الذروة هي العقدة الدرامية الرئيسية الأخيرة في الفصل الثاني وهي منطقياً الأكثر شحناً بالعواطف والتشويق والدراما. والواقع هو أن الفصل الثاني برمته يكتب من أجل الوصول إلى هذا المشهد المفتاحي في الفيلم. السمة الأولى في الذروة هي وضع البطل والبطل المضاد في مواجهة لا رحمة فيها.

إننا نعلم أن كل أفلام الوسترن تقريباً تنتهي بمشهد مواجهة ثنائية بين هاتين الشخصيتين. وهو مشهد طويل إلى حد كاف يحفل بالتوتر العصبي وبالتقلبات ننتظر حدوثه طيلة الفيلم ولا يستطيع كاتب سيناريو أن يغض الطرف عنه فهو مشهد ملزم في أفلام تمتد من «الجيد والسيء والقبيح» لسرجيو ليوني  إلى "Unforgiving "لكلينت إيستوود. لا يضع فيلم «اسمي لا أحد» لتونينو فاليري بطله في مواجهة عدو واحد في الذروة، بل في مواجهة حشد من الفرسان الذين يريدون قتله. ويعد هذا الثنائي غير التقليدي إثباتاً جيداً على أن الإبداع ممكن حتى في أفلام الوسترن التي تلتزم القواعد بصرامة.

والحال هي نفسها في الغالبية العظمى من أفلام الحركة (من "Hellboy " إلى "Speed "مروراً بفيلم "Off/Face " أو حتى فيلم "Hard Die

كما تنتهي الكثير من الأفلام البوليسية بهذا النوع من المواجهات ،"Carlito’s Way" ،"Chinatown" ،"Point Blank" ،"Seven" ،"Heat") .("Serpico" ،"French Connection"

تنتهي الذروة، في الغالبية العظمى من الحالات بموت البطل المضاد في ما يشكل نوعاً من التنفيس بالنسبة إلى المتفرج الذي كان يرتعد غيظاً من أجل البطل على مدى ساعتين.

ويمكننا أن نكتشف هذا التنفيس بوضوح في ذروة فيلم " Apocalypse Now "حين يقتل ويلارد الكولونيل كورتز بطريقة طقوسية وكأنه أضحية. وينتهي فيلم "Max Mad "لحظة موت البطل المضاد في ختام مشهد ذروة كان نسخة عن ثنائية أفلام الوسترن وقد تم تطبيقها في بيئة عصرية حلت فيها السيارات محل البنادق.

كما ينطبق وصف الذروة على موت البطل المضاد في أفلام " Blade حيث" (Amadeus" ،" Harry, Un Ami Qui Vous Veut Du Bien" ،"Runner كان موزارت بطلاً سلبياً بالنسبة إلى سالييري)، "Platoon" ،"Batman "وكافة أفلام الأبطال الجبابرة.

تجدر بنا هنا الإشارة إلى المشكلة التي تعاني منها الذروة في الكثير من الأفلام: الطول المفرط الذي يرجئ النهاية التي ينتظرها المتفرج زمناً أطول مما ينبغي، أي اللحظة التي يخرج فيها البطل من المعركة ظافراً. إذ لا يمكن للإبهار أن يعوض عن مشهد مواجهة تمت كتابته بصورة حسنة وهي حقيقة ينساها الكثير من كتاب السيناريو.

يمكن اعتبار ذروة الفيلم، من وجهة نظر براغماتية، بمثابة اختتام كبير لحفل ألعاب نارية. فالمتفرجون ينتظرونها ويجب أن يحصلوا على جرعة عاطفية قوية أثناء مشاهدتها. يجب أن يكون حفل الختام هذا قصيراً، على وجه العموم، لكونه شديد الحدة بحيث يمكن أن للإبهار أن ينقلب مللاً بسرعة كبيرة. ويجب، على وجه الخصوص، أن لا يحرم المتفرج من هذه المتعة على الرغم من أن كل شيء خاضع هنا أيضاً لمسألة الجرعة المناسبة.

