النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
كيف أدار الإمام الجواد "ع" الشيعة وأثر على مسار الأمة ؟
المؤلف: الشيخ علي الكوراني
المصدر: الإمام محمد الجواد "ع" شبيه عيسى ويحيى وسليمان "ع"
الجزء والصفحة: ص285-306
2024-12-03
1023
( 1 ) جهد المعصوم ( عليه السلام ) يختلف عن جهدنا
رغم قِصَر عمر الإمام الجواد ( عليه السلام ) ، والظروف المعادية له ، فقد قام بمهمة الهداية والبناء لشيعته ، كفئة طليعية في الأمة ، وأثَّر على مسار الأحداث العامة في الأمة ، ومنع المزيد من انحراف الحكام ، وقضاة السلطة ورواتها .
إن أعمار أهل البيت ( عليه السلام ) بالعمق والعرض ، لا بالطول . فمن الناس من يعيش عمراً طويلاً لكن عمره كخط ضعيف على صفحة رمل ذارٍ . ومنهم من يعيش قليلاً لكن عمره شعلةٌ تضيئ مع التاريخ ، وتقتدي بها الأجيال .
وسبب ذلك أن أفعال المعصومين ( عليه السلام ) وأقوالهم مسددة من الله تعالى ، فهي مباركة ، مؤثرة ، دائمة الثمر : تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا .
إنهم يختلفون عنا بما أعطاهم الله من علم بما يفعلونه ويقولونه ، فلا يتحيرون مثلنا ، ولا يعملون بالظن والتخمين والترجيح .
وهم أهل يقين في الأحكام والموضوعات ، ورؤيتهم أعلى نوعاً من رؤيتنا ، فلا يحتاجون مثلنا إلى جهد في فهم الأشياء والأمور وأحكام الله فيها ، ثم نبقى نراوح كل عمرنا في احتمالاتنا .
وهم أقوى الناس بدناً وروحاً ، وأكثرهم حيوية ونشاطاً ، لا تتفاوت حالات أحدهم ولا ينخفض نشاطه ، فيوم الواحد منهم قد يعادل نشاط شهر أو سنوات لأحدنا !
وهم أكثر الناس تفاعلاً في إيمانهم بالله تعالى واليوم الآخر ، وهذا ينعكس بركةً في أقوالهم وأعمالهم ، وغنىً فيها ، وتأثيراً لها . فقد وصف الله نبيه يحيى ( عليه السلام ) بأنه سبق في حيويته المتقدمين عليه ، لكنه لم يسبق المتأخرين وهم أهل البيت ( عليهم السلام ) ، قال تعالى : يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا .
وهم أعلم من يفهم أولويات العمل ، وتأثير الأعمال ، وحركة الأفراد والمجتمعات ومستقبلها ، فهم أساتذة في العمل الستراتيجي .
إنهم المهندسون الربانيون ، الذين يخط أحدهم الخط ، فيؤثر على الخريطة ، ويضع لبنة فيعتدل الصرح ، ويأخذ لبنة فينهار بناء فاسد ، ولو بعد حين !
وبهذا التسديد الرباني استطاع الأئمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) أن ينشؤوا من تحت الصفر أمة في الأمة ، وأن يُعَدِّلوا في مسار الأمة ، ويصححوا فيه الكثير .
فبعد عزله من الخلافة واضطهاده وأهل بيته ، لم يمر على الأمة ربع قرن حتى جاءت الأمة إلى علي ( عليه السلام ) طائعة ، راجية منه أن يقبل بيعتها له بالخلافة !
قال ( عليه السلام ) : ( فما راعني إلا والناس كعرف الضبع إليَّ ينثالون علي من كل جانب . . مجتمعين حولي كربيضة الغنم ) . ( نهج البلاغة : 1 / 36 ) .
وحكم عليٌّ ( عليه السلام ) خمس سنوات ، فهز الأمة هزاً ، وأعاد فيها جذوة العهد النبوي .
وعندما استسلمت الأمة إلى موجة بني أمية ، نهض الإمام الحسين ( عليه السلام ) في مهمة ربانية رباه لها جده المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) وأخبر بها الأمة ، فكان ذبيح الإسلام ، وثأر الله في أرضه ، فقد أعاد للأمة شعلة نبيها ، وفتح باب الثورات على مصراعيه .
وترسخ وجود أهل البيت النبوي ( عليهم السلام ) وموجتهم في الأمة ، وانطلقت من خراسان موجة غضب إيرانية ، بشعار الدعوة إلى الرضا من آل محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، وإنصاف أهل البيت من ظالميهم الأمويين .
وركب العباسيون ثورة الإيرانيين وسرقوها ، وأبى ذلك أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وواصلوا عملهم في هداية الأمة ، ومواجهة تحريف الإسلام ، والانحراف عنه .
ولم يطل الأمر بالعباسيين حتى اضطر المأمون لأن يلجأ إلى الإمام الرضا ( عليه السلام ) ويطلب منه أن يكون ولي عهده تقرباً إلى الأمة بعترة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وتسكيتاً للثورات العلوية .
واستطاع الإمام الرضا ( عليه السلام ) أن يميز نفسه وشيعته عن السلطة ، فظلوا في نظر الأمة منزهين ، لم يحملوا أوزارها .
وتولى الإمام الجواد ( عليه السلام ) إمامة الأمة ، فكان الشيعة وجوداً وسيعاً منتشراً في مختلف البلاد ، وكانت أول مرة يُجمع فيها الشيعة على إمامة صبي في السابعة من عمره !
ومما يثير عجب الباحث أنه مع كثرة خصوم الشيعة ومخالفيهم ، وبحثهم عما يعيبونهم به ، لم يستطع أحد أن يشنع عليهم بائتمامهم بصبي في هذا السن !
بل تشير النصوص إلى أنهم كانوا يوصون بعضهم بأن يتركوا الشيعة ، ولا يتحرشوا بهم ، لأنهم لا حيلة فيهم حسب تعبير المعتصم ، قال : ( ليس إلى هؤلاء القوم حيلة . لا تؤذوا أبا جعفر ) . ( رجال الكشي / 833 ) .
