المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2749 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
النابذون ولاية محمد واله وراء ظهورهم لهم عذاب اليم
2024-11-05
Rise-fall Λyes Λno
2024-11-05
Fall-rise vyes vno
2024-11-05
Rise/yes/no
2024-11-05
ماشية اللحم كالميك في القوقاز Kalmyk breed
2024-11-05
Fallyes o
2024-11-05

الزراعة باستخدام اوساط نمو صلبة
21-11-2017
تصنيف الأنهار تبعا لمراتبها
5-9-2019
الدعاء بعد قراءة شيء من القرآن
15-11-2021
Phospholipid Degradation
15-10-2021
q-Pochhammer Symbol
29-8-2019
تقنية الخمائر الحيوية Yeast Biotechnology
29-9-2020


طبقات النحاة البصرين  
  
19335   05:33 مساءاً   التاريخ: 1-03-2015
المؤلف : محمد النصراوي
الكتاب أو المصدر : نشأة النحو وتاريخ اشهر النحاة
الجزء والصفحة : ص42- 68
القسم : علوم اللغة العربية / المدارس النحوية / المدرسة البصرية / أهم نحاة المدرسة البصرية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-02-2015 2013
التاريخ: 27-02-2015 2706
التاريخ: 1-03-2015 6625
التاريخ: 2772

الأولى:

1- نصر بن عاصم الليثي: المتوفى سنة 89هـ.

2- عنبسة بن معدان الفيل، المهري: لقب بالفيل لأن أباه كان يروض فيلا للحجاج، فغلب عليه اللقب ثم انتقل منه إليه، ولم نقف على تاريخ وفاته إلا أننا نعرف أنه عاصر الفرزدق (1)، فلعل وفاته كانت حول المائة الأولى من الهجرة.
3- عبد الرحمن بن هرمز، وأبو داود الأعرج: المتوفى بالإسكندرية سنة 117هـ.
4- يحيى بن يعمر العدواني، أبو سليمان: وهو الذي قال له الحجاج الثقفي يوما: أتسمعني ألحن؟ قال: في حرف واحد، قال في أي؟ قال: في القرآن، قال: ذلك أشنع، ثم قال: ما هو؟ قال: تقول: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} فتقرأ "أحبُّ" بالرفع، قال الحجاج: لا جرم أنك لا تسمع لي لحنا بعد هذا ثم ألحقه بخراسان، فولاه يزيد بن المهلب القضاء بها، كان شيعيا، فصيحا بليغا، يستعمل الغريب في كلامه، توفي سنة 129هـ.
وهؤلاء الأربعة ما منهم إلا من عزي إليه وضع النحو في بعض الروايات.

وما من شك أن إعجام المصحف بالنقط لدفع التصحيف كان من نصر ويحيى بأمر الحجاج في عهد عبد الملك بعد إعجامه بالشكل لدفع التحريف من أستاذهما أبي الأسود في خلافة معاوية,

ص42

الطبقة الثانية:
1- ابن أبي إسحاق:

هو أبو بحر عبد الله بن أبي إسحاق زيد الحضرمي، البصري، اشتهر بكنية ولده، وكان مولى آل الحضرمي، أخذ عن نصر بن عاصم ويحيى بن يعمر وجد في هذا العلم حتى بلغ الغاية فيه، سئل عنه "يونس" فقال: "هو والنحو سواء"، كان أول من علل النحو، كما كان شديد التجريد للقياس والعمل به كما سلف, وعاصره "عيسى بن عمر الثقفي"، و"أبو عمرو بن العلاء"، وجمع بينه وبين أبي عمرو بلال بن أبي بردة عامل البصرة من قبل خالد القسري والي العراق لهشام بن عبد الملك، قال: "ابن سلام": "قال أبو عمرو: فغلبني ابن أبي إسحاق بالهمز، فنظرت فيه بعد ذلك وبالغت فيه", كان كثير السؤال للفرزدق "قال ابن هشام: قد حضر يوما مجلس عبد الله فقال له كيف تنشد هذا البيت:

وعينان قال الله كونا فكانتا...... فعولان بالألباب ما تفعل الخمر
فأنشده "فعولان"، فقال له عبد الله: ما كان عليك لو قلت: فعولين؟ فقال الفرزدق: لو شئت أن أسبح لسبحت ونهض فلم يعرفوا مراده، فقال عبد الله: لو قال فعولين لأخبر أن الله خلقهما وأمرهما، ولكنه أراد أنهما وتفعلان ما تفعل الخمر"(2).ثم تدرج الأمر بعبد الله إلى إعنات الفرزدق في شعره نفسه إذ عابه في قوله:
وعض زمان يابن مروان لم يدع..... من المال إلا مسحتا أو مجلفُ(3)
فقال له: بم رفعت "أو مجلف"؟ فقال له: بما يسوءك وبنوءك، علينا أن نقول وعليكم أن تتأولوا، كما عابه في قوله:
ص43
مستقبلين شمال الشام تضربنا....... بحاصب كنديف القطن منثور(4)
على عمائمنا يلقى وأرحلنا........ على زواحف تزجي مخها رير(5)
فقال: إنما هو "رير" بالرفع، وإن رفع أقوى، فوجد عليه الفرزدق، وقال: أما وجد هذا المنتفخ الخصيين لبيتي مخرجا في العربية؟ أما لو أشاء لقلت:
على عمائمنا يلقى وأرحلنا....... على زواحف نزجيها محاسير
ولكني والله لا أقوله، ثم هجاه بقوله:
ولو كان عبد الله مولى هجوته..... ولكن عبد الله مولى مواليا(6)

فقال عبد الله: عذره شر من ذنبه، فقد أخطأ أيضا، والصواب: مولى موال توفي سنة 117هـ.

2- عيسى بن عمر الثقفي البصري:

هو أبو عمر مولى خالد بن الوليد، نزل في ثقيف فنسب إليهم، أخذ عن ابن أبي إسحاق وغيره، وكان مولعا بالغريب والتشادق، استودعه بعض أصحاب خالد القسري والي العراق لهشام بن عبد الملك وديعة، فلما نزع خالد عن ولاية العراق وتقلدها يوسف بن عمر الثقفي استدعاه من البصرة لأخذ الوديعة فأنكرها ولما اشتد عليه ضرب السياط جعل يقول: "والله إن كانت إلا أثيابا في أسيفاط قبضها عشاروك"(7)، وروي أن الضارب له عمر

ص44

بن هبيرة الفزاري أمير العراق من قبل خالد بن عبد الله,وقد لزمته علة من ذلك الضرب بقية حياته، وهو صاحب الكتابين المشار إليهما سابقا. توفي سنة 149هـ.(8)

3- أبو عمرو بن العلاء: (9)

هو زيان بن العلاء بن عمار المازني التميمي، قال ياقوت: "واختلف في اسمه على أحد وعشرين قولا، والصحيح أنه زبان لما روي أن الفرزدق جاء معتذرا إليه من هجو بلغه عنه، فقال له أبو عمرو:

هجوت "زبان" ثم جئت معتذرا ......من هجو "زبان" لم تهجو ولم تدع
فاعتذر إليه الفرزدق وامتدحه بمقطوعة منها قوله:
ما زلت أفتح أبوابا وأغلقها حتى أتيت أبا عمر بن عمار(10)
أخذ النحو عن نصر بن عاصم وغيره واشتهر بالقراءات والعربية وأيام العرب ولهجات القبائل.
ومن الطريف لهذه المناسبة أن عيسى بن عمر جاءه متعجبا من تجويزه "ليس الطيب إلا المسك" بالرفع، فقال له أبو عمرو: نمت يا أبا عمر وأدلج الناس، ليس في الأرض حجازي إلا وهو ينصب، وليس في الأرض تميمي إلا وهو يرفع، ثم أرسلا اليزيدي وخلفا الأحمر للتثبت من العرب، فكان كما أخبر أبو عمرو، فأخرج عيسى خاتمه من يده وقال: ولك الخاتم، بهذا والله فقت الناس.(11)
لكنه مع هذا لم يخلف أثرا مكتوبا، ذلك أنه لما تنسك أحرقها وتفرد للعبادة، توفي رحمه الله في الكوفة عائدا من دمشق سنة 154هـ.(12)
ص45

الثالثة:

1- الأخفش الأكبر:

 هو أبو الخطاب عبد الحميد بن عبد المجيد مولى قيس بن ثعلبة، من أهل هجر أول الأخافشة الثلاثة المشهورين، أخذ عن أبي عمرو بن العلاء وطبقته، ولقي الأعراب فأخذ عنهم, قال الرضي: في شرحه على الكافية باب أسماء الأفعال المنقولة من الظروف: "وسمع أبو الخطاب من قيل له: إليك فقال إلي" وتوفى سنة 177هـ.

