المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2749 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05
أوجه الاستعانة بالخبير
2024-11-05
زكاة البقر
2024-11-05
الحالات التي لا يقبل فيها الإثبات بشهادة الشهود
2024-11-05
إجراءات المعاينة
2024-11-05

اكثار نبات الاوركيد بزراعة الانسجة
13-6-2017
عفن الفيتوفثورا على ثمار الخيار
29-6-2016
فائدة السواك في تنقية وحفظ الاسنان
31-7-2016
التفسير بالمأثور
14-10-2014
الدودة القارضة
5-4-2018
اهداف قناة الشرقية الفضائية
13-7-2021


نموذج غروبر  
  
4557   10:57 صباحاً   التاريخ: 30-4-2018
المؤلف : عبد المجيد الجحفة
الكتاب أو المصدر : مدخل الى الدلالة الحديثة
الجزء والصفحة : ص78- 92
القسم : علوم اللغة العربية / علم الدلالة / قضايا دلالية اخرى /

 

مقدمة

عرف مسار الدلالة في النحو التوليدي نشوء نظريتين تقاربان المعنى في اللغة الطبيعية نظرية الدلالة التأويلية، ونظرية الدلالة التوليدية. وتختلف النظريتان في كيفية تمثيل المعنى على مستوى بنية النحو. وقد تعرضنا الى اهم مميزات النظرية الاولى واشهر نماذجها، ونسعى في هذا العرض إلى تبيان ‏المنحى الذى نهجته النظرية الثانية في رصد المعنى في اللغة الطبيعية. وينبغي ان نذكر أن النظرية الأولى لا تعطى للدلالة إلا دورا تأويليا، اما النظرية الثانية فتحاول أن تبرر ان هذا الدور لا يليق بالمكون الدلالي. ان المكون الدلالي، بحسب النظرية الثانية، مسؤول عن توليد الجمل و اتخاذها الشكل الذى تتخذه في التركيب، كما أن جزءا ‏مهما من العلاقات التركيبية ليس سوى انعكاس للمعلومات الدلالية  وليس العكس.

‏ويعتبر نموذج غروبر Gruber، ‏الذي سنقتصر عليه في تقديم التصور التوليدي في الدلالة، من النماذج النسقية التي انتقدت التوجه التأويلي. فالصياغة التي اقترحها شومسكي واتباعه لجهاز التأويل الدلالي تعد صياغة سطحية اذا ما قورنت باقتراحات غروبر التي تحاول بناء مستوى دلالي قبل – معجمي. وهذا المستوى يقع قبل تشكل الكيانات المعجمية (باعتبارها صرفيات أو كيانات لفظية متحققة ).

‏وقد عاصر نموذج غروبر نموذج فيلمور وشابهه في عدة أشياء. ومن اوجه الشبه بينهما اقتراح مستوى تمثيلي للدلالة اعمق مما عرف بالبنية العميقة عند ذوى الدلالة التأويلية. ويسمى غروبر المستوى الذى يقترحه المستوى قبل- المعجمي  ‏(pxelexical level )  وكما تشير التسمية، فالعناصر النهائية في البنيات الشجرية ليست وحدات معجمية. انها، في حقيقة الامر، اوليات دلالية (sernantic pritnilives )  يشكل جمعها الوحدة المعجمية فيما بعد ولتقريب ذلك ننظر في معنى الفعل "قتل":

‏(1) أ. قتل زيدا عمرا

    ‏ب. جعل زيد (صار عمرو لا حي )

ص78

 فالمحمول " قتل " مكون من محمولين تحتيين: المحمول " جعل " والمحمول الدال على التغير الذي لحق الضحية عمرو، وهو " صار ". فالمحمول الأول يصف ما يقوم به المنفذ، والمحمول الثاني يصف التحويل الذي لحق الضحية من جراء ما أنجزه المنفذ. والمحمول الثاني نتيجة منطقية للمحمول الأول. ويمكننا أن نفسر تعدي الفعل " قتل " من خلال العنصر الدلالي " جعل " الذي يفترض وجود منفذا، ومن خلال العنصر الدلالي " صار " الذي يفترض وجود ضحية تتعرض لتحول معين (الانتقال من [+ حي] الى [ - حي]). وموضوعا هذين المحمولين يترجمان على مستوى التركيب في وظيفتي الفاعل والمفعول، تباعا. وهذا التحليل يجعلنا نميز بين بنية الفعل " قتل " وبنية الفعل " مات "، حيث لا يتضمن الثاني المحمول " جعل " بخلاف الأول، وهذا ما يفسر الاختلاف في السلوك التركيبي لكليهما. فالفعل " مات " له البنية التحتية التالية:

(2) أ- مات عمرو

ب- عمرو صار (لاحي)

فالفعل " مات " يتطلب موضوعا واحدا يتعرض للتحول الذي يعبر عنه المحمول التحتي " صار "، وهذا الموضوع يترجم على مستوى التركيب في وظيفة الفاعل. ويتضح هنا أنه لا يمكن أن نرسم الفرق بين فاعل " قتل " وفاعل " مات " على مستوى التركيب. فالوظائف التركيبية (من فاعل ومفعول وغيرهما) ليست سوى ترجمة غير دقيقة لمقولات دلالية.

إن هذا التصور ينبني طرحا معينا للمعجم، وبما أن التسميات المعجمية مرتبطة بالتركيب عن طريق قواعد الإسقاط، فإن التمثيلات التركيبية ستتغير تبعا لذلك. ومن تبعات هذا التحليل أننا سنميز، مثلا بين المحمولات التي تبنيتها " صار " والمحمولات التي تبنيتها " جعل ". ولكل زمرة من المحمولات تمثيل تركيبي يلائمها، من ذلك أن الزمرة الأولى لازمة والزمرة الثانية متعدية. وبالإضافة الى هذا، فإن هذه العناصر التحتية تشكل جزءاً من الكليات الدلالية. وبعبارة أخرى، فإنها تشكل الأجزاء التي تتكون منها الدلالات في اللغات الطبيعية.

وقد اقترح فيلمرر بنيات تحتية في معالجة معطيات من قبيل (3) و (4):

(3) أحب الجمهورُ الافتتاحُ

(4) أعجب الافتتاحُ الجمهورُ

ص79

إن " أحب " و " أعجب " يعبران عن المعنى العام نفسه. إلا أنهما يختلفان في كون فاعل " أحب " هو مفعول " أعجب " وفي كون مفعول " أحب " هو فاعل " أعجب ". لنسم احدهما س والآخر ص:

(5) أ- س: [ _____ م س1، م س2]

     ب- ص: [ ______ م س2، م س1]

إنه لا فرق بين س و ص على هذا المستوى، وهو المستوى التركيبي. فأصل الفرق دلالي:

(6) أ – س: الفاعل (الجمهور) -----› (أجب)

ب- ص: الفاعل (الافتتاح) -----› (أعجب)

إن نوعية المركب الاسمي الذي يقع في موقع الفاعل هو المسؤول عن تحقيق أحد الفعلين دون الآخر. فإذا كان الفاعل هو " الجمهور " كان الفعل " أحب "، وإذا كان الفاعل هو "الافتتاح" كان الفعل "أعجب". فظهور هذا الفعل أو ذاك وعين بنوعية الفاعل. وهذا يسمح لنا بالقول إن هذين الفعلين يرتبطان بواسطة تحويل نسميه، بعد فيلمور، تحويل الفاعلية (subjectivalizationtransfantration) وهذا التحويل له طبيعة دلالية، إذ إنه يتنبأ بالفعل الذي ينبغي أن يظهر.

وإذا كانت التمثيلات قبل – المعجمية التي اقترحها غروبر بخصوص هاتين الجملتين تلتقي من حيث الروح بتحليل فيلمور، فهي تختلف عنها في كونها تتضمن فقط الأوليات الدلالية المشتركة بين الفعلين. وتنطبق التحويلات على هذه التمثيلات قبل – المعجمية قبل أن يتم دمج الوحدات المعجمية. فالوحدات المعجمية تملك تخصيصات سياقية تتحكم في أنماط البنى التي يمكن أن تدمج فيها. فعوض ان تختار التحويلات التي تنطبق بالنظر الى الوحدة المعجمية التي تم انتقاؤها (مقاربة فيلمور)، يختار غروبر الوحدات المعجمية التي تدمج بالنظر الى التحويلات قبل – المعجمية التي تنطبق قبل الإدماج المعجمي في التركيب.

1. بنية النحو عند غروبر

يعد نموذج غروبر برهانا واضحا على وجود نسق صوري للتمثيلات التحتية يلعب فيه المعجم الدور المركزي. ويحيل مفهوم المعجم، في هذا النموذج، على المجموعة القارة من الترابطات المخزنة التي تحصل بين الأشكال الصرفية (أو الصرفيات morphtencs) ومعانيها أو استعمالاتها (أو قيمها الدلالية والتركيبية). ويسمى كل ترابط (مدخلا معجمياً). فالمدخل

ص80

المعجمي مكون من " الوحدة المعجمية" (وهي الشق الصرفي) و " المحيط المعجمي " (وهو الشق الدلالي التركيبي). وحين ترتبط الوحدة المعجمية بالمحيط المعجمي تكون بصدد مدخل معجمي.

تدخل هذه الترابطات في إطار يسميه غروبر (مكون التعالق المعجمي ) (lexical attachrnent component) ويعكس هذا المكون المرحلة الدينامية في توليد الجمل حيث تتم (ترجمة) أو (معجمة) المقولات التركيبية والدلالية فتصير وحدات معجمية متحققة، وذلك تبعا للعلاقات الموجودة في المعجم وللمبادئ التي تنظمه. وعندما نتحدث عن المعجم او عن المكون المعجمي هنا، فإنما نقصد المعجم وقواعد التعالق المعجمي التي توافقه. ونشير الى أن مفهوم التعالق المعجمي لا يرتبط بمفهوم الإدماج المعجمي الذي أورده ذوو الدلالة التأويليه، فالإدماج يكون لذوات لغوية موجودة فعلا في اللغة (أي كيانات فعلية متحققه)، أما التعالق فيقتضي وجود كيانات لغوية غير متحققة، أو أجزاء من الكيانات اللغوية المتحققة. وبعبارة اخرى فالادماج عبارة عن عملية يتم من خلالها تعويض المقولات الموجودة في الشجرة (أي العُجر) بمداخل معجمية، وهذا معناه أن المعجم يتضمن الكيانات التي تدخل في التركيب، أما التعالق فيعني ان المدخل المعجمي يبني الشجرة التركيبية (انظر (1-2) مثلا ).

وما يمكن أن نلاحظه في نسق النحو الذي يقترحه غروبر أنه لا يتضمن مكونا للتأويل الدلالي (كما نجد عند كانز وفودور (1963)، وكانز وبوسطل (1964)، وشومسكي (1965)، وكانز (1972) ). فالوظائف التي يمكن ان يقوم بها هذا المكون بها داخل هذا النسق مكون التعالق المعجمي بوصفه مكونا قاعديا.

ينبغي أن نوضح النقط التي تختلف فيها الافتراضات الأساسية في نسق غروبر عن الافتراضات المتضمنة في مقاربات أخرى، كما ينبغي تبيان الأسباب التي أدت الى تخلي غروبر عن افتراضات التأويليين. ونشير الى أننا نعني بالافتراضات الأساسية الافتراضات الداخلية المتعلقة بكيفية تنظيم بنية النحو، وكيفية تعالق مكوناته. ومن الافتراضات الأساسية التي دافعت عنها النظريات النحوية قبل غروبر ما سمي باقتراض أحادية إسناد المقولة في المعجم. يقول هذا الافتراض: إنه لا يمكن ربط الوحدة المعجمية بأكثر من مقولة دنيا تقع الوحدة المعجمية تحتها في الشجرة المشتقة. ليس ممكنا مثلا ان نجعل " قتل " و " قرر " يقابلان تمثيلين مباشرين لنفس الشجرة المقولية التحتية. ولا نعني بالمقولات هنا المقولات التركيبية فحسب، بل المقولات الدلالية أيضا. ونعني بالمقولة الدلالية المعنى التام المرتبط بمدخل معجمي. وسنعمل لاحقا على تبيان الانتقادات التي يمكن توجيهها الى هذا الافتراض الأساسي من خلال نموذج غروبر.

ص81

2. تاريخ المعجم

صحيح أن تصور المعجم لم يكن تصورا متجانسا في الأدبيات، فقد تنوع تصوره بتنوع الطرق المتبعة في بناء التنظيم العام للنحو المقترح (أي النظرية اللغوية المقترحة). ويمكن أن نتحدث، في إطار النحو التوليدي، عن أربع مراحل في تطور مفهوم المعجم. وهذه المراحل هي:

أ- المعجم الدلالي: لا يلعب هذا المعجم (أو التصور للمعجم) أي دور في توليد الجملة. ومهمته ربط القراءات الدلالية الوحدات المعجمية النهائية التي يولدها المكون القاعدي بصورة مباشرة. (مثال ذلك عمل شومسكي (1957)).

ب- المعجم الانتقائي: يتضمن معلومات تخص الضغوط السياقية التي تُغرض على استعمال الوحدات المعجمية. ويقتضي هذا التصور أن تتعلق الوحدات المعجمية النهائية بالشجرة القاعدية بحسب الضغوط السياقية. (انظر، في هذا الصدد، كانز وفودور (1963) وكانز وبوسطل (1964)).

جـ - المعجم التحويلي: يتضمن معلومات تخص إمكان انطباق أو عدم انطباق بعض التحويلات لإنتاج وحدات معجمية دون أخرى، وذلك بمقتضى السمات وتغيرها من مدخل الى آخر. (انظر المثالين (3-4) ومعالجتهما عند فيلمور).

د- معجم المعجمة أو المعجم المترجم: تخصص كل وحدة معجمية بشجرة فرعية متعددة المقولات. وهذه الشجرة تمثل الوحدة المعجمية، وتمثل القواعد الدلالية قبل – المعجمية التي توجد في المكون القاعدي، وكيفية انتقال المستوى قبل – المعجمي الى مستوى صوتي متحقق. ويدافع غروبر عن هذا المنحى في تصور المعجم.

2. 1. المعجم الدلالي

اعتبرت النظرية اللغوية المكون التركيبي مكوناً من القواعد التي تخصص مجموع المتواليات التي يمكن توليدها في لغة معينة. وتتكون هذه المتواليات من عناصر اعتبرت أبجدية المتواليات، وهي ألفاظ اللغة. وقد حاولت الانحاء الأولى توليد المتواليات النهائية انطلاقاً من هذه الابجدية، وذلك من خلال القواعد المركبية الموجودة في المكون القاعدي. وتخضع هذه المتواليات في العناصر الى التأويل الدلالي والى التحويلات فيما بعد.

