x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

النحو

اقسام الكلام

الكلام وما يتالف منه

الجمل وانواعها

اقسام الفعل وعلاماته

المعرب والمبني

أنواع الإعراب

علامات الاسم

الأسماء الستة

النكرة والمعرفة

الأفعال الخمسة

المثنى

جمع المذكر السالم

جمع المؤنث السالم

العلم

الضمائر

اسم الإشارة

الاسم الموصول

المعرف بـ (ال)

المبتدا والخبر

كان وأخواتها

المشبهات بـ(ليس)

كاد واخواتها (أفعال المقاربة)

إن وأخواتها

لا النافية للجنس

ظن وأخواتها

الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل

الأفعال الناصبة لمفعولين

الفاعل

نائب الفاعل

تعدي الفعل ولزومه

العامل والمعمول واشتغالهما

التنازع والاشتغال

المفعول المطلق

المفعول فيه

المفعول لأجله

المفعول به

المفعول معه

الاستثناء

الحال

التمييز

الحروف وأنواعها

الإضافة

المصدر وانواعه

اسم الفاعل

اسم المفعول

صيغة المبالغة

الصفة المشبهة بالفعل

اسم التفضيل

التعجب

أفعال المدح والذم

النعت (الصفة)

التوكيد

العطف

البدل

النداء

الاستفهام

الاستغاثة

الندبة

الترخيم

الاختصاص

الإغراء والتحذير

أسماء الأفعال وأسماء الأصوات

نون التوكيد

الممنوع من الصرف

الفعل المضارع وأحواله

القسم

أدوات الجزم

العدد

الحكاية

الشرط وجوابه

الصرف

موضوع علم الصرف وميدانه

تعريف علم الصرف

بين الصرف والنحو

فائدة علم الصرف

الميزان الصرفي

الفعل المجرد وأبوابه

الفعل المزيد وأبوابه

أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)

اسناد الفعل الى الضمائر

توكيد الفعل

تصريف الاسماء

الفعل المبني للمجهول

المقصور والممدود والمنقوص

جمع التكسير

المصادر وابنيتها

اسم الفاعل

صيغة المبالغة

اسم المفعول

الصفة المشبهة

اسم التفضيل

اسما الزمان والمكان

اسم المرة

اسم الآلة

اسم الهيئة

المصدر الميمي

النسب

التصغير

الابدال

الاعلال

الفعل الصحيح والمعتل

الفعل الجامد والمتصرف

الإمالة

الوقف

الادغام

القلب المكاني

الحذف

المدارس النحوية

النحو ونشأته

دوافع نشأة النحو العربي

اراء حول النحو العربي واصالته

النحو العربي و واضعه

أوائل النحويين

المدرسة البصرية

بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في البصرة وطابعه

أهم نحاة المدرسة البصرية

جهود علماء المدرسة البصرية

كتاب سيبويه

جهود الخليل بن احمد الفراهيدي

كتاب المقتضب - للمبرد

المدرسة الكوفية

بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الكوفة وطابعه

أهم نحاة المدرسة الكوفية

جهود علماء المدرسة الكوفية

جهود الكسائي

الفراء وكتاب (معاني القرآن)

الخلاف بين البصريين والكوفيين

الخلاف اسبابه ونتائجه

الخلاف في المصطلح

الخلاف في المنهج

الخلاف في المسائل النحوية

المدرسة البغدادية

بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في بغداد وطابعه

أهم نحاة المدرسة البغدادية

جهود علماء المدرسة البغدادية

المفصل للزمخشري

شرح الرضي على الكافية

جهود الزجاجي

جهود السيرافي

جهود ابن جني

جهود ابو البركات ابن الانباري

المدرسة المصرية

بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو المصري وطابعه

أهم نحاة المدرسة المصرية

جهود علماء المدرسة المصرية

كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك

جهود ابن هشام الانصاري

جهود السيوطي

شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك

المدرسة الاندلسية

بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الاندلس وطابعه

أهم نحاة المدرسة الاندلسية

جهود علماء المدرسة الاندلسية

كتاب الرد على النحاة

جهود ابن مالك

اللغة العربية

لمحة عامة عن اللغة العربية

العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)

العربية الجنوبية (العربية اليمنية)

اللغة المشتركة (الفصحى)

فقه اللغة

مصطلح فقه اللغة ومفهومه

اهداف فقه اللغة وموضوعاته

بين فقه اللغة وعلم اللغة

جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة

جهود القدامى

جهود المحدثين

اللغة ونظريات نشأتها

حول اللغة ونظريات نشأتها

نظرية التوقيف والإلهام

نظرية التواضع والاصطلاح

نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح

نظرية محاكات أصوات الطبيعة

نظرية الغريزة والانفعال

نظرية محاكات الاصوات معانيها

نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية

نظريات تقسيم اللغات

تقسيم ماكس مولر

تقسيم شليجل

فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)

لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية

موطن الساميين الاول

خصائص اللغات الجزرية المشتركة

اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية

تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)