2- الخليل بن أحمد:

هو أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي، الأزدي، ولد بالبصرة، وشب على حب العلم، فتلقى عن أبي عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر الثقفي وغيرهما، ثم ساح في بوادي الجزيرة العربية، وشافه الأعراب في الحجاز ونجد وتهامة، إلى أن ملأ جعبته ثم آب إلى مسقط رأسه البصرة، واعتكف في داره دائبا على العلم ليله ونهاره هائما بلذته الروحية، فنبغ في العربية نبوغا لم يسبق إليه، وبلغ الغاية في تصحيح القياس واستخراج مسائل النحو, قال الزبيدي: "وهو الذي بسط النحو ومد أطنابه، وسبب علله، وفتق معانيه، وأوضح الحِجاجَ فيه، حتى بلغ أقصى حدوده وانتهى إلى أبعد غاياته، ثم لم يرض أن يؤلف فيه حرفا أو يرسم منه رسما ترفعا بنفسه وترفعا بقدره إذ كان قد تقدم إلى القول عليه والتأليف فيه، فكره أن يكون لمن تقدمه تاليا، وعلى نظر من سبقه محتذيا، واكتفى في ذلك بما أوحى إلى سيبويه من علمه، ولقنه من دقائق نظره، ونتائج فكره ولطائف حكمته، فحمل سيبويه ذلك عنه، وتقلده وألف فيه الكتاب الذي أعجز من تقدم قبله، كما امتنع على من تأخر بعده"(13)

فلا غرو أنه لولا تعهد الخليل النحو في نشأته لبعد عنه طور النضوج والكمال، فللخليل فضل النهوض به كما لأبي الأسود فضل تكوينه، نعم قد اتفقت كلمة العلماء

ص46

 على أن الخليل واضع فن الموسيقى العربية، وواضع علم العروض والقافية، وأول من دون معجما في اللغة بتأليفه "كتاب العين" وله بعدئذ مأثرة الشكل العربي المستعمل الآن، وله مؤلفات أخرى في غير اللغة أيضا, كان رحمه الله في فاقة وزهد لا يبالي الدنيا، بينما الناس محظوظون بها من علمه وكتبه، وجه إليه سليمان بن علي عم أبي العباس السفاح والي فارس والأهواز رسولا لتأديب ولده، فأخرج الخليل إلى الرسول خبزا يابسا وقال: ما دمت أجده فلا حاجة بي إلى سليمان، فقال الرسول: فما أبلغه عنك؟ فقال أبياتا مطلعها:

أبلغ سليمان أني عنه في سعة...... وفي غنى غير أني لست ذا مال
توفي رحمه الله بالبصرة، متأثرا بصدمة في دماغه من سارية سنة 175هـ على الأصح (14).
3- يونس:
هو أبو عبد الرحمن يونس بن حبيب الضبي مولى بني ضبة، أخذ عن أبي عمرو وغيره، وواجه العرب فسمع منهم حتى غدا مرجع الأدباء والنحويين في المشكلات، وكانت له حلقة دراسة في المسجد الجامع بالبصرة يؤمها العلماء والأدباء وفصحاء الأعراب، وله مذاهب خاصة في النحو، منتشرة في كتبه، من ذلك قول سيبويه في باب ما يتقدم فيه المستثنى: "وحدثنا يونس أن بعض العرب الموثوق بهم يقولون: "مالي إلا أبوك أحد" فيجعلون أحدا بدلا، كما قالوا: ما مررت بمثله أحد فجعلوه بدلا"، وقول الرضي في الكلام على "ما" الحجازية: "ونقل عن يونس أنه يجوز إعمالها مع انتقاض نفيها بإلا" وله مصنفات كثيرة في غير النحو، قضى حياته ولم يتزوج ولم يتسر(15)، وأخباره مستفيضة في كتب التراجم، توفي بالبصرة سنة 182هـ.(16)
الرابعة:
1- سيبويه:

هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر مولى بني الحارث بن كعب، ولقب بسيبويه "رائحة التفاح" لأن أمه كانت ترقصه بذلك في صغره، ولد بالبيضاء "بلد بفارس" من

ص47

 سلالة فارسية، ونشأ بالبصرة ورغب في تعلم الحديث والفقه، إلى أنه لحقه التأنيب ذات يوم بشأن حديث شريف من شيخه حماد البصري، قال ابن هشام: "وذلك أنه جاء إلى حماد بن سلمة لكتابة الحديث، فاستملى منه قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ليس من أصحابي أحد إلا ولو شئت لأخذت عليه ليس أبا الدرداء"، فقال سيبويه: ليس أبو الدرداء، فصاح به حماد: لحنت يا سيبويه إنما هذا استثناء، فقال سيبويه: والله لأطلبن علما لا يلحنني معه أحد، ثم مضى ولزم الخليل وغيره".(17)

فكما أخذ عن الخليل أخذ عن يونس وعيسى بن عمر وغيرهم، وبرع في النحو حتى بز أترابه فيه، فاحتفى به علماء البصرة التي صار إمامها غير مدافع، وأخرج للناس كتابه الذي أكسبه فخار الأبد، فإنه شاهد صدق على علو كعبه في هذا الفن.
كتاب سيبويه:
جمع سيبويه في كتابه ما تفرق من أقوال من تقدمه من العلماء كأبي الخطاب والخليل ويونس وأبي زيد وعيسى بن عمر وأبي عمرو بن العلاء وغيرهم في علمي النحو والصرف، إذ كان النحو في ذلك الحين يطلق عليهما واسمه يعمهما، وأكثرهم نقلا عنه الخليل الذي كان لا يمل لقاءه، وأنابه في رواية الفن عنه، فكان كتاب سيبويه سجلا لآراء الخليل في النحو، ولذا كثيرا ما يقول فيه سألت الخليل "وإذا أضمر، وقال: مثلا -سألته- أو حدثني، أو قال لي، إنما يعني الخليل بن أحمد"، وذلك مستفيض في الكتاب، وسأذكر بعض أمثلة للنقل عن غير الخليل.
روى عن أبي الخطاب فقال: "حدثنا به أبو الخطاب عن شاعره"(18)، وعن يونس فقال: وزعم يونس فقال: "إنه سمع رؤبة يقول: ما جاءت حاجتك فرفع"(19)، وروى عنهما فقال: "وذلك قولك هذا عبد الله منطلق حدثنا بذلك يونس وأبو الخطاب"(20)، وكثر نقله عن يونس حتى نقل عنه أبوابا برمتها، فقد نقل عن فصلين من التصغير فقال: "وجميع ما ذكرت لك في هذا الباب وما أذكر لك في الباب الذي يليه قول يونس"(21)، لأنه كان يطمئن إليه، فكثيرا ما كان يسأله للتثبت عما سمعه من غيره قال: "وزعم عيسى بن عمر أن ناسا من العرب يقولون "إذن أفعل ذاك" في الجواب، فأخبرت يونس بذلك، فقال "لا تبعدنّ

ص48

ذا"، ولم يكن ليروي إلا ما سمع"(22)، وروى عن أبي زيد فقال: "حدثني من أثق بعربيته".(23)

 فإذا اختلفت أقوال العلماء فإنه يحكيها ويوازن بينها ثم يحكم بالترجيح، ففي باب تحقير بنات الياء والواو إلخ عند الكلام على تصغير أحوى قال: "وأما عيسى فكان يقول "أُحَيٌّ" ويصرف وهذا خطأ. وأما أبو عمرو فكان يقول "أُحَيٍّ". وأما يونس فيقول هذا "أُحَيُّ" كما ترى وهو القياس والصواب" وفي باب ما يحذف من أواخر الأسماء في الوقف وهي الياءات قال: "وسألت الخليل عن القاضي في النداء فقال: أختار "يا قاضي" لأنه ليس بمنون كما أختار هذا القاضي، وأما يونس فقال: يا قاض، وقول يونس أقوى".

وقد ضم إلى أقوال هؤلاء العلماء ما استخرجه بنفسه من القواعد اعتمادا على سماعه من العرب الخلص قال: "سمعنا العرب الفصحاء يقولون: انطلقت الصيف"(24)، وقال: "وسمعنا بعض العرب الموثوق به يقال له: كيف أصبحت؟ فيقول: حمدِ الله وثناءٍ عليه"(25)، وقال: "إن هذا البيت أنشدناه أعرابي من أفصح الناس وزعم أنه شعر أبيه"(26).

كَوَّنَ سيبويه كتابه من أقوال العلماء ومما استنبطه هو بنفسه، فكان جماع الفن، شاملا كل ما يحتاج إليه طالبه مع الترتيب والتبويب، ولكل عصر طبيعته المتسقة معه، فترتيب الكتاب على غير المألوف في كتبنا المتداولة بين أيدينا، والإسراف في عناوين أبوابه جاوز الحد فقد بلغت عشرين وثمانمائة، مع الغموض الذي لا يفصح عن المقصود لأول وهلة ومع التداخل في كثير من الأبواب، فمن ذلك على سبيل المثال باب البدل فقد قال: "هذا باب من الفعل يستعمل في الاسم ثم تبدل مكان ذلك الاسم إلخ، هذا باب من الفعل يبدل فيه الآخر من الأول إلخ، باب المبدل من المبدل منه، باب بدل المعرفة من النكرة إلخ، باب من البدل أيضا"(27)، وبعض عباراته الاصطلاحية حلت بدلها عبارات أخرى عندنا، ونظرة أولية إلى مستهله في ترتيب أبوابه وعناوينها واصطلاحاتها كافية في ذلك، قال: "هذا باب علم ما الكلم من العربية، باب مجاري أواخر الكلم من العربية، باب المسند والمسند إليه، باب للفظ للمعاني، باب ما يكون في اللفظ من الأعراض, باب

ص49

الاستقامة من الكلام والإحالة، باب ما يحتمل الشعر، باب الفاعل إلخ".
فلم يك سيبويه في كتابه جمَّاعا لآراء السابقين فحسب، بل له شخصية قوية ظهرت في ابتداع بعض القواعد، وفي ترتيب الكتاب حاويا عناصر الفن كلها، وتبويبه واضعا كل شيء وما يتصل به معه، وحسن التعليل للقواعد، وجودة الترجيح عند الاختلاف، واستخراج الفروع من القياس الذي امتلأ به الكتاب، فكثيرا ما يقول: والقياس كذا، أو: والقياس يأباه، ويقول: "سألت الخليل عن قول العرب: "ما أمَيلِحَهُ" فقال: لم يكن ينبغي أن يكون في القياس لأن الفعل لا يحقر، وإنما تحقر الأسماء إلخ".(28)
وفي الحرص على الاعتزاز بالشواهد الوثيقة لدعم الأحكام التي قررها.
شواهده:

عني سيبويه في كتابه بالشواهد لتثبيت الأحكام والإذعان بها من القرآن الكريم ونثر العرب والشعر، ولم يجنح إلى الاستدلال بالحديث الشريف شأن أسلافه ومعاصريه وذلك لانعدام الثقة في نقل الحديث بلفظه الوارد عنه -صلى الله عليه وسلم- لتصريح العلماء بجواز الرواية بالمعني، إذ لو وثقوا بلفظه لجرى مجرى القرآن الكريم في القواعد الكلية، ثم صارت سنة جارية بعده في المتقدمين والمتأخرين لم يبتدع خلافها غير ابن خروف وابن مالك ثم الرضي الذي أضاف إلى الحديث في الاستشهاد به كلام أهل البيت رضي الله عنهم، وقد أنكر ابن الضائع وأبو حيان على ابن مالك في حديث طويل، وللشاطبي تفصيل قيم في شأن الحديث الشريف نذكره في ترجمته بمشيئة الله تعالى.