قاد الإمام الجواد ( عليه السلام ) شيعته بعد أبيه نحو تسع عشرة سنة ، وكان أول مكسب لهم أن الأمة عرفت أن مذهب هؤلاء في الإمامة حق ، وأنها اختيار رباني ، فالله تعالى يختار من عترة النبي ( صلى الله عليه وآله ) إماماً للأمة ويعلمه ويسدده ، وهؤلاء هم الأئمة الإثنا عشر الذين بشَّرَ بهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأوصى بهم أمته فقال : إني تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فهم وصيته كالقرآن ، وهم أئمة ربانيون ، وهم كالقرآن لا يأتيهم الباطل .
ورأى المسلمون الإمام الجواد ابن سبع سنين معجزة في علمه وهديه وكل شخصيته . ورأوا خليفتهم المأمون يُقنع فقهاء المسلمين وعلماءهم وشخصيات بني العباس ، بأن بيت علي بن أبي طالب ليس كالبيوت ، فهؤلاء صغارهم كبار ، وهذا محمد الجواد أمامكم وهو ابن تسع سنوات ، فامتحنوه واسألوه !
ولئن لم يقل المأمون إن الجواد ( عليه السلام ) هو صاحب منصب الخلافة الشرعي ، والمأمون غاصب لمقامه ، فقد عرفت الأمة ذلك وفهمته !
ولئن ارتكب المعتصم أخ المأمون جريمة قتله بالسم ، فإن الأمة كانت تعرف أن فعله ما هو إلا حلقة من سلسلة قتل الجبارين للأنبياء والأوصياء ( عليهم السلام ) !
لقد استطاع المعتصم وابناه الواثق والمتوكل أن يقووا الموجة المضادة لأهل البيت ( عليهم السلام ) وشيعتهم ، وبلغت أوجها في زمن المتوكل باضطهاد الشيعة ، وهدم قبر الحسين ( عليه السلام ) . لكن التشيع في الأمة كان قوياً حتى في بيوت الخلفاء ، فثار ابن المتوكل العباسي على أبيه وقتله لأنه ناصبي مبغض لأهل البيت ( عليهم السلام ) ، وسمى نفسه المنتصر ، لأنه انتصر لشتم أبيه للصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) !
( 2 ) ازدحام الشيعة على الإمام في الحج
كان موسم الحج أهم مناسبة للقاء الشيعة بالأئمة ( عليهم السلام ) ، ثم موسم عمرة رجب .
ففي الإختصاص للمفيد / 102 ، عن إبراهيم بن هاشم قال : ( حدثني أبي قال : لما مات أبو الحسن الرضا ( عليه السلام ) حججنا فدخلنا على أبي جعفر ( عليه السلام ) وقد حضر خلق من الشيعة من كل بلد لينظروا إلى أبي جعفر ، فدخل عمه عبد الله بن موسى وكان شيخاً كبيراً نبيلاً ، عليه ثياب خشنة وبين عينيه سجادة فجلس ، وخرج أبو جعفر ( عليه السلام ) من الحجرة وعليه قميص قصب ورداء قصب ونعل جدد بيضاء فقام عبد الله فاستقبله وقبل بين عينيه ، وقام الشيعة وقعد أبو جعفر ( عليه السلام ) على كرسي ونظر الناس بعضهم إلى بعض ، وقد تحيروا لصغر سنه ، فابتدر رجل من القوم فقال لعمه : أصلحك الله ما تقول في رجل أتى بهيمة ؟ فقال : تقطع يمينه ويضرب الحد . فغضب أبو جعفر ( عليه السلام ) ثم نظر إليه فقال : يا عم إتق الله إتق الله ، إنه لعظيم أن تقف يوم القيامة بين يدي الله عز وجل فيقول لك : لم أفتيت الناس بما لا تعلم ! فقال له عمه : أستغفر الله يا سيدي أليس قال هذا أبوك صلوات الله عليه ؟ فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : إنما سئل أبي عن رجل نبش قبر امرأة فنكحها ، فقال أبي : تقطع يمينه للنبش ، ويضرب حد الزنا ، فإن حرمة الميتة كحرمة الحية .
فقال : صدقت يا سيدي ، وأنا أستغفر الله ! فتعجب الناس وقالوا : يا سيدنا أتأذن لنا أن نسألك ؟ قال : نعم فسألوه في مجلس عن ثلاثين ألف مسألة ، فأجابهم فيها وله تسع سنين ) . ورواه في الكافي : 1 / 496 ، مختصراً وفيه : ( وله عشر سنين ) .
أقول : لا يصح كلام إبراهيم بن هاشم أنه ( عليه السلام ) سئل عن ثلاثين ألف مسألة في مجلس واحد ، إلا أن يكون المقصود فيه المبالغة بمعنى سألوه عن مسائل كثيرة تبلغ المئات .
وقال بعضهم إن المقصود بالمجلس واحد مجالس ذلك الموسم .
وبقطع النظر عن المبالغة في كلام الراوي ، فلا شك أن الشيعة الوافدين وفيهم الفقهاء والمحدثون ، قد دهشوا بغزارة علم الإمام ( عليه السلام ) وفقاهته . وقد رأى العباسيون في مجلس المأمون شبيه ذلك ، فأذعنوا لإعجاز شخصيته . وتقدم سؤال ابن أكثم له عن محرم قتل صيداً وتفريع الإمام فروع المسألة ، وكذلك غيرها من المسائل .
وقد حفلت أحاديث الإمام الجواد ( عليه السلام ) بالكثير من المسائل الفقهية الدقيقة .
( 3 ) دور الوكلاء في إدارة الأئمة ( عليهم السلام ) لشيعتهم
الإمام في عقيدة الشيعي حجة الله تعالى على خلقه ، منه يتلقى معالم دينه وتوجيهه في أموره ، فهو إمامه بالمعنى الكامل عقدياً وفقهياً وسلوكياً واجتماعياً وسياسياً . وطاعته فرضٌ من الله تعالى ورسوله ، فهو وصي النبي ( صلى الله عليه وآله ) وخليفته ، وهو الحاكم الشرعي ، والقدوة في الدنيا ، والذي يأمل شفاعته في الآخرة .
وقد كان للأئمة ( عليهم السلام ) شبكة وكلاء ومعتمدين ، في كل المناطق التي فيها شيعة ، وذكر التاريخ أسماء عدد من كبارهم .
وكان الشيعة يراسلون الأئمة ( عليهم السلام ) مباشرة أو بواسطة وكلائهم ، فيسألونهم عن أحكام دينهم وعقائدهم ، ويطلبون منهم أن يدعوا لهم الله تعالى بحاجاتهم المختلفة المادية والمعنوية . وكانوا يرسلون إلى الإمام خمس فائض ربحهم السنوي .
وقد أورد السيد القزويني في موسوعة الإمام الجواد ( عليه السلام ) ( 2 / 413 ) فهرس أكثر من ستين رسالة من رساءله ( عليه السلام ) . منها إلى وكلائه ، ومنها إجابات لأشخاص ، ومنها رسائله لأ بيه الرضا ( عليه السلام ) ورسالته إلى ابنه الهادي ( عليه السلام ) ، والى إبراهيم بن شيبة ، وإلى إبراهيم بن عقبة ، وإلى أبي الحسن بن الحصين ، وإلى أبي علي بن راشد ، وأبي عمرو الحذاء ، وأبي الفضل العباس بن المعروف ، وأبي القاسم الصيقل ، وأحمد بن إسحاق الأبهري ، وأحمد بن حماد المروزي ، وأحمد بن محمد بن عيسى القمي ، وأحمد بن محمد بن عيسى بن يزيد ، وأحمد بن محمد بن أبي نصر ، وإسماعيل بن سهل ، وإلى امرأة تدعى أم علي ، وإلى أيوب بن نوح ، وبكر بن صالح ، وبندار مولى إدريس ، والحسن بن سعيد ، والحسين بن بشار الواسطي ، والحسين بن الحكم الواسطي ، والحسين بن عبد الله النيسابوري ، وخيران الخادم ، وداود بن القاسم الجعفري ، والريان بن شبيب ، وزكريا بن آدم الأشعري القمي ، وصهر بكر بن صالح ، وعبد الجبار بن المبارك النهاوندي ، وعبد الرحمن بن أبي نجران ، وعبد العزيز بن المهتدي القمي الأشعري ، وعبد العظيم بن عبد الله الحسني ، وعبد الله بن خالد بن نصر المدائني ، وعبد الله بن الصلت القمي ، وعبيد الله بن محمد الرازي ، وعلي بن أسباط الكوفي ، وعلي بن بلال ، وعلي بن حديد ، وعلي بن محمد الحصيني ، وعلي بن محمد بن سليمان النوفلي ، وعلي بن مهزيار ، وعلي بن ميسر ، وعمرو بن سعيد الساباطي ، وفروخ بن زاذان ، والقاسم الصيقل ، والمأمون العباسي الخليفة ، ومحمد بن إبراهيم الحضيني ، ومحمد بن أحمد بن حماد ، المكنى بأبي علي المحمودي ، ومحمد بن إسحاق ، والحسن بن محمد ، ومحمد بن أورمة ، ومحمد بن حمزة العلوي ، ومحمد بن خالد البرقي ، ومحمد بن الريان ، ومحمد بن سليمان بن مسلم ، المكنى بأبي زينبة وجماعة معه ، ومحمد بن عمر الساباطي ، ومحمد بن عيسى ، ومحمد بن الفرج ، ومحمد بن الفضيل الصيرفي ، ومحمد بن يحيى الخراساني ، وموسى بن عبد الملك ، والنضر ، ويحيى بن أبي عمران الهمداني ، وبني عم محمد بن الحسن الأشعري ، وامرأة من موالي محمد بن الحسن الأشعري ، وإلى أهل البصرة ، والى مواليه بهمدان ، والى بعض أوليائه ، والى جماعة من الأصحاب ، وآخرين .
( 4 ) رسالةٌ إلى وكيله في همدان
في بصائر الدرجات / 282 : ( إبراهيم بن محمد قال : كان أبو جعفر محمد بن علي ( عليه السلام ) كتب إليَّ كتاباً ، وأمرني أن لا أَفُكَّهُ حتى يموت يحيى بن أبي عمران ، قال : فمكث الكتاب عندي سنين ، فلما كان اليوم الذي مات فيه يحيى بن أبي عمران فككت الكتاب فإذا فيه : قم بما كان يقوم به ، أو نحو هذا من الأمر قال ) . ورواه في الثاقب / 515 ، وفيه : ( أن إبراهيم بن محمد أقرأهم هذا الكتاب في المقبرة يوم مات يحيى بن عمران . وكان إبراهيم يقول : كنت لا أخاف الموت ما كان يحيى بن عمران في الحياة ) .
وفي رجال الكشي ( 2 / 869 ) عن إبراهيم بن محمد الهمداني ، قال : ( كتبت إلى أبي جعفر ( عليه السلام ) أصف له صنع السبع بي . فكتب بخطه : عجل الله نصرتك ممن ظلمك وكفاك مؤنته ، وأبشر بنصر الله عاجلاً ، وبالأجر آجلاً وأكثر من حمد الله . .
وكتب إليَّ : قد وصل الحساب تقبل الله منك ورضي عنهم ، وجعلهم معنا في الدنيا والآخرة ، وقد بعثت إليك من الدنانير بكذا ومن الكسوة كذا ، فبارك لك فيه وفي جميع نعمة الله عليك . وقد كتبت إلى النضر أمرته أن ينتهي عنك ، وعن التعرض لك وخلافك ، وأعلمته موضعك عندي . وكتبت إلى أيوب أمرته بذلك أيضاً ، وكتبت إلى مواليَّ بهمدان كتاباً أمرتهم بطاعتك والمصير إلى أمرك ، وأن لا وكيل لي سواك ) .
( 5 ) رسالة إلى وكيله في الأهواز
في رجال الكشي ( 2 / 827 ) في ترجمة علي بن مهزيار : ( وفي كتاب لأبي جعفر ( عليه السلام ) إليه ببغداد : قد وصل إلي كتابك ، وقد فهمت ما ذكرت فيه وملأتني سروراً فسرَّك الله ، وأنا أرجو من الكافي الدافع أن يكفي كيد كل كائد ، إن شاء الله تعالى .
وفي كتاب آخر : وقد فهمت ما ذكرت من أمر القميين خلصهم الله وفرج عنهم . وسررتني بما ذكرت من ذلك ولم تزل تفعل ، سرك الله بالجنة ورضي عنك برضائي عنك ، وأنا أرجو من الله حسن العون والرأفة ، وأقول حسبنا الله ونعم الوكيل ) .
وروى الطوسي في الغيبة / 394 ، رسالة أخرى له ، جاء فيها : ( بسم الله الرحمن الرحيم . يا علي أحسن الله جزاك ، وأسكنك جنته ، ومنعك من الخزي في الدنيا والآخرة ، وحشرك الله معنا . يا علي قد بلوتك وخبرتك في النصيحة والطاعة والخدمة والتوقير والقيام بما يجب عليك ، فلو قلت إني لم أر مثلك لرجوت أن أكون صادقاً ، فجزاك الله جنات الفردوس نزلاً ، فما خفي علي مقامك ولا خدمتك في الحر والبرد ، في الليل والنهار ، فأسأل الله إذا جمع الخلائق للقيامة أن يحبوك برحمة تغتبط بها ، إنه سميع الدعاء ) .
وقد أعجبت هذه الرسالة أخانا الدكتور محمد حسين الصغير ، فعلق عليها في كتابه الإمام محمد الجواد معجزة السماء في الأرض / 34 بقوله : ( فانظر إلى هذا الثناء العاطر وهذا الالتزام الفريد ، وهذا التكريم المتزايد ، مما يدل على علو منزلة الرجل ، والإمام في هذا الملحظ يعطي كل ذي حق حقه ، رعاية كبرى منه لأوليائه ) .
( 6 ) دورالعلماء في إدارة الأئمة ( عليهم السلام ) لشيعتهم
كان الأئمة يوجهون الفقهاء والعلماء لتعليم جمهور الشيعة وتوعيتهم ، خاصة أولئك الذين لا يتيسر لهم الوصول إلى إمامهم بسبب بعد بلادهم ، أو بسبب ظروفهم وظروف الإمام السياسية ، أو سجنه . ونجد ذلك واضحاً في سيرة الإمام الكاظم والرضا وكذا الجواد ( عليهم السلام ) لأنه كان في ظرف سياسي حساس ، وأحياناً في بغداد ، فكان يوجه العلماء ليسدوا فراغ غيابه ، ويعلموا ا الشيعة ، ويردوا شبهات علماء السلطة !
قال الإمام الجواد ( عليه السلام ) : ( من تكفل بأيتام آل محمد المنقطعين عن إمامهم ، المتحيرين في جهلهم الأسارى في أيدي شياطينهم وفي أيدي النواصب من أعدائنا ، فاستنقذهم منهم وأخرجهم من حيرتهم ، وقهر الشياطين برد وساوسهم ، وقهر الناصبين بحجج ربهم ودلائل أئمتهم ، ليحفظوا عهد الله على العباد ، أكثرُ من فضل السماء على الأرض ، والعرش والكرسي والحُجُب على السماء ! وفضلهم على العباد كفضل القمر ليلة البدر على أخفى كوكب في السماء ) . ( الإحتجاج : 1 / 9 ) .
وقال ( عليه السلام ) : ( إن حجج الله على دينه أعظم سلطاناً ، يسلط الله بها على عباده ، فمن وفر منها حظه فلا يرينَّ أن من منعه ذلك قد فضله عليه ، ولو جعله في الذروة العليا من الشرف والمال والجمال ، فإنه إن رأى ذلك كان قد حقر عظيم نعم الله لديه . وإن عدواً من أعدائنا النواصب يدفعه بما تعلمه من علومنا أهل البيت لافضل له من كل مال لمن فضل عليه ، ولو تصدق بألف ضعفه ) . ( تفسير العسكر ( عليه السلام ) / 351 ) .
( 7 ) دور عدول المؤمنين في إدارة الأئمة ( عليهم السلام ) لشيعتهم
في تهذيب الأحكام ( 7 / 69 ) : قال محمد بن إسماعيل بن بزيع : ( فذكرت ذلك لأبي جعفر ( عليه السلام ) وقلت له : يموت الرجل من أصحابنا فلا يوصي إلى أحد ، ويخلف جواري فيقيم القاضي رجلاً منا ليبعهن ، أو قال : يقوم بذلك رجل منا فيضعف قلبه لأنهن فروج ، فما ترى في ذلك ؟ قال فقال : إذا كان القيم مثلك أو مثل عبد الحميد فلا بأس ) .
( 8 ) حركة أهل قم في عهد الإمام الجواد ( عليه السلام )
دعا الإمام الجواد ( عليه السلام ) في الرسالة المتقدمة لأهل قم ، وقد ذكر الطبري ( 7 / 183 ) ما حدث لهم ، فقال : ( وفي هذه السنة ( 210 ) خلع أهل قم السلطان ومنعوا الخراج . ذكر الخبر عن سبب خلعهم السلطان ومآل أمرهم في ذلك : ذُكر أن سبب خلعهم إياه كان أنهم كانوا استكثروا ما عليهم من الخراج ، وكان خراجهم ألفي ألف درهم ، وكان المأمون قد حطَّ عن أهل الري حين دخلها منصرفاً من خراسان إلى العراق ، ما قد ذكرت قبل ، فطمع أهل قم من المأمون في الفعل بهم في الحط عنهم والتخفيف ، مثل الذي فعل من ذلك بأهل الري .
