المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



وضع الشعر الجاهلي ونحله عند الأقدمين  
  
6680   03:31 مساءاً   التاريخ: 23-03-2015
المؤلف : ناصر الدين الأسد
الكتاب أو المصدر : مصادر الشعر الجاهلي
الجزء والصفحة : ص321-351
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الجاهلي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-12-2019 3924
التاريخ: 22-03-2015 2005
التاريخ: 23-03-2015 8487
التاريخ: 22-03-2015 3935

الوضع والنحل والانتحال كلها ظواهر أدبية عامة، لا تقتصر على أمة دون غيرها من الأمم، ولا يختص بها جيل من الناس دون غيره من الأجيال فقد عرفها العرب كما عرفتها الأمم الأخرى التي كان لها نتاج أدبي؛ وعرفها العصر الجاهلي كما عرفها العصر الأموي والعصر العباسي، بل كما لا يزال يعرفها عصرنا الحاضر الذي نحيا فيه، على الرغم من وسائل الحضارة الحديثة التي كانت قمينة أن تبرئ نتاجنا من هذه الظواهر لو كان ثمة سبيل إلى الخلاص منها. فشيوع الكتابة شيوعًا عامًّا، وانتشار الطباعة بصورها المتعددة وأنماطها الكثيرة، لم يحولا دون أن ينسب إلى شاعر شعر لم يقله ولا يدري من أمره شيئًا، ولم يستطيعا أن يذودا عن شعر قاله صاحبه بغي المعتدين وسطوة المدَّعين المنتحلين.

ولم يكن الوضع أو النحل أو الانتحال مقصورًا على الشعر وحده، بل لقد شمل كل ما يمت إلى الأدب العام بسبب: كالنسب والأخبار منذ الجاهلية نفسها. ولقد بدأ الكذب والوضع في الحديث النبوي في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وحسبنا من كل ذلك لمحة عابرة ننتقل بعدها إلى تخصيص الحديث في الشعر وحده فمما يدل على أن الوضع والكذب في النسب قديم منذ الجاهلية وعصر الرسول أن النبي عليه السلام كان إذا انتسب لم يجاوز في نسبه معد بن عدنان بن أدد ثم يمسك ويقول: كذب النسابون(1). وكذلك ما ذكره الهيثم بن عدي في "كتاب المثالب"(2) من أن دغفلًا النسابة دخل على معاوية فقال له معاوية: من رأيت من علية قريش؟ فقال: رأيت عبد المطلب بن هاشم وأمية بن عبد شمس. فقال: صفهما لي. فلما وصف له عبد المطلب قال: فصف أمية. قال: رأيته شيخًا قصيرًا نحيف الجسم ضريرًا يقوده عبده ذكوان. فقال: مه، ذاك ابنه أبو عمرو. فقال: هذا شيء قلتموه بعدُ وأحدثتموه، وأما الذي عرفت فهو الذي أخبرتك به. وقد ذكرنا طرفًا من الكذب في النسب عند حديثنا عن الرواة الوضاعين، وسنذكر طرفًا آخر حين نتحدث عن أسباب الوضع ودواعيه.

وأما الوضع والكذب في الحديث النبوي منذ عهد الرسول نفسه فأمر لا يحتاج إلى بيان، وليس أدل على ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم: "من كذب عليَّ فليتبوأ مقعدًا من النار"(3). وقد جاءه ذات يوم المنقَّع بن الحصين فقال: يا رسول الله إن الناس خاضوا في كذا وكذا. فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال: "اللهم لا أحل لهم أن يكذبوا عليَّ". قال المنقع: فلم أحدِّث بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا حديثًا نطق به كتاب أوجرت به سُنَّة، يكذب عليه في حياته فكيف بعد موته!!(4). وقد تنبه الصحابة في الصدر الأول إلى شيوع الكذب والوضع في الحديث، حتى إن سعد بن أبي وقاص حينما سئل عن شيء في الحديث استعجم وقال: إن أخاف أن أحدثكم واحدًا فتزيدوا عليه المائة(5). وحتى إن عبد الله بن عمرو بن العاص قال لجماعة من أهل العراق جاءوا يسألونه أن يحدثهم(6): إن من أهل العراق قومًا يَكذِبون ويُكذبون ويسخرون. بل لقد بلغ أكثر من ذلك:

فقصة عبد الله بن سعد بن أبي سرح مشهورة: كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي، ثم ارتد ولحق بالمشركين وقال -في زعمه-: إن محمدًا ليكتب بما شئت(7). وذكروا أنه كان يكتب "عزيز حكيم" مكان "غفور رحيم"(8). وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت أن يتعلم كتاب اليهود وقال: "لا آمن أن يبدلوا كتابي"(9)!

فإذا ما انتقلنا بعد ذلك إلى تخصيص الحديث في الشعر وحده، وجدنا أن الشعر الجاهلي كان عرضة، منذ الجاهلية نفسها وسنوات الإسلام الأولى، للوضع والنحل والانتحال. والأمثلة التي بين أيدينا قليلة ولكن فيها مقنعًا، إذ أنها تدل دلالة واضحة على أن هذه الظواهر الأدبية كانت معروفة شائعة منذ أبعد ما نعرف من عصور الشعر العربي.

فقد قال أبو عبيدة(10): كان قُراد بن حنش من شعراء غطفان، وكان جيد الشعر قليله، وكان شعراء غطفان تغير على شعره فتأخذه وتدعيه، منهم زهير بن أبي سُلمى ادعى هذه الأبيات:

إن الرزية لا رزية مثلها ما تبتغي غطفان يوم أضلت

إن الركاب لتبتغي ذا مرة بجنوب نخل إذا الشهور أحلت

ولنعم حشو الدرع أنت لنا إذا نهلت من العلق الرماح وعلت

ينعون خير الناس عند كريهة عظمت مصيبتهم هناك وجلت ويُروى أن النابغة الجعدي دخل على الحسن بن علي فودعه، فقال له الحسن(11): أنشدنا من بعض شعرك فأنشد:

الحمد لله لا شريك له   من لم يقلها فنفسه ظلما

فقال له: يا أبا ليلى. ما كنا نروي في هذه الأبيات إلا لأمية بن أبي الصمت. قال: يابن رسول الله والله إني لأول الناس قالها، وإن السروق من سرق أمية شعره.

كان الأعشى قد مدح قيس بن معد يكرب الكندي بقصيدة دالية(12)، فقال له قيس: إنك تسرق الشعر: فقال له الأعشى: قيدني في بيت حتى أقول لك شعرًا. فحبسه وقيده. فقال عند ذلك قصيدته التي أولها:

أأزمعت من آل ليلى ابتكارا وشطت على ذي هوى أن تزارا

وفيها يقول:

وقيدني الشعر في بيته   كما قيدت الآسرات الحمارا

وسألت عائشة أم المؤمنين من صاحب هذه الأبيات(13):

جزى الله خيرًا من إمام وباركت   يد الله في ذاك الأديم الممزق

فمن يسع أو يركب جناحي نعامة   ليدرك ما حاولت بالأمس يسبق

قضيت أمورًا ثم غادرت بعدها   بوائق في أكمامها لم تفتق

وما كنت أخشى أن تكون وفاته   بكفي سبنتي أزرق العين مطرق

فقالوا: مزرد بن ضرار: قالت عائشة: لقبت مزردًا بعد ذلك فحلف بالله ما شهد تلك السنة الموسم.

ومن عجب أن يضع المسلمون الأولون شعرًا وينحلوه أبا بكر الصديق، حتى لقد روى الزهري عن عروة عن عائشة أنها قالت: كذب من أخبركم أن أبا بكر قال بيت شعر في الإسلام:

ولعل من خير ما يدل على هذا الذي نذهب إليه بيتًا قاله مزرد بن ضرار في أبيات يصف فيها نفسه وشعره، قالها يرد على كعب بن زهير حين نظم كعب أبياته التي يقدم فيها نفسه والحطيئة: قال مزرد(14):

وباستك إذا خلفتني خلف شاعر من الناس لم أكفي ولم أتنحل

فهو ينفي عن نفسه تنحل الشعر وانتحاله، أي ادعاءه إياه لنفسه وهو من كلام غيره.

ومما يدخل في هذا الباب أيضًا ما وصف به الفرزدق علقمة الفحل من أن شعره لا يستطيع أحد أن ينحله، فكأنه يقصد أن على شعره طابعه وميسمه فإذا ما ادعاه غيره عرف الناس أنه ليس لمن ادعاه وإنما هو لصاحبه علقمة؛ وذلك قول الفرزدق(15):

والفحل علقمة الذي كانت له حلل الملوك كلامه لا ينحل

-2-

ولم يكن أمر الوضع والنحل في الشعر الجاهلي ليخفَى على الرواة العلماء، فلقد تنبه له كثيرون منهم، بل قلما نجد رواية عالمًا من القرن الثاني والقرن الثالث لا تذكر لنا الأخبار المروية عنه أنه نصَّ نصًّا صريحًا على أن بيتًا أو أبيات بعينها موضوعة منحولة، وسنورد أمثلة وافية مما نص عليه هؤلاء العلماء من رجال الطبقة الأول والطبقة الثانية.

فقد ذكر أبو عمرو بن العلاء أن ذا الإصبع العدواني قال يرثي قومه(16):

وليس المرء في شيء من الإبرام والنقض

إذا يفعل شيئًا خا له يقضي وما يقضي

جديد العيش ملبوس وقد يوشك أن يُنضي

ثم نص على أنه لا يصح من أبيات ذي الإصبع الضادية هذه إلا الأبيات التي أنشدها وأن سائرها منحول(17). بينما نرى أبا الفرج نفسه يورد من هذه القصيدة غير الأبيات المتقدمة نحوًا من أربعة وشعرين بيتًا آخر(18). وذهب أيضًا أبو عمرو إلى أن القصيدة المنسوبة إلى امرئ القيس والتي مطلعها:

ولا أبيك ابنة العامر ي لا يدعي القوم أني أفر

هي لرجل من أولاد النمر بن قاسط، يقال له ربيعة بن جشم، وأولها عنده(19):

أحار بن عمرو كأني خمر ويعدو على المرء ما يأتمر

وهذا عامر بن عبد الملك وأخوه مسمع بن عبد الملك الملقب كرد بن وهما من طبقة عمرو بن العلاء، علامتان بالنسب راويتان للشعر، روى عنهما أبو عبيدة والأصمعي أخبارًا وشعرًا ينكران ما أضيف إلى قصيدة الحارث بن عباد، ولم يُصححا منها غير الأبيات الثلاثة التالية(20):

قربا مربط النعامة مني لقحت حرب وائل عن حيالي

لا بجير أغنى قتيلًا ولا رهـ ط كليب تزاجروا عن ضلال

لم أكن من جناتها علم اللـ ـه وإني بحرها اليوم صال

ومن أمثلة ذلك عند أبي عمرو الشيباني أنه كان يدفع أن يكون هذا البيت لعنترة وهو:

هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم

ولم يكن يرويه حتى سمع أبا حزام العُكلي يرويه له(21).

وأما الأخبار المروية في ذلك عن الأصمعي فكثيرة، ومنها ما هو عام مطلق، ومنها ما هو مخصص ينص فيه على بيت أو أبيات بعينها. فمن الضرب الأول: ما أورده من أن الأصمعي قال(22): أقمت بالمدينة زمانًا ما رأيت بها قصيدة صحيحة إلا مصحفة أو مصنوعة. وأنه كذلك قال(23): ويقال إن كثيرًا من شعر امرئ القيس لصعاليك كانوا معه. وأنه قال أيضًا(24). أكثر شعر مهلهل المحمول عليه.

ومن الضرب الثاني: أنه قال(25): أعياني شعر الأغلب، ما أروي له إلا اثنتين ونصفًا. فلما سئل: كيف قلت نصفًا؟ أجاب: أعرفه له اثنتين وكنت أروي نصفًا من التي على القاف، فطولوها، وكان ولده يزيدون في شعره حتى أفسدوه. وقد قال أيضًا في القصيدة المنسوبة إلى الأغلب في سجاج(26): إنه كان يقال إن هذه قصيدة في الجاهلية لجشم بن الخزرج. وقال الأصمعي أيضًا(27): الناس يروون أمية بن أبي الصلت القصيدة التي فيها:

من لم يمت عبطة يمت هرمًا الموت كأس فالمرء ذائقها

قال: وهذه لرجل من الخوارج:

وكان الأصمعي يرى أن أبياتًا من قصيدة زهير الميمية: "أمن أم أوفى دمنة لم تكلم" ليست له وإنما هي لصرمة بن أنس الأنصاري(28). وكان كذلك يشك في بيت عنترة: "هل غادر الشعراء.." ويدفع أن يكون له(29)، ويرى أن أول القصيدة:

يا دار عبلة بالجواء تكلمي وعمي صباحًا دار عبلة واسلمي

وقد أنشد أبو حاتم السجستاني بيتًا في عجزه: "والسيف مغمود" فقال الأصمعي(30): هذا الشعر مصنوع، وقد رأيت صانعه.

وأما أبو عبيدة فإن أخباره في هذا الباب لتكاد تضارع أخبار الأصمعي كثرةً من ذلك أنه ذكر خمسة أبيات للحارث بن حلزة في إنكار الطيرة هي قوله(31):

يا أيها المزمع ثم انثنى لا يثنك الحازي ولا الشاحج

ولا قعيد أعضب قرنه هاج له من مربع هائج

بصوته القعيد، ما جاء من وراء المرء من ظبي أو طائر، الأعضب: المكسور القرن. تاح: قدر. الحالج: الموت يختلج المرء وينتزعه. رقح: أصلح. الكسع: ضرب الماء على الضرع ليرتفع اللبن فتسمن الناقة أو يسمن أولادها في بطنها. الشول: جمع شائلة، وهي التي أتى عليها من حملها أو وضعها سبعة أشهر فخف لبنها. أغبار: جمع غُبر "بضم الغين": بقية اللبن في الضرع.

بينا الفتى يسعى ويُسعى له تاح له من أمره خالج

يترك ما رقح من عيشه يعيث فيه همج هامج

لا تكسع الشول بأغبارها إنك لا تدري من الناتج

ثم قال أبو عبيدة: أنشدنيها أبو عمرو، وليست إلا هذه الأبيات، وسائر القصيدة مصنوع مولد.

وقد أورد أيضًا أربعة أبيات لعوف بن عطية التيمي أولها(32):

هلا فوارس رحرحان هجوتم عشر تناوح في سرارة واد

ثم قال: وبقية هذه القصيدة مصنوعة.

واستشهد على أن الأسود كان رئيس الرباب يوم النسار بقول عوف بن عطية بن الخرع التيمي(33):

ما زال حينكم ونقص حلومكم حتى بلوتم كيف وقع الأسود

وقبائل الأحلاف وسط بيوتكم يعلون هامكم بكل مهند

ثم قال: قال بنو أسد وغطفان هذه مصنوعة لم يشهد الأسود النسار.

وفي كتابه "الخيل" نصوص كثيرة في هذا الباب، منها أنه أورد أبياتًا مطلعها(34).

الخير ما طلعت شمس وما غربت معلق بنواصي الخيل مطلوب

وبعد أن قال إن هذا الشعر لأحد الأنصار، وأنه قد يحمل على امرئ القيس، عاد فقطع بأنه "لم يقله امرؤ القيس ولكنه لرجل من الأنصار"(35).

وقد أورد أربعة أبيات ذكر أنها لصعصعة بن معاوية السعدي، مطلعها(36):

ما كنت أجعل مالي فرغ دالية في رأس جذع تصب الماء في الطين

ثم قال: وقد تروى هذه الأبيات لحارثة بن بدر الغُداني:

وقد أورد أبياتًا كثيرة أولها:

وأركب في الروع خيفانة كسا وجهها سعف منتشر

ونسبها إلى امرئ القيس ولكنه قال(37): "وقد يخلط قوله هذا بقول النمري" ولما أتم الأبيات قال: "وقد تروى هذه الأبيات لربيعة بن جشم النمري"(38).

وأورد كذلك أبياتًا نسبها إلى أبي داود الإيادي أولها(39):

وكل حصن وإن طالت سلامته يومًا سيدخله النكراء والحوب

ثم قال: "ويحمل بعض ما في هذه الكلمة على يزيد بن عمرو الحنفي، وقد أعدته في شعره":

وذكر أبياتًا لعلقمة أولها:

وقد أغتدي والطير في وكناتها وماء الندى يجري على كل مذنب

وقال(40): "وقد يُخلط قوله بشعر امرئ القيس بن حُجْر. وقد نسبت شعر امرئ القيس وأفردته من شعر علقمة".

وقد أورد في مواطن عدة أبياتًا لشعراء مختلفين، سماهم أحيانًا واكتفى بأن قال: قال الشاعر: أحيانًا أخرى وكان في كل موطن يشير إلى أن هذه الأبيات تحمل أيضًا على أبي دواد الإيادي(41).

فإذا ما اكتفينا بما قدمنا من أخبار الطبقة الأولى من الرواة والعلماء، وانتقلنا إلى الحديث عن رواة الطبقة الثانية، وجدنا عندهم كذلك نثارًا من هذه الإشارات المتفرقة إلى الموضوع والمنحول من الشعر الجاهلي.. وسنقصر حديثنا على ثلاثة منهم؛ هم: أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني، وأبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، وابن قتيبة.

أما أبو حاتم فقد ذكر أبياتًا ثلاثة نسبها إلى عمرو بن ثعلبة هي(42):

تهزأت عرسي واستنكرت شيبي ففيها جنف وازورار

لا تكثري هزءًا ولا تعجبي فليس بالشيب على المرء عار

عمرك، هل تدرين أن الفتى شبابه ثوب عليه معار

ثم قال أبو حاتم: زعم عطاء بن مصعب الملط أن خلفًا الأحمر وضع هذا البيت الأخير.

وأورد أبياتًا سبعة نسبها إلى مرداس بن صبيح آخرها قوله(43):

فلا يغركم كبرى فإني كريم ليس في أمري شتات

ثم قال: وأظن البيت الأخير ليس منها.

وقد مر بنا قبل قليل أن أبا حاتم أورد بيت زهير(44):

سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولًا لا أبا لك يسأم

ثم قال أبو حاتم: وكان الأصمعي يزعم أن القصيدة لأنس بن زنيم. قال أبو روق: غلط أبو حاتم إنما كان الأصمعي يقول: القصيدة لصرمة بن أبي أنس الأنصاري!

وأما الجاحظ فهو يشير إلى الموضوع والمنحول على ثلاث طرق، فهو حينًا ينسب الشعر إلى شاعر بعينه، ثم يعقب عليه بما يفيد شكه فيه، وهو حينًا ثانيًا يقطع قطعًا جازمًا بأن هذا الشعر أو ذاك منحول مصنوع وكل ذلك من غير دليل أو حجة وإنما يرسل القول إرسالًا، وهو حينًا يقطع بأن الشعر منحول ثم يورد من الحجج ما يراه كفيلًا بدعم رأيه.

فمن الضرب الأول أنه يقول: قال فلان -وبذكر اسم شاعر بعينه- ثم يعقب عليه بقوله: إن كان قالها. وقد تكرر منه ذلك في مواطن متفرقة من كتاب "الحيوان"(45):

ومن الضرب الثاني قوله(46): وفي منحول شعر النابغة:

فألفيت الأمانة لم تخنها كذلك كان نوح لا يخون

وقوله(47): قال غيلان بن سلمة:

في الآل يخفضها ويرفعها ريع كأن متونه السحل

عقلًا ورقمًا ثم أردفه كلل على ألوانها الخمل

كدم الرعاف على مآزرها وكأنهن ضوامرًا إجل

ثم قال: وهذا الشعر عندنا للمسيب بن علس:

ومن الضرب الثالث أنه أورد أبياتًا زعم بعض الرواة أنها جاهلية في ذكر لانقضاض الكواكب(48)، والجاحظ ينكر ذلك ويرى أن انقضاض الكواكب لم يكن في الجاهلية البعيدة عن مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بل حدث أول مرة عند مولده أو قبيلته، فهو بذلك من أعلام ميلاده أو إرهاص له. ثم يعقب على هذه الأشعار بقوله(49): "وسنقول في هذه الأشعار التي أنشدتموها ونخبر عن مقاديرها وطبقاتها. فأما قوله:

فانقض كالدري من متحدر لمع العقيقة جنح ليل مظلم(50)

فخبرني أبي إسحاق أن هذا البيت في أبيات أخرى كان أسامة صاحب روح بن أبي همام هو الذي كان ولدها. فإن اتهمت خبر أبي إسحاق فسمِّ الشاعر، وهات القصيدة، فإنه لا يُقبل في مثل هذا إلا بيت صحيح، صحيح الجواهر، من قصيدة صحيحة. لشاعر معروف. وإلا فإن كل من يقول الشعر يستطيع أن يقول خمسين بيتًا كل بيت فيها أجود من هذا البيت... وأما ما أنشدتم من قول أوس بن حجر:

فانقض كالدري يتبعه نقع يثور تخاله طنبا

فهذا الشعر ليس يرويه لأوس إلا من لا يفصل بين شعر أوس بن حجر وشريح بن أوس. وقد طعنت الرواة في هذا الشعر الذي أضفتموه إلى بشر بن أبي خازم من قوله:

والعير يرهقها الحمار وجحشها ينقض خلقهما انقضاض الكوكب

فزعموا أنه ليس من عادتهم أن يصفوا عدو الحمار بانقضاض الكوكب، ولا بدن الحمار ببدن الكوكب، وقالوا: في شعر بشر مصنوع كثير، مما قد احتملته كثير من الرواة على أنه من صحيح شعره، فمن ذلك قصيدته التي يقول فيها:

فرجي الخير وانتظري إيابي إذ ما القارظ العنزي آبا(51)

... وأما ما رويتم من شعر الأفوه الأودي فلعمري إنه لجاهلي، وما وجدنا أحدًا من الرواة يشك في أن القصيدة مصنوعة. وبعد فمن أين علم الأفوه أن الشهب التي يراها إنما هي قذف ورجم، وهو جاهلي، ولم يدع هذا أحد قط إلا المسلمون؟ فهذا دليل آخر على أن القصيدة مصنوعة".