غالباً ما تقدم الذروة في السينما على شكل مشهد شديد الإبهار، قتال عنيفة للغاية، أو معركة دراماتيكية كما هي الحال في أفلام عديدة نذكر منها "Eyes Snake) "إعصار)، "Sunrise) "عاصفة)، نسخة عام ١٩٣٧ من فيلم "Kong King) "الذي يبقى للذكرى بوصفه أحد أكثر المشاهد إبهاراً في تلك الحقبة: عندما يتسلق القرد العملاق بناء الإمباير ستايت ممسكاً المرأة الشابة بين أصابعه قبل أن تهاجمه الطائرات الحربية)، "Braveheart) "معركة ضخمة)، "West By North) "مع الوجوه الشهيرة للرؤساء الأمريكيين المنحوتة في صخرة في جبل رشمور)، "Train A On Strangers) "على منصة دوارة في مدينة الملاهي) أو أيضاً فيلم «ألكسندر نيفسكي» (معركة بين جيش أبيض وجيش أسود على سطح بحيرة متجمدة).

لا شك أنك تحلم، عند عملك على ذروة فيلمك، أن تصنع مشهداً مدهشاً ينطبع في الذاكرة. في هذه اللحظة بالذات، فكر في مشاهد الذروة التي أثرت فيك. هل تظن أن مشاهد المعركة النهائية في فيلم "Matrix "أشد تأثيراً من النظرات التي كان كل من براد بيت ومورغان فريمان وكيفن سبيسي يتبادلونها في نهاية فيلم "Seven"؟ ما الذي شدك أكثر؟

من المهم أن تصنع ذروة الفيلم برؤية أصيلة (للمكان الذي تدور فيه الذروة أهمية كبيرة)، ولكن يجب أن لا ننسى أن الذروة هي، قبل كل شيء، مواجهة أخلاقية بين كيانين، البطل والبطل المضاد، وأنه يمكن أن تكون هذه المواجهة بالغة القوة حتى عندما تجري في غرفة.

بعد العديد من المشاهد الحربية المبهرة التي شهدها فيلم " Deer The Hunter ،"تدور الذروة، بصورة مثيرة للسخرية، في ناد للميسر سيء السمعة في آسيا حيث يعثر مايك على نيك محاولاً العودة به إلى الولايات المتحدة. ولكن نيك يعاني صدمة نفسية شديدة ناتجة عن الحرب، وعلى وجه الخصوص، عن شروط الأسر التي عاشها. يرفض نيك العودة مع صديقه الذي لم يعد يتذكره. وهكذا يكون هدف مايك المحلي إقناع نيك بمرافقته. وعندما يصر الأخير على رفضه، يوافق مايك على مواجهته في لعبة روليت روسية. تقع عندها هذه المواجهة النفسية البالغة التأثير والتي شكلت ذروة الفيلم والتي تنتهي نهاية تراجيدية لم يكن منها مفر.

تنجح الشخصيتان اللتان يجسدهما براد بيت ومورغان فريمان، في فيلم "Seven ،"في القبض على جون دو، القاتل المتسلسل الذي يرتكب جرائم قتل مستوحاة من الخطايا السبع المميتة. يقودهما دو إلى خارج المدينة كي ينهي عمله على حد قوله، فالجرائم التي تم اكتشافها حتى تلك اللحظة كانت ستاً فحسب. نشعر باقتراب النهاية وتبدأ الذروة في ذلك المكان الصحراوي النائي الذي يمكن أن يحصل فيه أي شيء. يلتزم السيناريو بالقواعد المعروفة عندما يضع البطل والبطل المضاد وجهاً لوجه. فجأة، تصل عربة نقل للبريد ويخرج منها السائق حاملاً صندوقاً مرسلاً إلى ديفيد ميلز (براد بيت). ترتسم ابتسامة على وجه جون دو، وعندما يفتح ديفيد العلبة يصرخ غضباً وألماً ونفهم أنه وجد رأس زوجته في العلبة.