اللغات الشرقية

اللغات الغربية

اللهجات العربية

معنى اللهجة

اهمية دراسة اللهجات العربية

أشهر اللهجات العربية وخصائصها

كيف تتكون اللهجات

اللهجات الشاذة والقابها

خصائص اللغة العربية

الترادف

الاشتراك اللفظي

التضاد

الاشتقاق

مقدمة حول الاشتقاق

الاشتقاق الصغير

الاشتقاق الكبير

الاشتقاق الاكبر

اشتقاق الكبار - النحت

التعرب - الدخيل

الإعراب

مناسبة الحروف لمعانيها

صيغ اوزان العربية

الخط العربي

الخط العربي وأصله، اعجامه

الكتابة قبل الاسلام

الكتابة بعد الاسلام

عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه

أصوات اللغة العربية

الأصوات اللغوية

جهود العرب القدامى في علم الصوت

اعضاء الجهاز النطقي

مخارج الاصوات العربية

صفات الاصوات العربية

المعاجم العربية

علم اللغة

مدخل إلى علم اللغة

ماهية علم اللغة

الجهود اللغوية عند العرب

الجهود اللغوية عند غير العرب

مناهج البحث في اللغة

المنهج الوصفي

المنهج التوليدي

المنهج النحوي

المنهج الصرفي

منهج الدلالة

منهج الدراسات الانسانية

منهج التشكيل الصوتي

علم اللغة والعلوم الأخرى

علم اللغة وعلم النفس

علم اللغة وعلم الاجتماع

علم اللغة والانثروبولوجيا

علم اللغة و الجغرافية

مستويات علم اللغة

المستوى الصوتي

المستوى الصرفي

المستوى الدلالي

المستوى النحوي

وظيفة اللغة

اللغة والكتابة

اللغة والكلام

تكون اللغات الانسانية

اللغة واللغات

اللهجات

اللغات المشتركة

القرابة اللغوية

احتكاك اللغات

قضايا لغوية أخرى

علم الدلالة

ماهية علم الدلالة وتعريفه

نشأة علم الدلالة

مفهوم الدلالة

جهود القدامى في الدراسات الدلالية

جهود الجاحظ

جهود الجرجاني

جهود الآمدي

جهود اخرى

جهود ابن جني

مقدمة حول جهود العرب

التطور الدلالي

ماهية التطور الدلالي

اسباب التطور الدلالي

تخصيص الدلالة

تعميم الدلالة

انتقال الدلالة

رقي الدلالة

انحطاط الدلالة

اسباب التغير الدلالي

التحول نحو المعاني المتضادة

الدال و المدلول

الدلالة والمجاز

تحليل المعنى

المشكلات الدلالية

ماهية المشكلات الدلالية

التضاد

المشترك اللفظي

غموض المعنى

تغير المعنى

قضايا دلالية اخرى

نظريات علم الدلالة الحديثة

نظرية السياق

نظرية الحقول الدلالية

النظرية التصورية

النظرية التحليلية

نظريات اخرى

النظرية الاشارية

مقدمة حول النظريات الدلالية

علوم اللغة العربية : المدارس النحوية : المدرسة البصرية : أهم نحاة المدرسة البصرية :

المبرد واصحابه

المؤلف:  شوقي ضيف

المصدر:  المدارس النحوية

الجزء والصفحة:  ص123- 150

27-02-2015

4108

هو محمد بن يزيد الأزدي(1) ، إمام نحاة البصرة لعصره، وُلد بها سنة 210  للهجرة، وقيل: سنة 207، وقيل: بل سنة 195 وأكبَّ منذ نشأته على التزود من اللغة على أعلام عصره البصريين، وشُغف بالنحو والتصريف, فلزم أبا عمر الجرمي يقرأ عليه كتاب سيبويه، حتى إذا توفي لزم أبا عثمان المازني، وتصدر حلقته يقرأ عليه الكتاب والطلاب يسمعون قراءته. وبلغ من إعجاب المازني بفطنته أن لقبه بالمبرِّد -بكسر الراء- لحسن تثبته وتأتيه في العلل، وحوَّر الكوفيون اللقب إلى المبرَّد -بفتح الراء- عنتا له وسوء قصد. ويلمع اسمه وتطير شهرته، فيستدعيه المتوكل ووزيره الفتح بن خاقان إلى "سر من رأى" سنة 246 ليفتي الفتوى الصحيحة في بعض المسائل اللغوية والنحوية، ويجزلا له في العطاء، حتى إذا توفيا سنة 247 كتب محمد بن عبد الله بن طاهر صاحب شرطة بغداد يحث في إشخاصه إليه، ويقدم إلى بغداد ويلقي بها عصاه، ويجري عليه محمد بن عبد الله راتبا حتى إذا توفي تابع أخوه عبيد الله الذي خلفه على شرطة بغداد إجراء الرواتب عليه. وقد مضى يحاضر الطلاب ببغداد في النحو

ص123

 واللغة، وسرعان ما اصطدم بثعلب زعيم مدرسة الكوفة لعصره، وكثرت بينهما المناظرات، وكتب له فيها دائما التفوق على صاحبه؛ لقدرته على الجدل وإصابته للحجة وحسن بيانه، مما جعل كثيرين من تلاميذ ثعلب يتحولون إلى حَلْقته، يتقدمهم ختنه أبو علي الدينوري. وما زال مفزع طلاب اللغة والنحو ببغداد, حتى توفي سنة 285 وقيل: سنة 286.

والمبرد يعد -بحق- آخر أئمة المدرسة البصرية المهمين، وقد ذكره ابن جني فقال: "يعد جِيلا في العلم، وإليه أفضت مقالات أصحابنا "يريد البصريين", وهو الذي نقلها وقرّرها وأجرى الفروع والعلل والمقاييس عليها" (2). ويقول الأزهري في مقدمة معجمه "تهذيب اللغة": "كان أعلم الناس بمذاهب البصريين في النحو ومقاييسه". وله مصنفات كثيرة، طبع منها نسب عدنان وقحطان، وما اتفق لفظه واختلف معناه من القرآن المجيد، وكتاب الفاضل وكتاب الكامل وهما نصوص أدبية عني بشرح ما فيها من لغة، وقد يعرض لبعض مسائل نحوية. ويُنشَر له الآن بالقاهرة كتاب المقتضب في النحو. وله وراء ذلك كتب نفيسة سقطت من يد الزمن، من أهمها: كتاب الاشتقاق وكتاب معاني القرآن وكتاب التصريف وكتاب المدخل إلى سيبويه وكتاب شرح شواهد الكتاب وكتاب معنى كتاب الأوسط للأخفش وكتاب إعراب القرآن. وكتب في شبابه كتابا سماه الرد على سيبويه أو مسائل الغلط، وفيه حاول أن يظهر مقدرته في تخطئة إمام النحاة، جامعا ملاحظات الأخفش وغيره في هذا الصدد، وكان يقول بعد أن تقدمت به السن: "إن هذا كتاب كنا عملناه في أوان الشبيبة والحداثة" معتذرا بذلك عنه. ويقول ابن جني: "أما ما تعقب به أبو العباس المبرد محمد بن يزيد كتاب سيبويه في المواضع التي سماها مسائل الغلط, فقلما يلزم صاحب الكتاب إلا الشيء النزر، وهو أيضا مع قلته من كلام غير أبي العباس"(3) ورد ابن ولاد المصري على ما أورده من هذه المسائل في كتاب سماه الانتصار لسيبويه، ومنه مخطوطة بدار الكتب المصرية.

ص124

وإذا أخذنا نبحث في الأصول التي كان يرجع إليها المبرد في نثر آرائه النحوية والصرفية, وجدناها نفس الأصول التي اعتمد عليها أئمة مدرسته من قبله، فهو يعنى بالتعريف وبالعوامل والمعمولات وبالسماع والتعليل والقياس. أما التعريف, فإنه يسوقه في فاتحة كل باب من أبواب كتابه المقتضب، من ذلك حده للاسم في أوله وبيان العلامة التي تدل عليه، يقول: "الاسم ما كان واقعا على معنى نحو: رجل وفرس وزيد وعمرو وما أشبه ذلك، ويعتبر الاسم بواحده، وكل ما دخل عليه حرف من حروف الخفض فهو اسم، فإن امتنع من ذلك فليس باسم".

ونجد له بعض آراء متناثرة في العوامل؛ من ذلك أنه ذهب في أحد رأيين له في نصب المستثنى في مثل: "قام القوم إلا زيدًا" إلى أن "إلا" هي عاملة النصب فيه، وذهب في الرأي الثاني إلى أن العامل فعل أستثني المفهوم من الكلام، وكان سيبويه يرى أنه معمول للفعل السابق له المتعدي إليه بواسطة إلا (4). وكان يذهب إلى أن العامل في النعت وفي عطف البيان وفي التوكيد هو العامل في متبوع كل منها، إذ ينصبّ على تابعه انصبابا(5) وكان سيبويه يذهب إلى أن الواو التي يجرّ بعدها المبتدأ المنكر في مثل:

وليلٍ كموج البحر أرخى سدوله ... عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي

إنما هي واو عطف، والمبتدأ المنكر بعدها مثل "ليل" في البيت مجرور برب المحذوفة، ومن هنا سميت هذه الواو واو رُبَّ. وذهب المبرد إلى أنها ليست عاطفة، بل هي حرف جر، واحتج بأن الشعراء يفتتحون بها أحيانا قصائدهم كقول رؤبة في مطلع إحدى قصائده:

وقاتمِ الأعماق خاوي المخترق (6)

مما يؤكد أنها غير عاطفة، إذ لا يسبقها أحيانا شيء يمكن أن تعطف عليه(7). وكان يرى أن كان الناقصة وأخواتها لا تدل على الحدث، وإنما تدل على الزمان

ص125

فقط(8) ، وكان يسمي اسمها فاعلا وخبرها مفعولا به، ولعله كان يريد بذلك التشبيه متأثرا بصنيع سيبويه نفسه، كما أسلفنا، في تحليل عبارتها(9) ومر بنا أن سيبويه كان يطلق على الحال اسم المفعول فيه، إذ إن قولك: جاء زيد ضاحكًا أي: في حالة الضحك، فهي مرتبطة بزمن الفعل مما يجعلها شبيهة بالمفعول فيه، ومن هنا أطلق عليها المبرد اسم المفعول فيه، وكأنها تنصب عنده نصب الظروف، إذ الفعل يقع فيها على نحو ما يقع المجيء في المثال السالف في وقت الضحك، بالضبط كما تقول: جاء زيد اليوم، فالمجيء واقع في اليوم، وبذلك كانت تشبه ظرف الزمان(10) وكان سيبويه لا يجيز في "حتى الجارة" أن تعمل في مضمر، وأجاز ذلك المبرد محتجا بمثل قول الشاعر:

أتت حَتَّاك تقصد كل فج ... ترجي منك أنْها لا تخيب

وذهب جمهور البصريين إلى أن ذلك ضرورة ولا يقاس عليه(11). وكان سيبويه يذهب إلى أنه إذا ولي كلمة "لو" أن المفتوحة الهمزة المشددة النون مثل: "لو أنك قمت" أعربت أن وما بعدها في تأويل مصدر مبتدأ مثل تالي لولا، في نحو: "لولا زيد لجئت"، ومثله أيضا في أن الخبر محذوف لا يجوز إظهاره، وذهب المبرد مع الكوفيين إلى أنه فاعل بفعل مقدر تقديره: ثبت (12). ومر بنا أن سيبويه كان يذهب في مثل عساك وعساه وقول الشاعر:

فقلت عساها نار كأس وعلها

برفع نار إلى أن عمل عسى عُكس فنصبت اسمها ورفعت خبرها حملا على لعل، بينما كان يذهب الأخفش إلى أنها لا تزال في المثال ببابها ترفع الاسم وتنصب الخبر، وكل ما في الأمر أنه تجوِّز في الضمير، فجُعل مكان ضمير الرفع ضمير النصب ومحله محل رفع نيابة عن الضمير المرفوع الذي كان ينبغي أن يحل محله، كما ناب ضمير الجر عن ضمير الرفع في لولاك ولولاه, وفي مثل: أنا كأنت. وذهب المبرد إلى أن الإسناد أو بعبارة أدق: الإعراب قُلب، فجعل المخبر عنه خبرا والخبر مخبرا عنه (13). وكان سيبويه يذهب إلى أن المفعول معه لا ينصبه العامل المعنوي،

ص126

وإنما ينصبه عامل لفظى؛ ولذلك قدر في صيغتيه المسموعتين: "ما أنت وزيدا", و"كيف أنت وزيدا؟ " أنهما على تقدير: "ما كنت وزيدا" و"كيف تكون وزيدا؟ " وذهب المبرد إلى أنه يجوز في العبارتين تقدير كان التامة ماضية أو مستقبلة، أي: لا داعي للتقيد في المثال الأول بكان الماضية, وفي المثال الثاني بتكون المستقبلة. ورد ابن ولاد على المبرد فقال: إنه لا يجوز إلا ما قدره سيبويه؛ لأن ما في المثال الأول دخلها معنى التحقير والإنكار، فهو إنما يقال لمن أنكر على شخص مخالطة زيد أو ملابسته، ولا يُنكَر إلا ما ثبت واستقر، أما ما لم يثبت ولم يستقر فليس محلا لإنكار، وأما كيف فعلى بابها من الاستفهام، والمعنى: كيف تكون إذا وقعت ملابستك لزيد في المستقبل؟  (14).

وعلى نحو ما تكثر آراؤه في العوامل المحذوفة والمضمرة والملفوظة, تكثر آراؤه في المعمولات، من ذلك أن الأخفش كان يجوِّز في "غير" في مثل: "أخذت عشرة كتب ليس غير" الرفع والنصب مع حذف التنوين لانتظار المضاف إليه، أي: إنه كان يرى أنها معربة وليست مبنية، وعلى الرفع يكون خبر ليس محذوفا وعلى النصب يكون اسمها مضمرا، أي: ليس المأخوذ غير ذلك في المثال المذكور. وأبى المبرد إلا رفع غير على أن رفعها ضمة بناء لا إعراب، وأن غير شبهت بقبل وبعد، وعلى هذا يحتمل أن تكون اسما لليس أو خبرا لها، أي: على حذف الخبر أو على إضمار الاسم في ليس (15) وكان الأخفش يذهب -كما مر بنا- إلى أن مذ ومنذ حين يليهما اسم مرفوع مثل: مذ يومُ الخميس ومنذ يومان, يكونان ظرفين مخبرا بهما عما بعدهما، وذهب المبرد إلى أنهما في المثالين المذكورين مبتدآن وما بعدهما خبر، ومعناهما الأمد إن كان الزمان حاضرا أو معدودا, وأول المدة إن كان ماضيا (16)  وكان جمهور البصريين يذهب قبله إلى أن اسم لا النافية للجنس إذا كان مثنى أو جمع مذكر رُكب معها وبُني كما بُني مفردها، وذهب المبرد إلى أن اسمها حينئذ يكون معربا؛ لأنه لم يعهد فيهما التركيب مع شيء آخر، وقال: إنه لا يوجد في كلام العرب مثنى وجمع مبنيان، ونُقض

ص127

قوله بأنهما يُبْنَيان في النداء (17). ومر بنا أن سيبويه ذهب إلى أن فاعل خلا وعدا إذا نصبا ما بعدهما في الاستثناء؛ ضمير مستكن في الفعل لا يبرز، عائد على البعض المفهوم من الكلام؛ ولذلك لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث لأنه عائد على مفرد مذكر، والتقدير في مثل: قام القوم خلا زيدا: خلا هو أي: بعضهم زيدا، وذهب المبرد إلى أنه عائد على "من" المفهوم من معنى الكلام المتقدم، فإذا قلت: قام القوم, علم المخاطب وحصل في نفسه أن زيدا بعض من قام، فإذا قلت: عدا زيدا كان التقدير: عدا هو أي: عدا من قام زيدا (18) وكان سيبويه يذهب إلى أنه لا يجوز الجمع بين فاعل نعم وبئس وتمييزه، فلا يقال: نعم الرجل رجلا محمد، وذهب المبرد إلى جواز ذلك؛ لوروده في أشعار العرب مثل:

تزود مثل زاد أبيك فينا            فنعم الزاد زاد أبيك زادا

وقول آخر:

نعم الفتاة فتاة هند لو بذلت            رد التحية نطقا أو بإيماء

وقيل: إن زادا في البيت الأول إنما هي معمولة لتزود في أول البيت، وهي إما مفعول مطلق إن أريد بها التزود، وإما مفعول به إن أريد بها الشيء الذي يتزوده من أعمال البر. وقيل: إن فتاة في البيت الثاني حال مؤكدة (19) ورأي المبرد أدق وأصح. ومر بنا أن سيبويه كان يعرب ركضا في مثل: جاء ركضا حالا مؤولا بالمشتق، فتأويله راكضا، وكان الأخفش يعربه مفعولا مطلقا لفعل محذوف من صيغته أي: جاء يركض ركضا، أما المبرد فكان يعربه مفعولا مطلقا دالا على نوع الفعل أي: دون حاجة إلى تقدير فعل عامل فيه كما ذهب الأخفش(20). وكان سيبويه يرى أن إذما الشرطية حرف مثل إن، أما هو فكان يراها ظرفا مثل إذ وإذا (21). وذهب الأخفش -كما قدمنا في غير هذا الموضع- إلى أن إذا الفجائية حرف، وذهب المبرد إلى أنها ظرف مكان، وتكون خبرا

ص128

مقدما في مثل: خرجتُ فإذا محمد، وفي "مثل: خرجت فإذا محمد جالس" تكون منصوبة بجالس(22).وقد ذكرنا أن ما بعدها مبتدأ في رأي الأخفش خبره محذوف. وكان سيبويه يعرب حقا في مثل: "أحقا إنك ذاهب" مفعولا فيه منصوبا على الظرفية، وهو خبر مقدم وأن وما بعدها مؤولان بمصدر مبتدأ، فالتقدير: أفي الحق ذهابك، وكان المبرد يعرب حقا مفعولا مطلقا حُذف فعله أي: حق حقا، وأن وصلتها فاعل(23) وكان سيبويه يذهب إلى أن "ما" حين تدخل على قَلّ ونحوها مثل كثر وطال تكفّها عن العمل، ولا يليها حينئذ إلا الفعل مثل: قلما يكتب، فأما قول المرار:

صددتِ فأطولتِ الصدود وقَلَّما ... وصالٌ على طول الصدود يدوم

فقال فيه: إنما دخلت على اسم ضرورة وهو فاعل لفعل محذوف مفسَّر والتقدير: يدوم، وذهب المبرد إلى أن ما في "قلما" زائدة وهي لا تكفها عن العمل، فوصال فاعل لقلما(24) وكان يذهب إلى جواز دخول لام الابتداء على خبر إن ومعموله إذا كان ظرفا أو جارا ومجرورا، مثل: إن زيدا لبك لواثق، وإنك لبحمد الله لناجح(25)، والتكلف واضح في مثل هذا الأسلوب. وكان الجمهور لا يجوز دخول لام الابتداء على خبر أن المفتوحة الهمزة وجوزه المبرد معتمدا على ما جاء في بعض القراءات للآية الكريمة: "أَلا أَنَّهُمْ ليأكلون" بفتح الهمزة، وخرَّج الجمهور ذلك على الزيادة أو على شذوذ القراءة(26). وكان لا يجيز ترخيم النكرة غير المقصودة مثل: شجرة ونخلة، أما إن كانت مقصودة فلا بأس من ترخيمها في رأيه كقول بعض الشعراء:

" يا ناق سيري عَنَقا فسيحا " (27)

ومر بنا أن الخليل كان يرى أن الميم في لفظ الجلالة "اللهم" عوض عن ياء النداء، وكان يذهب هو وسيبويه إلى أن {فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} في قوله جل وعز: {اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} على نداء آخر أي: يا فاطر السموات والأرض، وذهب المبرد

ص129

إلى جواز وصف اللهم بمرفوع على اللفظ أو بمنصوب على المحل, وجعل "فاطر" نعتا للفظ الجلالة (28). وكان سيبويه يذهب إلى أن الخبر إذا كان مصدرا مكررا أو محصورا نُصب على تقدير أنه مفعول مطلق لفعل محذوف هو الخبر، فمثل: "أنت سيرا سيرا", و"ما أنت إلا سيرا" تقديرهما: أنت تسير سيرا سيرا, وما أنت إلا تسير سيرا. وجوَّز المبرد في الصورتين الرفع على الخبرية، فتقول: أنت سيرٌ سيرٌ, وما أنت إلا سير (29) ومر بنا أن أبا عمر الجرمي كان يمنع إجراء التنازع في الأفعال المتعدية إلى مفعولين أو ثلاثة؛ لعدم مجيء ذلك عن العرب، ولأنه يؤدي إلى صور معقدة، ونجد المبرد يفتح لهذه الصور فصولا في كتابه المقتضب, عارضا طائفة شديدة التعقيد منها مثل: أعطيت وأعطانيه زيدا درهما, وظننت وظننيه زيدا شاخصا (30) , وكان سيبويه يفضل نصب المضارع حين يعطف على اسم صريح، كقول من قالت:

لَلُبْس عباءة وتقر عيني ... أحب إليَّ من لبس الشفوف

والفعل في هذه الحالة منصوب بأن مضمرة ويجوز فيه الرفع (31). وعرض سيبويه في باب الاشتغال هذه الصورة: "أأنت عبد الله ضربته؟ " واختار فيها رفع عبد الله؛ لأنه فُصل بين الاستفهام وعبد الله بلفظة أنت، وجوز النصب. واختار المبرد مع الأخفش في هذا المثال النصب؛ لأن همزة الاستفهام يحسن أن يليها فعل، وهو مسلط على أنت وعلى عبد الله معا؛ لذلك يحسن في رأيهما نصب عبد الله (32).

