المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



السيد عبد الله الآلوسي  
  
1724   03:16 مساءً   التاريخ: 21-9-2019
المؤلف : عمر الدسوقي
الكتاب أو المصدر : في الأدب الحديث
الجزء والصفحة : ص:160-161ج1
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-1-2016 4179
التاريخ: 13-08-2015 2386
التاريخ: 26-06-2015 2214
التاريخ: 27-1-2016 1986

 

السيد عبد الله الآلوسي(1)
ولد في بغداد من أسرة مشهورة بالعلم سنة 1248هـ-1832م، وتلقى العلم على والده، فعرف شيئًا من النحو ورويّ الشعر، وقرأ القرآن، والتفسير, والحديث, وغير ذلك من العلوم التي كانت تدرس في المساجد، والتي لا تزال تدرس في الأزهر حتى اليوم في الكتب الموروثة(2).
ولم نترجم للسيد الألوسي، لأنه أديب نابغة، أو شاعر ملهم، وإنما لنعطي صورة عن الأدب في البلاد العربية إبَّان هذه الفترة التي نتحدث عنها، حتى نصدر حكمًا صائبًا عن الأدب العربيّ وتطوره، وأنه لم يكن في بلدٍ أحسن منه في أخرى، وأن النهضة أخذت تدب فيه شيئًا فشيئًا.
لم يعمر السيد عبد الله طويلًا، فقد مات سنة 1291هـ-1874م, عن ثلاثة وأربعين عامًا، وقد قضى هذه السنين القصيرة عليلًا سقيمًا، واشتغل بالتدريس حقبةً في بغداد، واشتهر بحسن إلقائه، وتوضيحه لعويص المشكلات العلمية، ولكن الحياة لم تكن ميسرةً له، فمن أسرة كبيرة العدد، وصحة سقيمة، وإلى فقر وعدم تقدير، فعزم على الرحلة، وباع كل ما يملك، ويمم صوب الآستانة، ولكنه لم يصل؛ لأن قطاع الطرق سلبوه كل عتاده، وتركوه عاريًا في الصحراء، ولولا أن الله مَنَّ عليه بمن التقطه وأرجعه إلى بغداد, لقضى جوعًا وعريًا، ورجع صفر الكف من زاد الدنيا، ولم يكن ممن يجيدون التزلف والملق, فساءت حاله, وطالما عرض عليه القضاء قبل هذا فكان يرفضه ورعًا وزهدًا، بيد أنه الضائقة أحرجته, فاضطر إلى قبوله, وتولَّى قضاء البصرة سنتين ثم مات.

 

(1/160)

وقد ترك عدة مؤلفاتٍ في علوم اللغة، وله شعرٌ لطيفٌ ومقالات أدبية جمعها ابنه السيد محمود شكري الألوسي، فوقعت في مائة صفحة، ومن نثره يصف مطرًا شديدًا متواليًا، وفيضان نهر دجلة، وهذا النثر يمثل مدرسة الصنعة والسجع والتكلف، أو انتزاع الاستعارات وحشدها ركامًا عجيبًا، وهو دون عبد الله فكري منزلةً ولا ريب من حيث الأسلوب، والفكرة، وتنوع الموضوعات, قال من رسالة بعث بها لأخويه يصف هذا المطر:
" ... إنه "المطر" عند غروب شمس الأربعاء، تنفس بفم الشوق الصعداء، ورمى بوجه الأرض حصى من كف السماء، فناداه الليل -وقد تحقق أن الدائرة على الأرض- وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى، وحاك الدوي بمكوك الريح من سدى البخار ولحمته شققًا سودًا، وصبغها الليل فكانت ظلماتٍ بعضها فوق بعض, وطنَّبها خيمة على أكتاف العراق في الطول والعرض، واشتد الريح والظلام, وشرع جنى الليل يخوف صبي النهار, كلما أحس منه بقيام، حتى سلَّ الفجر قرضًا به الأبيض من غمده الأسود، وأغمد الليل قامة الجوزاء، بعد أن كان بها على النهار يتهدد"(3) .

 

__________
)
1) هو ابن السيد محمود الألوسي "أبو الثناء " الذي ترجمنا له سابقًا.
(2) راجع أعلام العراق لبهجت الأثري, ص89.

(3) راجع أعلام العراق, تجد فيه الرسالة كاملة, ص48-50





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.