أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-02-2015
2013
التاريخ: 27-02-2015
2706
التاريخ: 1-03-2015
6625
التاريخ:
2772
|
الأولى:
1- نصر بن عاصم الليثي: المتوفى سنة 89هـ.
وما من شك أن إعجام المصحف بالنقط لدفع التصحيف كان من نصر ويحيى بأمر الحجاج في عهد عبد الملك بعد إعجامه بالشكل لدفع التحريف من أستاذهما أبي الأسود في خلافة معاوية,
ص42
هو أبو بحر عبد الله بن أبي إسحاق زيد الحضرمي، البصري، اشتهر بكنية ولده، وكان مولى آل الحضرمي، أخذ عن نصر بن عاصم ويحيى بن يعمر وجد في هذا العلم حتى بلغ الغاية فيه، سئل عنه "يونس" فقال: "هو والنحو سواء"، كان أول من علل النحو، كما كان شديد التجريد للقياس والعمل به كما سلف, وعاصره "عيسى بن عمر الثقفي"، و"أبو عمرو بن العلاء"، وجمع بينه وبين أبي عمرو بلال بن أبي بردة عامل البصرة من قبل خالد القسري والي العراق لهشام بن عبد الملك، قال: "ابن سلام": "قال أبو عمرو: فغلبني ابن أبي إسحاق بالهمز، فنظرت فيه بعد ذلك وبالغت فيه", كان كثير السؤال للفرزدق "قال ابن هشام: قد حضر يوما مجلس عبد الله فقال له كيف تنشد هذا البيت:
فقال عبد الله: عذره شر من ذنبه، فقد أخطأ أيضا، والصواب: مولى موال توفي سنة 117هـ.
هو أبو عمر مولى خالد بن الوليد، نزل في ثقيف فنسب إليهم، أخذ عن ابن أبي إسحاق وغيره، وكان مولعا بالغريب والتشادق، استودعه بعض أصحاب خالد القسري والي العراق لهشام بن عبد الملك وديعة، فلما نزع خالد عن ولاية العراق وتقلدها يوسف بن عمر الثقفي استدعاه من البصرة لأخذ الوديعة فأنكرها ولما اشتد عليه ضرب السياط جعل يقول: "والله إن كانت إلا أثيابا في أسيفاط قبضها عشاروك"(7)، وروي أن الضارب له عمر
ص44
بن هبيرة الفزاري أمير العراق من قبل خالد بن عبد الله,وقد لزمته علة من ذلك الضرب بقية حياته، وهو صاحب الكتابين المشار إليهما سابقا. توفي سنة 149هـ.(8)
هو زيان بن العلاء بن عمار المازني التميمي، قال ياقوت: "واختلف في اسمه على أحد وعشرين قولا، والصحيح أنه زبان لما روي أن الفرزدق جاء معتذرا إليه من هجو بلغه عنه، فقال له أبو عمرو:
الثالثة:
هو أبو الخطاب عبد الحميد بن عبد المجيد مولى قيس بن ثعلبة، من أهل هجر أول الأخافشة الثلاثة المشهورين، أخذ عن أبي عمرو بن العلاء وطبقته، ولقي الأعراب فأخذ عنهم, قال الرضي: في شرحه على الكافية باب أسماء الأفعال المنقولة من الظروف: "وسمع أبو الخطاب من قيل له: إليك فقال إلي" وتوفى سنة 177هـ.
هو أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي، الأزدي، ولد بالبصرة، وشب على حب العلم، فتلقى عن أبي عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر الثقفي وغيرهما، ثم ساح في بوادي الجزيرة العربية، وشافه الأعراب في الحجاز ونجد وتهامة، إلى أن ملأ جعبته ثم آب إلى مسقط رأسه البصرة، واعتكف في داره دائبا على العلم ليله ونهاره هائما بلذته الروحية، فنبغ في العربية نبوغا لم يسبق إليه، وبلغ الغاية في تصحيح القياس واستخراج مسائل النحو, قال الزبيدي: "وهو الذي بسط النحو ومد أطنابه، وسبب علله، وفتق معانيه، وأوضح الحِجاجَ فيه، حتى بلغ أقصى حدوده وانتهى إلى أبعد غاياته، ثم لم يرض أن يؤلف فيه حرفا أو يرسم منه رسما ترفعا بنفسه وترفعا بقدره إذ كان قد تقدم إلى القول عليه والتأليف فيه، فكره أن يكون لمن تقدمه تاليا، وعلى نظر من سبقه محتذيا، واكتفى في ذلك بما أوحى إلى سيبويه من علمه، ولقنه من دقائق نظره، ونتائج فكره ولطائف حكمته، فحمل سيبويه ذلك عنه، وتقلده وألف فيه الكتاب الذي أعجز من تقدم قبله، كما امتنع على من تأخر بعده"(13)
فلا غرو أنه لولا تعهد الخليل النحو في نشأته لبعد عنه طور النضوج والكمال، فللخليل فضل النهوض به كما لأبي الأسود فضل تكوينه، نعم قد اتفقت كلمة العلماء
ص46
على أن الخليل واضع فن الموسيقى العربية، وواضع علم العروض والقافية، وأول من دون معجما في اللغة بتأليفه "كتاب العين" وله بعدئذ مأثرة الشكل العربي المستعمل الآن، وله مؤلفات أخرى في غير اللغة أيضا, كان رحمه الله في فاقة وزهد لا يبالي الدنيا، بينما الناس محظوظون بها من علمه وكتبه، وجه إليه سليمان بن علي عم أبي العباس السفاح والي فارس والأهواز رسولا لتأديب ولده، فأخرج الخليل إلى الرسول خبزا يابسا وقال: ما دمت أجده فلا حاجة بي إلى سليمان، فقال الرسول: فما أبلغه عنك؟ فقال أبياتا مطلعها:
هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر مولى بني الحارث بن كعب، ولقب بسيبويه "رائحة التفاح" لأن أمه كانت ترقصه بذلك في صغره، ولد بالبيضاء "بلد بفارس" من
ص47
سلالة فارسية، ونشأ بالبصرة ورغب في تعلم الحديث والفقه، إلى أنه لحقه التأنيب ذات يوم بشأن حديث شريف من شيخه حماد البصري، قال ابن هشام: "وذلك أنه جاء إلى حماد بن سلمة لكتابة الحديث، فاستملى منه قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ليس من أصحابي أحد إلا ولو شئت لأخذت عليه ليس أبا الدرداء"، فقال سيبويه: ليس أبو الدرداء، فصاح به حماد: لحنت يا سيبويه إنما هذا استثناء، فقال سيبويه: والله لأطلبن علما لا يلحنني معه أحد، ثم مضى ولزم الخليل وغيره".(17)
ص48
ذا"، ولم يكن ليروي إلا ما سمع"(22)، وروى عن أبي زيد فقال: "حدثني من أثق بعربيته".(23)
فإذا اختلفت أقوال العلماء فإنه يحكيها ويوازن بينها ثم يحكم بالترجيح، ففي باب تحقير بنات الياء والواو إلخ عند الكلام على تصغير أحوى قال: "وأما عيسى فكان يقول "أُحَيٌّ" ويصرف وهذا خطأ. وأما أبو عمرو فكان يقول "أُحَيٍّ". وأما يونس فيقول هذا "أُحَيُّ" كما ترى وهو القياس والصواب" وفي باب ما يحذف من أواخر الأسماء في الوقف وهي الياءات قال: "وسألت الخليل عن القاضي في النداء فقال: أختار "يا قاضي" لأنه ليس بمنون كما أختار هذا القاضي، وأما يونس فقال: يا قاض، وقول يونس أقوى".
كَوَّنَ سيبويه كتابه من أقوال العلماء ومما استنبطه هو بنفسه، فكان جماع الفن، شاملا كل ما يحتاج إليه طالبه مع الترتيب والتبويب، ولكل عصر طبيعته المتسقة معه، فترتيب الكتاب على غير المألوف في كتبنا المتداولة بين أيدينا، والإسراف في عناوين أبوابه جاوز الحد فقد بلغت عشرين وثمانمائة، مع الغموض الذي لا يفصح عن المقصود لأول وهلة ومع التداخل في كثير من الأبواب، فمن ذلك على سبيل المثال باب البدل فقد قال: "هذا باب من الفعل يستعمل في الاسم ثم تبدل مكان ذلك الاسم إلخ، هذا باب من الفعل يبدل فيه الآخر من الأول إلخ، باب المبدل من المبدل منه، باب بدل المعرفة من النكرة إلخ، باب من البدل أيضا"(27)، وبعض عباراته الاصطلاحية حلت بدلها عبارات أخرى عندنا، ونظرة أولية إلى مستهله في ترتيب أبوابه وعناوينها واصطلاحاتها كافية في ذلك، قال: "هذا باب علم ما الكلم من العربية، باب مجاري أواخر الكلم من العربية، باب المسند والمسند إليه، باب للفظ للمعاني، باب ما يكون في اللفظ من الأعراض, باب
ص49
عني سيبويه في كتابه بالشواهد لتثبيت الأحكام والإذعان بها من القرآن الكريم ونثر العرب والشعر، ولم يجنح إلى الاستدلال بالحديث الشريف شأن أسلافه ومعاصريه وذلك لانعدام الثقة في نقل الحديث بلفظه الوارد عنه -صلى الله عليه وسلم- لتصريح العلماء بجواز الرواية بالمعني، إذ لو وثقوا بلفظه لجرى مجرى القرآن الكريم في القواعد الكلية، ثم صارت سنة جارية بعده في المتقدمين والمتأخرين لم يبتدع خلافها غير ابن خروف وابن مالك ثم الرضي الذي أضاف إلى الحديث في الاستشهاد به كلام أهل البيت رضي الله عنهم، وقد أنكر ابن الضائع وأبو حيان على ابن مالك في حديث طويل، وللشاطبي تفصيل قيم في شأن الحديث الشريف نذكره في ترجمته بمشيئة الله تعالى.
