المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17599 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31

مقابلة الامام الصادق (عليه السلام) لعبد الله الحسني
13-8-2019
Diphthongs FACE
2024-06-24
نظرة نقديّة لفنون العمل الأدبي-التمثيلية
14-08-2015
ديون الصحة وديون المرض
7-2-2016
اصطناع المعروف إلى العلويين والسادات
11-6-2022
إنتاج الموالح في مصر
24-8-2022


تفسير الآية (24-25) من سورة يونس  
  
3563   01:50 صباحاً   التاريخ: 28-2-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الياء / سورة يونس /

 

قال تعالى { إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [يونس: 24، 25]

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

لما تقدم ما يوجب الترغيب في الآخرة والتزهيد في الدنيا عقبه سبحانه بذكر صفة الدارين فقال { إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } أي: صفة الحياة الدنيا أو شبه الحياة الدنيا في سرعة فنائها وزوالها { كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ } وهو المطر {فاختلط به} أي: بذلك المطر {نبات الأرض} لأن المطر يدخل في خلل النبات فيختلط به وقيل معناه فاختلط بسببه بعض النبات بالبعض فاختلط ما يأكل الناس بما يأكل الأنعام وما يقتات بما يتفكه ثم فصل ذلك فقال: {مما يأكل الناس} كالحبوب والثمار والبقول {والأنعام} كالحشيش وسائر أنواع المراعي وقد قيل في المشبه والمشبه به في الآية أقوال (أحدها) أنه تعالى شبه الحياة الدنيا بالماء فيما يكون به من الانتفاع ثم الانقطاع (وثانيها) أنه شبهها بالنبات على ما وصفه من الاغترار به ثم المصير إلى الزوال عن الجبائي وأبي مسلم (وثالثها) أنه تعالى شبه الحياة الدنيا بحياة مقدرة على هذه الأوصاف { حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا } أي: حسنها وبهجتها بأنواع الألوان وأجناس النبات وغير ذلك {وازينت } أي: تزينت في عين رائيها { وظن أهلها} أي: مالكها {أنهم قادرون عليها} أي: على الانتفاع بها ومعناه بلغت المبلغ الذي ظن أهلها أنهم يحصدونها ويقدرون على غلتها أوإدامتها {أتاها أمرنا ليلا أو نهارا} أي أتاها عذابنا من برد أو برد وقيل معناه أتاها حكمنا وقضاؤنا بإهلاكها وإتلافها {فجعلناها حصيدا} أي: محصودة ومعناها مقطوعة مقلوعة ذاهبة يابسة {كأن لم تغن بالأمس} أي كأن لم تقم على تلك الصفة بالأمس ومعناه كأن لم تكن ولم توجد من قبل { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } أي: مثل ذلك نميز الآيات لقوم يتفكرون فيها فيعتبرون بها.

 ولما بين سبحانه أن الدنيا تنقطع وتفنى بالموت كما يفنى هذا النبات بفنون الآفات ونبه على التوقع لزوالها والتحرز عن الاغترار بأحوالها رغب عقيبه في الآخرة فقال: {والله يدعوا إلى دار السلام} قيل: إن السلام وهو الله تعالى فإن الله تعالى يدعو إلى داره وداره الجنة عن الحسن وقتادة وقيل دار السلام الدار التي يسلم فيها من الآفات عن الجبائي والسلام والسلامة واحد مثل الرضاع والرضاعة قال :

تحيا بالسلامة أم بكر                                                                                 وهل لك بعد رهطك من سلام

وقيل: سميت الجنة دار السلام لأن أهلها يسلم بعضهم على بعض والملائكة تسلم عليهم ويسلم ربهم عليهم فلا يسمعون إلا سلاما ولا يرون إلا سلاما ويعضده قوله {تحيتهم فيها سلام} وما أشبهه {ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} قيل: يهدي من يشاء إلي الإيمان والدين الحق بالتوفيق والتيسير والألطاف وقال الجبائي: يريد به نصب الأدلة لجميع المكلفين دون الأطفال والمجانين وقيل: معناه يهدي من يشاء في الآخرة إلى طريق الجنة الذي يسلكه المؤمنون ويعدل عنه الكافرون إلى النار .

____________

تفسير مجمع البيان ، الطبرسي ، ج5،ص176-177.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هاتين الآيتين (1) :

{إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الأَرْضِ}.

الباء في { به}للسببية ، أي ان الدنيا التي تباهون بها وتفاخرون هي أشبه بمطر نزل على الأرض ، فأخصبت وأنبتت من كل زوج بهيج ، واختلط بعض نباتها ببعض لكثرته ونموه {مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ والأَنْعامُ}. كل الأحياء عيال على الأرض تملأ بطونهم الجائعة ، فالناس يأكلون حب الزرع وثمر الشجر ، والدواب تأكل الحشائش وما إليها .

{حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَها وازَّيَّنَتْ}كالعروس المجلوة انصرفت عن كل شيء ، وتفرغت ليتمتع العريس بها {وظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها}ويملكون التصرف في ثرواتها ، ويملئون بها جيوبهم وخزائنهم - بعد هذا الوثوق والاطمئنان {أَتاها أَمْرُنا}وهوالهلاك والآفات {لَيْلًا أَوْنَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً}تماما كالأرض المحصودة {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ}بعد أن زال كل شيء حتى الآثار التي تخبر عما كان . . فيالنكد الطالع . . لقد خابت الآمال ، وتبخرت الأحلام .

{كَذلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}في أن متاع الدنيا إلى زوال ، وان من ركن إليه وحدها فقد ركن إلى سراب ، وانه ليس بشيء تراق له الدماء ، وتثار من أجله الحروب ، وتسخر لها عقول العباقرة وكبار العلماء .

{واللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ}قال المفسرون : المراد بدار السلام الجنة ، وليس من شك ان الجنة دار السعادة والسلام ، ولكن دعوة اللَّه تعم كل عمل يحقق لعياله الأمن والراحة ، بل إن اللَّه سبحانه حرم الجنة إلا على المتقين والعاملين في هذه السبيل {ويَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ}. ان دعوة اللَّه سبحانه لعمل الخير تشمل كل بالغ عاقل : دون استثناء ، فمن عصى وأهمل فهو الضال ومن أطاع وعمل فهو المهتدي ، ويصح أن تسند هدايته هذه إلى اللَّه لأن الطريق الذي سلكه إليها كان بأمر اللَّه وعنايته وتوفيقه ، أما ضلال من ضل فلا تصح نسبته إليه تعالى بحال ، لأنه قد نهاه عنه ، واللَّه لا ينهى عبده عن عمل ثم يلجئه إليه إلجاء .

__________________

1- تفسير الكاشف ، محمد جواد مغنيه ،ج4،ص149.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

قوله تعالى: { إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ} إلى آخر الآية، لما ذكر سبحانه في الآية السابقة متاع الحياة الدنيا مثل له بهذا المثل يصف فيه من حقيقة أمره ما يعتبر به المعتبرون، وهو من الاستعارة التمثيلية وليس من تشبيه المفرد بالمفرد من شيء وإن أوهم ذلك قوله: {كماء أنزلناه} ابتداء، ونظائره شائعة في أمثال القرآن، والزخرف الزينة والبهجة، وقوله: {لم تغن} من غني في المكان إذا أقام فيه فأطال المقام، والباقي ظاهر.

قوله تعالى: { وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } الدعاء والدعوة عطف نظر المدعو إلى ما يدعى إليه وجلب توجهه وهو أعم من النداء فإن النداء يختص بباب اللفظ والصوت، والدعاء يكون باللفظ والإشارة وغيرهما، والنداء إنما يكون بالجهر ولا يقيد به الدعاء.

والدعاء في الله سبحانه تكويني وهو إيجاد ما يريده لشيء كأنه يدعوه إلى ما يريده، قال تعالى: { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ }: إسراء: - 52 أي يدعوكم إلى الحياة الأخروية فتستجيبون إلى قبولها، وتشريعي وهو تكليف الناس بما يريده من دين بلسان آياته، والدعاء من العبد لربه عطف رحمته وعنايته إلى نفسه بنصب نفسه في مقام العبودية والمملوكية، ولذا كانت العبادة في الحقيقة دعاء لأن العبد ينصب فيها نفسه في مقام المملوكية والاتصال بمولاه بالتبعية والذلة ليعطفه بمولويته وربوبيته إلى نفسه وهو الدعاء.

وإلى ذلك يشير قوله تعالى: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ: }غافر- 60 حيث عبر أولا بالدعاء ثم بدله ثانيا العبادة.

وقد التبس الأمر على صاحب المنار فقال في تفسيره: إن قول بعض المفسرين وغيرهم: إن من معاني الدعاء العبادة لا يصح على إطلاقه في العبادة الشرعية التكليفية فإن الصيام لا يسمى دعاء لغة ولا شرعا وإنما الدعاء هو مخ العبادة الفطرية وأعظم أركان التكليفية منها كما ورد في الحديث فكل دعاء شرعي عبادة وما كل عبادة شرعية دعاء.

انتهى ومنشأ خطئه زعمه أن معنى الدعاء هو النداء للطلب وغفلته عما تقدم من تحليل معناه.

والأصل في معنى السلام على ما ذكره الراغب في المفردات، هو التعري عن الآفات الظاهرة والباطنة، وإليه يرجع معناه في جميع مشتقاته، والسلام والسلامة واحد كالرضاع والرضاعة، والظاهر أن السلام والأمن متقاربان معنى، وإنما الفارق أن السلام هو الأمن مأخوذا في نفسه، والأمن هو السلام مضافا إلى ما يسلم منه يقال: هو في سلام، وهو في أمن من كذا وكذا.