وأما ابن قتيبة فقد أشار إلى النحل والوضع في موطنين من كتابه "الشعر والشعراء". أورد في الموطن الأول قول الأعشى(52):

إن محلًّا وإن مرتحلا وإن في السفر ما مضى مهلا

استأثر الله بالوفاء وبالـ حمد وولَّى الملامة الرجلا

والأرض حمالة لما حمل اللـ ـه وما إن ترد ما فعلا

يومًا تراها كشبه أرديه الـ عصب ويومًا أديمها نغلا(53)

ثم عقب عليها بقوله: وهذا الشعر منحول، ولا أعلم فيه شيئًا يستحسن إلا قوله:

يا خير من يركب المطي ولا يشرب كأسًا بكف من بخلا

وأورد في الموطن الثاني سبعة أبيات من شعر لبيد آخرها قوله(54):

وكل امرئ يومًا سيعلم سعيه إذا كشفت عند الإله المحاصل ثم عقب عليه بقوله: "وهذا البيت الآخر يدل على أنه قيل في الإسلام، وهو شبيه بقول الله تبارك وتعالى {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُور} أو كان لبيد قبل إسلامه يؤمن بالبعث والحساب؛ ولعل البيت منحول".

-3-

تلك هي إشارات القدماء من الرواة العلماء. في القرنين الثاني والثالث، إلى الوضع والنحل في الشعر الجاهلي. وقد قصدنا إلى أن نُلم بها بعض الشيء ليستبين لنا وجه البحث، وليكون تعقيبنا عليها -حين نعقب بعد صفحات(55)- وافيًا مستوعبًا. ومع ذلك فقد أغفلنا الإشارة إلى اثنين من هؤلاء العلماء هما: عبد الملك بن هشام صاحب السيرة النبوية "المتوفى سنة 218هـ"، ومحمد بن سلام "المتوفى سنة 231هـ" صاحب كتاب طبقات الشعراء، وقد ادخرناهما لنختصهما وحدهما بالعرض والتعقيب، إذ إن إشاراتهما في كتابيهما أصبحت بعدُ ركيزةً من ركائز الذين يشكون في الشعر الجاهلي من المحدثين، وصار الكتابان معلمين من معالم هذا البحث.

أما ابن هشام فعمله في السيرة قائم على ما صنفه محمد بن إسحاق "المتوفى سنة 152هـ"، فقد تعقب ما أورده ابن إسحاق فاختصر بعضه، ونقد بعضه، ثم ذكر روايات أخرى فات ابن إسحاق ذكرها، ويعنينا نحن من ذلك ما وصف به عمله هذا من قوله(56): "وتارك بعض ما يذكره ابن إسحاق في هذا الكتاب، مما ليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ذكر، ولا نزل فيه من القرآن شيء، وليس سببًا لشيء من هذا الكتاب، ولا تفسيرًا له، ولا شاهدًا عليه، لما ذكرت

من الاختصار، وأشعارًا ذكرها لم أر أحدًا من أهل العلم بالشعر يعرفها، وأشياء بعضها يشنع الحديث به، وبعض يسوء بعض الناس ذكره..."

وهذه الأشعار التي ذكرها ابن إسحاق في سيرته والتي لم ير ابن هشام أحدًا من أهل العلم بالشعر يعرفها -قد وقف عندها ابن سلام وقفات طوالًا؛ فقد قال(57): "وكان ممن أفسد الشعر وهجنه وحمل كل غثاء منه: محمد بن إسحاق بن يسار، مولى آل مخرمة بن المطلب بن عبد مناف، وكان من علماء الناس بالسير... فقبل الناس عنه الأشعار، وكان يعتذر منها ويقول: لا علم لي بالشعر، أوتَى به فأحمله. ولم يكن ذلك له عذرًا. فكتب في السير أشعار الرجال الذين لم يقولوا شعرًا قط، وأشعار النساء فضلًا عن لرجال، ثم جاوز ذلك إلى عاد وثمود، فكتب لهم أشعارًا كثيرة. وليس بشعر، إنما هو كلام مؤلف معقود بقوافٍ أفلا يرجع إلى نفسه فيقول: من حمل هذا الشعر؟ ومن أداه منذ آلاف السنين؟ والله تبارك وتعالى يقول {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا} أي لا بقية لهم. وقال أيضًا: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأُولَى، وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى} وقال في عاد: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَة} وقال: {وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا} وقال: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ}.

وقال ابن سلام كذلك(58): "ولأبي سفيان بن الحارث شعر كان يقوله في الجاهلية فسقط ولم يصل إلينا منه إلا القليل ولسنا نعد ما يروي ابن إسحاق له ولا لغيره شيء ولأنه لا يكون لهم شعر أحسن من أن يكون ذاك لهم".

ويقول في موطن ثالث(59): "فلو كان الشعر مثل ما وضع لابن إسحاق، ومثل ما رواه الصحفيون. ما كانت إليه حاجة. ولا فيه دليل على علم".

ففي سيرة ابن إسحاق وتعقيب ابن هشام ما يستحق أن يوقف عنده وقفة خاصة به. ولقد تتبعت كل ما أخذه ابن هشام على ابن إسحاق ونقده فيه، فوجدته لا يعدو واحدًا من أمور أربعة:

الأول: أنه يورد أبيات الشعر التي أوردها ابن إسحاق، وينسبها إلى من نسبها إليه ابن إسحاق، ثم يضيف أنها قد تنسب كلها أو بعضها إلى غيره. وقد تكرر منه ذلك في ثمانية وعشرين موضعًا، سأذكر أرقام صفحاتها على سبيل الحصر(60)، وأكتفي بذكر بعضها على سبيل المثال. فمن ذلك ما يُروى لأمية بن أبي الصلت مما يُروى لغيره أيضًا. فقد أورد أبياتًا عن ابن إسحاق من شعر أبي قيس بن الأسلت، ثم عقب عليها بقوله(61): "قال ابن هشام: وهذه الأبيات في قصيدة له، والقصيدة تُروى لأمية بن أبي الصلت". وكذلك قال ابن إسحاق(62): "وقال أبو الصلت بن أبي ربيعة الثقفي في شأن الفيل، ويذكر الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام. قال ابن هشام: تُروى لأمية بن أبي الصلت بن أبي ربيعة الثقفي". وقال ابن إسحاق(63): "قال أبو الصلت بن أبي ربيعة الثقفي قال ابن هشام: وتُروى لأمية بن أبي الصلت". وأورد ابن إسحاق أبياتًا نسبها إلى زيد بن عمرو بن نفيل. فقال ابن هشام(64): "هي لأمية بن أبي الصلت في قصيدة له، إلا البيتين الأولين، والبيت الخامس، وآخرها بيتًا".

وأورد كذلك أبياتًا نسبها إلى ورقة بن نوفل بن أسد، فقال ابن هشام(65):

"يُروى لأمية بن أبي الصلت البيتان الأولان منها وآخرها بيتًا في قصيدة له".

وقد أورد أبياتًا رواها ابن إسحاق ونسبها إلى سيف بن ذي يزن الحميري، فعقب عليها ابن هشام بقوله(66): "وهذه الأبيات في أبيات له. وأنشدني خلاد بن قرة السدوسي آخرها بيتًا لأعشى بني قيس بن ثعلبة في قصيدة له، وغيره من أهل العلم بالشعر ينكرها له". وأورد ثلاثة أبيات من الرجز نسبها إلى "رجل من العرب" فقال ابن هشام(67): "ومن الناس من ينحلها امرأ القيس بن حجر الكندي". وذكر ابن إسحاق بيتًا نسبه إلى أعشى بني قيس بن ثعلبة هو قوله(68):

بين الخورنق والسدير وبارق والبيت ذي الكعبات من سنداد

فقال ابن هشام: وهذا البيت للأسود بن يعفر النهشلي... في قصيدة له.

وأنشدنيه أبو محرز خلف الأحمر:

أهل الخورنق والسدير وبارق والبيت ذي الشرفات من سنداد

وذكر ابن إسحاق أبياتًا نسبها إلى عبد الله بن الزبعري، فقال ابن هشام(69):

"وتُروى للأعشى بن زرارة بن النباش". وكذلك ذكر أبياتًا لحسان فقال ابن هشام(70): "ويقال: بل قالها عبد الله بن الحارث السهمي".

وأورد أبياتًا لحسان بن ثابت، فعقب عليها ابن هشام بقوله(71): "آخرها بيتًا يُروى لأبي خراش الهذلي، وأنشدنيه له خلف الأحمر... وتُروى الأبيات أيضًا لمعقل بن خويلد الهذلي". وذكر أبياتًا نسبها ابن إسحاق لحسان بن ثابت، ثم عقب عليها ابن هشام(72): "أنشدنيها أبو زيد الأنصاري لكعب بن مالك".

والثاني: أما الضرب الثاني من تعقبه ابن إسحاق فهو إيراده الحادثة التاريخية كما وردت في سيرة إسحاق حتى إذا وصل إلى الشعر الذي قيل في هذه الحادثة أسقطه ولم يثبته؛ لأنه لم يصح عنده. ولعل ذلك قد تكرر منه في مواطن كثيرة؛ لأنه ذكر في المقدمة أنه ترك أشعارًا ذكرها ابن إسحاق ولم ير أحدًا من أهل العالم بالشعر يعرفها، غير أنني حين تتبعت هذا الضرب من تعقيباته لم أجده نص عليه إلا في موضعين اثنين، فقد أورد مسير أبي كرب تبان أسعد إلى يثرب وغزوه إياها، فلما وصل إلى شعر خالد بن؟؟ الذي فيه(73):

حنقًا على سبطين حلا يثربا أولى لهم بعقاب يوم مفسد

قال ابن هشام: "الشعر الذي فيه هذا البيت مصنوع، فلذلك الذي منعنا من إثباته".

وكذلك أورد ما ذكره ابن إسحاق من نذر عبد المطلب ذبح ولده، وحذف ما جاء في أثناء هذا الحديث من شعر وقال(74): "وبين أضعفا هذا الحديث رجز لم يصح عندنا أحد من أهل العلم بالشعر".

والثالث: وضرب ثالث من تعقيباته يذكر فيها أبياتًا من الشعر الذي أورده ابن إسحاق، ويكتفي بها، ولا يورد باقيها ثم يقول إن ذلك ما صح له منها؛ وقد تكررت منه ذلك في ثمانية مواضع(75)؛ منها: أن ابن إسحاق أورد أبياتًا لعكرمة بن عامر بن هشام بن عبد مناف، وقد اجترأ ابن هشام بثلاثة أبيات منها وقال(76): "قال ابن هشام: هذا ما صح له منها".

وروى ابن إسحاق أبياتًا كثيرة لأبي الصلت بن أبي ربيعة الثقفي، ومع أن ابن هشام قال إنها تروى لابنه أمية، فقد قال أيضًا(77): "هذا ما صح له مما روى ابن إسحاق منها إلا آخرها بيتًا قوله:

تلك المكارم لا قعبان من لبن شيبا بماء فعادا بعد أبوالا.

فإن للنابغة الجعدي... في قصيدة له".

وروى ابن إسحاق أبياتًا للحارث بن ظالم حين هرب من النعمان بن المنذر فلحق بقريش(78)، ولكن ابن هشام اكتفى بستة أبيات منها، ثم قال: "هذا ما أنشدني أبو عبيدة منها".

وروى ابن إسحاق أيضًا أبياتًا لعمرو بن الحارث، فاجتزأ بن هشام بثلاثة أبيات منها، وقال(79): "هذا ما صح له منها، وحدثني بعض أهل العلم بالشعر أن هذه الأبيات أول شعر قيل في العرب، وأنها وجدت مكتوبة في حجر باليمن ولم يسم لي قائلها"!!

وأورد ابن إسحاق قصيدة أبي طالب، فذكر ابن هشام منها أربعة وتسعين بيتًا ثم قال(80): "هذا ما صح لي من هذه القصيدة!! وبعض أهل العلم بالشعر ينكر أكثرها".

الرابع: أما في الضرب الرابع فقد كان ابن هشام يورد الشعر الذي أورده ابن إسحاق كاملًا لا يخرم منه بيتًا، ثم يذكر أنها منحولة، وقد تكرر منه ذلك في ستة وثلاثين موضعًا(81) ويكاد يلتزم، في تعبيره عن شكه، أربعة أنواع من العبارة:

أ- فهو يورد ما رواه ابن إسحاق من شعر لأبي بكر الصديق(82)، وعبد الله الزبعري(83)، وسعد بن أبي وقاص(84)، وحمزة بن عبد المطلب(85)، وأبي جهل(86)، وهند بنت أثاثة(87)، وحسان بن ثابت(88)، وميمونة بنت عبد الله(89) وكعب بن الأشرف وعلي بن أبي طالب(90)، والزبرقان بن بدر(91)، والحارث بن هشام(92)، ويعقب على كل قصيدة يوردها لهؤلاء بقوله: "وأكثر أهل العلم بالشعر ينكرها له".

ب- ويورد ما رواه ابن إسحاق من شعر لمالك بن الدخشم (93)، ومكرز بن حفص(94)، وعبيدة بن الحارث بن المطلب(95)، وضرار بن الخطاب(96) والحارث بن هشام(97)، وهند بنت عتبة(98)، وحسان بن ثابت(99)، وعبد الله بن الزبعري، وعمرو بن العاص(100)، وخبيب بن عدي (101)، ومسافع بن عبد مناف(102)، ويعقب على كل قصيدة يوردها لهؤلاء بقوله: "وبعض أهل العلم بالشعر ينكرها له".

ج- وإذا كان قد ذكر في العبارات الأولى "أكثر أهل العلم بالشعر" وفي العبارات الثانية "بعض أهل العلم بالشعر"، فقد ذكر أيضًا في عبارات ثالثة "أنه لم ير أحدًا من أهل العلم بالشعر" يعرف هذه الأبيات. فمن ذلك أن ابن إسحاق روى عن محمد بن سعيد بن المسيب خبر وفاة عبد المطلب بن هاشم وبكاء بناته الست عليه، وهن: صفية، وبرة، وعاتكة، وأم حكيم البيضاء، وأميمة، وأروى. وقد بكت عليه كل واحدة منهن بشعر أورده ابن هشام، ثم عقب عليه بقوله(103) "ولم أر أحدًا من أهل العلم بالشعر يعرف هذا الشعر، إلا أنه لما رواه عن محمد بن سعيد بن المسيب كتبناه".

وكذلك روى ابن إسحاق قصيدتين، الأولى: لعلي بن أبي طالب في يوم بدر، والثانية: نقيضتها للحارث بن هشام بن المغيرة، وقد أوردهما ابن هشام، وقال(104): "ولم أر أحدًا من أهل العلم بالشعر يعرفها ولا نقيضتها، وإنما كتبناهما لأنه يقال إن عمرو بن عبد الله بن جدعان قتل يوم بدر، ولم يذكره ابن إسحاق في القتلى، وذكره في هذا الشعر".

وروى ابن إسحاق أبياتًا لعلي بن أبي طالب، فأوردها ابن هشام وقال(105):

"قالها رجل من المسلمين يوم أُحد غير علي، فيما ذكر لي بعض أهل العلم بالشعر، ولم أر أحدًا منهم يعرفها لعلي".

وكذلك روى ابن إسحاق قصيدة أخرى لعلي يذكر فيها إجلاء بني النضير، فأوردها ابن هشام، وقال(106): "قالها رجل من المسلمين غير علي بن أبي طالب، فيما ذكر لي بعض أهل العلم بالشعر، ولم أر أحدًا منهم يعرفها لعلي".

