المقومات الجغرافية: ذهب بسمارك إلى أن الجغرافية السياسية هي العنصر الوحيد والدائم للسياسة لتأثيرها البالغ على أمن الدول واستقرارها من حيث التأصيل والتعريف والتقويم (1). وذهب العالم الألماني فريدريك راتزل إلى أن الدولة كائن حي معقد التركيب والبناء وأن هناك تشابه بين البناء الجغرافي والبناء السياسي من ناحية والبناء العضوي من ناحية أخرى, وهذا البناء يتكون من ركائز عديدة منها, الموقع والمساحة والشكل والتضاريس والموارد الطبيعية والسكان وغيرها  وهي ركائز تحتل أهمية كبرى في تحديد دوائر الأمن المباشر للدولة وترتبط بتطلعاتها الإقليمية والدولية ، وقد أثارت هذه المسالة تفكير العديد من المنظرين والقادة العسكريين, فقد ركز عليها نابليون بونابرت حين طرح فكرة مفادها أن سياسات الدول ترتبط بجغرافيتها وأن الجزر Islands تبدو محصنة وأقل تعرضا للتهديد من الدول المنبسطة Lands كما أن الدول التي لها حدود طبيعية واضحة أقل تعرضا للتهديد من الدول التي لا تمتلك حدود طبيعية والتي أطلق عليها الدول (غير المحظوظة) ولكن على الرغم من أن خارطة العالم المعاصر قد أقرتها جميع الدول إلا أن من الجدير بالملاحظة أن الموقع الجغرافي كان سببا في كثير من الصراعات والتكالب الدولي في الماضي وما زال، وقد خلق مشكلات عديدة منها الحراك الاجتماعي عابر الحدود والتخوم والمناطق المهمشة وغيرها من المشكلات المؤثرة في الأمن القومي للعديد من الدول(2).

_______

(1) مصطفى إبراهيم سلمان , التواجد العسكري الأمريكي في منطقة الخليج العربي وأثره على الأمن القومي العربي 1979 – 2000 , رسالة ماجستير (غير منشورة) المعهد العالي للدراسات السياسية والدولية , الجامعة المستنصرية , 2004 , ص 6.

(2) نصر الدين أبو هداية , مصدر سابق , ص 17 - 18.