لقد كانت النظرية اللغوية تتصور المعجم مصفوفة من العناصر النهائية التي ترتبط بتحديد معين (هو " شرح " هذه الألفاظ). ولم يكن المدخل المعجمي يتضمن معلومات تركيبية

ص82

عن هذه العناصر. وبعبارة أخرى، فإنه لم يكن للمعجم أي معنى تركيبي، فمعناه كان يوجد في مكون التأويل الدلالي الذي بزاوج، بصورة مناسبة، بين المدخل المعجمي وكل عنصر في المتوالية المولدة، ويسند بذلك معنى الى العنصر المتواجد في المتوالية. وتنطبق، بعد ذلك قواعد الإسقاط كي يتم تأليف معنى المتوالية من خلال جمع المعاني المسندة الى عناصر تلك المتوالية.

ونشير هنا الى اعتقاد كان سائداً في ظل هذا التصور المعجمي، ويتلخص هذا الاعتقاد في " مبدأ ارتباط اللفظ بمقولة واحدة " في المعجم. ويفيد هذا المبدأ أنه، في مرحلة معينة من اشتقاق الجملة، تشرف على كل وحدة معجمية مقولة تركيبية واحدة وواحدة فقط. وكان هذا المبدأ يسري بصورة آلية، تسعفه في ذلك بنية النظرية نفسها. فالقواعد إعادة الكتابة، بما فيها القواعد. النهائية التي تعيد كتابة المقولات فتصبو وحدات معجمية، كانت تسند الى كل وحدة معجمية مقولة تركيبية. وفي المراحل الأخيرة من تطور النظرية التركيبية كان من الضروري نقل هذا الارتباط المقولي من نسق القواعد المركبية في المكون القاعدي، وبذلك كف هذا المبدأ عن الانطباق بصورة آلية، وأصبح الاحتفاظ به يطلب افتراضا مستقلاً.

المقصود بالمعجم الدلالي، إذن انه معجم تام تمثله الأبجدية المتعارف عليها آنذاك، وهي الصرفيات (أو الألفاظ). هذه الأبجدية تحمل معناها منذ البدئ، وترتبط بمقولة معينة. ويتجه تحليل غروبر، كما سنرى لاحقاً، الى التشكيك في كون الوحدات المعجمية تشكل أبجدية المتواليات اللغوية، وبهذا يسهل هدم مبدأ الارتباط بمقولة واحدة في المعجم.

2.2. المعجم الانتقالي

رأينا، خلال عرضنا لقيود الانتقاء عند التأويليين ان كل مدخل معجمي يتضمن قيودا سياقية تسمى قيود الانتقاء. ووظيفة هذه القيود، كما رأينا، المحصول على القراءة التي تتلاءم ومعاني الألفاظ المكونة للجملة. فكل مدخل معجمي إذن مخصص بقيود انتقاء (ن) (إلى جانب أشياء أخرى نشير إليها بواسطة " ____"):

(7) مدخل معجمي: [ ___ (ن)].

وقد تشترك بعض المداخل المعجمية في عدد من القيود الانتقائية، كما أنه من الممكن ان تختلف عن بعضها في قيود أخرى. إذن لا مانع من تصنيف الألفاظ التي يحويها المعجم بالنظر الى السمات الانتقائية التي تلتقي فيها. وقد بدأ واضحا، في شومسكي (1965)، انه من المستحيل ان نتعامل مع قيود الانتقاء، التي عمادها السمات، من خلال توليد الألفاظ أو طبقات الألفاظ في المكون القاعدي. فهذه الطريقة في التعامل مع هذه القيود غير ممكنة، ذلك أن القواعد المركبية التي تشكل المكون القاعدي تنظر الى الألفاظ باعتبارها معزولة عن باقي

ص83

الألفاظ الأخرى، ولا تنظر الى الألفاظ باعتبارها منظمة في طبقات بواسطة سمات دلالية مشتركة أو متضادة أو متجاورة،.... إلخ.

لننظر الى الألفاظ التالية: " بقرة "، " جمهور "، " حصاة "، " رمل ". تمثل هذه الألفاظ لأربع طبقات من الأسماء: وحدة حية، كتلة حية، وحدة غير حية، كتلة غير حية، (ونستعمل مفهوم الكتلة هنا بالمعنى الواسع).

(8) أ- بقرة: وحدة حية

ب- جمهور: كتلة حية

جـ- حصاة: وحدة غير حية

د- رمل: كتلة غير حية

يبدو أنه بالإمكان أن نخصص هذه الالفاظ في المعجم بهذه السمات. إلا أن هناك علاقات واضحة ينبغي ان تصنف هذه الألفاظ باعتبارها. من ناحية بناء العلاقات بين طبقات هذه الألفاظ، هناك طريقتان تولدان هذه الألفاظ:

1. الطريقة الأولى: تقتضي هذه الطريقة أن ننطلق من القاعدة التالية:

 


 

 

وتعمل هذه القاعدة على شطر الالفاظ الأربعة شطرين (ما كان وحدة في مقابل ما كان كتلة). وتتضمن الخطوة الثانية القسيم الفرعي لهاتين المقولتين اللتين تم توليدهما. وهذا الأمر يحتاج الى قاعدة إضافية تفرع كل واحدة من هاتين المقولتين. وتتخذ هذه القاعدة الشكل المزدوج التالي:

