x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

النحو

اقسام الكلام

الكلام وما يتالف منه

الجمل وانواعها

اقسام الفعل وعلاماته

المعرب والمبني

أنواع الإعراب

علامات الاسم

الأسماء الستة

النكرة والمعرفة

الأفعال الخمسة

المثنى

جمع المذكر السالم

جمع المؤنث السالم

العلم

الضمائر

اسم الإشارة

الاسم الموصول

المعرف بـ (ال)

المبتدا والخبر

كان وأخواتها

المشبهات بـ(ليس)

كاد واخواتها (أفعال المقاربة)

إن وأخواتها

لا النافية للجنس

ظن وأخواتها

الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل

الأفعال الناصبة لمفعولين

الفاعل

نائب الفاعل

تعدي الفعل ولزومه

العامل والمعمول واشتغالهما

التنازع والاشتغال

المفعول المطلق

المفعول فيه

المفعول لأجله

المفعول به

المفعول معه

الاستثناء

الحال

التمييز

الحروف وأنواعها

الإضافة

المصدر وانواعه

اسم الفاعل

اسم المفعول

صيغة المبالغة

الصفة المشبهة بالفعل

اسم التفضيل

التعجب

أفعال المدح والذم

النعت (الصفة)

التوكيد

العطف

البدل

النداء

الاستفهام

الاستغاثة

الندبة

الترخيم

الاختصاص

الإغراء والتحذير

أسماء الأفعال وأسماء الأصوات

نون التوكيد

الممنوع من الصرف

الفعل المضارع وأحواله

القسم

أدوات الجزم

العدد

الحكاية

الشرط وجوابه

الصرف

موضوع علم الصرف وميدانه

تعريف علم الصرف

بين الصرف والنحو

فائدة علم الصرف

الميزان الصرفي

الفعل المجرد وأبوابه

الفعل المزيد وأبوابه

أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)

اسناد الفعل الى الضمائر

توكيد الفعل

تصريف الاسماء

الفعل المبني للمجهول

المقصور والممدود والمنقوص

جمع التكسير

المصادر وابنيتها

اسم الفاعل

صيغة المبالغة

اسم المفعول

الصفة المشبهة

اسم التفضيل

اسما الزمان والمكان

اسم المرة

اسم الآلة

اسم الهيئة

المصدر الميمي

النسب

التصغير

الابدال

الاعلال

الفعل الصحيح والمعتل

الفعل الجامد والمتصرف

الإمالة

الوقف

الادغام

القلب المكاني

الحذف

المدارس النحوية

النحو ونشأته

دوافع نشأة النحو العربي

اراء حول النحو العربي واصالته

النحو العربي و واضعه

أوائل النحويين

المدرسة البصرية

بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في البصرة وطابعه

أهم نحاة المدرسة البصرية

جهود علماء المدرسة البصرية

كتاب سيبويه

جهود الخليل بن احمد الفراهيدي

كتاب المقتضب - للمبرد

المدرسة الكوفية

بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الكوفة وطابعه

أهم نحاة المدرسة الكوفية

جهود علماء المدرسة الكوفية

جهود الكسائي

الفراء وكتاب (معاني القرآن)

الخلاف بين البصريين والكوفيين

الخلاف اسبابه ونتائجه

الخلاف في المصطلح

الخلاف في المنهج

الخلاف في المسائل النحوية

المدرسة البغدادية

بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في بغداد وطابعه

أهم نحاة المدرسة البغدادية

جهود علماء المدرسة البغدادية

المفصل للزمخشري

شرح الرضي على الكافية

جهود الزجاجي

جهود السيرافي

جهود ابن جني

جهود ابو البركات ابن الانباري

المدرسة المصرية

بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو المصري وطابعه

أهم نحاة المدرسة المصرية

جهود علماء المدرسة المصرية

كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك

جهود ابن هشام الانصاري

جهود السيوطي

شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك

المدرسة الاندلسية

بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الاندلس وطابعه

أهم نحاة المدرسة الاندلسية

جهود علماء المدرسة الاندلسية

كتاب الرد على النحاة

جهود ابن مالك

اللغة العربية

لمحة عامة عن اللغة العربية

العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)

العربية الجنوبية (العربية اليمنية)

اللغة المشتركة (الفصحى)

فقه اللغة

مصطلح فقه اللغة ومفهومه

اهداف فقه اللغة وموضوعاته

بين فقه اللغة وعلم اللغة

جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة

جهود القدامى

جهود المحدثين

اللغة ونظريات نشأتها

حول اللغة ونظريات نشأتها

نظرية التوقيف والإلهام

نظرية التواضع والاصطلاح

نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح

نظرية محاكات أصوات الطبيعة

نظرية الغريزة والانفعال

نظرية محاكات الاصوات معانيها

نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية

نظريات تقسيم اللغات

تقسيم ماكس مولر

تقسيم شليجل

فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)

لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية

موطن الساميين الاول

خصائص اللغات الجزرية المشتركة

اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية

تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)

اللغات الشرقية

اللغات الغربية

اللهجات العربية

معنى اللهجة

اهمية دراسة اللهجات العربية

أشهر اللهجات العربية وخصائصها

كيف تتكون اللهجات

اللهجات الشاذة والقابها

خصائص اللغة العربية

الترادف

الاشتراك اللفظي

التضاد

الاشتقاق

مقدمة حول الاشتقاق

الاشتقاق الصغير

الاشتقاق الكبير

الاشتقاق الاكبر

اشتقاق الكبار - النحت

التعرب - الدخيل

الإعراب

مناسبة الحروف لمعانيها

صيغ اوزان العربية

الخط العربي

الخط العربي وأصله، اعجامه

الكتابة قبل الاسلام

الكتابة بعد الاسلام

عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه

أصوات اللغة العربية

الأصوات اللغوية

جهود العرب القدامى في علم الصوت

اعضاء الجهاز النطقي

مخارج الاصوات العربية

صفات الاصوات العربية

المعاجم العربية

علم اللغة

مدخل إلى علم اللغة

ماهية علم اللغة

الجهود اللغوية عند العرب

الجهود اللغوية عند غير العرب

مناهج البحث في اللغة

المنهج الوصفي

المنهج التوليدي

المنهج النحوي

المنهج الصرفي

منهج الدلالة

منهج الدراسات الانسانية

منهج التشكيل الصوتي

علم اللغة والعلوم الأخرى

علم اللغة وعلم النفس

علم اللغة وعلم الاجتماع

علم اللغة والانثروبولوجيا

علم اللغة و الجغرافية

مستويات علم اللغة

المستوى الصوتي

المستوى الصرفي

المستوى الدلالي

المستوى النحوي

وظيفة اللغة

اللغة والكتابة

اللغة والكلام

تكون اللغات الانسانية

اللغة واللغات

اللهجات

اللغات المشتركة

القرابة اللغوية

احتكاك اللغات

قضايا لغوية أخرى

علم الدلالة

ماهية علم الدلالة وتعريفه

نشأة علم الدلالة

مفهوم الدلالة

جهود القدامى في الدراسات الدلالية

جهود الجاحظ

جهود الجرجاني

جهود الآمدي

جهود اخرى

جهود ابن جني

مقدمة حول جهود العرب

التطور الدلالي

ماهية التطور الدلالي

اسباب التطور الدلالي

تخصيص الدلالة

تعميم الدلالة

انتقال الدلالة

رقي الدلالة

انحطاط الدلالة

اسباب التغير الدلالي

التحول نحو المعاني المتضادة

الدال و المدلول

الدلالة والمجاز

تحليل المعنى

المشكلات الدلالية

ماهية المشكلات الدلالية

التضاد

المشترك اللفظي

غموض المعنى

تغير المعنى

قضايا دلالية اخرى

نظريات علم الدلالة الحديثة

نظرية السياق

نظرية الحقول الدلالية

النظرية التصورية

النظرية التحليلية

نظريات اخرى

النظرية الاشارية

مقدمة حول النظريات الدلالية

علوم اللغة العربية : علم الدلالة : جهود القدامى في الدراسات الدلالية : جهود الآمدي :

وحدات الخطاب اللغوي (البلاغي)

المؤلف:  منقور عبد الجليل

المصدر:  علم الدلالة اصوله ومباحثه في التراث العربي

الجزء والصفحة:  ص198 -207

31-8-2017

113

 

وحدات الخطاب اللغوي:

إن الثنائية التقابلية التي وضعها سوسير، اللغة/الكلام، كانت الأرضية التي تأسست عليها رؤى مختلفة حول مفهوم الخطاب (le discoure) وما يقابله وهو المنطوق (Penonce) وقد أفضى ذلك إلى التمييز بين ما هو أساسي، وما هو عرضي. يشرح ذلك العالم اللساني جسبن (L. Guespin) معرفاً الخطاب بقوله: "هو تعبير يخضع لآليات وشروط متحكمة، فإذا ما رمنا الدراسة اللسانية لشروط إنتاج نص ما كنا بصدد دراسة خطابه، وإذا ما ألقينا نظرة على ذلك النص من وجهة نظر تركيبه أو بنائه اللغوي كنا بصدد دراسة منطوقة".(1) وقد عرض الآمدي لوحدات الخطاب اللغوي وهي: الحرف والفعل والإسم.

أ-الحرف:

فالخطاب اللغوي عند الآمدي يضطلع بتوفير الآليات التعبيرية التي تبدأ من أدنى صيغة إلى أكبر تركيب، فالتفريع الدلالي للحرف يمثل إحدى أهم الأدوات في الخطاب الشرعي لدى الآمدي فضلاً عن الركن الإسمي والركن الفعلي. ولذلك

ص198

 

نجد الآمدي في كتابه الإحكام يقيم للحروف جدولاً تفريعياً من زاوية وظيفته الدلالية، فالحرف ما دل على معنى في غيره وهو أصناف منها حرف الإضافة، وهو ما يفضي بمعاني الأفعال إلى الأسماء وهو ثلاثة أقسام، لكل منها دلالات معينة مقيدة بضوابط محكمة، فمن الحروف مالا يكون إلا حرفاً (كمِنْ) التي تؤدي دلالة التبعيض ودلالة بيان الجنس وبداية الغاية وما إلى ذلك، ومنها مالا يكون حرفاً وإسماً معاً (كعَنْ) التي تؤدي دلالة المباعدة، وقد تكون إسماً مجروراً بإحدى أدوات الجر، ومن الحروف ما يكون حرفاً وفعلاً (-كخلا وحاشا-) اللتين تفيدان الإستثناء،(2) ويمكن توضح ذلك الرسم التفريعي الآتي

ويقف الآمدي وقفة طويلة في مبحث حروف العطف، ويعرض لآراء العلماء في ذلك ثم ينقضها. وقد حصل الاختلاف في دلالة (الواو) أهي للجمع المطلق، أم للترتيب فيشترك إذن مع (الفاء) و(ثم). فهناك من العلماء- ممن عارض الآمدي رأيهم- يذهب إلى حمل (الواو) على دلالة الترتيب مجازاً لأنه يتعذر حملها على ذلك في بعض التراكيب الخالية من القرائن، ففي قول السيد في خطابه لعبده: (أيت بزيد وعمرو) أنه كان يجب على العب الترتيب، يرد الآمدي على هذا الرأي قائلاً: "أنه لم يجب على العبد الترتيب نظراً إلى قرينة الحال المقتضية لإرادة جهة التجوز، حتى لو أنه فرض عدم القرينة لقد كان ذلك موجباً للترتيب.(3)

فالسند الذي اعتمده الآمدي في تصريف دلالة ذلك الخطاب من الدلالة الحقيقية إلى الدلالة المجازية، هو "قرينة الحال" وذلك ما درسه البحث الدلالي واللساني الحديث فيما سمي بالدلالة المقامية، ويقابل الآمدي مقابلة علائقية بين (الواو) التي تدل على الجمع المطلق أصلاً، وبين (الفاء) و(ثم) اللتين تدلان على الترتيب، فتكون دلالة مطابقة بين (الواو) وبين دلالة الجمع المطلق، ودلالة تضمن والتزام بين (الواو) وبين دلالة الترتيب المشترك، وتبعاً لذلك كانت (الواو) دالة حقيقة وأصلاً على معنى الجمع المطلق بحيث يشترك المعطوف والمعطوف

ص199

 

عليه في القضية والحكم.

وتدل (الواو) كذلك من جهة التجوز فتقيد الترتيب، يشرح ذلك الآمدي فيقول: فنحن إنما نجعل (الواو) في الترتيب المطلق المشترك بين (الفاء) و(ثم) وذلك مما تدل عليه (الفاء) و(ثم) دلالة مطابقة، بل أما بجهة التضمن أو الإلتزام، وكما أنها تدل على الترتيب المشترك بدلالة التضمن أو الإلتزام، فتدل على الجمع المطلق هذه الدلالة، وعند ذلك فليس إخلاء الترتيب المشترك عن لفظ يطابقه أولى من إخلاء الجمع المطلق.(4)

ويورد الآمدي أمثلة تطبيقية تميز بين حروف العطف (ثم، الفاء، حتى) التي تشترك في الدلالة على الترتيب، ولكنها تحدها دلالات هامشية ضرورية لمقتضى الحال وسياق الخطاب، وإن مرد ذلك إلى الدلالة الزمانية التي تكون محل اختلاف وتفاوت بين كل حدث وآخر مما تشرف عليه هذه الحروف الثلاثة، وتسهم في تحديده وتأويل مدلوله، يقول الآمدي في ذلك.

"وأما الفاء وثم وحتى، فإنها تقتضي الترتيب وتختلف من جهات أخرى، فأما الفاء، فمقتضاها إيجاب الثاني بعد الأول من غير مهلة() وأما ثم، فإنها توجب الثاني بعد الأول بمهلة

وقيل أنها ترد بمعنى الواو، وأما حتى، فموجبه لكون المعطوف جزءاً من المعطوف عليه نحو قولك: مات الناس حتى الأنبياء. وثلاثة منها تشترك في تعليق الحكم بأحد المذكورين وهي: أو، إما، وأم وثلاثة منها تشترك في أن المعطوف مخالف للمعطوف عليه في حكمه وهي: لا، بل، ولكن،(5) ويربط الآمدي التفريع الدلالي للحروف بما يتعلق به من سمات تمييزية في الجملة، فالحرف (حتى) يؤدي دلالة تميز بين المعطوف والمعطوف عليه بكون المعطوف جزءاً من المعطوف عليه، ويكون عادة المعطوف مقدم في الأفضلية على المعطوف عليه بناء على عملية الإسناد. أما الحروف (أو، أما، أم) وإن كانت

تشترك في أداء دلالة التخيير إلا أنها تتمايز بسمات ذاتية تتمثل في تلك الهوامش الدلالية التي تتحدد مع نسق الخطاب ونوعه فـ(أما) و (أو)، مع نسق الخطاب الخبري فتفيد دلالة الشك في أحد الأمرين أما مع نسق خطاب الأمر، فإنهما يفيدان التخيير مطلقاً والإباحة، أما (أم)، فتفيد دلالة الشك في تعيين

ص200

 

الأمرين معاً مع اليقين في وجود أحدهما(6).

إن هذا التفريع المتميز للحروف ينبني عن وعي معرفي متقدم، وسبر عميق لجوهر حقيقة البنية الدلالية وذلك من أجل حصر الخصائص والسمات التي أُخذت كمعايير دلالية تنتظم وفقها الحروف التي غدت في تراثنا المعرفي حقلاً ألسنياً يغطي مجالات شتى من المفاهيم تتعلق بصيغة الحدث وبزمانه وهيأته، كما تتعلق بالمسند إليه وبدلالة الخطاب بحسب نسقه.

ولذلك انبرى نفر غير قليل إلى تخصيص مؤلفات تتناول حقل الحروف، ومنهم من ساقها في مدخل كتابه كوحدات أساسية في بناء الخطاب اللغوي إذ تأخذ مع الفعل والاسم مسارها الإبلاغي وفق النمط التأليفي، الذي يستمد أصوله من النظام القواعدي للسان ما(7).

وقد شهد العلماء والأدباء قديماً وحديثاً، اختلافات قد امتدت عبر الزمان والمكان حول تأويل آية أو حديث أو بيت شعر أو جملة نثر، وذلك لاختلافهم في تحديد القيمة الدلالية المرجعية لحرف أو لقصورهم عن إدراك الانزياح الدلالي الحاصل للحرف لضرورة إبلاغية اقتضاها السياق الخطابي فخرج بدلالة الحرف عن المألوف.

إن إقرار الأمدي بوجود قواعد كلية مشتركة بين الوحدات التعبيرية للخطاب، ليعطي للحرف قيمته التأسيسية في بنية الخطاب اللغوي في رحاب عملية التشكل المتجدد لمكوناته الدلالية.

ب-الفعل:

إن التفريع الدلالي للفعل له وجود متميز في كتاب الآمدي، فبعد تمييزه بين الماضي والمضارع والأمر تمييزاً صورياً وزمانياً، يقف الآمدي على التمييز بين رؤية النحاة ورؤية المناطقة للفعل، فالبنية الشكلية لصيغة الفعل لها دلالتها التمييزية ضمن المقولات النحوية، فالنحاة يرون أن الفعل كلمة مفردة سواء أكان هذا الفعل ماضياً أو مضارعاً أو أمراً، أما المناطقة فيرون أن الفعل المفرد هو الماضي دون المضارع، فالمفرد هو الذي يدل على شيء مخصوص ولا جزء له يدل على شيء أصلاً، بخلاف غير المفرد وهو الذي يدل على شيء مخصوص، وله جزء يدل على شيء مخصوص كذلك. يقول الآمدي: "والفعل وإن كان كلمة

ص201

 

مفردة عند النحاة مطلقاً فعند الحكماء، المفرد منه إنما هو الماضي دون المضارع وذلك لأن حرف المضارعة في المضارع هو الدال على الموضوع، معيناً كان أو غير معين، والمفرد هو الدال الذي لا جزء له يدل على شيء أصلاً () وهو بخلاف الماضي، فإنه وإن دل على الفعل وعلى موضوعه. فليس فيه حرف يدل على الموضوع فكان مفرداً"(8).

لقد بحث يمسلف (Hjelmslev) الدلالة التي قد تؤديها أجزاء من الكلمة، فكل لغة تكمن في نظام من العلامات يعني ذلك نظام من الوحدات التعبيرية التي تتصل بمحتوى (المعنى)، فالكلمات هي بالطبع علامات لكن أجزاء من الكلمات قد تكون علامات كذلك(9)، فاللغة تفرض سننها في التركيب والبناء، تظل مطردة مع كل تشكيل متجدد لبنيتها، تنتظم معها عملية الوقوع أو الرصف بين عناصر الكلمة الواحدة، أو عناصر التركيب، قد يكون للكلمات المركبة دلالة لعناصرها وقد لا تكون لها دلالة، وهو ما سماه (يمسلاف) بالعلامات الدالة (les signes) والمقاطع غير الدالة (les syllabes) يقول يشرح ذلك: "هناك في بنية اللغة قواعد خاصة لانتظام المقاطع(10).

فالفعل الماضي عند الآمدي كلمة مفردة باعتبارها لا جزء لها، أما الفعل المضارع فأجزاؤه حروف المضارعة كضمير الغائب وضمير المتكلم، فإنها تدل على صاحب الحدث فضلاً عن دلالة الفعل على الحدث المقترن بزمن الحال أو المستقبل، وقد أفضى التفريع الدلالي للفعل عند الآمدي أن عدّ المضارع الذي لا يدل حرفه على شيء مخصوص، مفرداً كالماضي الذي لا جزء له ولكن الاختلاف بيّن كما يوضح ذلك قوله: "وقد ألحق بعضهم ما كان من المضارع الذي في أوله الياء بالماضي في الإفراد دون غيره لاشتراكهما في الدلالة على الفعل، وعلى موضوع له غير معيّن، وليس بحق، فإنهما وإن اشتركا في هذا المعنى، فمفترقان من جهة دلالة الياء على الموضوع الذي ليس معيّناً، بخلاف الماضي حيث أنه لم يوجد منه حرف يدل على الموضوع كما سبق"(11).

وقد يتوضح السبيل أكثر إذا ما اعتمدنا الشكل التالي لتوضيح ما نحن بشأنه.

ص202

إن الفعل الماضي (مرّ) على سبيل المثال وإن كان يدل على حدث المرور في زمن معين فإنه لا يدل على السمات الانتقائية لفاعله الذي يبقى مجهولاً في دائرة من الأسماء قد لا تقع تحت حصر، خاصة في ظل الانزياح الدلالي مع بروز الدلالات المجازية، وإذا صغنا من هذا الفعل (مر) فعلاً مضارعاً (يمر) أو (نمر)، فإن الفعل عندئذ يستدعي سمات انتقائية لفاعله يمكن إبرازها في: +مفرد، + جمع، +حركة + لازم+ حالة عارضة.

إن البنية المورفولوجية للفعل المضارع في النظام الألسني العربي، وما توفره من سمات انتقائية إضافية تعد البنية التأسيسية الرئيسية التي تنشئ تلك العلائق التي ينتظم وفقها الخطاب، فهو يحدث إحالة مرجعية يقتضيها موضوع الفعل اقتضاء، تقوم على أساس الفرز الاستبدالي لفئات الكلم، كما يسميه الأستاذ أحمد حساني الذي حدد أهمية التفريع الدلالي للفعل وحصر سماته الانتقائية إذ يخوّل لنا ذلك بقياس توارد الفعل في اللسان العربي توارداً يمنع اللبس والإبهام(12) وإن كانت السمات الانتقائية في الخطاب اللغوي الحديث قد تعرضت لنوع من (التشتيت) فغدت في بعض الأحيان غير قادرة على ضبط محكم لفئات الكلم التي ترد في رصف مع الفعل بحسب سماته الدلالية وذلك راجع لحركية العلامة اللغوية في محيط سيميائي، قد شكل فيه الانزياح الدلالي أنماطاً تعبيرية جديدة، أعادت النظر في تلك العلائق الدلالية التي ترتد إلى العرف اللغوي، الذي لم يعد يلائم الخريطة الجديدة للنظام العلائقي للعلامات اللغوية.

ص203

 

ج-الاسم:

يقيم الآمدي تقسيمات المفرد على تفريع دلالي يأخذ كمعيار دلالته الإخبارية أو عدم حمله لهذه الدلالة. فالاسم هو الذي يصلح لبناء الجمل الخبرية من جنسه خلافاً للفعل الذي لا يصح منه ذلك. يقول الآمدي في ماهية الاسم المفرد "هو إما أن يصح جعله أحد جزئي القضية الخبرية التي هي ذات جزءين فقط أو لا يصح فإن كان الأول فإما أن يصبح تركيب القضية الخبرية من جنسه أو لا يصبح، فإن كان الأول فهو الاسم وإن كان الثاني فهو الفعل، وأما قسيم القسم الأول فهو الحرف"،(13) وقد احتاط الآمدي في الحد الذي عرف به الاسم، وذلك بأن أخرج منه الأسماء الناقصة والمضمرة التي لا تدل على معين معلوم في عالم الدلالة، بحيث يتعذر بناء قضية خبرية ذات محتوى دلالي من أسماء مبهمة أو ناقصة يقول شارحاً ذلك: "ولا يلزم على ما ذكرناه (في الاسم)، الأسماء النواقص كالذي والتي، والمضمرات كهو وهي، حيث إنه لا يمكن جعلها أحد جزْءَي القضية الخبرية عند تجردها ولا تركب القضية الخبرية منها"(14).

فالاسم عنصر أساسي في أي سياق لغوي، تقتضي دلالته إرجاعاً في عالم الأعيان أو الأذهان بوصفه شيئاً له مميزات خاصة، ينقل (بيار لورة (Pierre Lerat) تعريف أرسطو: "الذي أجمل مدونة أجزاء الخطاب وعرف الاسم كالآتي: هو مقطع صوتي يقصد به دلالة متعارف عليها، خال من أي مرجع إلى الزمن ولا يدل كل جزء منه على دلالة عندما يؤخذ مستقلاً"(15) إن ماهية الاسم عند الآمدي تكاد تنحصر في اسم العلم، إذ يحيل اسم العلم مباشرة على مفهومه الذهني بحيث إذا سمع اسم تبادر إلى الذهن مسماه، على خلاف الأسماء العادية التي لا يخضع حقلها المفهومي إلى حصر أو تعيين. وفي معرض تفريع الاسم تفريعاً، يعتمد معيار الإفراد والتركيب في إحداث أنساق من الحقول المفهومية، يقول الآمدي: "ثم لا يخلو إما أن يكون الاسم واحداً، أو متعدداً، فإن كان واحداً فمسماه إما أن يكون واحداً، أو متعدداً، فإن كان واحداً فمفهومه منقسم على وجوه: القسمة الأولى: أنه إما أن يكون بحيث يصح أن يشترك في مفهومه كثيرون، أو لا يصح فإن كان الأول فهو كلي، وسواء وقعت فيه الشركة بالفعل، ما بين أشخاص متناهية كاسم الكوكب أو غير متناهية كاسم الإنسان أو لم تقع إما لمانع

ص204

 

من خارج كاسم العالم (بفتح اللام) والشمس والقمر أو بحكم الاتفاق كاسم عنقاء مغرب، أو جبل من ذهب"(16).

بهذا التحديد المتناهي، يرسم الآمدي معالم تصلح لأن تتخذ لبناء حقول دلالية ينتظم وفقها اللسان العربي، وهو ينم عن كسب منهجي أحرزه الدرس التراثي العربي.

فالحقل المفهومي العام يحدد في الاسم قسمين اثنين: الاسم المفرد والاسم المركب أو المؤلف(17)، فالمفرد قد يدل دلالة مفردة، أو قد يدل دلالات متعددة، وهو ما يندرج تحت مصطلح المشترك اللفظي، فالاسم ذو الدلالة المفردة أو المتعددة يضم قسمين بارزين هما اللفظ الكلي واللفظ الجزئي وهما يتفرعان إلى أصناف. إن اللفظ الكلي كما حدده الآمدي، هو ما يسمى في السيمائتيك الحديث بالكلمة الغطاء التي تشرف على حقل دلالي، معلومة عناصره أو غير محددة من ذلك كلمة (إنسان) فهي تضم مجموعة من العناصر البشرية تصح أن يطلق على كل منها لفظ (إنسان) وهي عناصر، غير متناهية، فحقلها الدلالي ذو مجال مغلق من جهة ومفتوح من جهة ثانية على الشكل التالي: إنسان [عدد لا متناه من البشر] وقد يكون الحقل الدلالي محدد العناصر متناهي الأجزاء كأيام الأسبوع أو شهور السنة أو رتب الترقية عند الجند وما إلى ذلك، فكلمة أسبوع على سبيل المثال لفظ كلي يغطي حقلاً معينة عناصره ومغلق مجاله من الجهتين على الشكل التالي: أسبوع [السبت-الأحد الإثنين- الثلاثاء- الأربعاء- الخميس- الجمعة].

لقد أحصى الآمدي أصنافاً للفظ الكلي بناء على مجالها الإجرائي أو مجالها النظري، إذ الكلمة الغطاء تحوي أسماء مشكلة حقلاً دلالياً لا شركة بينها بالفعل إنما بالفعل كاسم العالم أو الكون، وأسماء واقعة موقع اللفظ الكلي بفعل التواضع والاصطلاح كاسم العنقاء فرغم أنه اسم وهمي إلا أن له عناصر تنضوي تحته ليس بالفعل والإجراء وإنما بالعقل والنظر، إن هذا التحديد الدقيق لحقول الأدلة يعد ضرورة لغوية ملحة ترسم لعالم اللغة إطاراً واضحاً للتعامل بوعي مع حقيقة المصطلح، وذلك من أجل الولوج إلى مقاربة وظيفية لاستنباط الأحكام من النص، فلا عجب إذن أن نرى الآمدي يخوض في تقسيمات الاسم فيذكر الاسم المتواطئ

ص205

 

والاسم المشكك(18) وهما يقابلان على التوالي اسم الذات واسم المعنى، فالمتواطئ ما تواضع حول دلالته المجتمع اللغوي بحيث لا اختلاف في تعيين إرجاعه في عالم الأعيان، أما المشكك فهو على نقيض المتواطئ بحيث لم يقع حوله تواضع عام بين أهل اللغة فمدلوله غير موحد الدلالة كلفظ الوجود والأبيض وما إلى ذلك، وهو إشارة إلى ضرورة أخذ الحيطة العلمية في التعامل مع الاسم بتفريعاته، خاصة إذا تعلق الأمر باستنباط دلالات الأحكام من نصوص القرآن الكريم.

