنه أحسن الخالقين . عندما نحلل نرى أن الإنسان له بدن مرّ بمراحل تطور مرت بها حيوانات أخرى ، إي إذا كان الكلام هو عن النطفة والعلقة والمضغة والعظام هو {فكسونا العظام لحماً} وتكون الجنين ، فهذه المراحل موجودة لدى الحيوانات الأخرى أيضاً ، في حين أن الله تعالى لم يقل بشأنها {فتبارك الله أحسن الخالقين} . وإذا الكلام هو عن الروح ، فالملائكة لديهم الروح في كمال العصمة والطهارة ، ولكن لم يقل بعد خلق الملائكة {فتبارك الله أحسن الخالقين} ، إذن كون الله تعالى أحسن الخالقين الذي يستلزم كون عمل الله لأحسن المخلوقين لا يتعلق ببدن الإنسان ولا يتعلق بروحه ؛ لأن هذه التطورات البدنية في الإنسان لدى الحيوانات الأخرى أيضاً ، والروح المجردة في الإنسان تتمتع الملائكة بها أيضاً . ما هو مهم هو أن يهبط ذلك الموجود المجرد بدون تجافي وينسجم معه هذا الموجود المادي ويصبح الاثنان معجوناً واحداً باسم (الإنسان) . وهذا الإنسان بتمتعه بالعقل والعلم وتعرضه لهذه العقبات وقطاع الطريق الكثيرين التي تنشأ من نشأة {التراب} و {الطين} و {حمأ مسنون} و {طين لازب} و (صلصال كالفخار} يعبر هذه العقبات الصعاب ويصبح معلم الملائكة ، هذا الإنسان هو أحسن المخلوقين ويعمل عملاً لا يستطيعه أي مخلوق ، لذا يقول الله تعالى بعد خلق مثل هذا المخلوق : {فتبارك الله أحسن الخالقين} .
طبعاً الناس الذين لديهم إخلاد إلى الأرض مع امتلاك هذه الثروات الثمينة ، أولئك { كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ } [الأعراف: 179]. والله تعالى لم يمدح نفسه بوصفه (أحسن الخالقين) من أجل خلق أولئك ، كما أن الذين لهم قلوب {كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً } [البقرة: 74] ، لم يقل بشأن خلقهم (فتبارك الله أحسن الخالقين) بل أولئك الذي هم مصداق { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37] يتمتعون بهذه المزايا .
ان الآية المباركة من سورة المؤمنين تبين ان الروح نهضت من نشأة الطبيعة ؛ لأن الله تعالى قال إنه أخرج هذا الإنسان وهذا الجنين إلى خلق آخر ، وأعطاه صورة أخرى ، وطبعاً كل تطور يتطلب محركاً ، وكل حركة لها محرك ، وليس ممكناً أن يكمل الشيء الناقص بشكل تلقائي ، نفس الحركة هي كمال أول والهدف كمال ثانٍ ، فلو أراد موجود ناقص أن يتحرك فانه يتطلب محركاً ، وإذا أراد أن ينال هدفاً يتطلب مبدأ غائياً خاصاً يعطيه هذا الكمال .
حدوث الروح بعد خلق الجسم:
في سورة آل عمران المباركة ورد شبيه لهذا التعبير ، أي أن التعبير الموجود في سورة المؤمنين يتعلق حسب الظاهر بنسل آدم ، ولكن في سورة آل عمران ورد شبيه هذا التعبير في مسألة آدم نفسه ، أي ان آدم وابناءه متساوون في هذه الناحية ، حيث تتكامل في البداية مراحل بناء أبدانهم ، ثم تتبدل تلك المرحلة إلى مرحلة الروحانية . قال تعالى :
{نَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: 59] الافراطيون والتفريطيون لديهم رأيان متضادان بشأن المسيح عليه السلام ، وهذه الآية يمكن أن تكون جواباً عليهما رغم ان شأن نزولها هو الرد على الإفراطيين ، الذين قالوا بالألوهية أو التثليث أو أنه ابن الله ، وقد أجاب الله بالجدال الأحسن حيث ذكر تعالى ان العمل الذي قام به بشأن آدم لم يقم به في شأن عيسى ؛لأن عيسى كانت له أم ، ولكن آدم عليه السلام لم تكن له أم ولا أب . فلماذا لم يقولوا كلاماً فارغاً بشأن آدم عليه السلام ، ولم يقولوا انه ابن الله ، وقالوه بشأن المسيح ؟
{ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون} .
أي أن خلق آدم كان في مرحلتين ، مرحلة تعود إلى التراب ، ومرحلة إلى {كن فيكون} ، المرحلة التي تعود إلى التراب يمكن ان تكون ذات زمان ـ طويل المدة أو قصير المدة ـ أما بعد التحول والتطور إلى مقام الروحانية التي هي مرحلة التجرد ، عند ذلك ليس للزمان دور في ذلك فليست ذات زمان ، وتسمى هذه المرحلة بـ {كن فيكون} . قال تعالى : إنه خلق آدم من تراب ، أي أن بناء بدنه شرع من التراب ، ثم قال لأدم {كن فيكون} أي ان التعبير {كن فيكون} هو حين إفاضة الروح ، هذا التعبير يفسره ما ورد في نهج البلاغة من أن كلام الله ليس حروفاً:
( يقول لمن أراد كونه ، كن ، فيكون ، لا بصوت يقرع ولا بنداء يسمع وإنما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه ومثله) (2) كلام الله فعل ، لذا جميع العالم الذي هو عمل الله ، هو كلمات إلهية ، عندما يريد الله تعالى أن يأمر السحاب بالمطر يمطرها ، لا أن يقول : أمطري ، كلمة (كن فيكون) ، هي عبارة عن ( الايجاد والوجود ) .
على أساس هذا الكلام ، فان الروح رغم انها حسب ظاهر الآيات من القسم الثاني ، وأن لها سابقة مادية ، ولكن في الدهليز الانتقالي من نشأة المادة إلى التجرد تبعد عنها العلامات المادية ، وعندما لا تكون معها علامات مادية ، عند ذلك لا مجال للكلام عن الذكورة والأنوثة ، يمكن ان يكون البدن مذكراً أو مؤنثاً ، من أجل الوصول إلى نصابه ، ولكن عندما يصل في ظل الحركة الجوهرية إلى مقام الدخول إلى مرحلة الوجود الرفيعة ـ طبعاً بنحو التجلي وليس بنحو التجافي ـ عند ذلك ليس الكلام عن الذكورة والأنوثة ، رغم ان إدراك انخفاض الروح إلى عالم الطبيعة والانسجام مع الموجود الطبيعي من جهة وارتقاء هذه المجموعة إلى مقام ( النفس ) ليس أمراً سهلاً .
______________
(1) بحار الأنوار ، ج 61 ، ص 132.
(2) نهج البلاغة ، الخطبة 186.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|