إلا أنه لا يمكن أن ندع الأشياء هكذا. فالقواعد المركبة التي ستولد، فيما بعد، الوحدات النهائية يجب أن نخضع فقط للمقولة التي  أعيدت كتابتها على أساسها. ولكي نحتفظ بين أسماء الوحدة الحية وأسماء الكتلة الحية ؛ يجب أن تكون المقولات قبل – النهائية متمايزة. وعوض القاعدة (10) سنحصل على (11):

وتُضمُ (11) الى القواعد التي تنتج العناصر النهائية على هذا الشكل:

(12) أ- وحدة حية ----› " بقرة "

ب- وحدة لاحية -----› " حصاة "

جـ -  كتلة حية -----› " جمهور"

د- كتلة لاحية -----› " رمل "

إلا أنه، بعد هذا، لن نتمكن من أن نحيل بصورة كافية على طبقة الأسماء الحية وحدها، لأنها دخلت في تصنيف آخر باعتبار الوحدة أو الكتلة.

2. الطريقة الثانية: لننظر الى مقاربة أخرى تنطلق من القاعدة التالية:

ص85

إلا أنه، إذا اتبعنا المسار الذي اتخذته المقاربة الأولى، سنتمكن من تخصيص الأسماء الحية وحدها (فتميزها عن اللاحية)، ولن نتمكن من الإحالة على الأسماء الدالة على الكتلة أو الوحدة، لأنها سوف تدخل في التصنيف القرعي لما كان حيا أو غير حي.

وبعبارة أخرى، فالمقاربة الأولى تتبنى السمة [+ / - كتلة] باعتبارها سمة مميزة، أما المقاربة الثانية فتتبنى السمة [+ / - حي] باعتبارها سمة مميزة. وهذا المشكل التالي: هل نقابل بين " بقرة " و " حصاة " من جهة، و" جمهور " و " رمل " من جهة أخرى، أم نقابل بين " بقرة " و " جمهور " من جهة، و " حصاة " و " رمل " من جهة أخرى ؟ التقابل الأول تعكسه المقاربة الأولى، والتقابل تعكسه المقاربة الثانية.

هاتان المقاربتان ليستا غير كافيتين فحسب، بل لا يمكن أن نعثر بإزائهما على براهين تفاضلية تسمح بتبني إحداهما دون الأخرى. ولتجاوز هذا الصعوبات التصنيفية تخلى المنظرون على إدماج الوحدات النهائية عن طريق القواعد المركبية، وأدمجوها، عوض ذلك، عن طريق قواعد تحويلية بإمكانها إعادة كتابة البنيات المقولية لتصبح بنيات نهائية. وهكذا تم تصور المكان المركبي متضمنا قواعد كهانه:

وتصبح هذه القواعد مداخل في المعجم. وكل مدخل معجمي يحتوي على معلومات تتعلق بالمحيط التركيبي الذي يمكن ان يظهر فيه (أي حي / لا حي، وحدة / كتلة، بلغة الانتقاء)، حيث يمكن للوحدة المعجمية المتحققة صوتيا أن تربط بالشجرة المشتقة التي تلائمها. وهنا نجد أن المعجم يصبح دالا ليس فقط بالنسبة لما هو دلالي، ولكن أيضا بالنسبة لذلك الجزء من التركيب الذي يخص القيود الانتقائية بين الألفاظ. ولهذا السبب يمكن أن نصطلح على المعجم في هذا التصور بأنه " معجم انتقائي ".

ص86

2. 3. المعجم التحويلي: نموذج علاقات التوارد

إذا نظرنا الى مرحلة أخرى من مراحل تطور النظرية التركيبية، وهي مرحلة تشبه كثيرا المرحلتين السابقتين وجدناها تعتبر الألفاظ مولدة كصرفيات منذ البدء. وعوض الاهتمام بالمشاكل التي ترتبط بالقيود الانتقائية التي تم اعتبارها مكلمة للتركيب (أي مرحلة المعجم الانتقائي)، فإن الاهتمام أصبح يتجه بالأساس نحو رصد طبيعة ما سمي بعلاقات التوارد.

وقد تضمنت علاقات التوارد أدلة مهمة على وجوب النظر الى المعجم بطريقة مغايرة. فمعلوم أن "قتل " و " جعل يموت " (وهما متواردان) لهما شكل تحتي واحد، ذلك ان المركب الاسمي الذي يكون فاعلا للموت هو نفسه الذي يكون مفعولاً للفعل " قتل ":

(16) أ- قتل زيد عمرا

ب- جعل زيد عمرا يموت

ونقول إنه توجد علاقة توارد بين تركيبين مختلفين اذا كانت القيود الانتقائية المفروضة بين عناصر احد هذين التركيبين هي نفسها القيود الانتقائية المفروضة بين عناصر التركيب الآخر. وبعبارة أخرى، فعلاقة التوارد قائمة على اقتضاء منطقي بين المتواردين، بحيث إن (16 أ) تقتضي منطقيا (16 ب)، والعكس صحيح كذلك. ومن هنا يمكن أن نقول إنه توجد علاقة توارد بين البناء للمعلوم والبناء للمجهول المشتق من نفس الفعل، وإنه توجد علاقة توارد بين جملتين يظهر في إحداهما " قتل " وفي الأخرة " مات "، وبين جملتين يظهر في إحداهما " باع " وفي الأخرى " اشترى "، وبين " أعطى " و " حصل على "، وبين " أرسل " و " تقلى "،.. إلخ.

إن وجود علاقة التوارد بين تركيبين بعد حافزا مهما لمحاولة إقامة شكل تحتي مشترك بين التركيبين .ويعني اعتماد شكل تحتي مشترك أحد شيئين: إما أن أ؛د التركيبين أصل للآخر، وإما أن التركيبين يعدان تحقيقاً متناوبا لشكل ثالث مفترض يجمع بين التركيبين. إذن، نحن  أمام فرضيتين: فرضية أصلية أحد التركيبين، وفرضة الأصل المشترك بين التركيبين.

كانت الفرضية الأولى القائمة على اشتقاق شكل من آخر متبناة بصورة مطلقة. ولم تلاق الفرضية الثانية أي اهتمام، لأن تبنيها بقتضي التنازل عن مبدأ الارتباط المعجمي بمقولة واحدة، الذي تحدثنا عنه سابقا. أما الفرضية الأولى فتقتضي التسليم بوجود علاقة تحويلية بين التركيبين اللذين تربطهما علاقة توارد. ومن هنا تم افتراض علاقة تحويلية بين " باع " و " اشترى ".

وفي هذا الإطار، بنبغي أن يكون أحد الفعلين اصلا للآخر. لننظر الى الجملة التالية:

ص87

(17) اشترى خالد الكتاب من محمد.

التي قد تكون صورتها التحتية، بحسب الفرضية الأولى، هي الجملة (18):

(18) باع محمد الكتاب لخالد (أو: باع محمد خالدا الكتاب)

نرى أن (17) و (18) تشتركان في التعبير عن المعنى العام نفسه، ولذلك يصح أن تكون الجملة (17) اقتضاء للجملة (18) أو العكس:

(19) اشترى خالد الكتاب من محمد ‹----› باع محمد الكتاب لخالد

(20) باع محمد الكتاب لخالد ‹----› اشترى خالد الكتاب من محمد

فإذا اشترى خالد شيئا ما من محمد، فإن محمداً يكون قد باع خالدا ذلك الشيء. ومن هنا فالفعلان متواردان. وفي إطار الافتراض الأول، ينبغي الربط بينهما من خلال عملية تحويل تعدُّ أحدهما أصلا للثاني. وعملية تحويل أحد هذين التركيبين تحتم وجود تبادل بينهما على مستوى الفاعل ومفعول الحرف، وذلك من خلال إعادة كتابة " اشترى من " على شكل " باع لـ ". وستكون بإزاء قاعدة تحويلية من هذا القبيل:

(21) وصف بنيوي:    اشترى     م س      م س     من       م س

                               1          2         3        4          5

تغيير بنيوي ----›        باع          5         3        ل          2

ويمكن أن نفسر هذا التحويل من خلال تحليل البنية الدلالية لكليهما. إن " اشترى " و " باع " فعلان يدلان على انتقال الملكية المكلف (أي بمقابل). ويمكن أن نشبه انتقال الملكية هذا بأي نوع آخر من الانتقال، كأن يتحرك شخص نسميه " ع " من المكان " أ " (مصدر الحركة) الى المكان "ب" (هدف الحركة). فالمكان "ع" انتقل من "أ" الى "ب"، والمسافة بين "أ" و "ب" تسمى مسارا. فالانتقال قطع لمسار، إذ لا يمكنك أن تتنقل دون أن تكون قد تحركت من "أ" الى "ب". وذلك ما يخضع له الشيء الذي يشتري أو يباع: إنه ينتقل من شخص الى آخر. فـ " الكتاب " في المثالين أعلاه محور يخضع لحركة من "أ" باتجاه "ب". فإذا كنا بصدد بيع / شراء كان المصدر البائع وكان الهدف المشتري، ومحور الحركة ينتقل تبعا لهذا المسار. وهذان العنصران هما اللذان يجعلان الفعلين " باع " و " اشترى " يفيدان نفس المعنى العام. إلا أنهما يختلفان في الكيفية التي ينظر بها الى انتقال الملكية هذا: ففي حالة " اشترى " يكون المشتري هدفا (وهو الفاعل)، وفي حالة "باع" يكون البائع هو المصدر (وهو الفاعل). أما المصدر في " اشترى" فهو  البائع، وأما الهدف في "باع" فهو المشتري. ويظهر من هذا أن

ص88

الفعلين يختلفان في كيفية النظر الى المسار: هل ينظر إليه من  الهدف (اشترى)، أم ينظر إليه من المصدر (باع):

(22) أ- اشترى:                  هدف ‹------ مصدر

ب- باع:                           مصدر ------› هدف

فالفعل "اشترى" يحتوي على عبارة الهدف، أما "باع" فيحتوي على عبارة المصدر، ولا يتضمن (اشترى) عبارة المصدر، ولذلك يمكن أن يرد مركب حرفي يدل على المصدر (من) ؛ ولا يتضمن (باع) عبارة الهدف، ولذلك يمكن أن يظهر مركب حرفي يدل على الهدف ((اللام) أو (الى) حسب اللغات). والمركبان الحرفيان غير ضروريين في الجمل التي يرد فيها الفعلان.

