أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-8-2017
498
التاريخ: 21-8-2017
371
التاريخ: 25-4-2018
467
التاريخ: 14-8-2017
373
|
ستخصص فقرة كاملة للألوان هنا، اذ على الرغم من أنها قد عولجت بموجب نظرية الحقل ، فإنها تثير بعض المشاكل العامة المهمة لعلم الدلالة .
ص81
لقد رأينا ان يلمسلف يقترح حقلا بسيطا ذا بعد واحد يمكن تقسيمه بشكل مختلف بين كل من الإنكليزية والويلزية الفصيحة . بذلك استطاع ان يضع الألوان في نظام ما . ولكن يبدو ان ذلك لا ينعكس في اللغة نفسها . فليس هناك نعت يعني ان الاحمر اكثر من برتقالي ، او ان البرتقالي اكثر - من الأصفر ، الخ . فالتسلسل لا ينعكس في الانكليزية (ولا في العربية) كما هو الحال في أيام الأسبوع أو أشهر السنة . لكن اذا كان علينا أن ننظر الى الخواص المادية للون فان تفسير يلمسلف يقول أقل مما يجب قوله وليس اكثر مما يجي . ولا يمكن وصف اللون بموجب بعد واحد ، فهو يتضمن ثلاثة أبعاد أو متغيرات ، أوضحها التدرج hue الذي يمكن قياسه بأطوال الموجات ورؤمته في الطيف الشمسي أو القوس قزح . البعد الثاني هو اللمعان luminosity او الثالث هو التركيز saturation أي درجة التحرر من البياض . وبهذا فان أهم ما يختلف به . القرنفلي عن الأحمر هو ان تركيزه قليل (فيه كثير من البياض) . وقد نفكر باللون بالدرجة الأولى على انه التدرج ، لكن هذا لا يمكن صحيحا لكل المجتمعات . فقد لوحظ غالبا ان هومروس وصف البحر بلون النبيذ ، وهو : وصف غريبه اذا فكرنا في تدرجه ، لكنه وصف يسهل فهمه تماما اذا فكرنا ببعدي اللمعان والتركيز النبيذ يشبهان تماما لمعان وتركين النبيذ الأحمر الغامق . ولا يبدو على كل حال ان هناك دائما علاقة بين هذه السمات المادية ونظام الألوان في لغة معينة . ففي لغة الهنونوفي الفلبين ، كما يصفها كما كونكلن عام١٩٥٥ توجد أربح ألفاظ ألوان أساسية يمكن ترجمتها بصورة تقريبية الى أسود وأبيض وأحمر واخضر. غير أن للتمييزات بينها ثلاثة انوع أولا الضياء والعتمة تميزان أساساً الأسود والأبيض (تعتبر جميع الالوان الخفيفة بيض والالوان البنفسجي والأزرق والأخضر الغامق معتمة) . ثانيا ، يستند التمييز بين : الاحمر والأخضر عموما على حقيقة ان جميع النباتات الحية خضراء بما في ذلك براعم البامبو الموحلة البنية الفاتحة . ثالثا، هناك تمييز بين اللونين الثابتين
ص82
الأسود والأحمر مقابل اللونين الأضعف ، الأبيض والاخضر. من الواضح ان نظام الألوان ليس مبنيا كليا على السمات المادية للون ، بل تقرره الحاجات الحضارية كالحاجة الى التمييز بين البامبو الحي والبامبو الميت ، فالأول أخضر والثاني احمر.
وحتى في الانكليزية فان كلمات الالوان لا تستعمل دائما بطرق تتوافق وتعاريفها العلمية. فلاستعمال كلمة أخضر في الانكليزية بعض الشبه لاستعمالها في الهنونو ، اذ ان البازلا الجافة خضراء اللون ، لكن لا يشار اليها باسم البازلا الخضراء ، في حين ان خضراء ، غالبا ما تستعمل للفاكهة غير الناضجة - فقد يبدو ذلك غريبا ، لكنه يجب ان يفهم ضمنا اذا اشرت الى فاكهة الخوخ الاخضر على انها لازالت خضراء وهي بذلك غير صالحة للأكل .