ص50
وقد تذكر بعض آيات أخرى عندما يكون ظاهرها مخالفا للحكم الذي ذكره لتخريجها على ما يوافقه، قال سبيويه: "وأما قوله عز وجل: { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ }(32)، وقوله تعالى: { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا } (33)، فإن هذا لم يبن على الفعل ولكنه جاء على مثل قوله تعالى: { مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ }(34)، ثم قال بعد: فيها كذا وكذا، فإنما وضع المثل للحديث الذي بعده وذكر بعد أخبار وأحاديث فكأنه على قوله ومن القصص مثل الجنة أو مما يقص عليكم مثل الجنة4، فهو محمول على هذا الإضمار ونحوه والله أعلم وكذلك الزانية والزاني كأنه لما قال: { سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا }(35)، قال في الفرائض الزانية والزاني، أو الزانية والزاني في الفرائض، ثم قال: {فَاجْلِدُوا} فجاء بالفعل بعد أن مضى فيهما الرفع إلخ"(36)، وهكذا.
والشواهد الشعرية كثيرة كذلك، فقد قالوا: إن فيه ألفا وخمسين بيتا غير أنه لم يعن رحمه الله بنسبة الشعر المذكور إلى قائليه في كثير من الشواهد، سواء ما استشهد به العلماء الحاكي عنهم وما استشهد به هو، لأن بعض الشعر قد روي لشاعرين أو أكثر، وبعضه قديم العهد لا يعرف قائله، فاعتمد على شيوخه فيما استشهدوا به، ونسب الإنشاد إليه، وعلى نفسه فيما سمعه بأذنه, ولم يتخذ أحد من العلماء إغفاله للنسبة سبيلا للطعن عليه، على حين أنه أخرج للناس كتابه والعلماء كثير، والعناية بهذا العلم وتهذيبه وكيدة، ولعل
ص51
ذلك لأن العلماء في ذلك الحين كانوا على علم بها لقرب العهد، فإن العلماء بعدئذ تطلعوا إلى معرفة الشعراء وبحثوا عنهم، قال الجرمي: "نظرت في كتاب سيبويه فإذا فيه ألف وخمسون بيتا، فأما ألف بيت فعرفت أسماء قائليها فأثبتها، وأما خمسون فلم أعرف أسماء قائليها" ويروي مثل هذا الخبر عن المازني وهما متعاصران، فالنسبة المذكورة الآن في الكتاب حادثة بعد سيبويه إما من الجرمي أو المازني، وسميت الأبيات الخمسون بين العلماء بأبيات سيبويه الخمسين المجهولة القائل، ونسبة الشعر للشاعر الصادرة من الجرمي أو المازني لم تشمل الألف كلها في الكتاب المطبوع بين أيدينا، ولا أدري سببا في ذكر القائل في بعض دون بعض، فقد كان في تعيين النسبة للألف كلها إعلان كاف عن الخمسين المجهولة، فليس وراء المعلوم إلا المجهول، والمهم إنما هو الوصول لمعرفة هذه الأبيات المجهولة الخمسين، وقد استعنت خزانة الأدب للبغدادي في الوصول إليها، فعملت منها بالنص اثنين وثلاثين، وسأذكرها لك مع الإشارة في الهامش إلى موطن كل منها في سيبويه وفي خزانة الأدب، غير أن بيتا منها قد اهتدى البحاثة الشنقيطي إلى اسم قائله في كتابه "الحماسة السنية" وهو قوله:
ص52
ص53
ص54
هذا ما يختص بالأبيات المجهولة القائل في الكتاب - أما الألف الباقية فقد ارتضاها جمهور العلماء سواء منها ما نسب إلى قائله وما لم ينسب إليه وقليل منهم اعترض على بعض الأبيات المنسوبة لقائلها بما يؤدي إلى عدم صحة الاستشهاد بها على ما ساقها دليلا عليه سيبويه لتحريف أو تصحيف خفي عليه في الرواية للشاهد، وقليل منهم تعقب بعض الأبيات غير المنسوبة لقائلها واعتبرها مفتعلة مصنوعة، وهذا كله عدا الأبيات المزيدة على شواهد سيبويه فلم تذكر في أصل الكتاب معها، وقد شرحها الأعلم أيضا ناسبا كل شاهد زائد في الباب المذكور فيه لمن أنشده من العلماء الذين زادوه على شواهد الكتاب في خلال نظرهم فيه وإن فاته كمعظم الشراح "رجز" خلط بكلام الكتاب، ذلك هو قول سيبويه في باب "ما لا يعمل فيه ما قبله من الفعل، إلخ".