ويختلف انتقال الملكية المكلّف (ومثاله (باع) و (اشترى)) من انتقال الملكية غير المكلف (ومثاله " اعطى " و " تلقى " ) في كون الأول يحتاج الى انتقالين متوازيين، أما الثاني فلا يحتاج إلا الى انتقال واحد، وهو انتقال المحور من المصدر الى الهدف (من الذي  يعطي الى الذي يتلقى). ففي انتقال الملكية المكلف تنتقل البضاعة من البائع الى المشتري وينتقل المال من المشتري الى البائع. وبدون هذا الشرط الثاني لن يكون هناك بيع / شراء، وإنما سنكون بإزاء إعطاء / تلقٌ، واللغة لا تسمح بهذا التداخل، إذ لا يمكن أن أصف وضع البيع بأنه إعطاء أو العكس. لهذا يعتبر " اشترى " و " باع " معبرين عن انتقال مزدوج: انتقال البضاعة من البائع نحو المشتري، وانتقال المال من المشتري نحو البائع. ولهذا يمكن أن يرد بعد هذين الفعلين مركب حرفي دال على المقابل، وهذا المركب الحرفي غير ممكن في سياق انتقال ملكية غير مكلف:

(23) أ- اشترى / باع كتابا بدرهمين

ب- أعطيته كتابا بدرهمين

من خلال ما سبق، تتضح مناحي اتصال الفعلين " باع " و " اشترى ". (انظر الفعل الخامس). ولنرجع الآن الى الصياغة المقدمة في (21). هذه الصياغة ليست كافية، ذلك أنها تجعل من القاعدة التحويلية قاعدة مرتبطة بالشكلين الصوتين المتحققين " اشترى " و (من). فليس الشكل الصوتي لهذين اللفظين هو الذي يؤدي الى وجود التحويل، بل المقولات التحتية الموجودة في كليهما هي التي تعطيهما معنى باعتبارهما وحدتين معجميتين. فالتغيير البنيوي الذي يحصل ليس قاعدة صوتية بما أن العناصر التي تتغير هي في الحقيقة عناصر تحتية فهذا التحويل يقر بوجود علاقة معجمية تحتية تصبح بمقتضاها العناصر التحتية أشكالا صوتية. إذن علينا إعادة صياغة هذا التحويل باعتبار العناصر التحتية غير متحققة صوتياً في اللغة، وبذلك

ص89

نشير الى العنصرين التحتيين بهذا الشكل: /اشترى / و /من/. وهذان العنصران يصبحان بعد التحويل وحدتين معجميتين متحققتين. وبهذا يصبح للتحويل (21) الشكل التالي:

(24) وصف بنيوي:   /اشترى/     م س      م س       /من/      م س

                                1           2         3           4         5

تغيير بنيوي ----›          باع          5        3           ل          2

وهذه الصياغة بدورها ليست تامة، لأنه إذا أردنا الحصول على صياغة عامة بخصوص هذا النوع من العلاقات التواردية، مثل العلاقة بين " المرسل " و "تلقى" و بين " أعطى" و " نال "، الخ فإنه ينبغي ان يكون لدينا تحويل عام غير مخصص ينطبق على هذه التواردات وما شابهها. إن العنصرين التحتيين / اشترى/ و /من/، والشكلين الصوتيين المتحققين اللذين يقابلانهما، وهما "باع" و " اللام"، لن توجد في هذه الصياغة العامة التي نريدها. ومعنى هذا انه يجب أن يكون التحويل الذي يعطينا التناوب بين الفاعل والمركب الحرفي تحويلا عاما ينطبق في سياقات أخرى مماثلة. وبعبارة أخرى، فإنه ينبغي صياغة تحويل عام، وعدم الاكتفاء بتحويل خاص وموضعي لا ينطبق إلا على معطى بعينه.