ص130

 وكان المبرد يُعْنَى بالسماع عناية شديدة، ومضى في إثر أستاذه المازني لا يرتضي بعض القراءات الشاذة، ما دامت لا تطرد مع قواعده النحوية. وتشدد مثل سالفيه في قبول الرواية عن العرب، وكان يطعن في رواية بعض الأشعار المأثورة ما دامت لا تستقيم مع مقاييسه، حتى لو وردت عند سيبويه، فقد استشهد على تسكين المضارع في الضرورة الشعرية بقول امرئ القيس (33) :

فاليوم أشربْ غير مستحقب ... إثما من الله ولا واغل

وقال المبرد: ليست هذه هي الرواية الصحيحة للبيت, إنما روايته الصحيحة في مطلعه هي: "فاليوم فاشرب", وإذن يكون سكون الفعل طبيعيا؛ لأنه فعل أمر، ويقول ابن جني معنفا له: "اعتراض أبي العباس في هذا الموضع إنما هو رد للرواية وتحكم على السماع بالشهوة مجردة من النصفة، ونفسه ظلم لا من جعله خصمه" (34) وروى سيبويه والأخفش عن العرب قولهم: لولاك ولولاه، كما أسلفنا، ورفض المبرد روايتهما وما جاء عن بعض الشعراء من مثل: "لولاك هذا العام لم أحجج"، محتجا بمثل قوله تعالى: {لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} أي: إنه كان يحتم أن يليها الضمير مرفوعا (35)

وكان يحاول دائما أن يسند آراءه بالعلل، فلا بد لكل رأي من علة تبرره، وكان يتسع في ذلك سعة جعلته يعممه فيما لا حاجة للنطق به، من ذلك تعليله لمجيء الإعراب في آخر الكلم دون أوائلها وأواسطها، يقول: "لم يجعل الإعراب أولا؛ لأن الأول تلزمه الحركة ضرورة للابتداء؛ لأنه لا يُبتدأ إلا بمتحرك، ولا يوقف إلا على ساكن, فلما كانت الحركة تلزمه لم تدخل عليه حركة الإعراب؛ لأن الحركتين لا تجتمعان في حرف واحد. ولما فات وقوعه أولا لم يمكن أن يجعل وسطا؛ لأن أوساط الأسماء مختلفة لأنها تكون ثلاثية ورباعية وخماسية وسباعية، فأوساطها مختلفة، فلما فات ذلك جُعل آخرا بعد كمال الاسم ببنائه وحركاته" (36). وكان يعلل تسكين الفعل في مثل ضربْنَ

ص131

 ويضربْن بأنه لو لم يسكن لاجتمع أربعة متحركات، إذ الفعل والفاعل كالشيء الواحد. وفي الوقت نفسه علل لتحرك نون النسوة المتصلة بالفعل بأنها لو لم تحرك لاجتمع ساكنان، وكأن سكون ما قبلها سبب حركتها (37). وعلل لبناء "الآن" على الفتح بمصاحبة أداة التعريف لها دائما، مع أنها في أخواتها من الظروف قد توجد, وقد لا توجد, أي: إنها لا تلزمها هذا اللزوم في "الآن" مما جعلها تبنى بسبب ذلك (38) وكان يجمع مثل: مقعنسس على قعاسس معتلا بأن السين أشبه بالحرف الأصلي في الكلمة لأنها من قعس؛ فلذلك كان ينبغي أن تظل, لا أن تحذف وتذكر الميم على نحو ما صنع سيبويه, إذ جمعها على مقاعس (39) وكان سيبويه يصغر إبراهيم وإسماعيل على: بُرَيْهيم وسميعيل، وصغرهما المبرد على أُبيريه وأسيميع؛ لأن الهمزة أصلية وليست زائدة؛ لأنها لا تزيد أولا إلا وبعدها أربعة أحرف، أما الميم فإنها تحذف لأنها آخر الكلمة، وآخر الكلمة يحذف كثيرا في الخماسي حين يصغَّر كتصغير سفرجل على سفيريج (40). وكان يعلل لوقف العرب على الكلمات ونقل حركتها إلى ما قبلها، إذ يقولون: قام عَمُرْ, بنقل حركة الراء إلى ميم عمرو السابقة لها, كما يقولون: مررت ببكر بكسر الكاف والوقوف على الراء، بأن ذلك للدلالة على الحركة المحذوفة في آخر الكلمة (41).