فرفعوا إليه يسألونه الحط ويشكون إليه ثقله عليهم ، فلم يجبهم المأمون إلى ما سألوه ، فامتنعوا من أدائه ، فوجه المأمون إليهم علي بن هشام ، ثم أمده بعجيف بن عنبسة ، وقدم قائدٌ لحميد يقال له محمد بن يوسف الكح بقوص من خراسان فكتب إليه ( المأمون ) بالمصير إلى قم لحرب أهلها مع علي بن هشام ، فحاربهم علي فظفر بهم وقتل يحيى بن عمران وهدم سور قم ، وجباها سبعة آلاف ألف درهم بعد ما كانوا يتظلمون من ألفي ألف درهم ) !
وقال الطبري ( 7 / 150 ) : ( ورحل المأمون في هذه السنة ( سنة 203 ) من طوس يريد بغداد ، فلما صار إلى الري ، أسقط من وظيفتها ألفي ألف درهم ) .
أقول : زعمت هذه الرواية الرسمية أن سبب ثورة أهل قم وعصيانهم المدني ، أنهم طالبوا بتخفيف الخراج عنهم أسوة بأهل الري ، فلم يستجب لهم المأمون فأعلنوا العصيان . لكن هذا محل شك ، لأن المأمون كان يكره أهل قم ، وعندما أحضر الإمام الرضا ( عليه السلام ) من المدينة أن لا يمر على قم . وقد طال خلافهم مع المأمون سبع سنوات ، فقد كان مروره من الري سنة 203 ، أو أول سنة 204 ، وكانت حملته على أهل قم سنة 210 ، وحشد لهم فرقتين بقيادة أكبر قائدين عنده : علي بن هشام ، وعجيف ، واستقدم فرقة ثالثة من خراسان بقيادة أحد قادة حميد بن قحطبة .
ويحيى بن عمران المذكور هو الأشعري ، وهو غير يحيى بن عمران الحلبي ، وآخر الهمداني . والأشعريون مؤسسوا قم وقادتها ، وكان يحيى رئيسهم .
قال البلاذري في فتوحه ( 2 / 386 ) : ( وكان المأمون وجه علي بن هشام المروزي إلى قم وقد عصا أهلها وخالفوا ومنعوا الخراج ، وأمره بمحاربتهم وأمده بالجيوش ففعل ، وقتل رئيسهم وهو يحيى بن عمران ، وهدم سور مدينتهم وألصقه بالأرض ، وجباها سبعة آلاف ألف درهم وكسراً ، وكان أهلها قبل ذلك يتظلمون من ألفي ألف درهم . وقد نقضوا في خلافة أبى عبد الله المعتز بالله بن المتوكل على الله ، فوجه إليهم موسى ابن بغا عامله على الجبل ، لمحاربة الطالبيين الذين ظهروا بطبرستان ، ففتحت عنوة وقتل من أهلها خلق كثير ) .
ولم يترجم الرجاليون ليحيى بن عمران ، لكن حفيده محمد بن أحمد بن يحيى ، عالمٌ جليل له اثنان وعشرون مؤلفاً ، أشهرها كتاب النوادر . ( معجم السيد الخوئي : 16 / 49 ) .
وذكر الطبري حركة لأهل قم بعد قليل من حملة المأمون عليهم ، قال في ( 7 / 189 ) : ( وفيها ( 214 ) تحرك جعفر بن داود القمي فظفر به عزيز مولى عبد الله بن طاهر ، وكان هرب من مصر فرد إليها . وفيها : وليَ علي بن هشام الجبل وقم وأصبهان وآذربيجان ) .
ويظهر أن المأمون نفى جعفر بن داود إلى مصر ، فقد قال الطبري ( 7 / 192 ) في أحداث سنة 216 : ( وهرب جعفر بن داود القمي إلى قم وخَلَعَ بها ) . أي أعلن خلع المأمون .
وقال الطبري ( 7 / 193 ) : ( وفيها ( سنة 217 ) بعث علي بن عيسى القمي جعفر بن داود القمي ، فضرب أبو إسحاق بن الرشيد عنقه ) .
وهذا يدل على أن مشكلة قم طالت ، وأن جعفر بن داود القمي ثار بعد يحيى بن عمران ، حتى قتله المعتصم وهو أبو إسحاق .
ولم يصلنا من موقف الإمام الجواد ( عليه السلام ) من قضية أهل قم ، إلا هذا الدعاء لهم ، مع أنه كان في وقتها صهر المأمون وكان في المدينة .
والسبب أن المأمون كان يظهر احترام الإمام الجواد ( عليه السلام ) لكنه جبارٌ لا يسمع كلامه !
ثم إن للإمام الجواد كآبائه ( عليهم السلام ) موقفاً ثابتاً من الثورات الشيعية في العالم ، فلا هم يقفون ضدها ، ولا يتبنونها ، ولكنهم يتعاطفون مع ما يصيب المؤمنين فيها .
أما علي بن هشام الذي قاد الحملة على أهل قم فهو ابن فرخسرو ، خراساني من أهل مرو الروز ، وهو نديم المأمون في خمره ، وكان يكره العرب ويبغض أهل البيت ( عليهم السلام ) .
وقال اليعقوبي ( 2 / 453 ) : ( توفي الرضا علي بن موسى بن جعفر بن محمد ، بقرية يقال لها النوقان أول سنة 203 ، ولم تكن علته غير ثلاثة أيام ، فقيل إن علي بن هشام أطعمه رماناً فيه سم ) . وكان علي بن هشام مقرباً عند المأمون ، وولاه ولايات عديدة ، وكانت له جارية مغنية اسمها متيم ، تساوي عندهم ملايين الدنانير . وقد أرادها منه المأمون فلم يعطه إياها ، فقيل إنه غضب عليه بسببها فقتله سنة 217 وأخذها !
ثم أخذها أخوه المعتصم ( واختص بها المعتصم في خلافته ، فأشخصها معه إلى سامراء ، فكانت إذا أرادت زيارة بغداد استأذنته فتقيم أياماً وتعود ) . ( الأعلام : 5 / 275 ) .
( 9 ) من احترام عموم المسلمين للإمام الجواد ( عليه السلام )
في الكافي ( 5 / 112 ) بسنده عن رجل من بني حنيفة من أهل بست وسجستان قال : ( رافقت أبا جعفر ( عليه السلام ) في السنة التي حج فيها في أول خلافة المعتصم ، فقلت له وأنا معه على المائدة ، وهناك جماعة من أولياء السلطان : إن والينا جعلت فداك رجل يتولاكم أهل البيت ويحبكم ، وعليَّ في ديوانه خراج ، فإن رأيت جعلني الله فداك أن تكتب إليه كتاباً بالإحسان إلي . فقال لي : لا أعرفه . فقلت : جعلت فداك إنه على ما قلت من محبيكم أهل البيت ، وكتابك ينفعني عنده ، فأخذ القرطاس وكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ، أما بعد فإن موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهباً جميلاً ، وإن مالك من عملك ما أحسنت فيه ، فأحسن إلى إخوانك ، واعلم أن الله عز وجل سائلك عن مثاقيل الذر والخردل .
قال : فلما وردت سجستان سبق الخبر إلى الحسين بن عبد الله النيسابوري ، وهو الوالي ، فاستقبلني على فرسخين من المدينة ، فدفعت إليه الكتاب فقبله ووضعه على عينيه ، ثم قال لي : ما حاجتك ؟ فقلت : خراج عليَّ في ديوانك .
قال : فأمر بطرحه عني ، وقال لي : لا تؤد خراجاً ما دام لي عمل ، ثم سألني عن عيالي فأخبرته بمبلغهم ، فأمر لي ولهم بما يقوتنا وفضلاً ، فما أديت في عمله خراجاً ما دام حياً ، ولا قطع عني صلته حتى مات ) .
( 10 ) توجيهه الشيعة لإحياء ذكر أهل البيت ( عليهم السلام )
قال الإمام الجواد ( عليه السلام ) لمُيَسَّر : ( أتَخْلُونَ وتتحدثون وتقولون ما شئتم ؟ فقلت : إي والله لنخلوا ونتحدث ونقول ما شئنا ، فقال : أما والله لوددت أني معكم في بعض تلك المواطن ، أما والله إني لأحب ريحكم وأرواحكم ، وإنكم على دين الله وملائكته ، فأعينونا بورع واجتهاد . . . رحم الله عبداً أحيا ذكرنا ، قلت : ما إحياء ذكركم ؟ قال : التلاقي والتذاكر عند أهل الثبات ) . ( مصادقة الإخوان للصدوق / 34 ) .
وقال ( عليه السلام ) : ( من كان أبوا دينه محمد وعلي ( عليهما السلام ) آثر لديه ، وقراباتهما أكرم عليه من أبوي نسبه وقراباته ، قال الله تعالى له : فضلت الأفضل لأجعلنك الأفضل ، وأثرت الأولى بالإيثار لأجعلنك بدار قراري ، ومنادمة أوليائي ) .
( قال رجل بحضرته : إني لأحب محمداً ( صلى الله عليه وآله ) وعلياً ( عليه السلام ) حتى لو قطعت إرباً إرباً أو قرضت لم أزُل عنه . قال ( عليه السلام ) : لاجرم إن محمداً وعلياً يعطيانك من أنفسهما ما تعطيهما أنت من نفسك . إنهما ليستدعيان لك في يوم فصل القضاء ما لا يفي ما بذلته لهما بجزء من مائة ألف ألف جزء من ذلك ) . ( تفسير العسكري / 332 و 335 ) .
( 11 ) البر بالوالدين حتى لو كانا ناصبيين
في أمالي المفيد / 191 : ( عن بكر بن صالح قال : كتب صهر لي إلى أبي جعفر الثاني صلوات الله عليه : إن أبي ناصب خبيث الرأي ، وقد لقيت منه شدة وجهداً ، فرأيك جعلت فداك في الدعاء لي ، وما ترى جعلت فداك ، أفترى أن أكاشفه أم أداريه ؟ فكتب ( عليه السلام ) : قد فهمت كتابك وما ذكرت من أمر أبيك ، ولست أدَعُ الدعاء لك إن شاء الله . والمداراة خير لك من المكاشفة ، ومع العسر يسر فاصبر فإن العاقبة للمتقين . ثبتك الله على ولاية من توليت . نحن وأنتم في وديعة الله الذي لا تضيع ودائعه . قال بكر : فعطف الله بقلب أبيه عليه حتى صار لا يخالفه في شئ ) !
( 12 ) الناس كلهم إخوة
وفي كشف الغمة ( 3 / 141 ) : ( قال ( عليه السلام ) : فساد الأخلاق بمعاشرة السفهاء ، وصلاح الأخلاق بمنافسة العقلاء ، والخَلق أشْكَالٌ فكل يعمل على شاكلته . والناس إخوانٌ ، فمن كانت أُخُوَّتُهُ في غير ذات الله ، فإنها تحور عداوة ، وذلك قوله تعالى : الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ ) .
( 13 ) والمؤمن لا يخون
في الكافي ( 5 / 94 ) : ( عن أبي تمامة قال : قلت لأبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) : إني أريد أن ألزم مكة أو المدينة وعليَّ دين فما تقول ؟ فقال : إرجع فأده إلى مؤدي دينك ، وانظر أن تلقي الله تعالى وليس عليك دين ، إن المؤمن لا يخون ) .
( 14 ) التقية مع المتطرفين
في تفسير العسكري ( عليه السلام ) / 362 : ( قال رجل لمحمد بن علي ( عليه السلام ) : يا ابن رسول الله مررت اليوم بالكرخ فقالوا : هذا نديم محمد بن علي إمام الرافضة ، فاسألوه من خير الناس بعد رسول الله ؟ فإن قال عليٌّ فاقتلوه ، وإن قال أبو بكر فدعوه ! فانثال علي منهم خلق عظيم وقالوا لي : من خير الناس بعد رسول الله ؟ فقلت مجيباً لهم : خير الناس بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أبو بكر وعمرو عثمان وسكتُّ ، ولم أذكر علياً ( عليه السلام ) . فقال بعضهم : قد زاد علينا ! نحن نقول هاهنا : وعلي . فقلت لهم : في هذا نظر ، لا أقول هذا . فقالوا بينهم : إن هذا أشد تعصباً للسنة منا ، قد غلطنا عليه . ونجوت بهذا منهم ، فهل عليَّ يا ابن رسول الله في هذا حرج ، وإنما أردت أخيرُ الناس أيْ أهو خير ؟ استفهاماً لا إخباراً .