د- وقد نص في موضع واحد على اسم عالم من علماء اللغة والشعر والأخبار هو أبو عبيدة؛ وذلك أنه أورد قصيدة من اثني عشر بيتًا رواها ابن إسحاق لعمرو بن معد يكرب. ثم قال إن أبا عبيدة أنشده الأبيات الثلاثة الأولى منها، وفيها خلاف في رواية بعض ألفاظها، وأنه لم يعرف سائرها(107).

ويحسن بنا أن نختم حديثنا عن ابن إسحاق وابن هشام بذكر طائفة من المآخذ التي استدركها ابن هشام على ابن إسحاق ولم ندخلها في الضروب الأربعة السابقة وهي.

1- يروي ابن إسحق قصيدة لأمية بن أبي الصلت يبكي زمعة بن الأسود وقتلَى بني أسد، ويوردها ابن هشام كما رواها ابن إسحاق ويعقب عليها بقوله(108):

"هذه الرواية لهذا الشعر مختلطة، ليست بصحيحة البناء، ولكن أنشدني أبو محرز خلف الأحمر وغيره، روى بعض ما لم يرو بعض.." ثم يورد القصيدة بهذه الرواية الأخرى صحيحة البناء مستقيمة الوزن.

2- ويروى ابن إسحاق قصيدة من ثلاثة عشر بيتًا للعباس بن مرداس، وقد رواها كلها متتابعة على أنها قصيدة واحدة -إذ أنها ذات وزن واحد وروي واحد- وأوردها على ذلك ابن هشام، ثم عقب عليها بقوله(109): "قال ابن هشام: من قوله: "أبلغ هوزان أعلاها وأسفلها" إلى آخرها، في هذا اليوم، وما قبل ذلك في غير هذا اليوم، وهما مفصولتان، ولكن ابن إسحاق جعلهما واحدة".

3- ويحذف ابن هشام بيتًا أو أبياتًا من قصيدة رواها ابن إسحاق، وليس سبب هذ الحذف أنه يشك في صحة الشعر أو نسبته، وإنما لأن الشاعر أقذع فيه(110).

وكذلك أبدل كلمات من شعر رواه ابن إسحاق لأن الشاعر "نال فيها من النبي صلى الله عليه وسلم"(111). وترك بيتين من قصيدة لأمية بن أبي الصلت لأنه "نال فيهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم"(112).

4- وله أحيانًا تعليقات على ما يورد من الشعر من حيث العروض أو من حيث جمال الشعر، فمن ذلك أنه يذكر كلامًا لرئي من الجن هو "ألم تر إلى الجن وإبلاسها، وإياسها من دينها، ولحوقها بالقلاص وأحلاسها". ثم يعقب عليه بقوله(113): "قال ابن هشام: هذا الكلام سجع وليس بشعر!!".

وذكر أيضًا ما كان يرتجز به المسلمون وهم يبنون مسجد المدينة، وذلك قولهم: "لا عيش إلا عيش الآخرة، اللهم ارحم الأنصار والمهاجرة" وعقب عليه بقوله(114): "هذا كلام وليس برجز".

ويورد أيضًا أبيات سبيعة بنت الأحب، ومطلعها:

أبني لا تظلم بمكـ ـة لا الصغير ولا الكبير

ثم قال(115): "يوقف على قوافيها لا تُعرب".

وأورد أبياتًا على الكاف المكسورة رواها ابن إسحاق لأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ثم عقب عليها بقوله(116): "بقيت منها أبيات تركناها لقبح اختلاف قوافيها".

ويورد أبياتًا لحسان بن ثابت يذكر عدة أصحاب اللواء يوم أُحد، ثم يعقب عليها بقوله(117): "هذه أحسن ما قيل".

ويورد أبياتًا رواها ابن إسحاق لأبي أسامة معاوية بن زهير بن قيس، ويعقب عليها بقوله(118): "وهذه أصح أشعار أهل بدر".

ذلك هو ابن هشام وصنيعه بسيرة ابن إسحاق، وذلك هو -على وجه الحصر- كل ما ذكره عن الشعر الجاهلي الذي رواه ابن إسحاق في سيرته.

أما ابن سلام فقد يصح أن نقسم حديثه عن وضع الشعر الجاهلي ونحله قسمين كبيرين، أولهما: قواعد عامة وأحكام مرسلة يطلق القول فيها إطلاقًا، لا يخصص ولا يمثل، وأكثر حديثه عن هذا القسم جاء في مقدمة كتابه.

وثانيهما: نص على شعراء بعينهم وذكر لشعر قالوه، يذهب ابن سلام إلى أنه موضوع منحول.

فمن القسم الأول قوله(119): "وفي الشعر المسموع مفتعل موضوع كثير لا خير فيه، ولا حجة في عربيته، ولا أدب يستفاد، ولا معنى يستخرج، ولا مثل يضرب، ولا مديح رائع، ولا هجاء مقذع، ولا فخر معجب، ولا نسيب مستطرف. وقد تداوله قوم من كتاب إلى كتاب، لم يأخذوه عن أهل البادية، ولم يعرضوه على العلماء. وليس لأحد -إذا أجمع أهل العلم والرواية الصحيحة على إبطال شيء منه- أن يقبل من صحيفة، ولا يروي عن صحفي. وقد اختلف العلماء في بعض الشعر، كما اختلفت في بعض الأشياء، أما ما اتفقوا عليه، فليس لأحد أن يخرج منه".

وقد روى لنا أن خلاد بن يزيد الباهلي -وكان حسن العلم بالشعر يرويه ويقوله، قال لخلف بن حيان الأحمر(120): "بأي شيء ترد هذه الأشعار التي تُروَى؟ قال له: هل فيها ما تعلم أنت أنه مصنوع لا خير فيه؟ قال: نعم.

قال: أفتعلم في الناس من هو أعلم بالشعر منك؟ قال: نعم. قال: فلا تنكر أن يعلموا من ذلك أكثر مما تعلمه أنت.

ومن هذا القسم أيضًا ما أشرنا إليه قبل قليل من حديثه عن محمد بن إسحاق وصنيعه في السيرة، فقد قال عنه إنه كان(121) "ممن أفسد الشعر وهجنه وحمل كل غثاء منه،.... فقبل الناس عنه الأشعار، وكان يعتذر منها ويقول: لا علم لي بالشعر، أوتى به فأحمله. ولم يكن ذلك له عذرًا. فكتب في السير أشعار الرجال الذين لم يقولوا شعرًا قط، وأشعار النساء فضلًا عن الرجال، ثم جاوز ذلك إلى عاد وثمود، فكتب لهم أشعارًا كثيرة..." ووصف حمادًا الراوية بأنه(122) "كان ينحل شعر الرجل غيره، وينحله غير شعره، ويزيد في الأشعار".

وقال أيضًا(123) "فلما راجعت العرب رواية الشعر، وذكر أيامها ومآثرها، استقل بعض العشائر شعر شعرائهم، وما ذهب من ذكر وقائعهم، وكان قوم قلت وقائعهم وأشعارهم، وأرادوا أن يلحقوا بمن له الوقائع والأشعار، فقالوا على ألسن شعرائهم. ثم كانت الرواة بعد، فزادوا في الأشعار التي قيلت. وليس يشكل على أهل العلم زيادة الرواة ولا ما وضعوا، ولا ما وضع المولدون؛ وإنما عضل بهم أن يقول الرجل من أهل بادية من ولد الشعراء، أو الرجل ليس من ولدهم، فيشكل ذلك بعض الإشكال".