فالقرآن الكريم قد بلغ ما ذكره في الكتاب من أي ما يُرْبِي على ثلثمائة آية، قال المازني اعتذارا عن تعليم الذمي الكتاب في نظير أجر كبير: إن هذا الكتاب يشتمل على ثلثمائة وكذا آية من كتاب الله عز وجل ولست أرى أن ناحية الاستعمال العربي وهي بين يدي القارئ فلا حاجة إلى ذكر مثال منها، وفي غير الكثير منها قد تذكر بعض آيات استئناسا لناحية المعنى في الأحكام، قال سيبويه: "وقد يكون "علمت" بمنزلة "عرفت" لا تريد إلا علم الأول، فمن ذلك قوله تعالى: { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ }(29)، وقال سبحانه: { وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ }(30)، فهي ههنا بمنزلة عرفت"(31).

ص50

وقد تذكر بعض آيات أخرى عندما يكون ظاهرها مخالفا للحكم الذي ذكره لتخريجها على ما يوافقه، قال سبيويه: "وأما قوله عز وجل: { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ }(32)، وقوله تعالى: { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا } (33)، فإن هذا لم يبن على الفعل ولكنه جاء على مثل قوله تعالى: { مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ }(34)، ثم قال بعد: فيها كذا وكذا، فإنما وضع المثل للحديث الذي بعده وذكر بعد أخبار وأحاديث فكأنه على قوله ومن القصص مثل الجنة أو مما يقص عليكم مثل الجنة4، فهو محمول على هذا الإضمار ونحوه والله أعلم وكذلك الزانية والزاني كأنه لما قال: { سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا }(35)، قال في الفرائض الزانية والزاني، أو الزانية والزاني في الفرائض، ثم قال: {فَاجْلِدُوا} فجاء بالفعل بعد أن مضى فيهما الرفع إلخ"(36)، وهكذا.

والشواهد النثرية المعين الذي لا ينضب في الاستشهاد لكثرتها والظفر بها عند تلمس الدليل فهي منطق العربي في غداواته وروحاته يرسلها متى شاء وحيث كان وفيما يبتغي ويريد، ويدخل فيها الأمثال السائرة يسمعها سيبويه من العلماء الذين يتلقى عنهم، أو يأخذها مشافهة من العربي وهاك شيئا منها: قال سيبويه: "ومثل قولهم "ومن كان أخاك" قول العرب: "ما جاءت حاجتك"(37)، وقال أيضا: "وسمعنا من يوثق به من العرب يقول: اجتمعت أهل اليمامة إلخ"(38)، ومن الأمثال ما قال: "كما جعلوا عسى بمنزلة كان في قولهم: عسى الغوير أبؤسا"(39)، وهكذا.

والشواهد الشعرية كثيرة كذلك، فقد قالوا: إن فيه ألفا وخمسين بيتا غير أنه لم يعن رحمه الله بنسبة الشعر المذكور إلى قائليه في كثير من الشواهد، سواء ما استشهد به العلماء الحاكي عنهم وما استشهد به هو، لأن بعض الشعر قد روي لشاعرين أو أكثر، وبعضه قديم العهد لا يعرف قائله، فاعتمد على شيوخه فيما استشهدوا به، ونسب الإنشاد إليه، وعلى نفسه فيما سمعه بأذنه, ولم يتخذ أحد من العلماء إغفاله للنسبة سبيلا للطعن عليه، على حين أنه أخرج للناس كتابه والعلماء كثير، والعناية بهذا العلم وتهذيبه وكيدة، ولعل

ص51

ذلك لأن العلماء في ذلك الحين كانوا على علم بها لقرب العهد، فإن العلماء بعدئذ تطلعوا إلى معرفة الشعراء وبحثوا عنهم، قال الجرمي: "نظرت في كتاب سيبويه فإذا فيه ألف وخمسون بيتا، فأما ألف بيت فعرفت أسماء قائليها فأثبتها، وأما خمسون فلم أعرف أسماء قائليها" ويروي مثل هذا الخبر عن المازني وهما متعاصران، فالنسبة المذكورة الآن في الكتاب حادثة بعد سيبويه إما من الجرمي أو المازني، وسميت الأبيات الخمسون بين العلماء بأبيات سيبويه الخمسين المجهولة القائل، ونسبة الشعر للشاعر الصادرة من الجرمي أو المازني لم تشمل الألف كلها في الكتاب المطبوع بين أيدينا، ولا أدري سببا في ذكر القائل في بعض دون بعض، فقد كان في تعيين النسبة للألف كلها إعلان كاف عن الخمسين المجهولة، فليس وراء المعلوم إلا المجهول، والمهم إنما هو الوصول لمعرفة هذه الأبيات المجهولة الخمسين، وقد استعنت خزانة الأدب للبغدادي في الوصول إليها، فعملت منها بالنص اثنين وثلاثين، وسأذكرها لك مع الإشارة في الهامش إلى موطن كل منها في سيبويه وفي خزانة الأدب، غير أن بيتا منها قد اهتدى البحاثة الشنقيطي إلى اسم قائله في كتابه "الحماسة السنية" وهو قوله:

..................................      أفبعد كندة تمدحن قبيلا (40)
فإن قائله امرؤ القيس، وهذا عجز البيت، والبيت كله:
قالت فطيمة حل شعرك مدحه ......  أفبعد كندة تمدحن قبيلا
ومعنى البيت: "حل" تخفيف "حلئ" من حلأه إذا طرده عن الماء، ومدحه بدل اشتمال، فمرادها أن لا يمدح أحدا بعد كندة، دل على ذلك المصراع الثاني والبيت مطلع قصيدة نادرة الوجود أوردها كلها الشنقيطي مع ذكر السبب، وذلك في القسم الثاني، آخر الكلام على البرزنجي.
وعلى هذا فالأبيات المجهولة في كتاب سيبويه تسعة وأربعون، والأبيات المجهولة التي أذكرها أحد وثلاثون، وهاكها بالترتيب على نسق الكتاب:
أبياته المجهولة القائل
أ- ما في الجزء الأول:
هل تعرف الدار على تبراكا ....... دار لسعدي إذه من هواكا (41)

ص52

أستغفر الله ذنبا لست محصيه ....... رب العباد إليه الوجه والعمل (42)
وقائلة خولان فانكح فتاتهم .......... وأكرومه الحيين خلو كما هيا (43)
إن عليَّ الله أن تبايعا ................. تؤخذ كرها أو تجئ طائعا (44)
وكأنه لهق السراة كأنه ................ ما حاجبيه معين بسواد (45)
هل أنت باعث دينار لحاجتنا ......... أو عبد رب أخا عون بن مخراق (46)
ضعيف النكاية أعداءه ............... يخال الفرار يراخي الأجل (47)
كلوا في بعض بطنكم تعفوا .......... فإن زمانكم زمن خميص (48)
....................................  من لد شولا فإلى إتلائها (49)
دعوت لما نابني مسورا .............. فلبي فلبي يدي مسور (50)
فلا تلحني فيها فإن بحبها ........... أخاك مصاب القلب جم بلابله (51)
ووجه مشرق النحر .................. كأن ثدياه حقان (52)
................................... ..يا ليت أيام الصبا رواجعا (53)
على أنني بعد ما قد مضى ........... ثلاثون للهجر حولا كميلا
يذكر نيك حنين العجول ............ ونوح الحمامة تدعو هديلا (54)
من اجلك يا التي تيمت قلبي ....... وأنت بخيلة بالود عني (55)
يا لقوم من للعلى والمساعي ........ يا لقوم من للندى والسماح