أما القسم الثاني المفرد فهو الاسم المركب أو المؤلف، ويدرج تحت الاسم المفرد الجزئي وهو يشكل أحد عناصر الاسم المفرد الكلي الذي سبق الحديث عنه. يقول الآمدي في ذلك: "وإما أن يكون مفهوم (الاسم) غير صالح لاشتراك كثيرين فيه فهو الجزئي وهو إما أن لا يكون فيه تأليف أو فيه"(19).

إن اللفظ الجزئي في عرف المناطقة يثير في الذهن الصورة التي يعرفها محددة في عالم الأعيان وهو قد يكون مشتقاً من اسم أو فعل أو صوت وهو المسمى الاسم المنقول، أو لا يكون كذلك فهو الاسم المرتجل الذي ليس بينه وبين ما نقل عنه مناسبة، وهو ما يقابله في الدرس النحوي الاسم المشتق والاسم الجامد على التوالي، كما أشار الآمدي في الاسم إلى المؤلف الجزئي يقول في ذلك، وإن كان (الاسم الجزئي) مؤلفاً فإما من اسمين مضافين كعبد الله أو غير مضافين، وأحدهما عامل في الآخر أو غير عامل والأول كتسمية بعض الناس زيد منطلق، والثاني كبعلبك وحضرموت وإما من فعلين كقام وقعد وإما من حرفين كتسميته إنما، وإما من اسم وفعل نحو تأبط شراً، وإما من حرف واسم كتسميته بزيد وإما من فعل وحرف كتسميته قام على وبهذ يكون الآمدي بحث فيه حصر عام لاسماء في مركبات اسمية وفعلية وحرفية، على النحو الآتي:

إن الآمدي كما نلاحظ، لا يؤسس أحكامه اللغوية النظرية انطلاقاً من الواقع اللغوي الإجرائي فحسب، بل إنه يرسم قواعد كلية تتموضع فيها تراكيب اللغة وعناصرها المعجمية في إطار مشروع لغوي لا يتفاعل بالواقع فحسب بل ويفعل في الواقع، وهو ما نكاد نلمسه في المباحث اللغوية في التراث المعرفي عند علماء اللغة كسيبويه والمبّرد والفّراء وغيرهم فقد يتعاملون مع تركيب (زيد منطلق) كركن اسمي مع انتفاء هذا الاسم في واقع اللغة ويبنون عليه قواعد نظرية تخص أنحاء اللغة.

ص207

_____________________

([1]) Initiation aux methodes de l,analyse du discours D. Maingueneau P.11

(2) الإحكام في أصول الأحكام، ج1، ص61.

(3) الإحكام في أصول الأحكام، ج1، ص64.

(4) المصدر السابق، ج1، ص56-66.

(5) المصدر نفسه ج1 ص69.

(6) المصدر نفسه ج1 ص 69.

(7) الأستاذ أحمد حساني، المكون الدلالي للفعل في لسان العربي ص 124.

(8) الإحكام في أصول، الأحكام ج1، ص 60-61.

(9) Louis Hjelmslev P. 55 Le language.

(0[1]) المرجع السابق، ص 58.

(1[1]) الإحكام في أصول الأحكام، ج1، ص 61.

(2[1]) الأستاذ أحمد حساني، المكون الدلالي للفعل في اللسان العربي، ص 135.

(3[1]) الإحكام في أصول الأحكام، ج1، ص 16.

(4[1]) المصدر السابق ج1 ص 16.

(5[1]) Semantique descriptive P. 40.

(6[1]) الإحكام في أصول الأحكام، ج1، ص16.

(7[1]) لقد وضع الفارابي (ت 339هـ) علماً خاصاً سماه علم الألفاظ بحثَ فيه بإسهاب تفريعات الألفاظ المفردة والمركبة- انظر الفصل الخاص بجهود الفارابي في تحديد ماهية الدلالة في القديم، ص 16.

(8[1]) الإحكام في أصول الأحكام، ج1، ص 17.

(9[1]) المصدر السابق، ج 1، ص18.