المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



رواة الشعر  
  
2035   04:37 مساءاً   التاريخ: 22-03-2015
المؤلف : جرجي زيدان
الكتاب أو المصدر : تاريخ آداب اللغة العربية
الجزء والصفحة : ج1، ص91
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الجاهلي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-03-2015 16187
التاريخ: 22-03-2015 2278
التاريخ: 2-12-2019 3421
التاريخ: 2-12-2019 1610

من عادة العرب في رواية الشعر، انهم كانوا في أيام الجاهلية إذا نبغ الشاعر صحبه رجل يروي له اشعاره. ويغلب في الرواية ان يكون مرشحا للشاعرية، كأنه تلميذ يتدرب على يد أستاذ يأخذ عنه. وكان اعتمادهم في الجاهلية على الحفظ، لأنهم لم يكونوا يكتبون .. فكان كثير عزة راوية جميل بثينة، وجميل راوية هدبة بن خشرم، وهدبة راوية الحطيئة، والحطيئة راوية زهير وابنه (1). وكان الراوية في الجاهلية واوائل الإسلام يروي للشاعر الواحد ويصحبه وينشد له، ويعجب به اعجاب التلميذ بأستاذه، ويناضل عنه ويفضله على سواه.

وليست هذه العادة خاصة بالعرب، فان اليونان القدماء كان عندهم اناس يروون الشعر وغيره ويسمون واحدهم Rhapsodist، أشهرهم في القديم رواة الالياذة.. على ان بعض الادباء وأهل الذكاء من العرب، كان يروي الشعر بدون التخصص بشاعر دون آخر .. وانما كان يفعل ذلك رغبة في الادب والعلم. فقد كان في القديم أربعة من قريش كانوا رواة الناس للأشعار وعلماءهم بالأنساب والاخبار، وهم: مخزمة بن نوفل بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة، وابو الجهم بن حذيفة بن غانم بن عامر بن عبد الله بن عوف، وحويطب بن عبد العزى، وعقيل بن أبي طالب. وكان عقيل اكثرهم ذكرا لمثالب الناس.. فعادوه لذلك وقالوا فيه وحمقوه حتى ألف بعض الاعداء فيه الأحاديث.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) الأغاني ج7

 

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.