ص53

يا لعطافنا ويا لرياح.................. وأبي الحشرج الفتى النفاح (56)
فلا أب مثل مروان وابنه............. إذا هو بالمجد ارتدى وتأزرا (57)
...................................  لا هيثم الليلة للمطي (58)
بكت جزعا واسترجعت ثم آنذت.... ركائبها أن لا إلينا رجوعها (59)
................................... حنت قلوصي حين لا حين محن (60)
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا ....... فاذهب فما بك والأيام من عجب (61)
دعي ماذا علمت سأتقيه ........... ولكن بالمغيب نبئيني (62)
غير أنا لم تأتنا بيقين ............... فنرجى ونكثر التأميلا (63)
هذا سراقة للقرآن يدرسه .......... والمرء عند الرشا إن يلقها ذيب (64)
إن الكريم وأبيك يعتمل .......... إن لم يجد يوما على من يتكل (65)
وكنت أرى زيدا كما قيل سيدا ...  إذ أنه عبد القفا واللهازم (66)
ولست أبالي بعد يوم مطرف ..... حتوف المنايا أكثرت أو أقلت (67)
ب- ما في الجزء الثاني:
لقد رأيت عجبا مذ أمسا ......... عجائزا مثل السعالي خمسا (68)
وهيج الحي من دار فظل لهم .... يوم كثير تناديه وحيهله (69)

ص54

......................................... وهي تنوش الحوض نوشا من علا (70)
فأقبل على رهطي ورهطك نبتحث ........ مساعينا حتى ترى كيف نفعلا (71)

هذا ما يختص بالأبيات المجهولة القائل في الكتاب - أما الألف الباقية فقد ارتضاها جمهور العلماء سواء منها ما نسب إلى قائله وما لم ينسب إليه وقليل منهم اعترض على بعض الأبيات المنسوبة لقائلها بما يؤدي إلى عدم صحة الاستشهاد بها على ما ساقها دليلا عليه سيبويه لتحريف أو تصحيف خفي عليه في الرواية للشاهد، وقليل منهم تعقب بعض الأبيات غير المنسوبة لقائلها واعتبرها مفتعلة مصنوعة، وهذا كله عدا الأبيات المزيدة على شواهد سيبويه فلم تذكر في أصل الكتاب معها، وقد شرحها الأعلم أيضا ناسبا كل شاهد زائد في الباب المذكور فيه لمن أنشده من العلماء الذين زادوه على شواهد الكتاب في خلال نظرهم فيه وإن فاته كمعظم الشراح "رجز" خلط بكلام الكتاب، ذلك هو قول سيبويه في باب "ما لا يعمل فيه ما قبله من الفعل، إلخ".

لقد علمت أي حين عقبتي ............................ (72)

وهو من شواهد الرضي "في أفعال القلوب" ونبه على كل ذلك البغدادي في الخزانة (73).

فهذه أصناف ثلاثة، وهاك بيانها:
بعض الأبيات التي خطئوا روايتها:
كثر ما طعن بعض العلماء على بعض الأبيات المنسوبة للقائل طعنا يقضي بعدم الاستدلال بها، وفي مقدمة هؤلاء ابن قتيبة، والمبرد، والعسكري، وإني لذاكر من ذلك أبياتا ثلاثة على سبيل التمثيل خوف الإطالة فمن ذلك:
1- قول عقيبة بن هبيرة الأسيدي:
معاوي إننا بشر فأسجح ......... فلسنا بالجبال ولا الحديدا
أديروها بني حرب عليكم .......  ولا ترموا بها الغرض البعيدا (74)
استشهد سيبويه بالبيت الأول على جواز العطف على الموضع، فإن قوله "الحديدا" معطوف على محل المجرور قبله في قوله "بالجبال" لأن الباء زائدة.

ص55

لقد خطأ ابن قتيبة في أواخر مقدمة الشعر والشعراء في هذه الرواية مدعيا أن الصواب الجر كبقية القصيدة، والبيت الثاني من بيتي سيبويه لا صلة له بالأول منهما، وتابعه المبرد في ذلك، وكذا العسكري في "التصحيف والتحريف".
لكن العلماء المنتصرين لسيبويه، وفي مقدمتهم ابن الأنباري في كتابه "الإنصاف"، قالوا: إن البيت روي مع أبيات منصوبة ومع أبيات مجرورة، واستشهاد سيبويه منوط بالرواية الأولى فصح الاعتماد عليه، ولهذا استشهد به الرضي على الكافية، راجع الخزانة في الشاهد الرابع والعشرين بعد المائة.
2- ومن ذلك قول نهشل بن حري:
لِيُبْكَ يزيد ضارع لخصومة .............. ومختبط مما تطيح الطوائح (75)
استشهد به سيبويه في باب "ما يحذف منه الفعل إلخ" على أن رافع "ضارع" محذوف للعلم به من سابقه.
وقد تعقب الأصمعي رواية البيت كذلك قائلا إن الصواب نصب يزيد بالفعل قبله، والفعل مبني للمعلوم لا للمجهول، فضارع فاعل له لا للمحذوف، وقد نقل عن الأصمعي هذا التصحيح ابن قتيبة في أواخر مقدمة الشعر والشعراء، وتبعهما العسكري في "التصحيف والتحريف".
لكن العلماء الآخرون أجازوا رواية سيبويه فاقتفاه في الاستدلال بها في "باب الفاعل" الزمخشري في المفصل، وابن الحاجب في الكافية، وابن هشام في التوضيح والأشموني في شرح الألفية.
3- ومن ذلك قول الأخطل:
كروا إلى حرتيكم تعمرونهما ........... كما تكر إلى أوطانها البقر (76)
استشهد سيبويه بهذا البيت في باب "من الجزاء ما لا ينجزم فيه الفعل إذا كان جوابا لأمر إلخ على جواز رفع المضارع وهو تعمرونهما بعد الطلب وهو "كروا" لعدم قصد الجزائية، وتبعه في الاستشهاد به الزمخشري في المفصل، والأشموني في شرحه على الألفية. لم ينبه أحد من العلماء قط على ما في البيت من خطأ ابتني عليه زعم الاستدلال بالبيت إذ مدار الاستشهاد به على أن "كروا" فعل أمر بدليل الخطاب في حرتيكم.

ص56

والحقيقة أن الفعل ماض وأن صواب الشطر الأول: (كروا إلى حرتيهم يعمرونهما) على الحكاية للغائبين. فالبيت من قصيدة في متناول أيدي الجميع. ويبدو لي أن هذا التحريف غير معمود إليه، وإنما سري لسيبويه من الراوي المحرف، وأكاد أعتقد أن هذا البيت في تحريفه لا مثيل له في الكتاب، والعجب العاجب عدم الانتباه لما فيه من الأعلام السابقين.
بعض الأبيات التي قيل: إنها مصنوعة:

فمما قالوا إنه مصنوع:

1- حذر أمورا لا تضير وآمن ............... ما ليس منجيه من الأقدار(77)
استشهد به سيبويه على عمل "فعل" من أبنية المبالغة، وتبعه من بعده كابن يعيش في شرح المفصل، والرضي في شرح الكافية وغيرهما.
لكن قال النقدة يروى عن اللاحقي أنه قال: "إن سيبويه سألني عن شاهد في تعدي "فعل" فعملت له هذا البيت".
وقد تصدى للرد عن سيبوبه في الطعن الوارد على هذا البيت الكثير من العلماء قال الأعلم في شرحه لهذا الشاهد: "وإن كان هذا صحيحا فلا يضر ذلك سيبويه لأن القياس يعضده"، وقال هارون بن موسى: "وإنما أراد اللاحقي بقوله: فوضعت له هذا البيت، فرويته له"، وقال ابن يعيش في شرح المفصل: "فإن سيبويه رواه عن بعض العرب وهو ثقة لا سبيل إلى رد ما رواه"، وبعدئذ فلا مجال للطعن على سيبويه.
2- هم الفاعلون الخير والآمرونه ............... إذا ما خشوا يوما من الأمر معظما
3- ولم يرتفق والناس محتضرونه ............... جميعا وأيدي المعتفين رواهقه
قال المبرد: "وقد روى سيبويه بيتين محمولين على الضرورة وكلاهما مصنوع، وليس أحد من المفتشين يجيز مثل هذه الضرورة لما ذكرت من انفصال الكناية، والبيتان اللذان رواهما سيبويه، وهم الفاعلون الخير، إلخ". (78)

ص57

المراد من الكناية الضمير، وأول من استعملها في ذلك سيبويه، وتوجيه طعن المبرد على سيبويه أن الضمير لا يتصل بالوصف المثنى أو المجموع إلا إذا تجرد من النون اللاحقة في آخره حتى يحل محلها الضمير المتصل المضاف إليه، وذلك للتناوب بين النون والضمير، فإذا اقترنت بالوصف النون وجب انفصال الضمير عنه حينئذ، والنتيجة أن الجمع بينهما ممنوع، فكيف استباح سيبويه ذكر بتين اجتمع فيهما النون والضمير المتصل للضرورة مع أنهما مصنوعان؟

والذي يقتضي العجب أن المبرد يتجنى على سيبويه في هذا الانتقاد مع أن سيبويه نفسه قد صرح في البيت الأول أنه مصنوع وكذا في الثاني، ونقل ذلك عنه ابن يعيش في شرح المفصل مبحث الإضافة اللفظية لأن صاحب المفصل ذكر الشطر الأول من البيت الأول للرد عليه، وكذا الرضي على الكافية، وقد استعرض اعتراض المبرد على البيتين وما قيل في دفع الاعتراض عليهما البغدادي في الخزانة في الشاهدين: السادس والتسعين والسابع والتسعين بعد المائتين.
4-إذا ما الخبز تأدمه بلحم .................. فذاك أمانة الله الثريد (79)
استشهد بالبيت مرتين الأولى على رفع ما بعد إذا، والثانية على نصب أمانة بفعل مقدر، وتابعه في الاستشهاد به على الثانية الزمخشري في المفصل عند الكلام على حروف القسم، وابن يعيش في شرح المفصل في أوائل الكلام على القسم.
لكن قال النقدة: إن البيت مصنوع، والله أعلم بالحقيقة.
الأبيات المزيدة على الشواهد:
يرى المتأمل في شرح شواهد سيبويه للأعلم أبياتا مضافة إلى أبيات سيبويه، وقد تناولها الأعلم بالبيان لمعناها وموطن الشاهد فيها على غرار شرحه لأبيات الكتاب، غير أنه قبل ذكرها يعزوها لمنشدها في الباب المتحدث فيه ويعرض للغرض منها في الاستشهاد، ما خلا بيتين فيؤخذ منه نسبتهما لسيبويه لإطلاقه الإنشاد له على وفق طريقته في شواهده, والأبيات المزيدة بلغت أحد عشر أكثرها من إنشاد الأخفش، فالمازني، ثم الجرمي، والمبرد: ولهذا يحسن بعد ذكر البيتين المظنون نسبتهما لسيبويه سرد ما أنشده الأخفش في الكتاب مستقلا، وكذا المازني، وبعدهما أراعي ترتيب الكتاب في المبرد والجرمي.
البيتان المنسوبان له وهما في الجزء الثاني:
أتيت مهاجرين فعلموني ........ ثلاثة أحرف متتابعات