فقال محمد بن علي ( عليهما السلام ) : قد شكر الله لك بجوابك هذا ، وكتب لك أجره وأثبته لك في الكتاب الحكيم ، وأوجب لك بكل حرف من حروف ألفاظك بجوابك هذا لهم ما يعجز عنه أماني المتمنين ، ولا يبلغه آمال الآملين ) .
أقول : التقية تعني المدارة ، ودفع الضرر عن نفسك من أناس لا يتحملون الرأي الآخر ، بل يقتلون صاحب الرأي الآخر ، لأنهم يرون أن كل من خالف رأيهم فهو عدو واجب القتل !
وهذا اتجاه عدواني ، لكن الخلافة القرشية أسسته بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) فاعتبروا كل من لم يبايع عدواً للخليفة يجب إجباره أو قتله ، ثم صار من خالف الخليفة واجب القتل !
وقد ورثت حكومات بلادنا الإسلامية ذلك إلى اليوم ، والوهابية أبرز من يمثله .
( 15 ) إعلان الإمام براءته من المنحرفين والمغالين
دأب الأئمة ( عليهم السلام ) على إعلان براءتهم من الغالين الذين يدعون لهم مقاماً ليس لهم . وقد استتاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) المدعو عبد الله بن سبأ وأصحابه لعنه الله ، وسبعين رجلاً من الزط ، ادعوا له الألوهية والعياذ بالله ، فلم يتوبوا فقتلهم .
قال ابن عبد البر في التمهيد : 5 / 317 : ( فاتخذوه رباً وادعوه إلهاً وقالوا له : أنت خالقنا ورازقنا ، فاستتابهم واستأنى وتوعدهم ، فأقاموا على قولهم ، فحفر لهم حفراً دخن عليهم فيها طمعاً في رجوعهم ، فأبوا ، فحرقهم ) . ومناقب آل أبي طالب : 1 / 227 ، ورجال الطوسي : 1 / 288 ، وفتح الباري : 12 / 238 ، وتاريخ الذهبي : 3 / 643 .
وتبرأ الإمام الصادق ( عليه السلام ) ممن ادعى له الربوبية ولعنهم ، ففي رجال الطوسي : 2 / 587 : ( عن أبي بصير قال : قال لي أبو عبد الله : يا أبا محمد إبرأ ممن يزعم أنا أرباب ، قلت : برئ الله منه ، قال : إبرأ ممن يزعم أنا أنبياء . قلت : برئ الله منه ) .
وفي أصل زيد الزراد / 46 ، قال : ( لما لبى أبو الخطاب بالكوفة ، وادعى في أبي عبد الله ( عليه السلام ) ما ادعى ! دخلت على أبي عبد الله مع عبيد بن زرارة فقلت له : جعلت فداك لقد ادعى أبو الخطاب وأصحابه فيك أمراً عظيماً ! إنه لبى : لبيتك جعفر لبيك معراج ! وزعم أصحابه أن أبا الخطاب أسري به إليك فلما هبط إلى الأرض من ذلك دعا إليك ولذلك لبى بك !
قال فرأيت أبا عبد الله ( عليه السلام ) قد أرسل دمعته من حماليق عينيه وهو يقول : يا رب برئت إليك مما ادعى فيَّ الأجدع عبد بنى أسد ! خشع لك شعري ، وبشري ، عبدٌ لك ابن عبد لك ، خاضع ذليل . ثم أطرق ساعة في الأرض كأنه يناجي شيئاً ثم رفع رأسه وهو يقول : أجل أجل عبد خاضع خاشع ذليل ، لربه صاغر راغم ، من ربه خائف وجل . لي والله ربٌّ أعبده لا أشرك به شيئاً !
ماله أخزاه الله وأرعبه ، ولا آمن روعته يوم القيامة ! ما كانت تلبية الأنبياء هكذا ولا تلبية الرسل ، إنما لبيت بلبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك ! ثم قمنا من عنده فقال : يا زيد ، إنما قلت لك هذا لأستقر في قبري ) .
وكذلك كان موقف الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، ففي رجال الطوسي : 2 / 587 : ( عن ابن المغيرة قال : كنت عند أبي الحسن ( عليه السلام ) أنا ويحيى بن عبد الله بن الحسن فقال يحيى : جعلت فداك إنهم يزعمون أنك تعلم الغيب ؟ فقال : سبحان الله سبحان الله ، ضع يدك على رأسي ، فوالله ما بقيت في جسدي شعرة ولا في رأسي إلا قامت ! قال ثم قال : لا والله ما هي إلا وراثة عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) )
وكذلك موقف الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، ففي معجم رجال الحديث : 18 / 135 : ( قال أبو الحسن الرضا ( عليه السلام ) : يا يونس أما ترى إلى محمد بن الفرات وما يكذب عليَّ ؟ فقلت : أبعده الله وأسحقه وأشقاه ، فقال : قد فعل الله ذلك به ، أذاقه الله حر الحديد كما أذاق من كان قبله ممن كذب علينا . يا يونس إنما قلت ذلك لتحذِّر عنه أصحابي ، وتأمرهم بلعنه والبراءة منه ، فإن الله يبرأ منه ) .
وكذلك الإمام الجواد ( عليه السلام ) ، فقد تبرأ ولعن أشخاصاً ادعوا الألوهية لأهل البيت ( عليهم السلام ) أو كانوا يكذبون عليهم : ( عن علي بن مهزيار ، قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول وقد ذكر عنده أبو الخطاب : لعن الله أبا الخطاب ، ولعن أصحابه ، ولعن الشاكين في لعنه ، ولعن من قد وقف في ذلك وشك فيه ! ثم قال : هذا أبو الغمر ، وجعفر بن واقد ، وهاشم بن أبي هاشم ، استأكلوا بنا الناس ، وصاروا دعاة يدعون الناس إلى ما دعا إليه أبو الخطاب لعنه الله ولعنهم معه ، ولعن من قبل ذلك منهم ! يا علي ، لاتتحرجن من لعنهم ، لعنهم الله ، فإن الله قد لعنهم .
