الجرمي
المؤلف:
محمد المختار ولد اباه
المصدر:
تاريخ النحو العربي في المشرق والمغرب
الجزء والصفحة:
ص123- 125
27-03-2015
2359
لقد كان الجرمي، مثل ما يقول المبرد، أثبت الناس في «الكتاب» و كتب عنه كتاب «الفرخ» و عرف عنه أول مختصر في النحو. و يقول فيه الفارسي إنه ما اشتغل به أحد إلا كانت له صناعة في النحو(1). و كان صاحب مناظرات و مساجلات مع العلماء الكوفيين حتى قيل: إنه أفحم الفراء حتى صغر في عيني من حضر المناظرة (2). و اشتهرت المحاورة بينهما حول العامل المعنوي الذي رفع المبتدأ عند البصريين، و اعترف الجرمي أنه لا يظهر و لا يمثل. بيد أنه قطع الحجة على الفراء بقوله: إن أصحابه الكوفيين يرفعون «زيد» مثل «زيد ضربته» بالعائد، الذي هو أيضا عامل لا يظهر و لا يمثل، كما هو الحال في الابتداء. و بعد المناظرة يقول الفراء أنه وجد الجرمي «آية» و قال الجرمي إنه وجد الفراء شيطانا. و لعله في هذه المساجلات كان يرمي إلى أن يأخذ بثأر سيبويه، بعد قصة المسألة الزنبورية.
ص123
و يروي له المؤرخون مجلسا مع الأصمعي فسأله الجرمي عن مسألة في التصغير و لم يرض جوابه عنها لكن الأصمعي سأله عن قول الشاعر:
قد كنّ يخبأن الوجوه تستّرا فالآن حين بدون للنّظّار
فقال الجرمي: بدين، ورآها الأصمعي خطأ (3).
و لم ينفرد الجرمي بكثير من الآراء المستقلة، لأنه تابع الخط البصري الذي رسمه الخليل و سيبويه، إلا أنه مع ذلك قد خالف إماميه البصريين في جزئيات قليلة جدا منها:
-أن «أو» تعاقب الواو، محتجا بقول الحميري:
و قد زعمت ليلى بأنّي فاجر لنفسي تقاها أو عليها فجورها (4).
-و أن «حاشا» عنده قد تأتي فعلا جامدا، متضمنا معنى «إلا» ، بينما يعدها سيبويه حرفا في جميع الحالات (5).
-أن «أي» معربة مطلقا، سواء أفردت أم أضيفت. و ذكر أنه خرج من البصرة إلى مكة، و لم يسمع من قول «لآخرين أيهم قائم» . و يروى عن الزجاج أنه قال لم يخطئ سيبويه إلا في موضوعين هذا أحدهما، فإنه سلم أنها تعرب إذا أضيفت فكيف يقول ببنائها إذا أفردت (6)،
و أن «خلف» و «أمام» غير منصرفين، و أن مثلها مثل فوق و تحت (7).
-و أن فعل «دخل» يتعدى بحرف الجر كما يتعدى دونه (8).
-و أنه يجوز جر الاسم بعد «ما» في نحو «قاموا ما خلا زيد» على تقدير زيادة «ما» و وافقه الكسائي في هذا الرأي و تابعه الفارسي عليه، غير أن ابن هشام من متأخري النحاة، رد عليهم قائلا: إن «ما» التي تزاد في الجر، لا تأتي إلا بعد الجار مثل (عما قليل) (9) و يروي تخطئته للأخفش في قوله: ما أصبح أبردها، و ما أمسى أدفأها (10)، و من ملاحظاته الخاصة أن «الفاء» لا تفيد الترتيب في
ص124
عطف البقاع و لا في الأمطار كقوله: بين الدخول فحومل، و مطرنا مكان كذا فمكان كذا (11).
و من أقواله الطريفة أنه لا يقول بتقدير أن بعد أو و الواو وفاء السببية (12)، و يمنع التنازع بين الفعلين المتعديين لأكثر من مفعول (13).
_________________________
(1) نزهة الألباء، ص 115.
(2) المصدر نفسه، ص 116.
(3) نزهة الألباء، ص 116.
(4) المغني، ص 88.
(5) المصدر نفسه، ص 165.
(6) المصدر نفسه، ص 108.
(7) ابن أبي الربيع: البسيط ص 502.
(8) المصدر نفسه، ص 461.
(9) المغني، ص 179.
(10) المصدر و الصفحة نفسها.
(11) الإنصاف، ج 2 ص 555-557.
(12) همع الهوامع.
(13) المغني، ص 214.
الاكثر قراءة في أهم نحاة المدرسة البصرية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة