أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-4-2018
926
التاريخ: 28-4-2018
796
التاريخ: 28-4-2018
1887
التاريخ: 28-4-2018
1002
|
يبدو أن الإجابة عن هذا السؤال لن تؤثر في استعمالنا للغة بالطريقة التي نستعملها. فالمشكل هنا مشكل نظري، وليس مشكل معطيات. يمكن أن نقول إن عملية التواصل اللغوي والأشياء التي تحيط بهذه العملية، لها أهمية باللغة في تأطير السؤال. فالناس ينقلون معلومات الى بعضهم من خلال التلفظ بأقوال معينة. وهذه الأقوال لا يمكن أن تعتبر معطيات صالحة يتواصل بها إلا إذا مرت من " امتحان " التواصل، أي إلا إذا كان لها مفعول على مستوى الواقع التجريبي. فما ليس له معنى لا وجود له على مستوى التواصل. ونشر الى اننا لا نستخدم مفهوم التواصل بالمعنى القوي الذي يعني الاستعمال؛ وإنما نستخدم هذا المفهوم بمعناه الضعيف، الذي يفيد إمكان قيام البنية . ويرتبط التواصل بعدد من العناصر، منها المتكلم والمتلقي وموضوع يفيد إمكان قيام البنية. ويرتبط التواصل بعدد من العناصر، منها المتكلم والمتلقي وموضوع الأقوال (أي ما تتحدث الأقوال عنه). وتشكل هذه العملية " برأي عدد مهم من الباحثين في الدلالة، مصدراً لأهم جزء مما نعرفه حول العالم.
هذا التواصل الذي نتحدث عنه ليس شيئاً واضحاً تماما، وليس شيئاً مسعفا بشكل مباشر في فهم مشكل المعنى. فقد نسند لجملة ما عدداً من الاشياء التي قد تكون تعنيها (ولتكن هذه تأويلات معينة ممكنة بصدد تلك الجملة ). فهل تشكل هذه اللائحة كلها معنى تلك الجملة أم إن تأويلا واحدا ينبغي أن يسند الى هذه الجملة؟ ولماذا هذا التأويل وليس ذاك؟ وهل تتضمن هذه اللائحة من "المعاني" المعنى "الصحيح"؟ يقول هيرش (1967) Hirsch إن هناك معنى يقصده المتكلم، وهذا المعنى هو المعنى إن هناك معنى يقصده المتكلم، وهذا المعنى هو المعنى الصحيح الذي ينبغي أن نسنده الى الجمل، ومعنى هذا أن المعنى إنتاج وليس تأويلاً أو فهماً، بما أنه لا دور للمتلقي في تحديد المعنى. وينبغي ألا نغفل أن هذا التصور لا يتحدث عن المعنى في عمومه، إنه يتحدث عن شيء يسميه المعنى " الصحيح " أو " الصائب ". ونجد في ادبيات البحث الدلالي من يقاوم فكرة المعنى " الصحيح ". ونشير أنه، حين حديثنا عن المعنى، ينبغي ان نفهم ان كلامنا ينبغي ان يصدق على المعاني الموجودة التي نتواصل بها (وهل هناك تواصل عبر ما سميناه بالمعنى " الصحيح " ؟ )، وعلى المعاني الجديدة التي قد تولد. وبمعنى آخر، فطرحنا بنبغي ان يكون فيه شيء من التنبؤ فيشمل كل ما يمكن أن يكون معنى. وبعبارة أخرى، فإنه على الإجابة أن تراعي المظهر الإبداعي في استعمال اللغة، وهذا المظهر جزء أساسي من الجوهر الحقيقي للإنسان فهو خصيصة النوع البشري بتعبير شومسكي(1986).
وإذا عدنا الى بعض التصورات المنطقية بخصوص المعنى، مثل تصور تارسكي، وجدنا هذا التقليد الدلالي المعروف يركز على المظهر العام للمعنى من خلال محاولة تعيين معنى
ص42
جملة ما أو نص بشروط صدقة، أي بتلك الشروط الموضوعة على العالم الفعلي والتي نحتاج اليها لضمان صدقة(1).
وهذا التصور، كما هو معلوم، يسوي بين معنى القول ومعنى الشيء. والحال أنه بالإمكان تصور فجوة ما بين الأمرين. فمعنى القول، كما يبدو، يمكن أن تكون له شروط صدق داخلية تمنحه الوجود؛ ونفس الشيء يقال عن معنى الشيء إذ له شروط موضوعية تجعله شيئاً فعلياً. فهذا التصور يعتبر تصوراً موجهاً للعالم إذ يفترض أن المعنى والشيء الذي بصفة المعنى مترابطان من خلال مفهوم الصدق. فالعالم الذي تصفه اللغة، برأي التصور، عالم يوجهه مفهوم الصدق.
وإذا كان التقليد المنطقي يركز على المظهر العام في المعنى، أي من خلال المعنى بالماصدق، فإن التقليد النفسي حاول ان يبرز المظهر الخاص في المعنى. وبهذا الشكل المنطقي مرتبط بالصورة التركيبية التي تأتي عليها الجملة. إن ما هو أصل للمعنى وسابق في الاعتبار، في رأي التقليد النفسي، هو البنية الذهنية لمتكلم اللغة. ولهذا عُدّ هذا الطرح نفسياً معرفيا. فالذهن عنصر مشترك بين جميع البشر، وهو عماد معرفتهم. ويمكن أن نفترض أن الجانب المعرفي عند الإنسان هو ذلك العنصر الذهني باعتباره القاسم المشترك بين بني آدم. بهذا تكون اللغة، هي عبارة عن رموز وعلميات خوارزمية تعالج هذه الرموز لغة تعكس الفكر البشري، أي تعكس ما يقوم به من عمليات ذهنية. وتكون الرموز اللغوية تمثيلات داخلية لحقائق خارجية.
هذا هو الطرح العام بخصوص البعد المعرفي. إلا أنه داخل هذا الطرح نجد تيارين اثنين :
أ. النظرية الخوارزمية للعمليات الذهنية: كل العمليات الذهنية خوارزمية بالمعنى الرياضي. وهذه العمليات ما هي إلا معالجة صورية لرموز اعتباطية، بصرف النظر عن البنية الداخلية للرموز المستعملة أو معانيها.
ب. نظرية المعنى الرمزية : قد يكون للرموز الاعتباطية معنى، وذلك إذا أفترضنا أنها ترتبط بأشياء في العالم، فتصبح علامات عليها. ولهذا العالم بنية مستقلة عن العمليات الذهنية عند البشر.
ص43
ولا نريد ان نفصل هنا في طروحات أخرى حاولت موضعة المعنى اللغوي في خانة من الخانات، أو ربطته بعوامل معينة. فإذا استثنينا التفاصيل، فإن مقاربة سؤال طبيعة المعنى في اللغة المرتبط بصورة سببية بمصدره، ثمت من وجهتين رئيسيتين : تيار المقاربة النفسية، وتيار المقاربة البيئية. والخلاف قائم بالأساس في نوعية العلاقة الممكنة بين اللغة والعالم الخارجي من جهة، وبين العالم الخارجي والمتكلم، من جهة أخرى. فالمغلوبة النفسية تركز على عدم قيام علاقة قوية ومباشرة بين المتكلم والعالم الخارجي في بناء المعاني، ويذهب بعض المغالين في هذا التيار الى إنكار حضور العالم الخارجي بالاعتبار الفيزيائي في التعبير اللغوي. أما الطرح البيئي فيؤكد على قيام هذه العلاقة في مستوى معين، أو على الأقل على وجود تفاعل بين المتكلم (باعتباره خزاناً لمعلومات معينة) والمعلومات القادمة من المحيط أو البيئة (أي العالم الخارجي).
ص44
__________________
(1) وهذا التصور يتبناه كل من دفنسن ومونتغيو.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|