تتركز الذروة العاطفية في هذه اللحظة تحديداً: فإذا أطلق العنان لنفسه وقتل القاتل، فإنه سيصبح مثله وهذا بالضبط ما يريده القاتل. يحاول سومرست (مورغان فريمان) منعه كي تقوم الشرطة بعملها. يحمل الحدث الذي يدور بين الرجال الثلاثة شحنة درامية ذات قوة نادرة حتى دون اللجوء إلى الديكورات الضخمة أو المؤثرات الخاصة المبهرة.

أن الأمر الأكثر أهمية هو أن لا ينسى كاتب السيناريو الوظيفة الرئيسية للذروة التي تتمثل في الإجابة عن السؤال التالي: هل سيبلغ بطل الفيلم هدفه؟ تحدث الذروة، في الأفلام العاطفية، عندما يلتقي المتحابان في نهاية الفيلم بعد أن واجها آلاف النكسات. فالذروة في فيلم "Chat Son Cherche Chacun " لسيدريك كلابيش هي المشهد الذي تدرك فيه الشخصية التي لعبت دورها غارانس كلافيل أنها وقعت في حب رجل فتجري في الشوارع باتجاه الحي الذي يسكن فيه.

والحال هي نفسها في فيلم "Woman Pretty "لغاري مارشال الذي تتمثل ذروته في اللحظة التي يصل فيها ريتشارد غير إلى منزل جوليا روبرتس راكباً سيارة بيضاء جميلة، في استحضار واضح للحصان الأبيض الذي "Snow White and the Seven Dwarfs" كفيلم (الخيالية القصص أمراء يمتطيه أو فيلم "Beauty Sleeping .("كما تقع ذروة فيلم "Texas, Paris "لفيم فندرز في ناد يعثر فيه بطل الفيلم أخيراً على زوجته التي أمضى أعواماً في البحث عنها.

ويلتزم المشهد الختامي لفيلم لجان بيير جونيه بالمبدأ نفسه: إذ تدرك أميلي أنها تحب الشخصية التي جسدها ماتيو كوسوفيتز وينطلقان سوياً على متن دراجة. ويلتقي العاشقان، في المشهد الشهير من فيلم "Femme Une Et Homme Un "لكلود لولوش على الشاطئ فيما كانت الكاميرا تحوم حولهما في حركة دائرية.

وأخيراً، لا بد لنا من الإشارة إلى ذروة فيلم "Grease "لراندال كلايزر التي تتمثل في اللحظة التي يلتقي فيها بطلا الفيلم ويغنيان حبهما في حفل ختام العام الدراسي.

ولكن الذروة لا تمنحنا رداً إيجابياً على الدوام حتى في الأفلام العاطفية. إذ نشاهد في ذروة فيلم "Grass The In Splendor "لإيليا كازان لقاء العاشقين بود وديني بعد سنوات من الفراق فعلت، خلالها، الحياة فعلها، إذ يكون دان قد تزوج وأسس عائلة. كما يلتقي البطلان في ذروة فيلم "Translation In Lost " لصوفيا كوبولا ولكنهما يقرران عدم الاستمرار في العلاقة التي تربط بينهما.

وتقوم الذروة في بعض الأفلام على انتحار بطل الفيلم كما هي الحال في فيلم "Shoes Red The "لمايكل باول وإيميريك برسبرغر أو "3 Alien "لديفيد They Shoot Horses, Don’t " أو تروفو لفرانسوا" Jules ET Jim" أو فينتشر ?They "لسيدني بولاك أو "Blue Big The "للوك بيسون أو "Hire Monsieur " لباتريس لوكونت أو "Kid The And Kassidy Butch "لجورج روي هيل...