ص58

وخطوا لي أبا جاد وقالوا........ تعلم صعفصا وقريسيات (80)

الأخفش في الجزء الأول:
فبيناه يشري رحله قال قائل .......... لمن جمل رخو الملاط نجيب (81)
وما مثله في الناس إلا مملكا ......... أبو أمه حي أبوه يقاربه (82)
ألم يأتيك والأنباء تنمى .............. بما لاقت لبون بني زياد (83)
فزججتها بمزجة ..................... زج القلوص أبي مزاده (84)
المازني في الجزء الأول:
أتهجر ليلى بالفراق حبيبها ............ وما كان نفسا بالفراق تطيب (85)
وفي الجزء الثاني:
إن الفرزدق صخرة عادية .............. طالت فليس تنالها الأوعالا (86)
فما سبق القيسي من ضعف حيلة ....... ولكن طفت علماء غرلة خالد (87)
المبرد في الجزء الأول:
ثأرنا بها قتلى وما في دمائها ............. وفاء وهن الشافيات الحوائم (88)
الجرمي في الجزء الثاني:
أرمي عليها وهي فرع أجمع ............. وهي ثلاث أذرع وأصبع (89)
وبعد فمما لا ريب فيه بين العلماء قاطبة أن سيبويه لم يحتج في كتابه إلا بأشعار

ص59

 من يستشهد بشعرهم من الجاهليين والمخضرمين والإسلاميين فلم يتجاوزهم إلى المحدثين، ولقد كان ذلك في تعليمه ودراسته وحجاجه، نعم روي أنه عاب على بشار صدر المحدثين كلمات له في أبيات، وبلغ عيبه لها بشارا، فقال يهجوه:

أسبويه يابن الفارسية ما الذي .............. تحدثت عن شتمي وما كنت تنبذ
أظلت تغني سادرا في مساءتي ............. وأمك بالمصرين تعطي وتأخذ (90)
فتوقى شره بعدئذ، وكان إذا سئل عن شيء فأجاب عنه ووجد له من شعر بشار شاهدا احتج به استنكافا لشره.
ومن الحق البين أن الكتاب يحتاج إلى دراسة طويلة عميقة في البحث يضيق المقام عن استيفائها، وما أجدرها بسفر خاص!
تقدير الكتاب:
لقد دهش الناس عند ظهور الكتاب فجأة على صورته الرائعة الغريبة من سيبويه الشاب، فتسرب إلى نفوسهم الظن في أمانته العلمية، قال يونس: "أظن هذا الغلام كذب على الخليل" فقيل له وقد روى عنك أيضا، فاستحضر الكتاب ورأى ما نقله عنه صحيحا، فقال إنه صدق في جميع ما قال...
عظم شأن الكتاب في البصرة حتى صار علما بالغلبة، فكان إذا قيل في البصرة فلان يقرأ الكتاب فلا يفهم السامع سوى كتاب سيبوبه، بل سموه إكبارا له "قرآن النحو"، وهكذا كان الكتاب أعجوبة الدهر الخالدة فإنه منذ ألف استفرغ عناية العلماء به في الطواف حوله، فمن شارح له ومن شارح لشواهده ومن منتقد له واتخذوا حيناً وضع كتاب جديد بعده، ولهذا كان يقول المازني: "ومن أراد أن يصنف كتابا واسعا في النحو بعد سيبويه فليستحي".
لم يقف العلماء فيه على عثرات شأن المؤلفات الضافية "لا في أسلوبه ولا في القواعد المسطورة" فيه، مع أن الكتاب باكورة في النحو، ومع كثرة الناظرين فيه، وحسبه في أسلوبه أن يتلقف ابن الطراوة غلطة واحدة فيه، ثم لم تسلم له مع هذا إلا تلك: هي أن سيبويه في الجزء الأول باب "ما تجري عليه صفة ما كان من سببه وصفة ما التبس به، إلخ" أجاب بكلمة نعم عن استفهام تقريري داخل على النفي مرتين إذ يقول:

"قيل له: ألست تعلم أن الصفة ... فإنه لا يجد بدا من أن يقول: نعم ... أفلست

ص60

تجعل هذا العمل. فإنه قائل: نعم" ... والمعروف في "نعم" أنها جواب لما بعد الاستفهام، وهو خلاف المراد على ما هو واضح.

ودفع هذا التعقب ابن هشام في المغني مبحث "نعم" فقال: "وزعم ابن الطراوة أن ذلك لحن. ويجوز عند أمن اللبس أن يجاب النفي بما يجاب به الإيجاب رعيا لمعناه. وعلى ذلك قول الأنصار -رضي الله عنهم- للنبي -صلى الله عليه وسلم- وقد قال: "ألستم ترون لهم ذلك قالوا: نعم" وعلى ذلك جرى كلام سيبويه، والمخطئ مخطئ".
ويكفيه في قواعده أن الزجاج لم يعثر إلا على غلطتين فيها: إحداهما اعتباره بناء "أي" الموصولة على الضم مع الإضافة وحذف صدر الصلة، قال ابن هشام في المغني مبحث "أي": "قال الزجاج: ما تبين لي أن سيبويه غلط إلا في موضعين هذا أحدهما فإنه يسلم أنها تعرب إذا أفردت فكيف يقول ببنائها إذا أضيفت؟".
ومنذ ألف الكتاب ما فارقه النحو وما تخلف هو عنه بل كانا يقيمان معا ويرحلان معا، فطوف معه وانتقل من البصرة إلى الكوفة، ثم بغداد ثم الأندلس والشام ومصر، وسنذكر نبذة عنه إن شاء الله في الطور الرابع عند الكلام على علماء الأندلس، تتبين منها إقبال الأندلس عليه وتقديرها له، وبعبارة أخرى احتفاء المغاربة به بعد المشارقة، وفي خزانة الأدب للبغدادي الشاهد السابع والخمسين نبذة عن الكتاب.
ولقد قدر لهذا العبقري أن تكون منيته في أمنيته، حببت إليه التوجه إلى بغداد لمنازلة الكسائي الذي كان ينفس عليه ما نال من جاه كبير ومال وفير، ثقة منه بالظفر عليه، فتلاقى القرينان وجرت بينهما تلك المناظرة المشئومة التي سلف الكلام عليها، فخاب الأمل، وفارق سيبويه بغداد مقهورا، وعز على نفسه أن يعود إلى البصرة بعد هذا الخزي والخذلان، فاستقدم تليمذه أبا الحسن الأخفش في طريقه إلى بلده في فارس، وبث إليه حزنه، وما كاد يرد بلده حتى اشتدت علته، فمات في ريعان شبابه قبل جل شيوخه رحمه الله سنة 188هـ.
2- اليزيدي:

هو أبو محمد يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي, مولى بني عدي، نشأ بالبصرة وتلقى عن "أبي عمرو بن العلاء وابن أبي إسحاق والخليل ويونس" وغيرهم، ثم اشتهر فضله فيها وعرف باللغة والنحو وأخبار الناس، وعرضت فتنة بالبصرة اقتضت اختفاءه عنها، ثم ظهر بعد في بغداد عند يزيد بن منصور الحميري خال المهدي فأدب أولاده ونسب إليه ولقب باليزيدي من هذا الحين، وسرى هذا اللقب في أولاده وأحفاده من بعده، ولم يلبث أن وصله يزيد بالرشيد فاختصه بأدب المأمون كما كان الكسائي

ص61

يؤدب الأمين، وصار اليزيدي يدرس في مساجد بغداد كما يدرس الكسائي، فتولدت بين الشيخين المنافسة، وتطلع كل منهما لغلب الآخر، فحدثت المناظرات بينهما، وكان اليزيدي مظفرا في أغلبها، وقد أسلفنا القول على إحداهما، ولما مات الكسائي قبله لم يقصر في رثائه، كان اليزيدي مع علمه أديبا شاعرا له مجموعة شعرية فيها شعر كثير في مدح النحاة البصريين وهجاء الكوفيين، وسنذكر بعضا منها في الكلام على المذهب الكوفي بمشيئة الله تعالى، وله مؤلفات متنوع العلوم، منها مختصر في النحو وقد بورك له في نسله فكان العلم والأدب والفضل في أبنائه وحفدته، توفي رحمه الله بمرو سنة 202هـ.(91)
الطبقة الخامسة:
1- الأخفش:

هو أبو الحسن سعيد بن مسعدة مولى بني مجاشع بن دارم "بطن من تميم" أوسط الأخافشة الثلاثة المشهورين، فقبله أبو الخطاب الأخفش الأكبر شيخ سيبويه الذي سلفت ترجمته، وبعده أبو الحسن الأخفش الأصغر تلميذ المبرد وثعلب وستأتي ترجمته، وأشهرهم ذكرا في النحو فلذا ينصرف إليه الحديث عن ذكر الأخفش مجردا من الوصف في كتب النحو، فإن قصد غيره وجب ضم الأكبر أو الأصغر إليه على وفاق المطلوب، ولد ببلخ وأقام بالبصرة لطلب العلم وتلقى مع سيبوبه عن جل شيوخه سوى الخليل، ثم أخذ عنه بعد المشاركة مع كبر سنه عنه فكان أنحى تلاميذه، وكان ضنينا بكتاب سيبويه لنفاسته حتى ظن به ادعاؤه لنفسه لأن سيبويه لم يقرأه على أحد ولا قرأه عليه أحد ما عداه، قال: ما وضع سيبويه في كتابه شيئا إلا عرضه علي وكان يرى أنه أعلم به مني وأنا اليوم أعلم به منه، فتشاور تلميذا الأخفش: "الجرمي والمازني" على الحيلولة بينه وبين ما ظن فيه بترغيبه في المال إذ كان الجرمي مثريا فقرآه عليه وظهر الكتاب، فليس للكتاب طريق إلا الأخفش، فإليه يرجع الفضل في استبقائه كما يرجع للكتاب الفضل في إقبال العلماء على الأخفش. (92)

لما قفل سيبويه من بغداد بعد خذلانه في المناظرة الماضية استشخص تلميذه

ص62

الأخفش في طريقه إلى الأهواز لما سبق أنه ولى وجهه عن البصرة خزيا وشكا إليه بثه وحزنه مما هاضه، فتحرش الأخفش بالكسائي ووصل بغداد في الغلس وصلى خلف الكسائي الغداة في مسجد، ثم سأله أمام تلامذته "الفراء والأحمر" وغيرهما وخطأه في إجابته حتى هم التلامذة بالوثوب عليه فمنعهم الكسائي وقال له: بالله أما أنت أبو الحسن بن سعيد بن مسعدة؟ فقال: بلى، فقام إليه وعانقه وأجلسه بجنبه وأكرم مثواه، فاستحال تحرشه محبة له وأقام عنده ينعم بالحياة السعيدة الجديدة، وبقي في جواره ببغداد بقية حياته، وصار مؤدب أولاده وقرأ له كتاب سيبويه سرا، وقد تغيرت لذلك عصيبة الأخفش حتى وافق الكوفيين كثيرا في آرائهم فكان أكثر البصريين موافقة للكوفيين، وكتب النحو ملأى بالمسائل التي وافقهم فيها، وإني ذاكر لك بعضا منها على سبيل التمثيل:

من المسائل التي وافق فيها الأخفش الكوفيين:
1- إعراب فعل الأمر وجزمه بلام الأمر المقدرة على أنه مقتطع من المضارع المجزوم بها، قال ابن هشام: "وزعم الكوفيون وأبو الحسن أن لام الطلب حذفت حذفا مستمرا في نحو قم واقعد، وأن الأصل. لتقم ولتقعد، فحذفت اللام للتخفيف وتبعها حرف المضارعة". (93)
2- جواز رفع الوصف فاعلا ظاهرا من غير اعتماد للوصف وكذا الظرف قال الرضي"والأخفش والكوفيون جوزوا رفع الصفة للظاهر على أنه فاعل لها من غير اعتماد على الاستفهام أو النفي نحو: قائم الزيدان كما يجيزون في نحو: "في الدار زيد" أن يعمل الظرف بلا اعتماد". (94)
3- جواز زيادة "من" في غير الإيجاب مع المعرفة قال الرضي "وغير الأخفش والكوفيين شرط فيها شرطين كونها في غير الموجب ودخولها في النكرات، والكوفيون والأخفش لا يشترطون ذلك استدلالا بقوله تعالى: {يَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ}". (95)
كما تغيرت نزعته البصرية "نزعة السماع" إلى النزعة الكوفية "نزعة القياس" بل أسرف فيها، فعول على قياسه النظري في كثير من المسائل التي لم يأبه فيها بالفريقين، وهاك بعضا منها:

ص63

من المسائل التي انفرد فيها الأخفش بالقياس
1- جواز وقوع "أن" بعد "لعل" قياسا على "ليت" قال الزمخشري: "وقد أجاز الأخفش "لعل أن زيدا قائم" قاسها على ليت". (96)
2- تجويزه رفع المضارع بعد حتى المسبوقة بالنفي قياسا على الإيجاب واعتبار النفي داخلا على الكلام برمته، قال ابن هشام: "وأجاز الأخفش الرفع بعد النفي على أن يكون أصل الكلام إيجابا ثم أدخلت أداة النفي على الكلام بأسره لا على ما قبل حتى خاصة إلخ"(97) ، قال الدماميني: "فكأنه إنما أجاز بالقياس لا بالسماع" وقد سبق إلى هذا النقل الرضي.
3- جواز منع الصرف لأفعل الصفة مع قبوله التاء نحو أرمل قياسا على أحمر، قال الأشموني: "وأجاز الأخفش منعه لجريه مجرى أحمر لأنه صفة وعلى وزنه". (98)
4- قياسه مجيء اسم فعل الأمر من الرباعي على فِعلال، قال الرضي: "وعند الأخفش فعلال أمرا من الرباعي قياس". (99)
5- تصغيره اللاتي واللائي على لفظهما، قال الرضي: "وقد صغرهما على لفظهما قياسا لا سماعا، وكان لا يبالي بالقياس في غير المسموع إلخ".(100)
وبعد فالمخالفات التي خرج فيها عن الفريقين معتمدا على قياسه النظري غير متقيد فيها بقانون السماع كثيرة جدا، ولهذا يقول الرضي: "وأجاز الأخفش الكسر أيضا في "الم الله" قياسا لا سماعا كما هو عادته في التجرد بقياساته على كلام العرب الذي أكثره مبني على السماع".(101)
على أنه كان لتحلله من التقليد أثره في آرائه، فكثر ما كان له في المسألة الواحدة رأيان فصاعدا، قال ابن جني: "وقد كان أبو الحسن ركابا لهذا الثبج آخذا به غير محتشم منه، وأكثر كلامه في عامة كتبه عليه، وكنت إذا ألزمت عند أبي علي رحمه الله أن أقول لأبي الحسن شيئا لا بد للنظر من إلزامه إياه، يقول لي: مذاهب أبي الحسن كثيرة إلخ".(102)

ص64

وله مؤلفات كثيرة منها في النحو: المقاييس، والأوسط، توفي ببغداد سنة 215هـ.
2- قطرب:
هو أبو علي محمد بن المستنير، نشأ بالبصرة وتلقى عن "عيسى بن عمر وسيبويه" وغيرهما إلا أن اتصاله بسيبويه أكثر، كان كلما خرج سيبويه من بيته سحرا وجده على بابه فقال له: إنما أنت قطرب ليل، فأطلق عليه ولصق به، حذق الجدل والكلام ومال إلى مذهب المعتزلة النظامية، له تصانيف كثيرة، منها في النحو "كتاب العلل"، توفي ببغداد عام 206هـ.

الطبقة السادسة:

1- الجرمي:

هو أبو عمر صالح بن إسحاق مولى بني جرم1 من قبائل اليمن نشأ بالبصرة فتعلم عن شيوخها النحو واللغة، وسمع من "يونس والأخفش الأوسط" ولم يلق "سيبويه"(103) ، وزامله في عصره وتلقيه المازني، وإليهما انتهت الرياسة النحوية، وسبق أنهما ذوا الفضل في إظهار الكتاب على يد شيخهما الأخفش، كان الجرمي أديبا شاعرا ديِّنا صحيح العقيدة، وله مناصرة مع الفراء، ومصنفاته كثيرة، منها في النحو مختصره المشهور لدعائه له بالبركة، وكتاب "فرخ كتاب سيبويه" ورد بغداد وأقام فيها حتى قضى نحبه سنة 225هـ.

2- التوزي:

هو أبو محمد عبد الله بن محمد مولى قريش من توز "بلد بفارس"، أخذ عن "الجرمي" كتاب سيبويه، واشتهر باللغة والأدب فكان أعلم بالشعر من المازني والرياشي(104) ، توفي ببغداد سنة 238هـ.

3- المازني:
هو أبو عثمان بكر بن محمد مولى بني سدوس، ولد بالبصرة، وتربى في بني مازن بن شيبان فنسب إليهم، وأخذ عن "أبي عبيدة وأبي زيد والأخفش" وغيرهم، مع مشاركة رفيقه الجرمي، كما تقدمت
الإشارة الى ذلك، وما لبث أن صار علم البصرة الخفاق. وقال

ص65

الناس: لم يكن بعد سيبويه أعلم من المازني بالنحو، ساعده على نبوغه قوة بيانه وأدبه، فكان له الفلج في الحجاج، وقد تغلب على الأخفش مع تلقيه عنه. استقدمه من البصرة أمير المؤمنين هارون الواثق إليه في "سامرا" مقر الخلافة آنذاك لما أنشد مخارق قول الحارث بن خالد المخزومي:

أظليمُ إن مصابكم رجلا ......... أهدى السلامَ تحيةً ظلمُ (105)
بنصب رجل، ورأى علماء الكوفة حوله رفعه مع تمسك مخارق بإنشاده رواية عن المازني، فلما قدم المازني أوجب النصب مدللا عليه في حديث طويل، فأصاب نجحا عظيما عند الواثق، ثم حمله الواثق على اختبار العلماء فوقفوا من المازني على علم جم، ورغبه الواثق في البقاء فاعتذر، وعاد أدراجه إلى البصرة مرعي الجانب من الواثق ثم من أخيه المتوكل بعده، والمازني على طول باعه أبى التصنيف في النحو إذ كان يقول الكلمة المتقدمة في كتاب سيبويه: "من أراد أن يصنف كتابا واسعا في النحو بعد كتاب سيبويه فليستحيي", نعم، ألف كتابا في علل النحو، وكتاب التصريف، وله كتب أخرى في غير النحو، توفي رحمه الله بالبصرة سنة 249هـ على الأشهر. (106)
4- أبو حاتم السجستاني:

هو سهل بن محمد، نشأ بالبصرة، وأخذ عن "أبي زيد والأصمعي وأبي عبيدة" وقرأ كتاب سيبويه مرتين على الأخفش(107)، ثم نبه شأنه فانتفع الناس بدراسته، إلا أنه لم يكن حاذقا بالنحو، له مصنفات مختلفة منها إعراب القرآن، وكتاب الإدغام، توفي سنة 250هـ. (108)

5- الرياشي:

هو أبو الفضل العباس بن الفرج مولى محمد بن سليمان الهاشمي، ولقب بالرياشي لأن أباه كان عبدا لرجل من جذام اسمه رياش فانتقل اللقب من أبيه بعد الشهرة إليه. نشأ

ص66

بالبصرة وأخذ النحو عن المازني وسمع منه كتاب سيبويه، واللغة عن الأصمعي، ثم صار من كبار النحاة واللغويين، له تصانيف ليس منها كتاب نحو، قتل وهو يصلي الصبح قائما في الفتنة المشؤومة "موقعة الزنج" بالبصرة المضروب بها المثل المشهور، كان دخولهم فيها وقت صلاة الجمعة في شوال سنة 257هـ. (109)

الطبقة السابعة:

1- المبرد: (110)

هو أبو العباس محمد بن يزيد من بنى ثمالة "بطن من أزد شنوءة" ولد بالبصرة وأخذ عن "الجرمي والمازني وأبي حاتم" وغيرهم إلا أن أغلب تلقيه عن المازني، ثم نبه قدره في البصرة وانتهت إليه الرياسة حتى قال الناس: ما رأى محمد بن يزيد مثل نفسه. فأما سبب تلقيبه بالمبرد فقال ياقوت: "وإنما لقب بالمبرد لأنه لما صنف المازني "كتاب الألف واللام" سأله عن دقيقه وعويصه فأجابه بأحسن جواب، فقال له المازني: قم فأنت المبرد "المثبت للحق" فحرفه الكوفيون وفتحوا الراء"، آراؤه في النحو مستفيضة في الكتب.

كان غير متقيد برأي المذهبين: البصري والكوفي، متى بدا له رأي آخر، فمن ذلك على سبيل التمثيل منعه تقديم خبر ليس عليها، قال ابن جني بعد مقدمة يعيب فيها اللائمين على المتفرد برأي جديد: "وذلك كإنكار أبي العباس جواز تقديم خبر ليس عليها، فأحد ما يحتج به عليه أن يقال له أجاز هذا مذهب سيبويه، وأبو الحسن وأصحابنا كافة، والكوفيون أيضا معنا، فإذا كان إجازة ذلك مذهبا للكافة من البلدين، وجب عليك يا أبا العباس أن تنفر عن خلافه. إلخ". (111)
ومن آرائه الغريبة تجويزه ظهور "كان" بعد "أما" في نحو: أما أنت منطلقا انطلقت، قال الرضي: "وأجاز المبرد ظهور كان على أن "ما" زائدة لا عوض ولا يستند ذلك إلى سماع"، كما أنه كان كثيرا ما يخطئ بعض الأساليب لسعة أفقه في الاطلاع، فمن ذلك على سبيل المثال إنكاره وقوع الضمير المتصل بعد لولا مثل: لولاي ولولاك ولولاه ونحوها، فقد ذكر بعد كلام رد به تخريجي سيبوبه والأخفش لها ما نصه: "والذي أقوله إن هذا خطأ لا يصلح لا أن نقول: لولا أنت، كما قال الله عز وجل: {لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} (112) وتعقبه

ص67

لسيبويه مشهور، وقد ذكرنا شيئا منه في الكلام على الكتاب.

استشرفت نفسه بغداد فاتصل بالخلفاء والأمراء ينافس ثعلبا إمام الكوفيين ذا المكانة في بغداد فوقعت بينهما العداوة والبغضاء، بلغه يوما أن ثعلبا نال منه، فقال في ذلك مغيظا:
رب من يعنيه حالي ....... وهو لا يجري ببالي
قلبه ملآن مني ........... وفؤادي منه خالي
وجرت بينهما مناظرات تكلمنا على واحدة منها سابقا، ظفر فيها ثعلب، ودام النفور بين الإمامين حتى لقي المبرد ربه فرثاه ثعلب, ولقد خلف مصنفات في علوم متنوعة برهنت على أدبه الجم وعلمه الغزير، منها في النحو: المقتضب. وشرح شواهد سيبويه، والرد عليه، وله في تاريخ النحاة: طبقات النحويين البصريين وأخبارهم، وقد نوهنا في كلمة سابقة عن كتابه الكامل، والتعريف الكافي عنه يتطلب بسطا لا يسعه المقام، توفي ببغداد سنة 285هـ.

_________________________________

(1) ومما هجاه به لروايته شعر جرير, قوله:

ولقد كان في معدان والفيل زاجر........ لعنبسة الراوي علي القصائدا

فسأل بعض عمّال البصرة عنبسة عن هذا البيت وعن الفيل فقال عنبسة: لم يقل و (الفيل) إنما قال: اللؤم, فقال: إن امراً فررت منه الى اللؤم لأمر عظيم (السيرافي ص24).

(2) راجع الاشباه والتظائر, الفن السابع, فن المناظرات والمجالسات إلخ, والبيت من قصيدة طويلة لذي الرمة.

(3) راجع مقدمة الشعر والشعراء، نقد الشعر، عض الزمان: شدته، والمسحت: المستأصل، والمجلف: الباقي منه بقية، والإشكال في البيت مبني على فتح الدال في "يدع" ونصب "مسحت"، وقد خرج العلماء رفع "مجلف" على أوجه منها ما قال ابن يعيش في شرح المفصل، باب العلم المنقول جـ10، وباب الإعلال في الواو والياء لامين جـ10: إنه معطوف على المنصوب بملاحظة المعنى، إذ كأنه قال: بقي مسحت، ومنها وجهان آخران ذكرهما الرضي في شرح الكافية آخر عطف النسق، أما على رواية كسر الدال في يدع ورفع مسحت كما قال ابن جني في الخصائص "باب القول على الاطراد والشذوذ" فلا إشكال، ومعنى يدع حينئذ يسكن، وقد أحاط بنقل ما تقدم ما التفصيل والزيادة على نسبة القول لابن يعيش البغدادي في الخزانة شاهد 357، والبيت من قصيدة طويلة من النقائض في مدح عبد الملك مع أنه ليس فيها ما يتصل بالمدح إلا هذا البيت مع آخر قبله، فإن ما قبلهما نسيب وما بعدهما في كلام الإبل والفخر بآبائه على جرير.

(4) راجع السيرافي (ص26) بلفظ (منظور) بالشين.

(5) راجع الشعر والشعراء، المبحث السابق، الشمال: الريح المعلومة, والحاصب: الريح التي تسير الحصباء، والزواحف جمع زاحفة: الإبل التي أعيت فجرت فراسنها "جمع فرسن كزبرج، وهو البعير كالحافر من دابة" وتزجي: تساق، ورير فاسد ذائب من الهزال. وقد تكلف بعض العلماء تصحيح الجر لرير بأن الأصل على زواحف رير مخها وهو كما ترى. ولذا اعترف الفرزدق مع المكابرة فقال نزجيها محاسير، والمحاسير جمع محسور أي متعب. والبيتان من قصيدة في مدح يزيد بن عبد الملك وهجاء يزيد بن المهلب (راجع ايضا أخبار النحويين البصريين للسيرافي ص 26-27 ).
(6) راجع الشعر والشعراء والمولى: الحليف ولا يحالف إلا الذليل، فالمعنى لو كان ذليلا لهجوته ولكنه أذل من الذليل لأنه حليف الحضرميين وهم حلفاء بني عبد شمس، والتخطئة في البيت معروفة في النحو باب ما لا ينصرف، راجع سيبويه جـ2 ص58 وشرح المفصل والرضي على الكافية راجع الخزانة شاهد 35. قلت: كان عند العرب مولى, والحليف قد يكون ذليلا وقد لا يكون كمن تحالفوا في حلف الفضول فهو حلف أقوياء فقد أخطأ المؤلف في قوله هنا: (ولا يحالف الا الذليل).

(7) راجع العبارة في مقدمة أدب الكاتب وعيون الأخبار "كتاب العلم والبيان التشادق والغريب" جـ2، وخزانة الأدب الشاهد التاسع.

(8) وقد أخذ عنه الخليل بن احمد, وله كتابان في النحو سمي احدهما: (الجامع) والآخر (المكمل) فقال الخليل بن احمد:

ذهب النحو جميعا كله ....... غير ما أحدث عيسى بن عمر

ذاك الكمال وهذا الجامع...... فهما للناس شمس وقمر

وهذان الكتابان ما وقعا الينا ولا رأيت أحدا يذكر أنه رآهما (ص31- 32).