والسلام من أسمائه تعالى لأن ذاته المتعالية نفس الخير الذي لا شر فيه، وتسمى الجنة دار السلام حيث لا شر فيها ولا ضر على ساكنها، وقيل: إنما سميت دار السلام لأنها دار الله الذي هو السلام، والمال واحد في الحقيقة لأنه تعالى إنما سمي سلاما لبراءته من كل شر وسوء، وفي سياق الآية ما يشعر بكون معنى السلام الوصفي مقصودا في الكلام.

وقد أطلق سبحانه السلام ولم يقيده بشيء ولا ورد في كلامه ما يقيده ببعض الحيثيات فهو دار السلام على الإطلاق وليست إلا الجنة فإن ما يوجد عندنا في الدنيا من السلام إنما هو الإضافي دون المطلق فما من شيء إلا وهو مزاحم ممنوع من بعض ما يحبه ويهواه، وما من حال إلا وفيه مقارنات من الأضداد والأنداد.

فإذا أخذت معنى السلام مطلقا غير نسبي تحصل عندك ما عليه الجنة من الوصف، وانكشف أن توصيفها بهذه الصفة نظير توصيفها في قوله: {لهم ما يشاءون فيها:} ق - 35، فإن سلامة الإنسان من كل ما يكرهه ولا يحبه تلازم سلطانه على كل ما يشاؤه ويحبه.

وفي تقييد دار السلام بكونها عند ربهم دلالة على قرب الحضور وعدم غفلتهم عنه سبحانه هناك أصلا، وقد تقدم الكلام في معنى الهداية ومعنى الصراط المستقيم في مواضع من الأبحاث السابقة كتفسير سورة الحمد وغيره.

________________

1- تفسير الميزان ، الطباطبائي ، ج10،ص30-31.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

لوحة الحياة الدّنيا:

مرّت الإِشارة في الآيات السابقة إِلى عدم استقرار ودوام الحياة الدنيا، ففي الآية الأُولى من الآيات التي نبحثها تفصيل لهذه الحقيقة ضمن مثال لطيف وجميل لرفع حجب الغرور والغفلة من أمام نواظر الغافلين والطغاة { إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ }.

إِنّ قطرات المطر هذه تسقط على الأراضي التي لها قابلية الحياة. وبهذه القطرات ستنمو مختلف النباتات التي يستفيد من بعضها الإِنسان، ومن بعضها الآخر الحيوانات { فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ }.

إِنّ هذه النباتات علاوة على أنّها تحتوي على الخواص الغذائية المهمّة للكائنات الحيّة الأُخرى، فإِنّها تغطي سطح الأرض وتضفي عليها طابعاً من الجمال { حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ } في هذه الأثناء حيث تتفتح الجنابذ وتورق أعالي الأشجار وتعطي ذلك المنظر الزاهي وتبتسم الأزهار وتتلألأ الأعشاب تحت أشعة الشمس، وتتمايل الأغصان طرباً مع النسيم، وتُظهر حبات الغذاء والأثمار أنفسها شيئاً فشيئاً وتجسم جانباً دائب الحركة من الحياة بكل معنى الكلمة، وتملأ القلوب بالأمل، والعيون بالسرور والفرح، بحيث { وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا }.. في هذه الحال وبصورة غير مرتقبة يصدر أمرنا بتدميرها، سواء ببرد قارص، أو ثلوج كثيرة، أو إعصار مدمّر، ونجعلها كأنّ لم تكن شيئاً مذكوراً { أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ }.

{لم تغن} مأخوذة من مادة (غنا) بمعنى الإِقامة في مكان معين، وعلى هذا فإِنّ جملة {ولم تغن بالأمس} تعني أنّها لم تكن بالأمس هنا، وهذا كناية عن فناء الشيء بالكلية بصورة كأنّه لم يكن له وجود مطلقاً !.

وللتأكيد تقول الآية في النهاية: { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }.

إنّ ما ذكر اعلاه تجسيم واضح وصريح عن الحياة الدنيوية السريعة الإنقضاء والخداعة، والمليئة بالتزاويق والزخارف، فلا دوام لثرواتها ونعيمها، ولا هي مكان أمن وسلامة. ولهذا فإِنّ الآية التالية أشارت بجملة قصيرة إِلى الحياة المقابلة لهذه الحياة، وقالت: { وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ }.

فلا وجود ولا خبر هناك عن مطاحنات واعتداءات المتكالبين على الحياة المادية، ولا حرب ولا إِراقة دماء ولا استعمار ولا استثمار، وكل هذه المفاهيم قد جمعت في كلمة دار السلام.

وإِذا تلبّست الحياة في هذه الدنيا بعقيدة التوحيد والايمان بالمبدأ والمعاد، فإِنّها ستتبدل أيضاً إِلى دار السلام، ولا تكون حينئذ كالمزرعة التي أتلفها البلاء والوباء.

ثمّ تضيف الآية: إنّ الله سبحانه يهدي من يشاء ـ إِذا كان لائقاً لهذه الهداية ـ إِلى صراطه المستقيم، ذلك الصراط التي ينتهي إِلى دار السلام ومركز الأمن والأمان { وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }.

_______________

1- تفسير الامثل ، مكارم الشيرازي، ج5،ص459-460.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .