المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



زواج أم مؤامرة؟  
  
3399   03:55 مساءً   التاريخ: 21-05-2015
المؤلف : جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيرة الائمة-عليهم السلام
الجزء والصفحة : ص496-498.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام محمد بن علي الجواد / قضايا عامة /

إنّ المأمون قرر أن يقرب نفسه من أهل البيت بعد أن واجه ظروفاً سياسية حرجة، وفرض ولاية العهد على الإمام الثامن انطلاقاً من ذلك مريداً بذلك تنفيذ سياسته المتعدّدة الجوانب لمعالجة الموقف ؛ ومن ناحية أُخرى كان العباسيون منزعجين كثيراً من سياسته هذه التي كانت من الممكن أن تنقل الخلافة من العباسيّين إلى العلويّين، لذا راحوا يعادونه وما رضوا عنه إلاّ بعد استشهاد الإمام مسموماً على يد المأمون وقد تمت عملية قتل الإمام الرضا بالسمّ على يد المأمون بسرية تامة، وحاول أن يغطّي على جريمته هذه فراح يتظاهر بالحزن والجزع عليه، ولكن رغم كلّ هذا التستر والرياء انكشفت جريمته للعلويين واتضح لهم انّه لم يقتل الإمام غير المأمون، فثار غضبهم وانزعجوا من ذلك كثيراً، ولاحظ المأمون انّ حكمه مهدّد مرة أُخرى وللوقاية من النتائج السيئة بدأ ينسج مؤامرة أُخرى من خلال تظاهره بالحب للإمام الجواد والاهتمام به، وقرر أن يزوّجه ابنته ليحصل على نفس النتيجة التي حصل عليها من فرض الولاية على الإمام الرضا، وانطلاقاً من هذه الخطة أحضر الإمام الجواد من المدينة عام 204هـ بعد عام واحد من استشهاد الإمام الرضا وبعد المناظرة التي دارت بين الإمام ويحيى بن أكثم زوّجه ابنته أُمّ الفضل .

وقد انتقلت إلى بيت الإمام عام 215هـ، وجاء تفصيل تلك الحادثة في التاريخ على النحو التالي:

خرج المأمون من الشماسية إلى البردان، يوم الخميس، صلاة الظهر لست بقين من المحرم، سنة خمس عشرة ومائتين وهو اليوم الرابع والعشرون من آذار ثمّ سار حتّى أتى تكريت ؛ وفيها قدم محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب من المدينة في صفر ليلة الجمعة ؛ فخرج من بغداد حتّى لقي المأمون بتكريت فأجازه وأمره أن يدخل عليه امرأته ابنة المأمون، فادخلت عليه في دار أحمد بن يوسف التي على شاطئ دجلة فأقام بها، فلما كان أيّام الحجّ خرج بأهله وعياله حتّى أتى مكة، ثمّ أتى منزله بالمدينة فأقام به .

كان لهذا الزواج الذي أصرّ عليه المأمون دوافع سياسية تماماً، ويمكن التعرّف عليها بالصورة التالية:

1- بتزويجه ابنته للإمام يكون قد وضع الإمام تحت سيطرته ومراقبته ليعرف الصغيرة والكبيرة من أفعاله، وقد أدّت ابنته مهمتها في إعداد التقارير لأبيها جيداً، والتاريخ يشهد على ذلك .

2- انّه أراد من هذا الزواج أن يربط بتصوّره الساذج الإمام ببلاطه الذي يسوده المجون والخلاعة ويجره إلى اللهو واللعب والفسوق، و بذلك يشوّه قداسة الإمام ولتسقط مكانته وعصمته ويبدو ذليلاً طائشاً في عيون الناس .

3- انّه أراد أن يضع حداً لثورات العلويّين وانزعاجهم منه، وليتظاهر بميوله إليهم ..

4- الدافع الرابع للمأمون هو خداع عامة الناس كما كان يقول: إنّي أحببت أن أكون جداً لا مريء ولد رسول اللّه وعلي بن أبي طالب، غير انّ هذه الخدعة لم تستمر لحسن الحظ حيث لم تلد ابنته وكان أولاد الإمام جميعهم من امرأة أُخرى .

كانت هذه دوافع المأمون لهذا الزواج، ولكن يجب أن نعرف الآن لماذا وافق الإمام الجواد على هذا الزواج؟

وانطلاقاً من أنّ الإمام كان يعلم أهداف المأمون الواقعية من وراء ذلك، ويعرف أيضاً انّه هو الذي ارتكب تلك الجريمة العظمى بحقّ أبيه الإمام الرضا يبدو ان قبول الإمام بهذا الزواج كان على أثر الضغوط التي تلقّاها من المأمون مسبقاً، لأنّ هذا الزواج لا يعود بنفع إلاّ على المأمون وحده ؛ ويمكن أن نحتمل بأن تقرب الإمام من البلاط كان يمكن أن يكون له درعاً واقياً يمنع اغتياله على يد المعتصم، وعاملاً وقائياً من قمع رجال الشيعة البارزين وأصحاب الإمام بيد جلاوزة الخليفة، وهذا يشبه من جهة قبول الوزارة لهارون من علي بن يقطين بمعنى النفوذ في بلاط الخلافة لصالح الجبهة الشيعية .

قال حسين المكاري أحد أصحاب الإمام الجواد (عليه السلام) : دخلت على أبي جعفر ببغداد وهو على ما كان من أمره، فقلت في نفسي هذا الرجل لا يرجع إلى موطنه أبداً وهو بهذه الدعة والسعة، فأطرق الإمام رأسه ثمّ رفعه وقد اصفرّ لونه فقال: ياحسين خبز شعير وملح جريش في حرم رسول اللّه أحب إليّ مما تراني فيها .

ولهذا لم يبق الإمام في بغداد طويلاً ورجع إلى المدينة مع زوجته أُمّ الفضل وبقي فيها حتى عام 220هـ .

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.