أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-11-2020
2704
التاريخ: 31-10-2020
1022
التاريخ: 31-10-2020
16314
التاريخ: 15-11-2020
1769
|
السؤال : قوله صلى الله عليه وآله : ( علي مع الحقّ ، والحقّ مع علي ، يدور معه كيفما دار ) ، دعني أسألك تعليقاً على هذه الرواية ، هل كان علي مع الحقّ حين بايع أبا بكر بالخلافة؟ فإن قلت : لا ، فقد نقضت دليلك ، وإن قلت : نعم ، فأقول : ألا يسع الشيعة ما وسع علي؟
الجواب : إنّ قول النبيّ صلى الله عليه وآله : ( علي مع الحقّ ، والحقّ مع علي ) (1) ، أو : (علي مع القرآن ، والقرآن مع علي ، لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ) (2) ، أو : ( اللهم أدر الحقّ معه حيث دار ) (3) ، فهذه الأقوال وغيرها مع آية التطهير نستدلّ بها نقلياً على العصمة.
وأمّا مبايعة أمير المؤمنين عليه السلام لأبي بكر بالخلافة ، فلا نخطّئ عليّاً عليه السلام في فعله ، لأنّه إمام معصوم ، وكلّ ما يفعله فيه مصلحة ، وليس يعني ذلك أنّه اعتقاده ، ودين الله وشرعه ، وإنّما فعله كان لمصلحة أكبر وأعظم من تركه للمسلمين في ذلك الوقت ، دون مشاركة منه في بيان حقّه ، وبيان شرع الله وأحكامه ، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، والدعوة إلى الله وإلى المذهب الحقّ ؛ لأنّه رأى نفسه معزولاً عن الساحة ، والوجوه مكفهرّة غاضبة حاقدة لا يستطيع معها نشر الإسلام والنصح ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، الذي من شروطه ـ كما هو معروف ـ أن تحتمل التأثير في المقابل.
وهذا كلّه مرويّ في البخاريّ ، لا من فهمنا ولا رواياتنا ، فقد روى البخاريّ عن عائشة رواية طويلة في ذيلها : ( وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة ، فلمّا توفّيت استنكر علي وجوه الناس ، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ، ولم يكن يبايع تلك الأشهر ، فأرسل إلى أبي بكر : أن ائتنا ولا يأتنا أحد معك ، كراهية لمحضر عمر ... ، فدخل عليه أبو بكر ، فتشهد علي فقال : ( إنا قد عرفنا فضلك ، وما أعطاك الله ، ولم ننفس عليك خيراً ساقه الله إليك ، ولكن استبددت علينا بالأمر ، وكنّا نرى لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وآله نصيباً ) ، حتّى فاضت عينا أبي بكر ... ـ ثمّ قال علي أمام المسلمين ـ : ( ولكنّا كنّا نرى لنا في هذا الأمر نصيباً ، فاستُبد علينا فوجدنا في أنفسنا ) ، فسّر بذلك المسلمون ، وقالوا : أصبت ، وكان المسلمون إلى علي قريباً حين راجع الأمر بالمعروف ) (4) فأقرأ وتدبّر!!
وبيعة الإمام عليه السلام لمصلحة وخير الإسلام ، وخوفاً عليه بعد أن لم يكن له طريق آخر ، لا يخرج الأمر عن كونه حدث بالاضطرار ، فإنّهم اضطّروه بعد أن غصبوا حقّه ، ولم يجد طريقاً لأخذه إلاّ بضرر الإسلام ، فآثر المبايعة مع وقوع الظلم عليه خاصّة على ذهاب الإسلام كلّه.
وهذا لا يعني إطلاقاً أحقّية من نصّبوا أنفسهم خلفاء للمسلمين ، كما لا يعني صلح النبيّ صلى الله عليه وآله مع المشركين في الحديبية أصحّية وأحقّية مشركي قريش ، فتأمّل.
ومن ذلك يظهر لك : أن لا معنى لسؤالك لنا ، بألاّ يسع الشيعة ما وسع علي!! فأنّ الكلام في أحقّية منصب الخلافة لمن يكون ، لا من تسنّم هذا المنصب فعلاً.
ثمّ إنّ الظاهر أنّ الأُمور اختلطت عليك نتيجة لما في ذهنك من عقائد أهل السنّة ، فتبني الإشكال عليها ، إذ نحن لا نعتقد أنّ الله تعالى أوكل أمر الخلافة والإمامة للناس ، حتّى إذا بويع أحدهم أصبح خليفة ، بل نعتقد أنّ أمر الإمامة والخلافة بيد الله وحده ، ليس لبشر خيرة فيه ، وعدم تسلّم الإمام زمام السلطة والحكم فعلاً لا يسقط حقّه منها ، كما أنّ عدم الإيمان بالنبيّ صلى الله عليه وآله لا يلغي نبوّته ، فلاحظ وتأمّل!!
وبعبارة أُخرى : إنّا نقول : نعم إنّ عليّاً عندما بايع أبا بكر كان على الحقّ ، إذ إنّه بايعه مضطرّاً ومكرهاً حفظاً للإسلام ، ولا يعني ذلك أنّ الحقّ في الإمامة ذهب إلى أبي بكر ، أو أنّ الإمام أسقط حقّه وأعطاه لأبي بكر.
ونقول أيضاً : بعد أن ثبتت عصمة الإمام عليه السلام ، فإنّ كلّ أفعاله تكون صحيحة مطابقة لشرع الله ، فبعد أن ثبتت صحّة الحديث ( علي من الحقّ ، والحقّ مع علي ، يدور معه كيفما دار ) المثبت لعصمة الإمام عليه السلام ، يجب أن نحمل كلّ أفعاله على الصحّة ، لا أن نرد الحديث بفعل من أفعاله ، نظنّ نحن أنّه لم يكن فيه على صواب ، فإنّ هذا أكل من القفا.
____________
1 ـ تاريخ بغداد 14 / 322 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 449 ، الإمامة والسياسة 1 / 98 ، جواهر المطالب 1 / 343 ، كشف الغمّة 1 / 144.
2 ـ المستدرك على الصحيحين 3 / 123 ، مجمع الزوائد 9 / 134 ، المعجم الصغير 1 / 255 ، المعجم الأوسط 5 / 135 ، الجامع الصغير 2 / 177 ، كنز العمّال 11 / 603 ، فيض القدير 4 / 470 ، سبل الهدى والرشاد 11 / 297 ، ينابيع المودّة 1 / 124 و 269 و 2 / 96 و 396 و 403.
3 ـ شرح نهج البلاغة 6 / 367 و 10 / 270 ، الجامع الصغير 2 / 9 ، كنز العمّال 11 / 643 ، فيض القدير 4 / 25 ، شواهد التنزيل 1 / 246 ، تاريخ مدينة دمشق 30 / 63 و 42 / 488 و 44 / 139 ، سير أعلام النبلاء 15 / 278 ، البداية والنهاية 7 / 398.
4 ـ صحيح البخاريّ 5 / 82.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|