وهو من شواهد الرضي "في أفعال القلوب" ونبه على كل ذلك البغدادي في الخزانة (73).
ص55
ص56
فمما قالوا إنه مصنوع:
ص57
المراد من الكناية الضمير، وأول من استعملها في ذلك سيبويه، وتوجيه طعن المبرد على سيبويه أن الضمير لا يتصل بالوصف المثنى أو المجموع إلا إذا تجرد من النون اللاحقة في آخره حتى يحل محلها الضمير المتصل المضاف إليه، وذلك للتناوب بين النون والضمير، فإذا اقترنت بالوصف النون وجب انفصال الضمير عنه حينئذ، والنتيجة أن الجمع بينهما ممنوع، فكيف استباح سيبويه ذكر بتين اجتمع فيهما النون والضمير المتصل للضرورة مع أنهما مصنوعان؟
ص58
وخطوا لي أبا جاد وقالوا........ تعلم صعفصا وقريسيات (80)
ص59
من يستشهد بشعرهم من الجاهليين والمخضرمين والإسلاميين فلم يتجاوزهم إلى المحدثين، ولقد كان ذلك في تعليمه ودراسته وحجاجه، نعم روي أنه عاب على بشار صدر المحدثين كلمات له في أبيات، وبلغ عيبه لها بشارا، فقال يهجوه:
"قيل له: ألست تعلم أن الصفة ... فإنه لا يجد بدا من أن يقول: نعم ... أفلست
ص60
تجعل هذا العمل. فإنه قائل: نعم" ... والمعروف في "نعم" أنها جواب لما بعد الاستفهام، وهو خلاف المراد على ما هو واضح.
هو أبو محمد يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي, مولى بني عدي، نشأ بالبصرة وتلقى عن "أبي عمرو بن العلاء وابن أبي إسحاق والخليل ويونس" وغيرهم، ثم اشتهر فضله فيها وعرف باللغة والنحو وأخبار الناس، وعرضت فتنة بالبصرة اقتضت اختفاءه عنها، ثم ظهر بعد في بغداد عند يزيد بن منصور الحميري خال المهدي فأدب أولاده ونسب إليه ولقب باليزيدي من هذا الحين، وسرى هذا اللقب في أولاده وأحفاده من بعده، ولم يلبث أن وصله يزيد بالرشيد فاختصه بأدب المأمون كما كان الكسائي
ص61
هو أبو الحسن سعيد بن مسعدة مولى بني مجاشع بن دارم "بطن من تميم" أوسط الأخافشة الثلاثة المشهورين، فقبله أبو الخطاب الأخفش الأكبر شيخ سيبويه الذي سلفت ترجمته، وبعده أبو الحسن الأخفش الأصغر تلميذ المبرد وثعلب وستأتي ترجمته، وأشهرهم ذكرا في النحو فلذا ينصرف إليه الحديث عن ذكر الأخفش مجردا من الوصف في كتب النحو، فإن قصد غيره وجب ضم الأكبر أو الأصغر إليه على وفاق المطلوب، ولد ببلخ وأقام بالبصرة لطلب العلم وتلقى مع سيبوبه عن جل شيوخه سوى الخليل، ثم أخذ عنه بعد المشاركة مع كبر سنه عنه فكان أنحى تلاميذه، وكان ضنينا بكتاب سيبويه لنفاسته حتى ظن به ادعاؤه لنفسه لأن سيبويه لم يقرأه على أحد ولا قرأه عليه أحد ما عداه، قال: ما وضع سيبويه في كتابه شيئا إلا عرضه علي وكان يرى أنه أعلم به مني وأنا اليوم أعلم به منه، فتشاور تلميذا الأخفش: "الجرمي والمازني" على الحيلولة بينه وبين ما ظن فيه بترغيبه في المال إذ كان الجرمي مثريا فقرآه عليه وظهر الكتاب، فليس للكتاب طريق إلا الأخفش، فإليه يرجع الفضل في استبقائه كما يرجع للكتاب الفضل في إقبال العلماء على الأخفش. (92)
ص62