غالباً ما تكون الذروة مناسبة لاجتماع كافة أبطال الفيلم في مشهد واحد سواء كان ذلك في عيد ميلاد أو في حفل زفاف أو في قاعة محكمة أو أثناء عملية تصفية حسابات... وهي الحال في الأفلام التالية:

• "Carrie "لبرايان ديبالما الذي تدور ذروته في الحفل الختامي للعام الدراسي حيث تجتمع كل شخصيات الفيلم: وعندما تدرك بطلة الفيلم أن الجميع يسخرون منها، تحبسهم في الصالة كي تقضي عليهم الواحد تلو الآخر.
• "Dogs Reservoir "لكوينتن تارانتينو: تجتمع كافة الشخصيات في حظيرة في عملية تصفية حسابات مذهلة يسدد فيها الجميع فوهات مسدساتهم باتجاه شخص واحد فيما كان بطل الفيلم ملقى على الأرض والدماء تتدفق منه بغزارة.
• "Lies And Secrets "لمايك ليه الذي تحصل الذروة فيه أثناء عيد ميلاد روكسان، ابنة سينثيا، حيث تجتمع كل الشخصيات في الغرفة نفسها في مشهد مثير من حيث الصراعات: إذ تكتشف سينثيا، خلال الحفل، أن هورتنس ابنتها كما يقر شقيقها أن زوجته عاقر
• Festen " لتوماس فينتربرغ الذي تدور أحداثه في حفل عيد ميلاد كبير في حين أن شخصيات الفيلم لم تجتمع كلها إلا في مشهد الذروة في نهاية الفيلم حين يعترف الابن بالسر الكبير المرتبط بموت شقيقته الملعون  لفيريتز لانغ الذي تحدث فيه الذروة خلال محاكمة.
• "Sunshine Miss Little "لجوناثان دايتون وفاليري فاريس الذي تحدث الذروة فيه خلال عرض كبير يشارك فيه أطفال: حيث يرتقي أفراد الأسرة التي كانت مشتتة طوال الفيلم منصة المسرح ويشرعون في الغناء وقد التأم شملهم للمرة الأولى.
• "Borothers Blues The "الذي تحدث فيه الذروة خلال حفل موسيقي كبير تجتمع فيه كل الشخصيات.
• "Dancing Dirty "لإيميل أردولينو الذي تختتم أحداثه في عرض راقص كبير يجمع كل شخصيات الفيلم: وهي، بالطبع، مناسبة كي يتعانق العاشقان (النهاية نفسها لفيلم "Line Chorus "لريتشارد أتنبورو أو لفيلم "Fame "لألن باركر(
• "Préférée Saison Ma "لأندريه تيشينيه الذي تدور أحداث ذروته في جنازة تجمع كل أفراد الأسرة في وداع الفقيد في لحظة مشحونة بالعواطف لأن بعض أفراد الأسرة لم يكونوا يتكلمون مع بعضهم بعضاً فتجبرهم هذه المناسبة على أن يستعيدوا الحوار

من الأمور الأساسية بالنسبة إلى المتفرج أن تحل كافة المشاكل في نهاية الفصل الثاني سواء كان ذلك متعلقاً بالحبكة الرئيسية أم بالحبكات الثانوية. وعليك خصوصاً أن لا تترك أسئلة معلقة. احرص على عدم جعل أية شخصية تختفي من القصة دون أن تعلم القارئ بصورة أو بأخرى. إذا افتتحت قصة حب في الفصل الثاني، سر بها إلى نهايتها سواء كانت تلك النهاية إيجابية أم سلبية. أعد قراءة ما كتبته ولاحق كل الحبكات التي بدأتها كي تتأكد من تماسكها وتمتعها ببنية كاملة تتألف من بداية ووسط ونهاية.

أجر الترتيبات الكفيلة بأن تحل كافة العقد في لحظة الذروة مع الابتعاد عن الحوارات التفسيرية. فقد كانت ذروة فيلم "Dahlia Black The "ضعيفة بعض الشيء لأن الشخصيات تنخرط في شروح طويلة كان هدفها أن يفهم المتفرج أحداث الفيلم الأمر الذي جعل المشهد يسقط في السطحية.