من أجل صياغة ما سبق ذكره، نقول إن أفعالا مثل " اشترى " و " تلقى " و " قال " افعال تمتلك سمة [+ قلب]. وتعني بهذه السمة ما يمكن أن نسميه التناوب الضدي الموجود بين عدد مهم من أزواج الأفعال في جميع اللغات. فحين نقول (25)، مثلا فإن (26) مقتضاة بالضرورة:

(25) أعطى زيد عمرا هدية

(26) تلقى زيد هدية من عمرو

وبموجب سمة [+ قلب] يُسمح للتحويل الذي يقيم تناوبا بين الفاعل والمركب الحرفي أن ينطبق. إذذاك تسهل إعادة كتابة الفعل الذي خضع لهذا التحويل على شكل "باع" أو " أرسل" أو " أعطى"،....إلخ. ويحصل هذا من خلال استبدال سمة [+ قلب] بسمة [- قلب] في إطار التحويل الاستبدالي. وبهذا يكون لدينا تحويل عام له الشكل التالي:

(27) وصف بنيوي: ف [+ قلب]        م س          م س         /من/        م س

                        1                2             3             4             5

تغيير بنيوي ---›   [قلب]             5              3            ل              2

2. 4. المعجم المترجم أو المكون الدلالي التوليدي

الملاحظ أنه بتبني القاعدة التحويلية (27) نكون قد تبنينا الفرضية الثانية التي سقناها

ص90

سابقة، وهي القائلة بوجود شكل ثالث مفترض يشتق منه التركيبان كلاهما. وهذا يفند الفرضية الأولى القائلة بأصلية أحد التتركيبين.

ومما يعزز السمة المتغيرة [+/- قلب] في الفعلين المتوازيين تعارضُ الحرفين المصاحبين لهما. فالبنيتان الدلاليتان للحرفين (من) و (اللام) (أو "الى") قائمتان على ما يشبه سمة [+/- قلب]. إنهما قائمتان على وجود عنصر نفي في الحرف (من)، ووجود عنصر إيجاب في (اللام). فالحرف (من) نفي للمكان بما أنه يصف مغادرته  و (الى) (أو "اللام") لا ينفي المكان بل يعبر عن الاتجاه إليه. قارن بين الجملتين التاليتين:

(28) ذهبت هند من الدار

(29) ذهبت فاطمة الى الدار

فقي الجملة (28) ننفي تواجد هند في مكان اسمه الدار، فالدار بداية مسار ذهابها نحو مكان ليس هو الدار. إن (28) تعني (بعد توجه هند من الدار، توجد هند [لا في] الدار ". اما الجملة (29) فتثبت المكان، وهو الهدف الذي اتجهت إليه فاطمة. إن (29) تعني "بعد توجه فاطمة الى الدار، تحل فاطمة [في] الدار ". وبهذا المكان مثبت في (29) منفي في (28):

(30) أ – اتجاه [لا في] -----›  "من"

ب – اتجاه [في]  -----›  " الى " / " اللام"

ويمكن قراءة السهمين في (30) كالتالي: (تتم تهجيتها). فالقواعد (27) و (30) قواعد تحويلية تعيد كتابة المقولات والسمات لتصبح أشكالا صوتية متحققة، ولذلك تسمى قواعد تهجية (spelling – out rules). فالمقولات التي تُعاد كتابتها ليست مولدة في المكون القاعدي بصورة مباشرة، بل تكون قد ولدت قبل ذلك عن طريق تحويلات تقع في المعجم.

يزودنا المكون القاعدي بما أمكن التعلق به باعتباره وحدة معجمية. فهذا المكون ينطلق مما انطبقت عليه قواعد التهجية، وهذه القواعد تعتبر خرجا لقواعد التعالق في المستوى قبل – المعجمي. فقبل قواعد التهجية نجد مجالا أوسع وأعمق من المكون القاعدي نفسه كما تصوره أصحاب الدلالة التأويلية.

لو كانت قيود الانتقاء ذات طابع دلالي، فلماذا لا ندعي أن علاقة التوارد بين زوج مثل " باع " و " اشترى " هي أيضا أمر دلالي ؟ إذا قلنا بتأويلية الدلالة، فإن كلا الجملتين اللتين يظهر فيهما " باع " و " اشترى " ستُعتبران جملتين قاعديتين. وإذن فالفعلان لا يرتبطان بواسطة تحويل معين. ومعلوم أن قواعد الإسقاط (كما وردت في النموذج المعيار) قواعد

ص91

تؤول مجموع المتوالية انطلاقا من أجزائها، أي أن تأويلها يحصل انطلاقا من ضم القراءات الدلالية للمكونات التي تشكلها. فهي قواعد تعبر بصورة طبيعية عن التشابهات الحاصلة بين القيود الانتقائية المفروضة على علاقات تركيبية متشابهة. إلا أننا نجدها تقدم حلا موضعيا (adhoc solution) للتعبير عن نفس القيود الانتقائية المرتبطة بعلاقات تركيبية غير متشابهة. إن التبني التأويلي لعلاقات التوارد يقتضي بالضرورة رصد قواعد الإسقاط لهذا التعالق. وبعبارة اخرى فقواعد الإسقاط تؤلف بصورة طبيعية المعنى، ولكي تعبر هذه القواعد عن علاقة التوارد بين فاعل " اشترى " و مفعول الحرف في " باع " (حيث للمكونين قيود انتقاء متماثلة، ولا يناظرها تماثل على مستوى التركيب) ينبغي ان يكون لدينا تأليف تحتي قبل قيام قواعد الإسقاط بالتأليف " السطحي " بين الوحدات المعجمة في الجملة.

ص92




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.