(9) هو احد القراء السبعة فهو قارئ اهل البصرة, راجع ترجمته مفصله في (معرفة القراء الكبار) للذهبي.

(10) البيت من شواهد سيبويه في جـ2 على حذف التنوين من عمرو ص148 وعلى دخول أفعلت على فعلت ص237 وعلى الأول استشهد به ابن يعيش في باب العلم وعلى الثاني أدب الكاتب كتاب الأبنية معاني أبنية الأفعال والرضي على الشافية راجع الشاهد رقم 16 والبيت من ثلاثة أنشأها له لما صعد إلى غرف ووصل إليه.

(11) هذه الحادثة الطريفة مفصلة في ذيل الأمالي ص39 وطبقات الزبيدي، والمغني الباب الأول مبحث ليس، والأشباه والنظائر الفن السابع.

(12) ترجمته في المعاجم المرتبة أبجديا في العين إلا في معجم الأدباء وفوات الوفيات ففي الزاي، وراجعها في شرح شواهد الشافية رقم 16، ودائرة المعارف الإسلامية. وممن أخذ عن ابي عمرو بن العلاء أبو محمد يحيى بن المبارك اليزيدي ومما قاله فيه وفي نحويي البصرة:

يا طالب النحو ألا فابكه                           بعد ابي عمرو وحماد

وابن ابي اسحاق في علمه                        والزين في المشهد والنادي

عيسى واشباه لعيسى وهل                        يأتي لهم دهر بأنداد الأبيات

(13) أول كتابه: استدراك الغلط الواقع في كتاب العين، ونقل هذا الكلام في المزهر النوع الأول المسألة السادسة عشرة.

(14) وقال السيرافي (ص25): ويقال أن الاصمعي كان يحفظ ثلث اللغة وكان الخليل يحفظ نصف اللغة وكان ابو مالك بن كركرة يحفظ اللغة كلها.

(15) اي لم يتزوج من حرة ولا من ملك يمين.

(16) قال السيرافي: كان يونس مات سنة ثلاثة للهجرة وثمانين ومائة (ص48).

(17) راجع المغني الباب الاول مبحث ليس.

(18) راجع ج1 ص 40.

(19) راجع ج1 ص 25.

(20) راجع ج1 ص 258.

(21) راجع ج1 ص 109.

(22) راجع ج1 ص 412.

(23) وذكر أبو زيد النحوي اللغوي  كالمفتخرة بذلك بعد موت سيبويه قال: كل ما قال سيبويه (وأخبرني الثقة) فأنا أخبرته, ومات ابو زيد بعد سيبويه نيف وثلاثين سنة (السيرافي ص48- 49).

(24) ج1 ص 111.

(25) ج1 ص 161.

(26) ج2 ص 52.

(27) في ج 1 على الترتيب 75,79, 79, 218, 224, 393.

(28) ج2 ص 135.

(29) سورة البقرة, الآية 65.

(30) سورة الأنفال, الآية 60.

(31) راجع ج1 ص 18.

(32) سورة النور, الآية 2.

(33) سورة المائدة, الآية 38.

(34) سورة الرعد, الآية 35, وسورة محمد, الآية 15.

(35) سورة النور, الآية 1.

(36) ج1, ص71.

(37) ج1, ص 24.

(38) ج1, ص26.

(39) ج1, ص24.

(40) راجع الكتاب, ج2, ص151, وخزانة الادب الشاهد 943.

(41) راجع ص9, والخزانة شاهد 83.

(42) راجع ص17 والخزانة شاهد 175.

(43) راجع ص70 والخزانة شاهد 77.

(44) راجع ص78 والخزانة شاهد 372.

(45) راجع ص80 والخزانة شاهد 370.

(46) راجع ص78 والخزانة شاهد 610.

(47) راجع ص99 والخزانة شاهد 597.

(48) راجع ص108 والخزانة شاهد 575.

(49) راجع ص134 والخزانة شاهد 252.

(50) راجع ص176 والخزانة شاهد 93.

(51) راجع ص28 والخزانة شاهد 648.

(52) راجع ص281 والخزانة شاهد 871.

(53) راجع ص284 والخزانة شاهد 841.

(54) راجع ص292 والخزانة شاهد 216.

(55) راجع ص310 والخزانة شاهد 128.

(56) راجع ص319 والخزانة شاهد 108.

(57) راجع ص349 والخزانة شاهد 263.

(58) راجع ص354 والخزانة شاهد 261.

(59) راجع ص355 والخزانة شاهد 255.

(60) راجع ص358 والخزانة شاهد 258.

(61) راجع ص392 والخزانة شاهد 353.

(62) راجع ص405 والخزانة شاهد 444.

(63) راجع ص419 والخزانة شاهد 665.

(64) راجع ص437 والخزانة شاهد 82.

(65) راجع ص443 والخزانة شاهد 827.

(66) راجع ص472 والخزانة شاهد 846.

(67) راجع ص490 والخزانة شاهد 910.

(68) راجع ص44 والخزانة شاهد 522.

(69) راجع ص52 والخزانة شاهد 462.

(70) راجع ص123 والخزانة شاهد 773.

(71) راجع ص151 والخزانة شاهد 944.

(72) راجع سيبويه ج1, ص122.

(73) راجع خزانة الادب شاهد 717.

(74) راجع ج1 ص 34, 352, 375, 448.

(75) راجع ج1, ص145 و ص183, والبيت من مرثية في يزيد, راجع خزانة الادب الشاهد الخامس والاربعين.

(76) راجع ج1 ص451.

(77) راجع ج1,  ص58 وراجع خزانة الادب شاهد 605 ففيه كل ما قيل في البيت, ومعنى البيت مختلف فيه, قال ابن السيد: والأشبه عندي أن يكون أراد أن الانسان جاهل بعواقب الأمور يدبر ليخونه التدبير.

(78) راجع الكامل مع الرغبة ج4, ص42 وما بعدها, والبيتان في سيبويه ج1, ص96 ومعنى البيت الاول أنهم يفعلون الخير ويأمرون به وقت خشيتهم الأمر العظيم من حوادث الدهر فلا يمنعهم خوف الضرر عن الأمر بالمعروف. والثاني أنه لم يرتفق أي يتكئ على المرفق, ويأدي المعتفين طلاب المعروف رواهقه غاشية له قريبة منه, وذلك كناية عن اهتمام ممددوحه بقضاء حاجة الناس.

(79) ج1، ص434، ج2، ص144.

(80) ص36.

(81) ص14.

(82) ص14.

(83) ص15.

(84) ص88.

(85) ص108.

(86)  ص356.

(87) ص424.

(98) ص94.

(89) ص308.

(90) راجع الاغاني أخبار بشار ج 3, ص210 طبع الدار.

(91) ترجمته في المعاجم, وخزانة الأدب شاهد 897.

(92) وقال السيرافي: وقد حدثنا أبو بكر بن مجاهد قال: حدثنا أحمد بن يحيى, قال: حدثنا سلمة, قال حدثنا الأخفش, قال: جاءنا الكسائي الى البصرة فسألني أن أقرأ عليه أو أقرئه كتاب سيبويه ففعلت فوجّه اليه خمسين ديناراً (ص51).

(93) راجع المغني الباب الاول مبحث اللام, اللام العاملة للجزم.

(94) شرحه على الكافية: باب المبتدأ والخبر, تقسيم المبتدأ.

(95) شرحه على الكافية: حروف الجر: من.

(96) من المفصل: القسم الثالث, الحروف: لعل.

(97) راجع المغني الباب الأول. حتى الجارة.

(98) شرحه على الألفية لقول الناظم (ووصف أصلي ووزن أفعلا إلخ).

(99) شرح الكافية, أسماء الأفعال.

(100) شرح الكافية, التصغير.

(101) شرح الشافية, التقاء الساكنين, الاصل في تحريك أول الساكنين الكسر.

(102) الخصائص باب (في اللفظين عن المعنى الواحد يرادن عن العمل متضادين).

(103) إنما قرأ كتاب سيبويه على الأخفش (السيرافي ص72).

(104) وكان أكثرهم رواية عن ابي عبيدة وقد قرأ على الأصمعي وغيره, راجع أخبار النحويين للسيرافي (ص85-87) ففيه نبذة من أخباره, وفيه أن التوزي تزوج بأم أبي ذكوان النحوي وكان من جملة الواثق.

(105) البيت المذكور من شواهد النحاة في المصدر الميمي, وحادثته مع ما نجم عنها من الحظوة عند الخليفة مفصلة في الاغاني: أخبار الحارث, وفي المغني الباب الخامس آخر الجهة الأولى, وفي الوفيات, وكذلك معجم الأدباء وإنباه الرواة مع تفصيل الأسئلة التي وجهها المازني, ونقل كل ذلك في شرح درة الغواص عند الوهم 60.

(106) راجع أخباره في أخبار النحويين البصريين للسيرافي ص (74-85).

(107) المرجع السابق, ص(93).

(108) وكان حسن العلم بالعروض وإخراج المعمّى, راجع أخباره عند السيرافي ص (93-96). وقال أنه مات سنة (255).

(109) سبقت إشارتنا الى ترجمته عند السيرافي ص (89-93).

(110) سبقت إشارتنا الى ترجمته عند السيرافي ص (96-109).

(111) الخصائص باب (في الاحتجاج بقول المخالف) ج1, ص196.

(112) راجع الكامل مع الرغبة ج8, ص49, والكلام مستوفى في الخزانة شاهد 395.




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.