أما القسم الثاني فيتفرع كذلك إلى جدولين، أولهما: ذكر في ابن سلام الشعراء وأرسل القول في شعرهم إرسالًا، من غير تخصيص بشعر بذاته. وثانيهما: وقف فيه عند بيت أو أبيات من شعر الشاعر ونص على أن هذه الأبيات بعينها موضوعة منحولة.

فمن الأول قول ابن سلام(124): "أخبرني أبو عبيدة أن ابن داوود بن متمم بن نويرة قدم البصرة في بعض ما يقدم له البدوي في الجلب والميرة، فنزل النحيت؛ فأتيته أنا وابن نوح العطاردي، فسألناه عن شعر أبيه متمم، وقمنا له بحاجته وكفيناه ضيعته. فلما نفد شعر أبيه جعل يزيد في الأشعار ويضعها لنا، وإذا كلام دون كلام متمم، وإذا هو يحتذي على كلامه فيذكر المواضع التي ذكرها متمم والوقائع التي شهدها. فلما توالى ذلك علمنا أنه يفتعله".

وكذلك قوله(125): "ومما يدل على ذهاب الشعر وسقوطه، قلة ما بقي بأيدي الرواة المصححين لطرفة وعبيد، اللذين صح لهما قصائد بقدر عشر...

ونرى أن غيرهما قد سقط من كلام كثير، غير أن الذي نالهما من ذلك أكثر. وكانا أقدم الفحول، فلعل ذلك لذاك فلما قل كلامهما حُمل عليهما حمل كثير".

وشك كذلك في شعر عبيد بن الأبرص فقال عنه إنه(126) "قديم الذكر عظيم الشهرة، وشعره مضطرب ذاهب، لا أعرف له إلا قوله:

أقفر من أهله ملحوب فالقطبيات فالذنوب

ولا أدري ما بعد ذلك!!".

وشك كذلك في شعر علقمة بن عبدة فقال(127): "ولابن عبدة ثلاث روائع جياد، لا يفوقهن شعر". وبعد أن ذكر مطالعها قال: "ولا شيء بعدهن يذكر(128)".

وشك في شعر عدي بن زيد، فقال عنه إنه(129) "كان يسكن الحيرة ومراكز الريف، فلان لسانه وسهل منطقه، فحمل عليه شيء كثير، وتخليصه شديد، واضطرب فيه خلف الأحمر، وخلط فيه المفضل فأكثر".

وقال كذلك عن الأسود بن يعفر(130): "وله شعر كثير جيد... وذكر بعض أصحابنا أنه سمع المفضل يقول: له ثلاثون ومائة قصيدة ونحن لا نعرف له ذلك ولا قريبًا منه؛ وقد علمت أن أهل الكوفة يروون له أكثر مما نروي، ويتجوزون في ذلك بأكثر من تجوزنا...".

وذكر حسان بن ثابت فقال عنه إنه(131)"كثير الشعر جيده، وقد حمل عليه ما لم يحمل على أحد. لما تعاضهت قريش واستبت وضعوا عليه أشعارًا كثيرة لا تُنقى".

وذكر أيضًا أبا سفيان بن الحارث وقال إن له شعرًا كان يقوله في الجاهلية(132).

"فسقط ولم يصل إلينا منه إلا القليل. ولسنا نعد ما يروى ابن إسحاق له، ولا لغيره شعرًا، ولأن لا يكون لهم شعر أحسن من أن يكون ذاك لهم".

وأما الجدول الثاني من هذا القسم فهو الذي يقف فيه عند بيت أو أبيات بعينها من شعر الشاعر. فمن ذلك أنه روى بيتًا لعباس بن مرداس يذكر فيه عدنان هو قوله(133):

وعك بن عدنان الذين تلعبوا بمذحج حتى طردوا كل مطرد

وقد قال راوي الكتاب أبو خليفة الفضل بن الحباب عقب ذلك: "والبيت مريب عند أبي عبد الله" -يعني ابن سلام.

وقال ابن سلام(134): أخبرني أبو عبيدة عن يونس قال: "قدم حماد البصرة على بلال بن أبي بردة، وهو عليها، فقال: ما أطرفتني شيئًا؛ فعاد إليه فأنشده القصيدة التي في شعر الحطيئة مديح أبي موسى(135). فقال: ويحك، يمدح الحطيئة أبا موسى لا أعلم به، وأنا أروي شعر الحطيئة؟! ولكن دعها تذهب في الناس!".

وقال كذلك(136): "ويروى عن الشعبي، عن ربعي بن خراش: أن عمر بن الخطاب قال: أي شعرائكم الذي يقول:

فألفيت الأمانة لم تخنها كذلك كان نوح لا يخون

وهذا غلط على الشعبي، أو من الشعبي، أو من ابن خراش. أجمع أهل العلم على أن النابغة لم يقل هذا، ولم يسمعه عمر، ولكنهم غلطوا بغيره من شعر النابغة".

وأورد بيتين ذكر أنهما مما "يحمل على لبيد" هما(137):

باتت تشكي إلى النفس مجهشة وقد حملتك سبعًا بعد سبعين

فإن تعيشي ثلاثًا تبلغي أملًا وفي الثلاث وفاء للثمانين

ثم قال: "ولا اختلاف في أن هذا مصنوع تكثر به الأحاديث، ويستعان به على السهر عند الملوك، والملوك لا تستقصي".

وذكر أبا طالب فقال إنه كان(138) "شاعرًا جيد الكلام، وأبرع ما قال قصيدته التي مدح فيها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي:

وأبيض يُستسقَى الغمام بوجهه ربيع اليتامى عصمة للأرامل

ثم قال: "وقد زيد فيها وطولت. رأيت في كتاب كتبه يوسف بن سعد صاحبنا منذ أكثر من مائة سنة، وقد علمت أن قد زاد الناس فيها، فلا أدري أين منتهاها. وسألني الأصمعي عنها فقلت: صحيحة جيدة. قال: أتدري أين منتهاها؟ قلت: لا أدري...".

وذكر ابن سلام بيتين قال إن الناس يروونهما لأبي سفيان بن الحارث ثم قال(139): "وأخبرني أهل العلم من أهل المدينة: أن قدامة بن موسى بن عمر بن قدامة بن مظعون الجمحي قالها ونحلها أبا سفيان؛ وقريش ترويه في أشعارها".

وأورد أربعة أبيات مما يُروى لزهير بن أبي سلمى وقال إنها لقراد بن حنش من شعراء غطفان، "وكان جيد الشعر قليله، وكانت شعراء غطفان تغير على شعره فتأخذه وتدعيه، منهم زهير بن أبي سلمى ادعى هذه الأبيات"(140).

وأورد أرجوزة للأغلب العجلي قالها في سجاح لما تزوجت مسيلمة الكذاب؛ ثم قال(141): "حدثني الأصمعي: أنه كان يقال إن هذه القصيدة في الجاهلية لجشم بن الخزرج".

وبعد:

فقد قام حديثنا فيما تقدم من صفحات هذا الفصل على تتبع آراء القدامى المتفرقة في الكتب عامة، وكتابي سيرة ابن هشام وطبقات ابن سلام خاصة؛ فدرسناها وصنفناها، ورتبناها، ثم اكتفينا بالعرض المجرد، على أن نعود إلى نقد هذه الآراء ودراستها دراسةً تنفي عنها ما فيها من زيف في الفصل الخامس من هذا الباب، بعد أن ندرس في الفصل الثالث والرابع آراء المحدثين من المستشرقين والعرب، ليتسنى لنا أن ننظمهم معًا في حديث واحد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ابن سعد، الطبقات 1: 28.

(2) الأغاني 1: 12.

(3) ابن سعد 3/ 1: 75.

(4) ابن سعد 7: 43-44.

(5) ابن سعد 3/ 1: 102.