الأخفش في طريقه إلى الأهواز لما سبق أنه ولى وجهه عن البصرة خزيا وشكا إليه بثه وحزنه مما هاضه، فتحرش الأخفش بالكسائي ووصل بغداد في الغلس وصلى خلف الكسائي الغداة في مسجد، ثم سأله أمام تلامذته "الفراء والأحمر" وغيرهما وخطأه في إجابته حتى هم التلامذة بالوثوب عليه فمنعهم الكسائي وقال له: بالله أما أنت أبو الحسن بن سعيد بن مسعدة؟ فقال: بلى، فقام إليه وعانقه وأجلسه بجنبه وأكرم مثواه، فاستحال تحرشه محبة له وأقام عنده ينعم بالحياة السعيدة الجديدة، وبقي في جواره ببغداد بقية حياته، وصار مؤدب أولاده وقرأ له كتاب سيبويه سرا، وقد تغيرت لذلك عصيبة الأخفش حتى وافق الكوفيين كثيرا في آرائهم فكان أكثر البصريين موافقة للكوفيين، وكتب النحو ملأى بالمسائل التي وافقهم فيها، وإني ذاكر لك بعضا منها على سبيل التمثيل:
ص63
ص64
الطبقة السادسة:
هو أبو عمر صالح بن إسحاق مولى بني جرم1 من قبائل اليمن نشأ بالبصرة فتعلم عن شيوخها النحو واللغة، وسمع من "يونس والأخفش الأوسط" ولم يلق "سيبويه"(103) ، وزامله في عصره وتلقيه المازني، وإليهما انتهت الرياسة النحوية، وسبق أنهما ذوا الفضل في إظهار الكتاب على يد شيخهما الأخفش، كان الجرمي أديبا شاعرا ديِّنا صحيح العقيدة، وله مناصرة مع الفراء، ومصنفاته كثيرة، منها في النحو مختصره المشهور لدعائه له بالبركة، وكتاب "فرخ كتاب سيبويه" ورد بغداد وأقام فيها حتى قضى نحبه سنة 225هـ.
هو أبو محمد عبد الله بن محمد مولى قريش من توز "بلد بفارس"، أخذ عن "الجرمي" كتاب سيبويه، واشتهر باللغة والأدب فكان أعلم بالشعر من المازني والرياشي(104) ، توفي ببغداد سنة 238هـ.
ص65
الناس: لم يكن بعد سيبويه أعلم من المازني بالنحو، ساعده على نبوغه قوة بيانه وأدبه، فكان له الفلج في الحجاج، وقد تغلب على الأخفش مع تلقيه عنه. استقدمه من البصرة أمير المؤمنين هارون الواثق إليه في "سامرا" مقر الخلافة آنذاك لما أنشد مخارق قول الحارث بن خالد المخزومي:
هو سهل بن محمد، نشأ بالبصرة، وأخذ عن "أبي زيد والأصمعي وأبي عبيدة" وقرأ كتاب سيبويه مرتين على الأخفش(107)، ثم نبه شأنه فانتفع الناس بدراسته، إلا أنه لم يكن حاذقا بالنحو، له مصنفات مختلفة منها إعراب القرآن، وكتاب الإدغام، توفي سنة 250هـ. (108)
هو أبو الفضل العباس بن الفرج مولى محمد بن سليمان الهاشمي، ولقب بالرياشي لأن أباه كان عبدا لرجل من جذام اسمه رياش فانتقل اللقب من أبيه بعد الشهرة إليه. نشأ
ص66
بالبصرة وأخذ النحو عن المازني وسمع منه كتاب سيبويه، واللغة عن الأصمعي، ثم صار من كبار النحاة واللغويين، له تصانيف ليس منها كتاب نحو، قتل وهو يصلي الصبح قائما في الفتنة المشؤومة "موقعة الزنج" بالبصرة المضروب بها المثل المشهور، كان دخولهم فيها وقت صلاة الجمعة في شوال سنة 257هـ. (109)
الطبقة السابعة:
هو أبو العباس محمد بن يزيد من بنى ثمالة "بطن من أزد شنوءة" ولد بالبصرة وأخذ عن "الجرمي والمازني وأبي حاتم" وغيرهم إلا أن أغلب تلقيه عن المازني، ثم نبه قدره في البصرة وانتهت إليه الرياسة حتى قال الناس: ما رأى محمد بن يزيد مثل نفسه. فأما سبب تلقيبه بالمبرد فقال ياقوت: "وإنما لقب بالمبرد لأنه لما صنف المازني "كتاب الألف واللام" سأله عن دقيقه وعويصه فأجابه بأحسن جواب، فقال له المازني: قم فأنت المبرد "المثبت للحق" فحرفه الكوفيون وفتحوا الراء"، آراؤه في النحو مستفيضة في الكتب.