وكان يحتكم دائما إلى القياس ولكنه لم يكن يقدمه على السماع عن العرب، بحيث يرفض ما ورد على ألسنتهم أو قل على أكثر ألسنتهم، فقد كان يرد ما يخالف الكثرة الكثيرة الدائرة في أفواههم، ولكن حين لا توجد هذه الكثرة كان يفسح للقياس، وكذلك كان يفسح له حين يشيع استعمال بين العرب. وليس معنى ذلك أنه كان يقيس على الشاذ والنادر، إنما كان يقيس على ما سُمع كثيرا قائلا: "إذا جعلت النوادر والشواذ غرضك, واعتمدت عليها في مقاييسك كثرت زلاتك" (42). فمن ذلك أن العرب كثر على لسانهم استعمال صيغة فعَّال, مستغنين بها عن ياء النسب كخبَّاز وبزاز وقزاز وسقاء وبناء وزجاج وبقال

ص132

 وخيّاط ونجّار ولبّان، وكذلك استعمال صيغة فاعل كحائك وشاعر أي: ذي شعر وفارس أي: ذي فرس وطاعم أي: ذي طعام. وقال سيبويه: إن الصيغتين في النسب موقوفتان على السماع، ولا يقاس عليهما شيء وإن كان قد كثر في كلامهم فلا يقال لصاحب البر: برّار ولا لصاحب الشعير: شعّار ولا لصاحب الدقيق: دقّاق ولا لصاحب الفاكهة: فكّاه. وقاس المبرد الصيغتين جميعا محتجا بأن ذلك في كلام العرب أكثر من أن يحصى أو يستقصى (43). ومر بنا أنه جاء عن العرب كثيرا في النسبة إلى فَعِيل وفُعَيْل حذف الياء مثل: ثقيف وثقفي, وقريش وقرشي, وهذيل وهذلي، وعلى الرغم من كثرة ذلك قال سيبويه: إن هذا الصنيع لا يقاس عليه؛ إذ القياس في رأيه أن تثبت الياء في الصيغتين، فيقال: ثقيفي وهذيلي، وقاسه المرد لأنه هو الذي كثر عن العرب (44) والقياس في فَعيلة في النسب أن تحذف الياء، فيقال في النسبة إلى بني حنيفة: حنفي, وإلى بني ربيعة: ربعي. وقال سيبويه: إن حكم فَعولة في النسب حكم فَعِيلة، فتسقط الواو منها كما سقطت الياء في أختها، فيقال في بني شَنُوءة: شنئي، وخالفه المبرد، فقال: بل ينسب إليها على لفظها فيقال: شئوني؛ لأن الياء إنما حُذفت في فعيلة تخفيفا بسبب كثرة الياء والكسرات فيها إذا أُبقيت على لفظها، فقيل مثلا في حنيفة: حنيفي، وقال: مما يدل على ذلك دلالة واضحة أنهم نسبوا إلى علي: "علوي" فحذفوا ياء وقلبوا الثانية واوا خشية الثقل في النطق، وهو ما لا يوجد في فعولة وموزوناتها، ويوضح ذلك أيضا أن العرب حين نسبت إلى مثل نَمِر المكسور العين فتحوها فقالوا: نَمَري بفتح الميم، ولكنهم لما نسبوا إلى مثل سَمُرة بضم الميم أي: شجرة لم يغيروا حركة الحرف الثاني. وعلى نحو ما خالفت الكسرة الضمة في نمر وسمرة, كذلك ينبغي أن تخالف الواو في فعولة الياء في فعيلة، فلا تحذف؛ لفقدان علة الحذف، وهي استثقالهم اجتماع المتجانسات, أو بعبارة أخرى: الكسرات والياءات (45)

وفيما قدمنا ما يدل على أن المبرد لم يكن يقدم القياس على السماع، فالأساس

ص133

 عنده السماع أولا؛ إذ القياس إنما يستمد منه, ويعتمد عليه، من ذلك أن القياس في صيغة مفعول أن تحذف واوها إذا كانت مشتقة من فعل أجوف مثل مقول، ولكن سُمع عن بني تميم كثيرا إثبات الواو في الصيغة, مثل مقوول ومصوون, فجعل المبرد ذلك قياسا مطردا، فيقال: مبيوع على نحو ما يشيع في العامية المصرية (46). ونراه دقيقا في استنباط القاعدة المقيسة، يشهد لذلك حكمه باطراد القياس في باب المفعول معه في كل صيغة يكون فيها ما قبل الواو سببا في تاليها مثل: جاء الشتاء وملابس الصوف، فالشتاء سبب في استخدام ملابس الصوف؛ ولذلك تنصب الملابس مفعولا معه، ولا تعطف (47) وكان يعنى كثيرا بقياس الشبه على نحو ما يلقانا عنده في منع تقدم خبر ليس الناقصة الجامدة عليها, قياسا على فعل التعجب, وأنه لا يصح تقدم معموله عليه، وكذلك الأفعال الجامدة: عسى وبئس ونعم، فكلها لا تتقدمها معمولاتها لعدم تصرفها.(48)

وتدل كتابات المبرد المختلفة على أنه كان دقيق الحس اللغوي دقة شديدة، فأودع كتبه ومصنفاته كثيرا من الملاحظات اللغوية والتعبيرية التي تدل على رهافة حسه، من ذلك أنه كان يرى أن عبارة: "عبد الله قائم" تستخدم في موطن لا تستخدم فيه عبارتا: "إن عبد الله قائم" و"إن عبد الله لقائم" فالعبارة الأولى تعبر عن مجرد الإخبار بقيام عبد الله، بينما العبارة الثانية تستخدم للإجابة عن سؤال سائل تأكيدا له، أما العبارة الثالثة فتستخدم في خطاب من ينكر قيام زيد ويبالغ في إنكاره، ومن أجل ذلك تؤكد له العبارة بمؤكِّدين (49). وسئل عن الفرق بين العبارتين: "ضربت زيدا"، و"زيد ضربته" فقال: إنك إذا قلت: ضربت زيدا، فإنما أردت أن تخبر عن نفسك وتثبت أين وقع فعلك، وإذا قلت: زيد ضربته, فإنما أردت أن تخبر عن زيد.