(6) ابن سعد 4/ 2: 13.

(7) الجهشياري، كتاب الوزراء والكتاب: 13

(8) ابن قتيبة، المعارف: 149.

(9) المقريزي، امتناع الأسماع: 187.

(10) طبقات ابن سلام: 568-569.

(11) طبقات ابن سلام: 106-107، والأغاني 5: 10.

(12) انظر ابن قتيبة، الشعر والشعراء، 214-215، واستدراك صاحب الخزانة عليه في الخزانة 3: 275 "سلفية".

(13) ابن سعد 3/ 1: 241، وانظر طبقات ابن سلام: 111 حيث نسبها إلى جزه أخي مزرد.

(14) ابن سلام: 88.

(15) النقائض: 1: 200.

(16) الأغاني 3: 106.

(17) المصدر السابق 3: 96.

(18) المصدر السابق 92 و 107-108.

(19) البغدادي، الخزانة 1: 337-338.

(20) الأغاني 5: 47-48.

(21) الأغاني 9: 222.

(22) المزهر: 2: 413-414.

(23) الموشح: 34.

(24) الموشح: 74.

(25) المرجع السابق: 213.

(26) طبقات فحول الشعراء: 576.

(27) الموشح: 78.

(28) المعمرين: 66.

(29) الأغاني 9: 222.

(30) مراتب النحويين ورقة: 112.

(31) الحيوان 3: 449-450، الحازي: زاجر الطير. الشاحج: الغراب يشحج.

(32) النقائض: 228.

(33) النقائض: 240.

(34) كتاب الخيل: 160.

(35) المصدر السابق: 14.

(36) كتاب الخيل: 14- 15.

(37) المصدر السابق: 139.

(38) المصدر السابق: 141.

(39) المصدر السابق: 147-148.

(40) المصدر السابق: 136.

(41) المصدر السابق: 54، 55، 70، 84، 144، 171.

(42) كتاب المعمرين من العرب: 33.

(43) المعمرين: 34-35.

(44) المعمرين: 66.

(45) ج3 ص49، 68-70، و ج4 ص248-249، و ج6، ص339.

(46) الحيوان 2: 246.

(47) المصدر السابق 6: 235. الريع: الطريق المنفرج عن الجبل. متونه: ظهوره. السحل: الثوب الأبيض من ثياب اليمن. العقل ثوب أحمر يجلل به الهودج. كلل: جمع كِلة "بكسر الكاف وتشديد اللام" وهي ما خبط من الستور فصار كالبيت. الخمل: القطيفة. الإجل: القطيع من بقر الوحش.

(48) الحيوان: 272-276.

(49) المصدر السابق 6: 278-280.

(50) البيت في صفة ثور وحشي. الدري: الكوكب الثاقب المضيء. العقيقة: البرق إذا رأيته وسط السحاب كأنه سيف مسلول.

(51) القارظ العنزي: رجل من عنزة "بفتح العين والنون" خرج يطلب القرظ فلم يرجع فضربته العرب مثلًا.

(52) الشعر والشعراء 1: 14.

(53) العصب: ضرب من برود اليمن. النغل: الفاسد الدباغة

(54) الشعر والشعراء 1: 237.

(55) وذلك في حديثنا عن توثيق الرواة وتضعيفهم في الفصل الخامس؛ وكذلك في حديثنا عن ابن إسحاق في الفصل الرابع من الباب الأخير.

(56) السيرة النبوية 1: 4.

(57) طبقات فحول الشعراء: 8-9.

(58) المصدر السابق: 206.

(59) المصدر السابق: 11.

(60) السيرة ج1: 15، 60، 62، 67 "مكرر"، 68-69، 74، 89، 90، 91، 105، 136، 242، 247/ ج2: 159، 223، 256، 310/ ج3: 16، 20، 83، 139، 212، 221، 223، 282، 362، ج4: 51، 90، 199.

(61) المصدر السابق 1: 60.

(62) المصدر السابق 1: 62.

(63) المصدر السابق 1: 67.

(64) المصدر السابق: 242.

(65) المصدر السابق 1: 247.

(66) السيرة النبوية 1: 66-67.

(67) المصدر السابق 1: 88-89.

(68) المصدر السابق 1-91.

(69) المصدر السابق 2: 16.

(70) المصدر السابق 2: 20.

(71) المصدر السابق 2: 83.

(72) السيرة 3: 138-139.

(73) المصدر السابق 1: 24.

(74) المصدر السابق 1: 164.

(75) هي: ج1 ص53 "مرتين"، 68، 104، 122، 299/ ج3 ص187/ ج4 ص34.

(76) المصدر السابق 1: 53.

(77) السيرة 1: 68-69.

(78) المصدر السابق 1: 103-104.

(79) المصدر السابق 1: 121-122.

(80) المصدر السابق 1: 229.

(81) هي - ج1: 179/ ج2: 242، 244، 245، 246، 248، 303، 304، 305 / ج3: 8، 11، 24، 29، 30، 41، 42، 44، 56، 57، 148، 151، 154، 163، 174، "مرتين"، 178، 185، 187، 193، 206، 236، 280، 281، "مرتين" / ج4: 34: 62، 90، 209، 231.

(82) 2: 242

(83) 2: 244.

(84) 2: 245.

(85) 2: 246، 3: 8.

(86) 2: 248.

(87) 3: 44.

(88) 3: 56، 163، 193.

(89) 3: 57.

(90) 3: 236.

(91) 4: 209.

(92) 3: 8-11.

(93) 2: 304.

(94) 2: 305.

(95) 3: 24.

(96) 3: 29، 148، 174.

(97) 3: 30.

(98) 3: 41، 42، 178.

(99) 3: 151، 186، 187، 281.

(100) 3: 154.

(101) 3: 185.

(102) 3: 280.

(103) 2: 179.

(104) 3: 11.

(105) السيرة 3: 174.

(106) المصدر السابق 3: 206.

(107) المصدر السابق 4: 231.

(108) المصدر السابق 3: 34.

(109) السيرة 4: 84.

(110) انظر 1: 287/ 2: 54/ 3: 19، 20، 86، 97، 186، 187/ 4: 213.

(111) المصدر السابق 3: 11.

(112) المصدر السابق 3: 33.

(113) المصدر السابق 1: 223-224.

(114) المصدر السابق 2: 142.

(115) السيرة 1: 27.

(116) المصدر السابق 2: 223.

(117) المصدر السابق 3: 156.

(118) المصدر السابق 3: 35.

(119) طبقات فحول الشعراء: 5-6.

(120) طبقات فحول الشعراء: 8.

(121) المصدر السابق: 8-9.

(122) المصدر السابق: 40-41.

(123) المصدر السابق: 39-40.

(124) طبقات فحول الشعراء: 40.

(125) المصدر السابق: 23.

(126) المصدر السابق: 116.

(127) طبقات فحول الشعراء: 116-117.

(128) لعل ابن سلام هنا لا يشك في الشعر المنسوب إلى علقمة، وإنما يريد أن يفضل قصائده الثلاث على سواها من شعره، وذلك معنى قوله: "ولا شيء بعدهن يذكر".

(129) المصدر السابق: 117.

(130) المصدر السابق: 123.

(131) المصدر السابق: 179.

(132) المصدر السابق: 206.

(133) طبقات فحول الشعراء: 11.

(134) المصدر السابق: 41.

(135) هي قصيدته الميمية، وانظر الأغاني 2: 175-176.

(136) المصدر السابق: 49-50.

(137) المصدر السابق: 50.

(138) طبقات فحول الشعراء: 204.

(139) المصدر السابق: 208-209.

(140) المصدر السابق: 568-569.

(141) المصدر السابق: 573-576.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.