ص67
لسيبويه مشهور، وقد ذكرنا شيئا منه في الكلام على الكتاب.
_________________________________
(1) ومما هجاه به لروايته شعر جرير, قوله:
ولقد كان في معدان والفيل زاجر........ لعنبسة الراوي علي القصائدا
فسأل بعض عمّال البصرة عنبسة عن هذا البيت وعن الفيل فقال عنبسة: لم يقل و (الفيل) إنما قال: اللؤم, فقال: إن امراً فررت منه الى اللؤم لأمر عظيم (السيرافي ص24).
(2) راجع الاشباه والتظائر, الفن السابع, فن المناظرات والمجالسات إلخ, والبيت من قصيدة طويلة لذي الرمة.
(3) راجع مقدمة الشعر والشعراء، نقد الشعر، عض الزمان: شدته، والمسحت: المستأصل، والمجلف: الباقي منه بقية، والإشكال في البيت مبني على فتح الدال في "يدع" ونصب "مسحت"، وقد خرج العلماء رفع "مجلف" على أوجه منها ما قال ابن يعيش في شرح المفصل، باب العلم المنقول جـ10، وباب الإعلال في الواو والياء لامين جـ10: إنه معطوف على المنصوب بملاحظة المعنى، إذ كأنه قال: بقي مسحت، ومنها وجهان آخران ذكرهما الرضي في شرح الكافية آخر عطف النسق، أما على رواية كسر الدال في يدع ورفع مسحت كما قال ابن جني في الخصائص "باب القول على الاطراد والشذوذ" فلا إشكال، ومعنى يدع حينئذ يسكن، وقد أحاط بنقل ما تقدم ما التفصيل والزيادة على نسبة القول لابن يعيش البغدادي في الخزانة شاهد 357، والبيت من قصيدة طويلة من النقائض في مدح عبد الملك مع أنه ليس فيها ما يتصل بالمدح إلا هذا البيت مع آخر قبله، فإن ما قبلهما نسيب وما بعدهما في كلام الإبل والفخر بآبائه على جرير.
(4) راجع السيرافي (ص26) بلفظ (منظور) بالشين.
(7) راجع العبارة في مقدمة أدب الكاتب وعيون الأخبار "كتاب العلم والبيان التشادق والغريب" جـ2، وخزانة الأدب الشاهد التاسع.
(8) وقد أخذ عنه الخليل بن احمد, وله كتابان في النحو سمي احدهما: (الجامع) والآخر (المكمل) فقال الخليل بن احمد:
ذهب النحو جميعا كله ....... غير ما أحدث عيسى بن عمر
ذاك الكمال وهذا الجامع...... فهما للناس شمس وقمر
وهذان الكتابان ما وقعا الينا ولا رأيت أحدا يذكر أنه رآهما (ص31- 32).
(9) هو احد القراء السبعة فهو قارئ اهل البصرة, راجع ترجمته مفصله في (معرفة القراء الكبار) للذهبي.
(10) البيت من شواهد سيبويه في جـ2 على حذف التنوين من عمرو ص148 وعلى دخول أفعلت على فعلت ص237 وعلى الأول استشهد به ابن يعيش في باب العلم وعلى الثاني أدب الكاتب كتاب الأبنية معاني أبنية الأفعال والرضي على الشافية راجع الشاهد رقم 16 والبيت من ثلاثة أنشأها له لما صعد إلى غرف ووصل إليه.
(11) هذه الحادثة الطريفة مفصلة في ذيل الأمالي ص39 وطبقات الزبيدي، والمغني الباب الأول مبحث ليس، والأشباه والنظائر الفن السابع.