وبالمثل فان كلمة أبيض هي بني عندما تشير الى القهوة واصفر عندما تشير الى النبيذ وابيض عندما تستعمل للناس (خلافاً لملوّن) . الاغرب من هذا ان في الويلزية المعاصرة تعابير الوان تتوافق والتعابير الانكليزية (غير النظام القديم الذي وصفه يلمسلف) ، مع ذلك فهي تستعمل كلمة glas للإشارة الى العشب واشياء مزروعة اخرى مع ان glas تترجم في مجالات اخرى الى ازرق .
من الطبيعي ان بعض هذه الاستعمالات متخصصة الى حد ما ، وتأخذ طابع
الاصطلاحية. وحقيقة اني اتكلم عن القهوة (البيضاء) لا تعني امر لا استطيع ان استعمل كلمة (بيضاء) بمفهومها الدقيق ، اكثر مما تعني حقيقة !ن الصيادين مصابون بعمى الالوان لمجرد انهم يصفون سترهم الحمر البراقة بانه (وردية) اللون . مع ذلك واضافة الى ملاحظات يلمسلف وكونكلن فقد نستنتج ان اللغات المختلفة تتعامل مع حقل الالوان بطرق مختلفة حدريا .
ويطرح برلين وكي رأيا مختلفا تماما بخصوص الفاظ الالوان ( ١٩٦٩ ) . لقد
ص83
حللا ثمان وتسعين لغة ، وبحثا مفصلا عشرين منها . قالا بان هناك قائمة عموميه لتصنيف احد عشر لونا فقط ، وان جميع اللغات تشتق ما لا يزيد على احدى- عشرة لفظة لون اساسي . ففي الانكليزية نجد احدى عشرة لفظة - الابيض والاسود والاحمر والاخضر والاصفر والازرق والبني والارجواني والوردي والبرتقالي والرصاصي . كما قالا ان هناك تسللا جزئيا في هذه التصانيف ، مما يمكننا من التنبؤبان لغة ما ان كانت فيها لفظة لون معينة ، ستحتوي على الفاظ معينة اخرى. ويوجد قانون بسيط :
ص84
تعني العلامة < انه اذا كانت في اللغة لفظة الى اليسار فتكون فيها كل الالفاظ الى اليمين فاذا كانت فيها «أخضر» فيكون فيها (احمر) . وان كانت فيها (بني) فسيكون فيها (ازرق) . بعض الالفاظ غير مرتبة لكنها مجمعة سوية . ويوجد في الواقع الاسود والابيض في كل اللغات . لكن يوجد في بعض اللغات اخضر بدون اصفر وفي البعض الاخر اصفر بدون اخضر. وترد عادة الالفاظ الاربعة الاخيرة سوية ، على الرغم من ان في بعض اللغات اقل من اربعة . ويعطينا القانون مجموعة ممكنة من اثنين وعشرين نوعا من اللغات ، على الرغم من ان البعض من تلك اللغات التي تشمل الالفاظ الاربعة الاخيرة لم يستشهد بها . اننا نعرف ، مثلا ، ان بعض اللغات في اعالي غويانا الجديدة هي النوع ١ وفيها اسود وابيض فقط ، في حين ان لغة التميل (الهند) هي النوع رقم ٦ وفيها ابيض واسود واحمر واخضر واصفر وازرق .
واجرى كي حديثا ( ١٩٧٥ ) تعديلا بسيطا على النظام والقانون ليشملا اللون grue الذي يجمع بين الاخضر والازرق ، لكن هذه مسألة تفاصيل لا تؤثر على الكثرة الاساسية . هناك ايضا الاقتراح الداعي الى ان نضع سبع مراحل تطورية للغة طبقا الى عدد الفاظ الالوان ، على اساس ان هناك دليلا بان الاطفال يكتسبون الفاظ الوان بالترتيب نفسه .
