المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
مشكلة المزارع السمكية
2025-04-14
مشكلة التلوث الحراري
2025-04-14
تقدير الكتل المولارية من إتزان الترسب
2025-04-14
الأسموزية والديلزة Osmosis and dialysis
2025-04-14
الحجم والشكل
2025-04-14
الوزن الجزيئي للبوليمرات
2025-04-14

حميد بن يزيد البكري
26-7-2017
الخواص الكيميائية والفيزيائية
4-7-2018
Bimolecular Nucleophilic Substitution Reactions Are Concerted
31-7-2019
Carbonates
17-6-2019
الحبشة واليمن
12-11-2016
رسم تخطيطي يوضح صفات الخبر
3/11/2022


شعر المولدين  
  
3404   01:41 صباحاً   التاريخ: 19-1-2020
المؤلف : عيار الشعر
الكتاب أو المصدر : ابن طباطبا العلوي
الجزء والصفحة : ص:6
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد القديم /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-7-2017 3146
التاريخ: 23-3-2018 5861
التاريخ: 18-1-2020 2012
التاريخ: 19-1-2020 2029

 

وستعثر في أشعار المولدين بعجائب استفادوها ممن تقدمهم، ولطفوا في تناول أصولها منهم، ولبسوها على من بعدهم، وتكثروا بأبداعها فسلمت لهم عند إدعائها، للطيف سحرهم فيها، وزخرفتهم لمعانيها. والمحنة على شعراء زماننا في أشعارهم أشد منها على من كان قبلهم لأنهم قد سبقوا إلى كل معنى بديع ولفظ فصيح، وحيلة لطيفة، وخلابة ساحرة. فإن أتوا بما يقصر عن معاني أولئك، ولا يربى عليها لم يتلق بالقبول وكان كالمطرح المملول. ومع هذا فإن من كان قبلنا في الجاهلية الجهلاء، وفي صدر الإسلام، من الشعراء كانوا يؤسسون أشعارهم في المعاني التي ركبوها على القصد للصدق فيها مديحاً وهجاء، وافتخاراً ووصفا، وترغيباً وترهيباً، إلا ما قد احتمل الكذب فيه في حكم الشعر: من الإغراق في الوصف والإفراط في التشبيه. وكان مجرى ما يوردونه مجرى القصص الحق، والمخاطبات بالصدق، فيحابون بما يثابون ويثابون بما يحابون.

والشعراء في عصرنا إنما يثابون على ما يستحسن من لطيف ما يوردونه من أشعارهم، وبديع ما يغربون من معانيهم، وبليغ ما ينظمونه من ألفاظهم ومضحك ما يوردونه من نوادرهم، وأنيق ما ينسجونه من وشي قولهم، دون حقائق ما يشتمل عليه من المدح، والهجاء، وسائر الفنون التي يصرفون القول فيها. فإذا كان المديح ناقصاً عن الصفة التي ذكرناها، كان سبباً لحرمان قائله، والمتوسل به. وإذا كان الهجاء كذلك أيضاً كان سبباً لاستهانة المهجو به وأمنه من سيره، ورواية الناس له، وإذاعتهم إياه وتفكههم بنوادره لا

 

6

 

سيما وأشعارهم متكلفة غير صادرة عن طبع صحيح، كأشعار العرب التي سبيلهم في منظومها سبيلهم في منثور كلامهم الذي لا مشقة عليهم فيه.

فينبغي للشاعر في عصرنا أن لا يظهر شعره إلا بعد ثقته بجودته وحسنه وسلامته من العيوب التي نبه عليها، وأمر بالتحرز منها، ونهي عن استعمال نظائرها، ولا يضع في نفسه أن الشعر موضع اضطرار، وأنه يسلك سبيل من كان قبله، ويحتج بالأبيات التي عيبت على قائلها؛ فليس يقتدى بالمسيء، وإنما الاقتداء بالمحسن، وكل واثق فيه مجل له إلا القليل. ولا يغير على معاني الشعر فيودعها شعره، ويخرجها في أوزان ومخالفة لأوزان الأشعار التي يتناول منها ما يتناول، ويتوهم أن تغييره للألفاظ والأوزان مما يستر سرقته، أو يوجب له فضيلة، بل يديم النظر في الأشعار التي قد اخترناها لتلصق معانيها بفهمه، وترسخ أصولها في قلبه، وتصير مواد لطبعه، ويذرب لسانه بألفاظها؛ فإذا جاش فكره بالشعر أدى إليه نتائج ما استفاده مما نظر فيه من تلك الأشعار، فكانت تلك النتيجة كسبيكة مفرغة من جميع الأصناف التي تخرجها المعادن.

 وكما قد اغترف من واد قد مدته سيول جارية من شعاب مختلفة، وكطيب تركب من أخلاط من الطيب كثيرة، فيستغرب عيانه، ويغمض مستبطنه ويذهب في ذلك إلى ما يحكى عن خالد بن عبد الله القسري، فإنه قال: حفظني أبي ألف خطبة ثم قال لي: تناسها؛ فتناسيتها؛ فلم أرد بعد ذلك شيئاً من الكلام إلا سهل على. فكان حفظه لتلك الخطب رياضة لفهمه، وتهذيباً لطبعه، وتلقيحاً لذهنه، ومادة لفصاحته، وسبباً لبلاغته ولسنه وخطابته.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.