(12) ترجمته في المعاجم المرتبة أبجديا في العين إلا في معجم الأدباء وفوات الوفيات ففي الزاي، وراجعها في شرح شواهد الشافية رقم 16، ودائرة المعارف الإسلامية. وممن أخذ عن ابي عمرو بن العلاء أبو محمد يحيى بن المبارك اليزيدي ومما قاله فيه وفي نحويي البصرة:
يا طالب النحو ألا فابكه بعد ابي عمرو وحماد
وابن ابي اسحاق في علمه والزين في المشهد والنادي
عيسى واشباه لعيسى وهل يأتي لهم دهر بأنداد الأبيات
(13) أول كتابه: استدراك الغلط الواقع في كتاب العين، ونقل هذا الكلام في المزهر النوع الأول المسألة السادسة عشرة.
(14) وقال السيرافي (ص25): ويقال أن الاصمعي كان يحفظ ثلث اللغة وكان الخليل يحفظ نصف اللغة وكان ابو مالك بن كركرة يحفظ اللغة كلها.
(15) اي لم يتزوج من حرة ولا من ملك يمين.
(16) قال السيرافي: كان يونس مات سنة ثلاثة للهجرة وثمانين ومائة (ص48).
(17) راجع المغني الباب الاول مبحث ليس.
(18) راجع ج1 ص 40.
(19) راجع ج1 ص 25.
(20) راجع ج1 ص 258.
(21) راجع ج1 ص 109.
(22) راجع ج1 ص 412.
(23) وذكر أبو زيد النحوي اللغوي كالمفتخرة بذلك بعد موت سيبويه قال: كل ما قال سيبويه (وأخبرني الثقة) فأنا أخبرته, ومات ابو زيد بعد سيبويه نيف وثلاثين سنة (السيرافي ص48- 49).
(24) ج1 ص 111.
(25) ج1 ص 161.
(26) ج2 ص 52.
(27) في ج 1 على الترتيب 75,79, 79, 218, 224, 393.
(28) ج2 ص 135.
(29) سورة البقرة, الآية 65.
(30) سورة الأنفال, الآية 60.
(31) راجع ج1 ص 18.
(32) سورة النور, الآية 2.
(33) سورة المائدة, الآية 38.
(34) سورة الرعد, الآية 35, وسورة محمد, الآية 15.
(35) سورة النور, الآية 1.
(36) ج1, ص71.
(37) ج1, ص 24.
(38) ج1, ص26.
(39) ج1, ص24.
(40) راجع الكتاب, ج2, ص151, وخزانة الادب الشاهد 943.
(41) راجع ص9, والخزانة شاهد 83.
(42) راجع ص17 والخزانة شاهد 175.
(43) راجع ص70 والخزانة شاهد 77.
(44) راجع ص78 والخزانة شاهد 372.
(45) راجع ص80 والخزانة شاهد 370.
(46) راجع ص78 والخزانة شاهد 610.
(47) راجع ص99 والخزانة شاهد 597.
(48) راجع ص108 والخزانة شاهد 575.
(49) راجع ص134 والخزانة شاهد 252.
(50) راجع ص176 والخزانة شاهد 93.
(51) راجع ص28 والخزانة شاهد 648.
(52) راجع ص281 والخزانة شاهد 871.
(53) راجع ص284 والخزانة شاهد 841.
(54) راجع ص292 والخزانة شاهد 216.
(55) راجع ص310 والخزانة شاهد 128.
(56) راجع ص319 والخزانة شاهد 108.
(57) راجع ص349 والخزانة شاهد 263.
(58) راجع ص354 والخزانة شاهد 261.
(59) راجع ص355 والخزانة شاهد 255.
(60) راجع ص358 والخزانة شاهد 258.
(61) راجع ص392 والخزانة شاهد 353.
(62) راجع ص405 والخزانة شاهد 444.
(63) راجع ص419 والخزانة شاهد 665.
(64) راجع ص437 والخزانة شاهد 82.
(65) راجع ص443 والخزانة شاهد 827.
(66) راجع ص472 والخزانة شاهد 846.
(67) راجع ص490 والخزانة شاهد 910.
(68) راجع ص44 والخزانة شاهد 522.
(69) راجع ص52 والخزانة شاهد 462.
(70) راجع ص123 والخزانة شاهد 773.
(71) راجع ص151 والخزانة شاهد 944.
(72) راجع سيبويه ج1, ص122.