وإذا كنا ميزنا في تلاميذ الأخفش وسيبويه وأصحابهما بين من عني منهم باللغة, وبين من عني منهم بالنحو والتصريف, فكذلك الشأن في تلاميذ المبرد، وممن اشتهروا منهم في المباحث اللغوية أبو بكر بن دُرَيْد، واشتهر

ص134

 ابن دُرُسْتويه بالمباحث الصرفية، بينما اشتهر بالمباحث النحوية الأخفش الصغير علي بن سليمان المتوفى سنة 315, ومحمد بن علي المعروف باسم مَبْرمان المتوفى سنة 326، وأشهر منهما في تلك المباحث الزجاج وأبو بكر بن السراج اللذان انتهت إليهما الرياسة في النحو البصري والإمامة فيه بعد المبرد، ونبغ من تلاميذ ابن السراج السيرافي، وبه تنتهي المدرسة البصرية، ولعل من الخير أن نخص كل واحد من هؤلاء الثلاثة الأخيرين بطرف من الحديث.

ص135

_______________________

(1) انظر في ترجمة المبرد: أبا الطيب اللغوي ص83, والسيرافي ص96, والزبيدي ص108, والفهرست ص93, والأنساب للسمعاني الورقة 116, ونزهة الألباء ص217, وتاريخ بغداد 3/ 380 , وابن خلكان في محمد بن يزيد, ومعجم الأدباء 19/ 111, ومعجم الشعراء للمرزباني ص449, وطبقات القراء 2/ 280 , وإنباه الرواة 3/ 241, واللباب في الأنساب 1/ 197, ولسان الميزان 5/ 430 , وشذرات الذهب 2/ 190 , ومرآة الجنان 2/ 210 , وبغية الوعاة ص116, والمزهر 2/ 427, والمبرد: حياته وآثاره لمحمد عبد الخالق عضيمة "نشر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة".

(2) سر صناعة الإعراب 1/ 130 .

(3) الخصائص 3/ 287.

(4) الإنصاف ص118, وسر صناعة الإعراب 1/ 146, والهمع 1/ 224.

(5) الهمع طبعة الدكتور عبد العال سالم 5/ 166, والنص مضطرب في الطبعة القديمة التي أرجع إليها 2/ 115.

(6) قاتم صفة لفلاة، والأعماق: أطرافها.

(7) المغني ص400 .

(8) الهمع 1/ 112.

(9) الهمع 1/ 111.

(10) المبرد: حياته وآثاره ص117.

(11) المغني ص131.

(12) المغني ص299, والهمع 1/ 138.

(13) المغني ص165, والهمع 1/ 132.

(14) الهمع 1/ 221.

(15) المغني ص171, والهمع 1/ 210 .

(16) المغني ص373.

(17) الهمع 1/ 146.

(18) الهمع 1/ 62.

(19) المغني ص516, والهمع 1/ 86.

(20) الهمع 1/ 238.

(21) المغني ص92.

(22) المغني ص92.

(23) المغني ص56.

(24) المغني ص339 وما بعدها.

(25) الهمع 1/ 139.

(26) الهمع 1/ 140 .

(27) الهمع 1/ 182.

(28) الهمع 1/ 178.

(29) الهمع 1/ 193.

(30) انظر كتاب الرد على النحاة لابن مضاء القرطبي "طبع دار الفكر العربي" ص112, وقابل بالمجلد الثالث من المقتضب المخطوط بجامعة القاهرة الورقة 48، 49.

(31) انظر في ذلك الكتاب 1/ 426, والمقتضب، المجلد الثاني، الورقة 154, والرد على النحاة ص150 .

(32) راجع الكتاب 1/ 54, والرد على النحاة ص128, والهمع 2/ 113.

(33) الكتاب 2/ 297.

(34) الخصائص 1/ 72, والخزانة 2/ 279، 3/ 530 .

(35) الإنصاف ص285, والمغني ص302, وانظر تقريرات السيرافي على طبعة بولاق من كتاب سيبويه 1/ 388.

(36) الزجاجي ص76.

(37) ابن مضاء ص59.

(38) الإنصاف ص213.

(39) الهمع 2/ 181.

(40) الهمع 2/ 192.

(41) الهمع 2/ 208.

(42) الأشباه والنظائر للسيوطي 3/ 49.

(43) الهمع 2/ 198.

(44) الهمع 2/ 195.

(45) ابن يعيش 5/ 146 وما بعدها.

(46) الهمع 2/ 224.

(47) الهمع 1/ 219.

(48) الخصائص 1/ 188, والإنصاف ص73, والهمع 1/ 117.

(49) دلائل الإعجاز للجرجاني "طبع مطبعة السعادة" ص221.