ثم قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من تأثَّم أن يلعن من لعنه الله ، فعليه لعنة الله ) .
( قال : قال لي أبو جعفر الثاني ( عليه السلام ) : ما فعل أبو السمهري لعنه الله ؟ يكذب علينا ويزعم أنه وابن أبي الزرقاء دعاة إلينا ! أشهدكم أني أتبرأ إلى الله عز وجل منهما ، إنهما فتانان ملعونان ) . ( رجال الكشي : 2 / 811 ) .
( 16 ) تأكيده ( عليه السلام ) على حرية المرأة والكفاءة الشرعية
في الكافي ( 5 / 394 ) : ( عن محمد بن الحسن الأشعري قال : كتب بعض بني عمي إلى أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) : ما تقول في صبية زوجها عمها ، فلما كبرت أبت التزويج ؟ فكتب بخطه : لا تُكره على ذلك ، والأمر أمرها ) .
وفي الكافي ( 5 / 347 ) : ( عن الحسين بن بشار الواسطي قال : كتبت إلى أبي جعفر ( عليه السلام ) أسأله عن النكاح فكتب إلي من خطب إليكم فرضيتم دينه وأمانته فزوجوه : إِلا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ .
كتب علي بن أسباط إلى أبي جعفر ( عليه السلام ) في أمر بناته وأنه لا يجد أحداً مثله فكتب إليه أبو جعفر ( عليه السلام ) : فهمتُ ما ذكرت من أمر بناتك ، وأنك لا تجد أحداً مثلك ، فلا تنظر في ذلك رحمك الله ، فإن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه ، إِلا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ) .
أقول : كان المجتمع الإسلامي في عصر الإمام الجواد ( عليه السلام ) محكوماً للتعصبات القومية والقبلية والطبقية ، وكانت حاكمة على مقياس الزواج ، وبذلك تعرف أهمية توجيهات الإمام ( عليه السلام ) لشيعته بالالتزام بميزان الكفاءة الإسلامي دون غيره .
( 17 ) شروط إمام الصلاة عند أهل البيت ( عليهم السلام )
قال المحقق البحراني في الحدائق الناضرة ( 10 / 70 ) : ( ومن أظهر الأدلة على ما قلناه ، ما رواه ابن إدريس في مستطرفات السرائر نقلاً من كتاب السياري قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) قوم من مواليك يجتمعون فتحضر الصلاة ، فيتقدم بعضهم فيصلي بهم جماعة ؟ فقال : إن كان الذي يؤم بهم ليس بينه وبين الله طَلِبَة فليفعل . وهو كما ترى ظاهر الدلالة صريح المقالة في أنه لا يجوز الإمامة لمن علم من نفسه الفسق ، حتى يتوب توبة نصوحاً ) .
( 18 ) إجازته كتب الإمامين الباقر والصادق ( عليهم السلام )
في الكافي ( 1 / 53 ) : ( عن محمد بن الحسن بن أبي خالد شينولة قال : قلت لأبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) : جعلت فداك إن مشايخنا رووا عن أبي جعفر وأبي عبد الله ( عليهما السلام ) وكانت التقية شديدة ، فكتموا كتبهم ولم تُرْوَ عنهم ، فلما ماتوا صارت الكتب إلينا . فقال : حدثوا بها فإنها حق ) .
( 19 ) دعاؤه لشيعته في قنوته ( عليه السلام )
وروى في مهج الدعوات للسيد ابن طاووس / 61 ، قنوتاً للإمام الجواد ( عليه السلام ) جاء فيه : ( فأيد اللهم الذين آمنوا على عدوك وعدو أوليائك ، فيصبحوا ظاهرين ، وإلى الحق داعين ، وللإمام المنتظر القائم بالقسط تابعين ) .
( 20 ) مقاومة أهل البيت ( عليهم السلام ) لحذف البسملة من القرآن
في الكافي ( 3 / 313 ) : ( عن يحيى بن أبي عمران الهمداني قال : كتبت إلى أبي جعفر : جعلت فداك ، ما تقول في رجل ابتدأ ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاته وحده في أم الكتاب ، فلما صار إلى غير أم الكتاب من السورة تركها ، فقال العباسي ليس بذلك بأس ؟ فكتب ( عليه السلام ) بخطه : يعيدها مرتين على رغم أنفه يعني العباسي ) .
أقول : معنى قوله ( عليه السلام ) أنه يعيد صلاته رغم أنف المفتي العباسي ، لأن البسملة جزء من كل سورة . وقد حذف القرشيون البسملة من الصلاة ، لأن عندهم عقدة منها !
فقد قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) كما في الكافي ( 8 / 266 ) : ( كتموا بسم الله الرحمن الرحيم فنعم والله الأسماء كتموها ، كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إذا دخل إلى منزله واجتمعت عليه قريش يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ويرفع بها صوته ، فتولي قريش فراراً ! فأنزل الله عز وجل في ذلك : وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا ) .
وقد نتج عن ذلك أن فقهاء الحكومات نفوا أن البسملة من القرآن ، وهاهم إلى اليوم يتركونها مع أنها مكتوبة في القرآن ! لذلك كان الأئمة ( عليهم السلام ) يؤكدون على قرآنيتها .
وقد استوفينا بحثها في كتاب ألف سؤال وإشكال ( 1 / 405 ) .
( 21 ) تأكيد الإمام الجواد ( عليه السلام ) على ليلة القدر
روى في الكافي ( 1 / 532 ) : ( عن أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال لابن عباس : إن ليلة القدر في كل سنة ، وإنه ينزل في تلك الليلة أمر السنة ، ولذلك الأمر ولاة بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . فقال ابن عباس : من هم ؟ قال : أنا وأحد عشر من صلبي أئمة محدثون ) .