(73) راجع خزانة الادب شاهد 717.
(74) راجع ج1 ص 34, 352, 375, 448.
(75) راجع ج1, ص145 و ص183, والبيت من مرثية في يزيد, راجع خزانة الادب الشاهد الخامس والاربعين.
(76) راجع ج1 ص451.
(77) راجع ج1, ص58 وراجع خزانة الادب شاهد 605 ففيه كل ما قيل في البيت, ومعنى البيت مختلف فيه, قال ابن السيد: والأشبه عندي أن يكون أراد أن الانسان جاهل بعواقب الأمور يدبر ليخونه التدبير.
(78) راجع الكامل مع الرغبة ج4, ص42 وما بعدها, والبيتان في سيبويه ج1, ص96 ومعنى البيت الاول أنهم يفعلون الخير ويأمرون به وقت خشيتهم الأمر العظيم من حوادث الدهر فلا يمنعهم خوف الضرر عن الأمر بالمعروف. والثاني أنه لم يرتفق أي يتكئ على المرفق, ويأدي المعتفين طلاب المعروف رواهقه غاشية له قريبة منه, وذلك كناية عن اهتمام ممددوحه بقضاء حاجة الناس.
(79) ج1، ص434، ج2، ص144.
(80) ص36.
(81) ص14.
(82) ص14.
(83) ص15.
(84) ص88.
(85) ص108.
(86) ص356.
(87) ص424.
(98) ص94.
(89) ص308.
(90) راجع الاغاني أخبار بشار ج 3, ص210 طبع الدار.
(91) ترجمته في المعاجم, وخزانة الأدب شاهد 897.
(92) وقال السيرافي: وقد حدثنا أبو بكر بن مجاهد قال: حدثنا أحمد بن يحيى, قال: حدثنا سلمة, قال حدثنا الأخفش, قال: جاءنا الكسائي الى البصرة فسألني أن أقرأ عليه أو أقرئه كتاب سيبويه ففعلت فوجّه اليه خمسين ديناراً (ص51).
(93) راجع المغني الباب الاول مبحث اللام, اللام العاملة للجزم.
(94) شرحه على الكافية: باب المبتدأ والخبر, تقسيم المبتدأ.
(95) شرحه على الكافية: حروف الجر: من.
(96) من المفصل: القسم الثالث, الحروف: لعل.
(97) راجع المغني الباب الأول. حتى الجارة.
(98) شرحه على الألفية لقول الناظم (ووصف أصلي ووزن أفعلا إلخ).
(99) شرح الكافية, أسماء الأفعال.
(100) شرح الكافية, التصغير.
(101) شرح الشافية, التقاء الساكنين, الاصل في تحريك أول الساكنين الكسر.
(102) الخصائص باب (في اللفظين عن المعنى الواحد يرادن عن العمل متضادين).
(103) إنما قرأ كتاب سيبويه على الأخفش (السيرافي ص72).
(104) وكان أكثرهم رواية عن ابي عبيدة وقد قرأ على الأصمعي وغيره, راجع أخبار النحويين للسيرافي (ص85-87) ففيه نبذة من أخباره, وفيه أن التوزي تزوج بأم أبي ذكوان النحوي وكان من جملة الواثق.
(105) البيت المذكور من شواهد النحاة في المصدر الميمي, وحادثته مع ما نجم عنها من الحظوة عند الخليفة مفصلة في الاغاني: أخبار الحارث, وفي المغني الباب الخامس آخر الجهة الأولى, وفي الوفيات, وكذلك معجم الأدباء وإنباه الرواة مع تفصيل الأسئلة التي وجهها المازني, ونقل كل ذلك في شرح درة الغواص عند الوهم 60.
(106) راجع أخباره في أخبار النحويين البصريين للسيرافي ص (74-85).
(107) المرجع السابق, ص(93).
(108) وكان حسن العلم بالعروض وإخراج المعمّى, راجع أخباره عند السيرافي ص (93-96). وقال أنه مات سنة (255).
(109) سبقت إشارتنا الى ترجمته عند السيرافي ص (89-93).
(110) سبقت إشارتنا الى ترجمته عند السيرافي ص (96-109).
(111) الخصائص باب (في الاحتجاج بقول المخالف) ج1, ص196.
(112) راجع الكامل مع الرغبة ج8, ص49, والكلام مستوفى في الخزانة شاهد 395.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
بمشاركة 800 طالبة.. معهد القرآن الكريم النسوي يختتم برامجه للمتخرجات في الدورات القرآنية الصيفية
|
|
|