وطبيعي فان كانت في اللغة لفظتان او ثلاث للألوان ، فمن المحتمل ان تكون دائرة كل لفظة اوسع بكثير مما هي عليه في لفظة تحوي كل الالفاظ الاحدى عشرة . فالأسود قد يشمل كل ما هو غامق - الاحمر والبني والاخضر والازرق والارجواني ، في حين ان اللغات الاخرى تميز بينها . ويظهر ان هذا يجعل من المستحيل ان نحدد الوان عبر اللغات ، وان ندعم الرأي الذي طرحه يلمسلف . ويقول برلين وكي ان مخبريهما كانوا قادرين ليس فقط على تمييز المدى الكامل لكل لفظة لون بل على البؤرة ايضا ، اي على افضل مثال او افضل الامثلة للألوان الممثلة باللفظة . وهكذا ففي لغة بثلاث الفاظ فإن ، احمره متغطي فيها مساحة اوسع بكثير من تلك التي تغطيها في الانكليزية (والعربية) لكن اللون الذي يقع في المركز سيكون متشابها كثيرا . نستطيع بهذا ان نضع لكل اللغات مجموعة للمناطق البؤرية لأصناف الالوان وان نجد بؤر الفاظ الالوان في هذه المناطق . اضافة الى ذلك فان البؤر العمومية متميزة ، باستثناء التداخل البسيط لـ اصفر وبرتقالي (في التزلطال والكانتونية : اصفر، وبالعربية والسواحلية : برتقالي) ولا تأخذ هذه البؤر الا جزءا صغيرا من المساحة الكلية للألوان .
يقول برلين وكي ان تصنيف الالوان في اللغات ليس عشوائيا وان نتائجهما تدحض اية فرضية نسبية متزمتة ، وتدعم الفرضية العمومية الاضعف . ان مفاهيم البؤرة . والمجاميع المحددة للألفاظ الاساسية ولتسلسلها الجزئي تناقض مباشر مع اي رأي يقول ان اللون مصنف عشوائيا في لغات مختلفة .
ص85
ولم تقبل ادعاءاتهما من جميع الباحثين . فقد انتبها هما الى بعض الامثلة المعاكسة . في الروسية والهنغارية مثلا اثنتا عشرة لفظة اساسية : ففي الروسية لفظتان للأزرق وفي الهنغارية لفظتان للأحمر. ومن المشكوك فيه اننا نستطيع فعلا ان نميز الفاظ الالوان الاساسية من الالفاظ الاخرى للألوان في لغة ما على الرغم من انهما عرضا اختبارات مقبولة الى حد كبير لذلك . هناك بعض المشاكل مع طريقة الدراسة ايضا . فالدلائل المباشرة كانت متيسرة مع ناطقين لعشرين لغة فقط ، وجميعهم باستثناء واحد منهم ، كانوا يعيشون في سان فرانسسكو وربما كيفوا انظمة لغاتهم الى نظام الانكليزية او تأثروا بصيغ الالوان الشائعة حديثا وعلى وجه الخصوص فمن الممكن ايضا ان يكون مقياس التوافق البؤري قد نجم من الاستعمال العالمي للأصباغ المركبة الحديثة .
مع كل هذا ، هناك دليل كاف للقول بان تصنيف الالوان ليس اعتباطيا ولا عشوائيا واننا مقيدون الى درجة ما في اننا ننظر الى الالوان كما نراها فعلا واننا بهذا نرتبها بصيغة مستقرة الى حد ما . لكن علينا ان لا نتجاهل الدور الحضاري في تصنيف اللون . وحتى في اللغات ذات الالفاظ نفسها ، فقد لا يكون لها نفس المدى . فلفظتا احمر وازرق في اليابانية التقليدية تقابلان برتقالي وفيروزي (ازرق مخضر لا في الانكليزية (لانهما لونا الاصباغ النباتية التي يستعملونها) . وبالمثل فنظام لغة (نافو هو) للألوان الاساسية : ابيض واسود واحمر وازرق – اخضر واصفر ، يرتبط باستعمال الاشياء والالوان المستعملة في الطقوس .
اضافة الى ذلك ، فان بعض الالوان اكثر الفة في خبرتنا . فالأحمر لون الدم والاخضر لون النباتات الحية والازرق لون السماء والبحر. فلا عجب ان نجد الفاظ هذه الالوان ، وكذلك اللفظة الدالة على اللون البرتقالي ، في كل لغة. ان لألفاظ الالوان اهمية في علم الدلالة لأنها احدى المجالات القليلة التي يمكن فيها مقارنة لغوي بنظام يمكن تحديده وتحليله بأسلوب موضوعي
ص86
(مادي) ، على الرغم من ان علينا الاعتراف حتى هنا بأن الادراك النفسي للألوان قد لا يتوافق تماما مع خواصها المادية . (والمنطقة الاخرى التي يمكن فيها مقارنة النظام اللغوي بنوع من الحقيقة الموضوعية هي القرابة) . وهذا ها يمكننا من فحص الادعاءات المتضاربة ليلمسلف ولبرلين وكي .
وهو يثير موضوع عموميات التصانيف الدلالية.
ص87
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|